في الانتخابات الرئاسية القادمة.. جيل الشباب من الناخبين الاتراك يستعد لإرسال أردوغان وحزبه الحاكم الى مزبلة التاريخ

إسطنبول – سيقرر ستة ملايين ناخب تركي يشاركون في التصويت لأول مرة ما إذا كانوا سيمددون حكم الرئيس رجب طيب أردوغان لفترة ثالثة، أم أنهم يتطلعون لشيء لم يعرفوه أبدا من قبل: تركيا تحت قيادة رئيس مختلف.

ويخوض أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في يونيو/حزيران 2023 انتخابات مصيرية برصيد ضعيف على مختلف المستويات، في ظل أزمة مالية طاحنة جزء كبير منها بسبب سياسات الرئيس التركي داخليا وخارجيا.

كما يبدو أن الناخبين الأتراك الشباب سئموا من الوجوه ذاته التي تطبق على أنفاسهم منذ أكثر من عقدين دون تحقيق تطلعاتهم وأحلامهم، فالجيل الجديد من الناخبين وهو خزان انتخابي مهم، وجد نفسه عالقا في خصومات الرئيس الخارجية والداخلية وطموحاته الشخصية بينما يتوق للتغيير ولتركيا أفضل.

وقبل فترة على ما قد تكون أكبر انتخابات في تاريخ البلاد الحديث، تقول أغلبية كبيرة من الشباب التركي إنها تريد التغيير لكنها تظل متشككة في قدرة المعارضة على تحسين التوظيف والمدارس والحريات مثل حرية التعبير بشكل صحيح.

ويشكل الشباب نحو 12 بالمئة من إجمالي عدد الناخبين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في يونيو/حزيران 2023. ويقول منظمو استطلاعات الرأي إن الشباب سيكون لهم القول الفصل في ما سيكون سباقا شديد الصعوبة لأردوغان وحزبه الحاكم، العدالة والتنمية.

وتكشف مقابلات جرت مع ما يقرب من 12 تركيا، تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 23 عاما في مناطق مختلفة من مدينة إسطنبول الحضرية إلى وسط الأناضول، أن قضايا العدالة والهجرة والوظائف التي يتم شغلها على أساس الجدارة، والسياسات الاقتصادية الشفافة هي أهم ما يشغل تفكير هؤلاء الشباب.

وقالت داملا (19 عاما) وهي طالبة تدرس التاريخ في إسطنبول “لا أشعر بأي ارتياح لقراري لكنني أعتقد أنني سأختار أفضل السيئين وسأدعم المعارضة.

وقد أدى الاضطراب الاقتصادي وارتفاع التضخم إلى زيادة تكاليف معيشتها حتى على الرغم من أنها تعيش مع أسرتها ولا تخرج مع أصحابها كثيرا.

وتابعت داملا “أشعر وكأنني لست على قيد الحياة. أنا أحاول فقط النجاة… إذا خسر حزب العدالة والتنمية هذه الانتخابات، يجب أن تظل الحكومة الجديدة تشعر بضغط الناس عليها”.

وتتغير نتائج استطلاعات الرأي لكنها تشير إلى أن أردوغان سيخسر الانتخابات بفارق طفيف وسيفقد حزبه، العدالة والتنمية، سيطرته على البرلمان.

ومع ذلك لم يعلن تحالف معارض غير رسمي عن مرشح رئاسي ليترك بعض الناخبين الشباب غير مقتنعين، كما حقق أردوغان الذي يصفه خصومه في الداخل والخارج بـ”الاستبدادي” سلسلة انتصارات طويلة منذ أن تولى السلطة في 2003.

وحرك الرئيس مجتمعا علمانيا تقليديا باتجاه إسلامي وحول تركيا إلى قوة عسكرية إقليمية واستخدم القضاء في ملاحقة المعارضة.

ويواجه أردوغان حاليا معركة انتخابية شرسة. ويرجع السبب في ذلك إلى حد كبير إلى سياساته الاقتصادية غير التقليدية التي شملت خفض أسعار الفائدة التي هبطت بقيمة الليرة إلى مستوى تاريخي ورفعت التضخم إلى أعلى مستوى له في 24 عاما عند 78.62 بالمئة في يونيو.

وتكشف البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات واستطلاعات الرأي أن ما يسمى “بالجيل زد” يضم نحو 13 مليونا من أصل 62.4 مليون تركي من المقرر أن يدلوا بأصواتهم العام المقبل.

وقال مراد جيزيجي رئيس شركة جيزيجي لاستطلاعات الرأي، إن الناخبين الشباب يشعرون بالغضب من الحكومة بشكل عام لكنهم لا يتمسكون بفكر معين ولا يثقون تماما في المعارضة.

وتظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته، أن الناخبين من الجيل زد الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 25 عاما، يعارضون بشدة قمع أنماط الحياة وحرية التعبير ووسائل الإعلام. وقال جيزيجي “لن يصوت 80 بالمئة من هذا الجيل لصالح حزب العدالة والتنمية”.

وقال يوسف (18 عاما)، وهو أحد الناخبين الذين سيصوتون لأول مرة، إن أغلب الاقتصادات العالمية شهدت أوقاتا عصيبة في بداية جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا.

وتابع “أعتقد أن الشخص الذي يحكم بلدنا اليوم هو الزعيم الأفضل والأكثر ملائمة… سأصوت لحزب العدالة والتنمية لأنه يضع خططا كي يشعر الناس بالراحة”، مضيفا “قد لا يكون أداء الاقتصاد جيدا لكن هذا هو الحال في جميع الدول”.

وكشفت البيانات الرسمية أن معدل البطالة بين الشباب في تركيا استقر عند 20 بالمئة في أبريل مقارنة مع متوسط 10.87 بالمئة وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويقول منظمو استطلاعات الرأي إنه لا يمكن تحديد دوافع الناخبين مما يزيد من عدم القدرة على التنبؤ بنتائج الانتخابات. وربما يعتمد ذلك على من ستختاره مجموعة من ستة أحزاب معارضة لمنافسة أردوغان.

وقال محمد علي كولات، رئيس شركة ماك لاستطلاعات الرأي، التي كشفت أبحاثها عن أن 70 بالمئة ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 إلى 29 عاما يدعمون المعارضة “الشباب لن يتغير”.

وأضاف أن الناخبين الأصغر سنا يميلون إلى مقارنة تطلعاتهم الاقتصادية مع أقرانهم من الأجانب بينما يتطلع الناخبون الأكبر سنا إلى الاستثمارات في مجال البنية التحتية مثل الطرق والمستشفيات.

وقالت هيلين (21 عاما) إن ظروفها المعيشية ازدادت سوءا بسبب سياسات الحكومة وبالتالي ستصوت لصالح المعارضة غير أنها تخشى من أن مقترحاتها لن تعالج بفاعلية مشكلات السياسة الحالية للهجرة أو حقوق الأقلية، مضيفة “أعتقد أن تغيير السلطة سيحل القضايا الملحة على الأقل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى