قيثارة فلسطين والحرية والعدالة

سميح القاسم: علمتنا الإقدام في زمن الهزيمة علمتنا كيف نعشق الأبجدية العربية و السماء العربية و نفخر بالقامة العربيه، علمتنا كيف نرسم غصن الزيتون و نرفع القبعة لكل أحرار الدنيا، أنت أيها الباقي عشت منتصب القامه و مضيت مرفوع الهامة، نشهد أنك كنت شجاعاً واجهت المرضين معاً العدو و السرطان، نشهد أنك انتصرت في كل المواجهات فصوتك كان هو الأعلى و فكرك كان هو الأقدر ضاقت عليك ضفاف الموت و عدو الشمس لكنك ابداً لم تساوم.

أيها الفقيد الكبير: يعز علينا رحيلك في زمن تتوق إليك، كل ساحاتنا العربية ، تناديك فارساً مغواراً في غزة الصامدة الصابرة المنتصره ، تشد أزرها تحيي الحماسة فيها و تردد خلفك تقدموا تقدموا ، فكل سماء فوقكم جهنم و كل أرض تحتكم جهنم، وتذكرهم بأن لا تعدوا العشره و لا نعد العشرة.

نتذكرك حين ترحل عيوننا عبر خيوط سايكس بيكو العنكبوتية في مساحة الوطن الأكبر

للقدس صلباني و جلق شاهدي   و تهلل الفسطاط راح و جاؤوا

ودمي على الأردن ورد ذابل              فمتى يبل صدى ورودي الماء

عمـــان قابلتي و مهد طفولتي    ســــلط و حـــبل السرة الزرقاء

و لطالما أنشدت في سوريا الحبيبة الجريحة بعدما وصلت إليها في نهاية القرن العشرين

ظمئ أنا يا شام   و أنت الكأس و الصهباء

عرفناك أيها المناضل الكبير مدافعاً صلباً عن الأرض و العرض و العروبة و حلم فلسطين ، عرفناك ثاقب النظره نهجك و اضح المعالم ، لا تلتبس عليك الحقيقة مهما ادلهمت العتمة وتدافع المضللون ، لم تفقد الأمل للحظة في أحلك الظروف ، ثقتك بحتمية النصر لم تتزحزح قيد انمله تستمد عنفوانها من ثقتك بعدالة القضية التي طويت سنوات عمرك دفاعا عنها و عن العروبة عن فلسطين عن حق العودة و تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف فكم رددت منشداً:

بنى المسيح على صخر كنيسته    ودولتي أنا أبنيها على حجر

رحمك الله أيها الصديق الكبير فقد عشت حاديا للثورة في كل بقاع الأرض ، وقد عرفتك كل أحرار العالم مناضلاً و ملهما للنضال ضد الاستعمار بكل أشكاله و مع كل قوى التحرر في العالم في نضالها ضد التفرقة العنصرية و ضد الاستعمار و التبعية و اشكال الاضطهاد و في سبيل تحقيق الحرية و الديمقراطية و تآخي الشعوب و تحقيق العدالة والسلام و احترامِ حقوق الانسان.

لقد دفعت الضريبة في ملاحقتك و اعتقالك و محاربتك من ِقبل العدو الصهيوني و كافحت و عريت مشاريعه و أدواتة و دسائسة و أسهمت بشعرك و نثرك و فكرك في إعادة توجيه البوصلة باتجاه العدو المشترك رغم كل المكائد و ماكنات التضليل.

ثمانون كتاباً ستبقى مكتبة وضاءة و منارة لتصحيح مسار النضال كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا.

رحمك الله أيها المناضل الباقي و إن رحل

رحمك الله يا قيثارة فلسطين و منارة الأمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى