على مدار 38 عاما قدمت النجمة والممثلة المصرية إلهام شاهين نحو 100 فيلم سينمائي تمثيلا وإنتاجا، بالإضافة إلى 45 مسلسلا و8 مسرحيات، كما حصدت أكثر من 100 جائزة عربية ودولية عن أعمالها المختلفة، بالإضافة إلى مشاركتها في العديد من لجان تحكيم عدد من المهرجانات ورئاسة البعض الآخر، بينما دعّمت مهرجانات أخرى، سواء بالتأسيس مثل “أسوان لأفلام المرأة”، أو بوجودها في الكواليس وحضور العروض ومرافقة الضيوف في رحلات سياحية على هامش المهرجان.
ودائما ما دعّمت إلهام شاهين الفن ودافعت عنه في أحلك الظروف، ما عرضها أحيانا إلى انتقادات، لكنها لم تأبه إلى كل ذلك، واستمرت ولا تزال في الدفاع عن القوة الناعمة التي تستطيع أن تحقق ما يستحيل أحيانا تحقيقه في المجال السياسي.
وفي حوارية صحفية تحدثت النجمة إلهام شاهين عن تجربتها ومواقفها ورأيها في العديد من القضايا الفنية وفقاً لما يلي…
*لماذا تفكر نجمة بحجم إلهام شاهين في الاتجاه للإنتاج؟
– الإنتاج لا يهدف إلى تقديمي لأدوار جديدة، فقد قدمت على الشاشة كل الشخصيات تقريبا، قدمت المرأة الفقيرة، الثرية، الريفية، الصعيدية، الأستاذة الجامعية، الراقصة، المنحرفة، عضو مجلس شعب، الأم لشباب في مثل سني وقت تقديم الشخصية، لذا لا أخشى السن أو الظهور دون ماكياج، حتى لو قبيحة أو دميمة، ومع ذلك فأنا لا أجد أدوارا ترضيني بسهولة.
دائما ما أضع نصب عيني تجارب الذين سبقوني، مثل مديحة يسري عندما أنتجت “صغيرة على الحب” لسعاد حسني وليس لنفسها، فقد كانت عاشقة للسينما بالفعل، كذلك ماجدة الصباحي عندما أنتجت العديد من الأفلام المهمة حبا في السينما مثل أفلامها عن حرب أكتوبر و”جميلة بوحيرد” و”العمر لحظة”، وغيرها، كما أنني أحترم هذه الأسماء الكبيرة وتعلمت منها.. فريد شوقي مارس الإنتاج، ونور الشريف أنتج وخسر كثيرا ومع ذلك ظل ينتج، وكان يقدم للسينما مخرجين ومنتجين جددا، ومحمود ياسين ونجلاء فتحي أنتجا للسينما أيضا.
وأود أن أشير بهذه المناسبة إلى أن المنتجات كن الأهم في الإنتاج، مثل عزيزة أمير وآسيا وماري كويني، فقد كان للنساء دور كبير في السينما المصرية، لذا أعتبر نفسي استكمالا لهذه المسيرة على نحو محدود، وعندما أنتجت فيلمي الأخير “يوم للستات” لم يكن الهدف تقديم دور شخصي، بل قدمت 10 أدوار بطولات، وكان دوري أصغرهن من حيث المساحة، وكنت سعيدة، وسافر الفيلم كل مهرجانات العالم، وحصد أكثر من 20 جائزة.
*في رأيك لمن يسلّم جيل إلهام شاهين الراية لاستكمال الرسالة الفنية؟
– الحقيقة أن الجيل التالي لنا هو جيل مظلوم، فكلهم جدد يعملون معا، فمن يتعلم ممن؟ وعندما كنت في الـ17 من عمري كنت طالبة بمعهد الفنون المسرحية، وقفت أمام عادل إمام، عن قصة ليوسف جوهر وإخراج محمد راضي وكان فيلم “أمهات في المنفى”، وفي ثاني عمل شاركت في فيلم “العار” للكاتب محمود أبوزيد، وعلي عبدالخالق مخرجا، ومعي نجوم مصر الكبار محمود عبدالعزيز ونور الشريف وحسين فهمي، وكان ثالث فيلم أمام شادية هو “لا تسألني من أنا”، قصة إحسان عبدالقدوس وإخراج أشرف فهمي، كما عملت مع عمالقة مثل فريد شوقي وعادل أدهم في “السيد قشطة”، هؤلاء هم من تتلمذت على أيديهم، لذا أظن أننا جيل تعلم، وكانت هناك بروفات كثيرة تتم قبل التصوير، وكل ذلك غير موجود الآن، فنظام العمل اختلف وتحولت المهنة إلى وظيفة، وسيطرت المادة على كل الأفكار، والفن الذي تعلمته لم يكن كذلك، لدرجة أنني قدمت أفلاما عديدة مجانا.
*هل يعني ذلك عدم وجود جيل وسط الآن؟
– من ناحية نجوم وفنانين متميزين جدا فهناك كثيرون، مثل منى زكي وأحمد السقا وأحمد حلمي ومنة شلبي وكريم عبدالعزيز وآخرين، وكلهم أثبتوا وجودهم وحصلوا على جوائز، لكن الجيل التالي يمر بإحباطات عديدة والنوعية الجيدة تراجعت والأدوار قليلة، كما أن الجمهور أيضا لا يساعدنا، فأنا أتعب في أفلامي وفي النهاية أخسر أموالا، وهناك أفلام تنتج وتصنع خلال أسبوعين ولا تتكلف، ورغم ذلك تحقق رواجا جماهيريا كبيرا، والبعض يعتبرني مجنونة ومتطرفة ومندفعة وهذه حقيقة، لأنني أعتبر نفسي عنيدة في آرائي وطريقة حياتي الفنية والعادية، وكل هدفي تقديم شيء للسينما، لذلك أسعد بالمكسب الأدبي.
*هل تعتقدين أن تدخل الدولة في الدراما سيكون في صالح الصناعة؟
-كل شيء له جانب إيجابي وآخر سلبي، والجانب الإيجابي هو وقف نزيف ارتفاع الأجور التي وصلت إلى أرقام فلكية دون منطق، فقد ظللنا لفترة طويلة نحصل على أجور بسيطة، والجيل الذي سبقنا خاض تجربة أكثر صعوبة، أما الجيل الجديد فعندما ينجح له عمل واحد يحصل على أجر من يعمل منذ 20 أو 30 عاما في التمثيل، وسبب ذلك يعود إلى دخول منتجين لا يفهمون المهنة وطبيعة السوق.
أذكر أن أول فيلم قدمته حصلت على أجر 500 جنيه، كما حصلت عن أول بطولة أمام عادل إمام في فيلم “الهلفوت “على 5 آلاف جنيه، والآن كل من قدم عملين نجده يحصل فجأة على أجر أعلى من أي نجم من جيل الكبار، وهو أمر غير طبيعي ودمر الصناعة، ورغم أن هذه الوقفة من الدولة للدراما أثرت على الجميع بما فيهم أنا، فإنها مفيدة لوقف هذا السفه ولإعادة الأمور إلى المسار الصحيح دون إذعان لشروط هذا أو ذاك، أو مقابل وجاهة واستعراض وحب الظهور، لكن من المهم الاهتمام بالكيف أيضا من خلال إعادة الاعتبار إلى الكتابة بعيدا عن الممثلين وحكاية تفصيل الأدوار على البعض بعينهم .
*هل لا بد من وجود شركة إنتاج تابعة للدولة لوضع الأمور في نصابها الصحيح كما كان يحدث في الخمسينيات؟
-الدولة مثقلة بهموم شديدة والصحة أولى، وكذلك التعليم، مع الاعتراف بأهمية الثقافة، كما أنني لا أضمن أن يذهب الدعم إلى مستحقيه في حالة الإبداع، لكن يمكن أن يكون الدعم عينيا أو لوجيستيا، مثل تقديم المناطق الأثرية مجانا للتصوير، فنحن ندفع بالساعة مع أننا نصنع دعاية للبلد، كذلك التصوير داخل المطار، وكل ساعة تتكلف آلاف الجنيهات، وهي لصالح شركة الطيران الوطنية مثلا وهكذا.
كما يمكن إدخال أحدث الكاميرات وأجهزة الصوت دون جمارك وغيرها من وسائل الدعم غير المباشر، وأذكر أنني عارضت العديد من الزملاء الفنانين في لقاء مع الرئيس قبل توليه، وطلبت تقديم خدمات تمتلكها الدولة بدلا من الدعم المادي المباشر .