بعد سرقة أعمارهم.. الأسرى المحررون يحرمون من رواتبهم

 

لم تكتف ” إسرائيل ” بأن تحكم على أسير الفلسطيني بسنوات – لا إبالغ إن قلت أن العقل البشري لا يمكن أن يتخيلها – قد تصل الى آلاف السنين، وزجه داخل زنازين وغرف تفتقد لـأدنى وأبسط الحقوق الإنسانية الأسياسية، بالإضافة الى ممارسة العديد من ألوان الحرب النفسية المدروسة بطرق مختلفة، بل أنها وسعت جاهدة الى محاربة عائلته والضغط عليها في جوانب شتى، كسفرها ومكان إقامتها أو قوت يومها مثلاً ، فكيف لدولة إحتلال أن تجد طعماً للراحة وهنالك من يسد بعضاً من حاجات تلك الأسر، أو يقدم راتباً  أو مخصصاً شهرياً يغنيهم عن السؤال، يأتي ذلك كله في إطار سياسية كي الوعي والتي تهدف الى إعادة بلورة المجتمع الفلسطيني وفق العقلية الإسرائيلية القابلة للاحتلال، خامدة في ذلك أي روح للمقاومة داخل جسد الصبي قبل الكهل.

سعت ” إسرائيل ” جاهدة لصف دول العالم وتحشيدها ضد المساعدات المالية التي تقدمها للسلطة الفلسطينة، بذريعة أنها تصرف في التشجيع على ” الإرهاب ” – على حد زعمها – قاصدة في ذلك أنها تصرف الى عوائل الأسرى والشهداء، حتى أصدرت قانوناً يقضي بخصم تلك المخصصات التي تقدر بـ 7% من أموال عائدات الضرائب الفلسطينية – أموال المقاصة -، متناسية ما تتقاضاه من مساعدات عسكرية ومالية تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد قتلت ولا زالت تقتل بها آلاف الفلسطينين والعرب، حيث تشير بعض التقارير الى أن ” إسرائيل ” تلقت منذ احتلالها لفلسطين عام 1948 وحتى 2017 قرابة ” 130 مليار دولار ” ، إلا هنالك تقديرات أخرى تقول إنه قيمة المساعدات بلغت نحو ” 270 مليار دولار” .

في الواقع فإن الكثير من العائلات من تعتاش على هذا الراتب وتعتمد عليه إعتماداً أسياساً، فالكثير منها معتمدٌ عليه في دراسة أبناءه الجامعية المكلفة والمرهقة، وبعضها من اشترت بيتاً يأويها من خلاله، وهنالك المرضى والعاجزين وغيرها الكثير من الحالات الإنسانية التي لا يتسع المقام للحديث عنها، فما ظنك بإنسان قد دخل السجن في ريعان شبابه وخرج منه بعد سنواتٍ طوال كهلاً أو حتى عجوزا لا يقدر على شيء، فمن أين يقتات؟

لكن الأدهى والأمّر أن يقطع ذاك الراتب بقرار فلسطيني دون أدنى سبب، سوى لإختلافٍ في اللون أوالرأي سياسي، يخوض اليوم 36 أسيراً محرراً تترواح مدة إعتقالهم من 11 – 20 عاماً بالإضافة الى أسيرة محررة إعتصاماً أمام مقر هيئة شؤون الأسرى كانت قد أنقطعت رواتبهم منذ قرآبة إثنى عشر عاماً، حيث كانت أولى الحالات في شهر حزيران من العام 2007، بالتزامن مع بداية الإنقسام الداخلي المقيت، مضافاً الى ذلك ما صدر من قرارات خلال السنوات اللاحقة والتي تقضي بقطع رواتب بعضٍ من الأسرى المعاد إعتقالهم في صفقة وفاء الأحرار والمحررين فيها ، مما اضطر الحركة الأسيرة الى الإعلان عن سلسلة من الاحتجاجات رفضاً لهذا القرار بما فيها الإضراب المفتوح عن الطعام، مما أدى الى إلغاء الجانب المتعلق بمن يتواجد داخل السجون مستكفية بما خارجها.

ختاماً، في الواقع لا أحد ينكر بان ” إسرائيل ” تمارس ضغطاً على السلطة الفلسطينية والتي بدورها تحاول المناروة فتستجيب لبعض المطالب بدعوى الإنقسام،  وبالتالي لا شك بأن تلك الخطوات تساهم مساهمة حقيقية في إختزال قضية الأسرى وتجزئتها، وأن الواجب على المنظومة السياسية الفلسطينية والفصائلية تعزيز مقومات صمود الشعب الفلسطيني دون التفريق بين اطياف الشعب، لكن السؤال هنا هل يُجزى من قاوم وقدم أجمل سني عمره ذلك؟ أفلا يكفي بأن الإحتلال يسعى الى التفرقة بين أبناء الشعب الواحد داخل السجون وخارجها؟

* مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى