محاصرة قطر وتخبط حكامها يفسحان المجال في تشكيل حكومة بالمنفى

 

قرر حكام قطر تجميد الحسابات المصرفية للشيخ عبدالله بن علي آل ثاني الذي تصفه المصادر المطلعة برجل المعارضة، وتقول إنه ربما يعكف على تشكيل حكومة قطرية في المنفى.

وقد بات واضحا أن الزخم السياسي المحلي يسير في هذا الاتجاه استنادا إلى تصريحات ومواقف معارضين ينتمون إلى أسرة آل ثاني، على رأسهم الشيخ مبارك بن خليفة بن سعود آل ثاني، والشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني الذي نشر تغريدات على تويتر حول انتظار “حدث تاريخي” أثارت الكثير من التكهنات.

وبات خيار “حكومة المنفى” واقعيا وقابلا للتنفيذ، إذ تتسع رقعة المعارضة يوميا بين صفوف الأسرة الحاكمة، ويتزايد أعداد الشيوخ المؤيدين لقيادة الشيخ عبدالله بن علي لتغيير جوهري في الحكم من داخل الأسرة.

وأعلن الشيخ عبدالله أن السلطات القطرية جمّدت حساباته المصرفية، وقال مساء امس الاول السبت على حسابه على تويتر “شرفني النظام القطري بتجميد جميع حساباتي البنكية، وأشكره على هذا الوسام وأتشرف بتقديمه للوطن ومن أجله”.

وأضاف “أتمنى من قطر طرد صيادي الفرص وأصدقاء المصالح”، وأن “تعود قطر إلى حضنها الخليجي وأهلها الغيورين عليها فلن ينفعنا أحد سواهم”.

وتضع هذه النزعة للحفاظ على تماسك المنظومة الخليجية الشيخ عبدالله على النقيض من رؤية قطر وفلسفة الحكم فيها، وهو ما يؤهله لكي يتحول إلى بديل مقنع إقليميا، بالنظر لامتلاكه شرعية متمثلة في انتمائه إلى فرع بن علي، الذي ظل ممسكا بالسلطة منذ تولي جده الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني الحكم عام 1880، وحتى انقلاب الشيخ خليفة بن حمد على الشيخ أحمد بن علي آل ثاني شقيق الشيخ عبدالله عام 1972.

ويقول مراقبون إن النظام القطري بات يهدد تماسك الأسرة بعدما لجأ إلى خيار تجميد الأموال ضد معارضيه في وقت مبكر للغاية، لكن هذه الاستراتيجية ليست جديدة بشكل كامل.

وقال خالد الهيل، المتحدث باسم المعارضة القطرية في تصريح صحفي، إن “تجميد أموال الشيخ عبدالله كان متوقعا، إذ أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام القطري هذا السلاح ضد معارضيه، فقد حدث معي أيضا نفس الشيء من قبل. هذا نظام اعتاد على سرقة أموال الشعب”.

وكشف الهيل عن تحديد موعد عقد المؤتمر الثاني للمعارضة القطرية، الذي سيناقش البديل لنظام الحكم الحالي، لكنه لم يشأ الإعلان عنه قبل اكتمال كافة الترتيبات أولا.

وبات تصور هذا البديل مقبولا في الخارج، فيما يبقى إقناع باقي أعضاء أسرة آل ثاني قبل أن تكتمل أبعاد هذا التصور الحاسم.

وتقول مصادر إن الحكم في قطر بدأ يتبنى وجهة نظر رئيس الوزراء السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بعدم التعويل على المواقف الغربية، بعد فشل حملة دعائية واسعة النطاق أشرف عليها الشيخ حمد بن جاسم، ولم تثمر تغييرا في المواقف الغربية خلال الجولة الأوروبية التي قام بها الشيخ تميم بن حمد وشملت زيارة ألمانيا وفرنسا، ثم اختتمت بمشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.

وقاد التوجه الجديد في قطر إلى جولة آسيوية بدأها الشيخ تميم الأحد، بحثا عن تأييد في دول جنوب شرق آسيا الذي يضم أحد أهم العملاء المعتمدين على واردات الغاز القطري المسال.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن أمير البلاد سيبدأ “بزيارة ماليزيا، ثم يتبعها بسنغافورة، ومن ثم إندونيسيا، وذلك تلبية لدعوة من قادة هذه الدول”.

وسيتم خلال الزيارات -بحسب المصدر نفسه- توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات.

لكن التوازن الاستراتيجي الذي تبحث عنه قطر في آسيا، لن يؤدي إلى تغيير المواقف الغربية من الأزمة القطرية المستمرة منذ 5 حزيران الماضي، بعد فرض السعودية والإمارات ومصر والبحرين مقاطعة صارمة على قطر.

وتنظر الولايات المتحدة ودول أوروبية لحراك الشيخ عبدالله بن علي باعتباره شأنا قطريا لا يحتمل التدخل فيه. وتقول مصادر لـ”العرب” إن دبلوماسيين غربيين لم يبدوا اعتراضا على استقبال السعودية المتكرر للشيخ عبدالله، كما صرحوا بذلك لنظرائهم السعوديين.

ويشكل هذا الموقف الغربي خطورة على مستقبل نظام الحكم، وكما يضفي شرعية دولية على أي بديل قد تقدمه المعارضة القطرية في الأيام المقبلة.

وإذا حدث ذلك فسينهي عقودا من سيطرة فرع بن خليفة، التي ينحدر منها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على الحكم، وسيعزل هذا الجانب من الأسرة الذي بات ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره القوة المحركة لأزمات قطر.

لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت الذي سيكون على الحكومة المنتظر تأسيسها في الخارج أن تتبنى خلاله لهجة وسياسات قادرة على إقناع المواطن القطري العادي بالتغيير.

ويتحسب فرع بن خليفة لهذا السيناريو، ويعمل على وأد الظروف ومسارات الأحداث التي تقود حتما لتحويله إلى واقع. وقبل تجميد أرصدة الشيخ عبدالله بن علي، لجأ الفرع الحاكم إلى محاولة قطع الطريق على تحوّل فرع بن علي إلى ندّ يهدد موقع الشيخ تميم، عبر اعتقال نحو 20 شخصا من أسرة آل ثاني، معظمهم ينتمي إلى فرع بن علي.

وتحول هذا النهج إلى استراتيجية معلنة، بعدما كشفت مجلة “لو بوان” الفرنسية عن اعتقال سلطات قطر أعضاء من الأسرة الحاكمة بسبب اعتراضهم على سلوكيات الحكم، وأن حالة بعضهم الصحية متدهورة للغاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى