الزعامة الإجتماعية في العراق
بقلم: سعد السلطاني
رآس مُثلث الزعامات في العراق تغير ثلاثة مرات مُنذ 2003 حتى اليوم بالنسبة ل40% من الفاعلين إجتماعيًا (رواد صناديق الإقتراع) حيث بدأ بالزعامة السياسية ثم الدينية، واليوم أسهم الزعامة الإجتماعية هي الأكثر صعودًا.
الإعلام لا يصنع زعامة إجتماعية وهذه المشكلة التي تواجه معظم السياسيين في العراق، الذين يقتصر حِراكهم الميداني على برامج مُقتضبة في المواسم الإنتخابية، مُعتمدين على الصناعة الإعلامية في تصدير مشاريعهم.
الشخصية السياسية الوحيدة الفاعلة في هذا الميدان هو عمار الحكيم الذي طالما أثار إستغرابي بقراءته للأحداث والخطوات الإستباقية التي يخطوها، مُنذ أن ترك المجلس الأعلى وذهب لتأسيس الحكمة وإعطاء الشباب المساحة الأكبر في العمل والتمكين.
تمر على مسامعي بين الحين والأخر جولات الحكيم في هذه المحافظة او تلك، أتسائل ما الغاية وما الهدف من هذه الزيارات وما تتضمنه من برامج إجتماعية؟! فلا هو موسم إنتخابي و لا هو نتيجة حدث مهم يستدعي الزيارة، حتى رأيت زيارته الآخيرة للنجف وحضوره البارز في البيوتات والمرافق الدينية والنخب والفواعل الإجتماعية.
السياسة تقتضي الفطنة كما يقول أرسطو وهو ما يفرض معرفة الأمور الكلية والجزئية معًا، لا الاكتفاء بمعرفة الكليات من الأمور، لأن الوصول إلى الكليات النافعة يمر من باب الجزئيات، بالتالي النهج السياسي بدون فطنة هو نهج خاوي مرحلي مصيره إلى الأفول.
المشروع السياسي العراقي مر بتجارب كثيرة ومنعطفات مهمة، صنعت سلوكه وطقوسه التنظيمية، بغض النظر عن الاهتزازات وحدتها والتحولات وعمقها، كانت إستجابة طبيعية للتحولات والتطلعات الإجتماعية، وهذا ما نجحت القوى السياسية الكبيرة من التكييف معهُ إلى الحد الذي يُبقيها حامية وساندة للنظام حتى الآن.
ذلك يضع على عاتق هذه القوى مسؤولية تاريخية تتجاوز، بخلاف ما يعتقد البعض، ذاك الذي يشغله الحيز الظاهر منها، والذي يبدو على سطح بحر العمل السياسي ذاته، لان حفظ النظام وترسيخه هو المسؤولية الأكبر، هذا الدور الذي يفرض نفسه على تلك القوى التي تجد نفسها أمام تحديات، تفوق قدرتها الذاتية على المحاور كافة: السياسية والتنظيمية والاجتماعية.
ستكتشف تلك القوى أن ما غرسته خلال السنوات التي مرت من عمر المشروع السياسي، يتطلب المزيد من التحرك الإيجابي في دوائر العمل، هذا هو بالضبط الدور الذي يمارسه الحكيم اليوم ويجب على كل القوى السياسية الفاعلة مُمارسته وبشفافية عالية، تُذيب الحدود وتُقلل الفوارق بين النخب السياسية والقاعدة: لأن شراء القلوب أقوى وأمضى وأحفظ للنظام من شراء الأصوات.
Saad Al-Musaedi<[email protected]