القدس تغتصب.. ودمشق تنهض

بقلم : راسم عبيدات/القدس

عشرات الآلاف من قطعان المستوطنين في ذكرى ما يسمى بتوحيد القدس، والذي استكمل احتلال القسم الشرقي منها في حرب الخامس من حزيران/1967، مارسوا كل الوان وأشكال عربدتهم وزعرنتهم وشذوذهم في مدينة القدس، حيث استباحوا واغتصبوا شوارعها وحاراتها وأزقتها، واقتحموا اقصاها، وهم يرقصون على شعارات ”الموت للعرب ومحمد مات مات خلف بنات”…
شبان وفتيات مقدسيون مسكونون بحب القدس والانتماء لها، حاولوا بكل قوتهم ان يداروا افخاد مدينتهم، لكي يمنعوا اغتصابها.. ولكن استبسالهم ودفاعهم عن المدينة لم يفلحا في منع اغتصابها وتدنيس اقصاها…فالمغتصب متوحش ويملك قوة كبيرة متفوقة عدداً وعدة ومدججة بكل انواع الأسلحة، ورغم كل ذلك كان يبدو على جنوده ومستوطنيه الخوف والارتباك أمام اصرار وتحدي هؤلاء الشباب والفتيات والفتيان العزل والمتسلحين فقط بالإرادة والأمل والايمان بعدالة قضيتهم وعروبة قدسهم، للدفاع عن مدينتهم وحمايتها من الاغتصاب، ، خوف يسكن هؤلاء المغتصبين، فهم يعرفون بأن هذه المدينة مهما عربدوا وطغوا وتبلطجوا، فهي ستلفظهم عاجلاً أم آجلا، فهم دخلاء على تاريخها وحضارتها ومقدساتها وأزقتها وشوارعها وتراثها وثقافتها ولغتها، وسيكون مصيرهم كمصير من استباحوها واغتصبوها من الأقوام السابقة، حيث ثأرت لكرامتها ولشرفها وطردتهم، وعادت لتشرق شمس وفجر الحرية عليها من جديد، فهذا منطق التاريخ، فما دام هناك شعب حي يقاوم، ويرفض ان يرفع الراية البيضاء، ويتسلح بالإرادة والأمل فهو حتماً سينتصر ويطرد الغزاة والعابرين عن مدينته.
القدس تغتصب وتستباح واقصاها يدنس، وفي أكثر من عاصمة عربية يستمعون الى صرخات فك بكارتها، ويدخلون اليها كل زناة الليل، بل وصل الأمر بالبعض منهم، ان يشارك علناً في اغتصابها وبوحشية اكثر من وحشية المحتل، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام والشك، ان كان مثل هؤلاء عرباً أو مسلمين؟؟، وبكلمات الوزير اللبناني ورئيس برلمانه نبيه بري ابان الغزو الاسرائيلي للبنان في تموز/2006، عندما خاطب العرب المشاركين في المؤامرة على المقاومة وذبحها بالقول”والله اننا عرب”.
القدس تغتصب علناً وجهراً والاحتلال بكل اجهزته وزعرانه ومستوطنيه وبلطجيته يرتكبون الفعل الفاضح بحقها وحق مقدساتها في وضح النهار، ولم تتحرك أي عاصمة عربية أو اسلامية لكي نلغي ونوقف كل المعاهدات والاتفاقيات مع المحتلين، بل أضعف الايمان لم تقل سنطرد سفراءكم ونغلق مراكزكم الثقافية ونوقف تنسيقنا الأمني معكم، ولكن بدلاً من ذلك وجدنا من يقدم على طرد سفير دولة عربية، تتعرض هي الأخرى من أبناء جلدتها أولاً قبل غيرهم الى اغتصاب جماعي، اغتصاب جماعي مشرعن بفتاوى من علماء السلاطين، وممول مالاً وسلاحاً من مشيخات تنفق المليارات على من استقدمتهم، ومولتهم ودربتهم وجلبتهم لكي يغتصبوا دمشق عاصمة الخلافة، ولكي يجعلوا من دمشق مبغى لكل عاهرات العالم، ولم ينفقوا واحداً بالألف على القدس والأقصى من تلك المليارات.
ولكن دمشق التي كانت دوماً حضناً دافئاً وقبلة لكل الثوريين والمقاومين العرب، لملمت جراحها، وهب رجالها رافعين شعارا واحداً وحيدا، >لن تسقط دمشق ولن تكون الا عربية ورافعة من روافع المشروع القومي العربي، وستبقى الملاذ الآمن والحضن الدافىء لكل من يقول لا للمشاريع المشبوهة الأمريكية والأطلسية والصهيونية في المنطقة<.
صمدت دمشق بقيادتها وجيشها وشعبها، امام كل جحافل المغول من صليبيين ومرتزقة ومجرمين وقتلة مستقدمين من كل أصقاع الأرض، منهم العرب والعجم والأتراك والشيشان والباكستانيون والأوروبيون وغيرهم، من القادمين لسوريا تحت شعارات تحريرية كاذبة ومضللة، وكأن سوريا هي المحتلة والمغتصبة، وليست القدس وفلسطين، عطلوا الجهاد في فلسطين وشرعوه في سوريا، وحرفوا معانيه وزوروها، وأبتدعوا لهم جهاد”النكاح” في تشريع منظم للدعارة، واجازوا لهم سبي واغتصاب حرائر الشام، وبيعهن لجوعى الجنس من مشايخ الخليج.، وبشروهم بالحور العين، كلما امعنوا في السفك والقتل والبطش والتفجير والتخريب والتدمير.
دمشق صمدت ونهضت وها هي تشارف على الانتصار، اذ بعودة حمص لحضن الوطن، والتي اعتبرت المفجرة لما يسمى ب”الثورة”كانت النهاية لتلك ” الثورة” فيها، ومن بعدها تشارف حلب للعودة للوطن، رغم كل المحاولات من سائر القوى المتآمرة على سوريا، لوقف انتصاراتها من خلال المحاولات الرامية الى ادخال البلاد في فراغ دستوري، وعدم انجاح الانتخابات الرئاسية السورية التي جرت في الثالث من حزيران الحالي، حيث عمدت فرنسا ومعها القوى الاستعمارية الأخرى الى محاولة تحويل ملف سوريا الى محكمة الجنايات الدولية، من خلال استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، ولكن ”الفيتو” المزدوج الروسي-الصيني، أسقط تلك المحاولة.
لكن الغرب المستعمر والمجرم وأدواته من المتأسلمين الجدد وجماعة التتريك وعربان ومشيخات النفط والكاز، لم ييأسوا، بل واصلوا تآمرهم على سوريا، ومحاولة ارهابها وارباكها عبر مناورات ما يسمى بـ”الأسد المتأهب على الأراضي الأردنية، بمشاركة عربية وأطلسية وامريكية، ثم طرد سفيرها من الأردن، وكذلك حديث رئيس ما يسمى بالائتلاف الوطني السوري >الجربا< عن تزويد قواته بأسلحة غربية متطورة وحديثة، تستطيع تغيير الموازين العسكرية على الأرض في ظل انتصارات سورية كاسحة يسجلها النظام السوري يومياً.
ولكن كل تلك المحاولات والتهويش والحشود، لم تفلح في منع اجراء الانتخابات السورية، فما جرى من خلال مشاهدة حجم الجماهير السورية التي هبت في الداخل والخارج للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، والتصويت لوحدة الدولة السورية ولرئيسها بشار الأسد، وتحديداً في لبنان والأردن، خير رد على كل تلك المؤامرات والمحاولات، فهذه الجماهير والحشود البشرية، خير شاهد ودليل على ان الشعب السوري، يعي حقيقة المؤامرة ويدرك أهدافها.
حتماً ستنهض دمشق وستنتصر وتنتقم لصرخات بكارتها ولكرامتها، وكذلك ستنتصر للقدس والمقدسيين، فنحن واثقون بأن الشام ستبقى وستكون كما كانت دائماً الى جانب فلسطين، ولن يغير مواقفها تنكر وجحود البعض منا، فهؤلاء فقدوا البوصلة في سبيل مصالحهم واجنداتهم ومشاريعهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى