المجد لماهر الجازي.. إمام صلوات الاستشهاد الطالع من صهيل الصحراء وصليل سيوف “الحويطات”
بقلم : فهــد الريمــاوي
بدمه القاني المسفوح كتب ماهر الجازي اسمه في سجل الخلود، وبروحه الوثّابة الصاعدة الى بارئها انتظم في صفوف الشهداء، وبرصاصه المشتعل الذي ألهب صدور الصهاينة انتسب الى أبطال “طوفان الأقصى”، حيث أدى مجاهدو كتائب القسام في كل كمائنهم وأنفاقهم وثغورهم بقطاع غزة صلاة الغائب عليه، وفقاً لما أعلنه “أبو عبيدة” الذي بارك عملية المعبر البطولية، وأكد أن “مسدس البطل الأردني في نصرة أقصانا وشعبنا كان أكثر فاعلية من جيوش جرارة وترسانة عسكرية مكدسة”.
صبيحة يوم الأحد الدامي، أمس الاول، كان ابن الديار المعانية العروبية الشهيد ماهر على موعد مع التضحية ومقربة من الإستشهاد، فقد بيّت النية القاطعة على الانتقام من الصهاينة اليهود الذين أعلنوا الحرب على البشر والشجر والحجر في فلسطين وأكناف فلسطين، فاستل مسدسه من على معبر الكرامة، وباشر الحوار معهم بلغة الرصاص التي لا يفهمون غيرها، فجندل ثلاثة علوج منهم، قبل أن يرتقي شهيداً تتهيأ لاستقبال روحه الطاهرة جنات النعيم، ويطير اسمه الى كل أرجاء المعمورة، وينشغل محرك جوجل في ملاحقة اخباره المتواترة، بوصفه بطلاً أردنياً دفعتة الحمية العربية والعزة الإسلامية ليجود بنفسه الزكية.. “والجودُ بالنفسِ أقصى غايةِ الجودِ”، كما قال الشاعر العربي القديم.
ليست البطولة مجرد رغبة شخصية، او نزعة فردية، او حالة اعتيادية، بل البطولة منحة ربانية استثنائية تتجلى في قوة وجدانية طاغية، وقدرة معنوية هائلة، ورباطة جأش واقدام فذة.. وفي يقيني أن منسوب البطولة في شخصية الشهيد “أبو قدر” يفيض عن الحد، ويبلغ سدرة المنتهى.. كيف لا وقد صقلتها صحراء الجنوب، وفولذتها فروسية عشائر الحويطات، وبلورتها مدرسة عمه الفريق العريق مشهور حديثة، أمير الانتصار في معركة الكرامة المجيدة.
أراهن ان عملية المعبر سوف يكون لها ما بعدها من توابع وعقابيل مدهشة، وان الشهيد ماهر سوف يشكّل قوة مثال ساطعة، وقدوة “ثلاثية الأبعاد” لكل مَن تبقى من أحرار العرب وأخيار المسلمين، الذين سيتشرف الكثيرون منهم بالاقتداء به، والاهتداء بهديه، والسير على دربه ونهجه في العطاء والفداء، والتصدي بنجيع الدم وجُماع العزم لأوباش اليهود الذين طغوا وبغوا وتغولوا حد الانفلات من سائر القوانين والمعايير والاعتبارات الإنسانية.. مستندين في كل هذا الفُحش الى حائط أمريكا، عميدة دول الابادة البشرية منذ قديم الزمان.
خلاص،، لقد انفجر الصراع العربي – الصهيوني على أشده.. خرج الجنيّ من القمقم واتسع الخرق على الراتق، وبات الصراع تناحرياً والتحدي حاسماً لا سبيل لحلهما بالوسائل السلمية والسياسية، او اعادة عقارب ساعاتهما الى الوراء.. وتبعاً لتخاذل الأنظمة العربية وتقاعس جيوشها عن أداء واجباتها، لم يبق أمام الجزء الحي من شعوبنا الساخطة على حكامها، والمحتقنة بالقهر والغضب من مجازر نتنياهو وصلفه وتبجحاته، الا أخذ زمام المبادرة الثورية، والالتحاق بركب الجهاد والاستشهاد، سواء باسلوب الخلايا السرية المعهودة، او عبر طرائق “الذئاب المنفردة” التي أثبتت نجاعتها وقوة فاعليتها.. ولسوف تأتي بالمزيد في قادمات الأيام.
بمثل عملية معبر الكرامة الرائدة يتم تحريك الشارع العربي، وضخ النخوة والحمية والحماسة الثورية في شرايين الشبان العرب، واعتبار الكفاح المسلح فريضة دينية ووطنية مُضافة الى الفرائض الخمس، وتقديم الشهادة الجهادية الممهورة بالدم على الشهادة الاكاديمية المكتوبة بالحبر، وتعظيم الواجب الوطني والمسؤولية القومية ومنحهما الأفضلية النسبية على كل القضايا الخصوصية والاهتمامات الذاتية والأنانية.. ذلك لان الشعوب لا تتعلم تهجئة حروف النضال في المدارس والمجالس، وانما في ميادين المنازلة ومُعتركات المقاومة والقتال.
ختاماً،، بالغ التعازي وكامل التهاني معاً لعشيرة الجازي الكريمة خاصة، وقبيلة الحويطات الأصيلة عامة، باستشهاد “الفقيد الحي” ماهر ذياب الجازي الذي لن يكون آخر الشهداء الابرار.