هل اصبح الحكم في السعودية حكراً على الملك سلمان وانجاله؟؟

منذ وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز في 23 يناير/ كانون الثاني 2015 ووصول شقيقه سلمان إلى مقاليد الحكم، طرأت تغييرات كثيرة في السعودية يمكن وصفها بـ”الجذرية”، بعدما طالت مختلف مناحي الحياة، وفي مقدمتها طريقة الحكم وتقاسم المناصب بين أفراد العائلة الحاكمة.
أوامر ملكية متتالية في “جنح الظلام”؛ هذا ما اعتاده السعوديون في عهد سلمان، شملت في كل مرةٍ تمكين أولاده من مفاصل الحكم بالبلاد، فيما بدا كأنه “ضرب ونسف كامل للمعادلة السائدة”، التي كانت تقضي بتقاسم المؤسسات والسلطة بين أفراد “آل سعود”.
وظهر هذا بوضوح منذ اليوم الأول لتولي سلمان زمام الأمور في السعودية؛ إذ عيَّن نجله محمد (34 عاماً) وزيراً للدفاع ورئيساً للديوان الملكي، حيث تدار شؤون المملكة وتُتخذ أهم قرارات البلاد، وذلك قبل الانتهاء من مواراة شقيقه عبد الله الثرى.

ووفق مراقبين، شكلت تلك اللحظة عنواناً لحقبة سلمان في الحكم بتعيين أولاده بمناصب سيادية حساسة، مع إقصاء منافسيه، وأعطت انطباعاً عن كيفية شكل الحكم الذي سيكون في “العهد الجديد”، وانتقاله من أولاد المؤسس عبد العزيز آل سعود إلى أولاد سلمان بن عبد العزيز حصراً.
ولم يكتفِ سلمان بذلك، بل أعفى محمد بن نايف من ولاية العهد، وعيَّن نجله محمد ولياً للعهد، متجاوزاً أسماء وازنة في العائلة الحاكمة كشقيقه الأمير أحمد بن عبد العزيز (77 عاماً)، الذي يُوصف بأنه آخر “السديريِّين السبعة”؛ وهُم أبناء الملك المؤسس من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، التي تنتمي إلى هذه القبيلة.
وفجر الثامن من سبتمبر 2019، صدر أمر ملكي بتعيين الأمير عبد العزيز بن سلمان، نجل الملك سلمان، وزيراً للطاقة بدلاً من خالد الفالح، الذي كان يُوصف بأنه “مهندس رؤية 2030″، الخاصة بتنويع مصادر الاقتصاد السعودي.
وهذه أول مرة يتولى فيها أحد أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية منصب وزير الطاقة في أكبر دولة مُصدّرة للنفط في العالم؛ إذ تولى حقيبة النفط خمسة وزراء منذ عام 1960، لم يكن أحد منهم من الأسرة الحاكمة.

وقبل ذلك وتحديداً في فبراير 2019، أصدر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمراً ملكياً خلال تكليفه إدارة شؤون البلاد، لسفر والده العاهل السعودي، بتعيين شقيقه الأمير خالد (31 عاماً) نائباً لوزير الدفاع والأميرة ريما بنت بندر سفيرة للمملكة في واشنطن خلفاً له.
وتولى خالد بن سلمان منصب سفير السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية في 21 يوليو 2017، وبرز اسمه في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية الرياض في مدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر 2018.

وأواخر العام الماضي، أصدر الملك سلمان أمراً بإنشاء هيئة سعودية للفضاء برئاسة نجله الأمير سلطان (63 عاماً)، بعد أن أعفاه من رئاسة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
وبعد هيمنة “أولاد سلمان” على ولاية العهد ووزارات سيادية رفيعة؛ كالدفاع والطاقة المختصة بالجيش والنفط، يطرح مراقبون تساؤلات، مفادها: هل تكون وزارة الداخلية الضحية المقبلة أم يستمر الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز في منصبه محافظاً على “جناح نايف” في الوزارة الأمنية؟
وبالنظر إلى ما حدث على مدار الأعوام الأربعة الماضية، لا يمكن أن تُستبعد أي فرضية؛ بل العكس تماماً تميل الأمور إلى تمكين جناح سلمان أكثر فأكثر من مفاصل وأركان الحكم كافة في المملكة، وإبعاد جناح عبد الله (الملك الراحل) وجناح نايف أيضاً.

صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تحدثت في نوفمبر 2018، عن خلافات عميقة بين أبناء الملك الحالي سلمان والراحل عبد الله تعود إلى سنوات عديدة، مؤكدة أنها برزت بعد صعود “بن سلمان” السريع إلى السلطة.
وكان الملك الراحل قد انتابته حالة من الغضب الشديد بعد فصل “بن سلمان” عدداً من الضباط في وزارة الدفاع؛ بعدما عيَّنه والده سلمان، الذي كان يشغل المنصب الوزاري، مستشاراً أعلى له، رغم صغر سنّه وقلة خبرته، ووصل الغضب إلى حد منعه من دخول الوزارة، بحسب الصحيفة الأمريكية.

وأرجعت “واشنطن بوست” موجة الاعتقالات الكبيرة التي طالت أبناء الملك عبد الله، بعد وفاته، إلى سعي بن سلمان إلى الانتقام منه في أبنائه، واعتبار ذلك نظير عقاب والدهم إياه -حين كان ملكاً- على عدد من تجاوزاته.
وأوضحت أنه بمجرد وصول بن سلمان إلى الحكم، انتقم من أبناء الملك عبد الله، فاعتقل كلاً من الأمير متعب بن عبد الله (65 عاماً)، قائد الحرس الوطني، وأقاله من وظيفته؛ والأمير فيصل بن عبد الله (40 عاماً)، وهو رئيس سابق لهيئة الهلال الأحمر السعودي؛ والأمير مشعل بن عبد الله، المحافظ السابق لمكة المكرمة؛ والأمير تركي بن عبد الله المدير التنفيذي لمؤسسة الملك عبد الله، التي تمول أعمالاً خيرية بالعالم.
ويرى عديد من الأشخاص الذين لديهم علاقات بالعائلة المالكة، أن تركيز بن سلمان على عائلة الملك عبد الله كان جزءاً من مساعيه لتهميش منافسيه، والاستيلاء على السلطة وعلى صندوق مؤسسة الملك عبد الله، والذي تقدَّر قيمته بنحو 20 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى