ماهر الجازي.. من الكرامة إلى الكرامة !!
بقلم: عبد الهادي الراجح
في ظل ظروف قاهرة وحرب إبادة وحشي بكل معنى الكلمة لم تعرف البشرية له مثيلا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حرب تشنه الدولة الأقوى في العالم ، الولايات المتحدة الصهيونية وذراعها العسكري في المنطقة الكيان الصهيوني ، ويخطئ من يعتقد أن الحرب العدوانية على قطاع غزة المحاصر حتى قبل الحرب من الصديق والعدو على السواء هي حرب الكيان الصهيوني وحده، بل إنها إحدى أهم حروب أمريكا بالوكالة، كيف لا وقد ضُرب هذا البعبع الصهيوني وأصيب بمقتل في فجر السابع من أكتوبر الكاشفة الفاضحة لكل عورات العالم .
هذا البعبع أريد له أن يكون شرطي الصهيونية والامبريالية العالمية في المنطقة ، ولكن هيهات هيهات، لان الجغرافيا الفلسطينية لا تساعده وهي أكبر تهديد له، ولكن لا بأس أن يكون حارسا للمصالح الغربية من خلال وجوده كعامل عزل بين أبناء الأمة العربية في قارتي آسيا وإفريقيا .
وعلى مدار ستة وسبعين عاما من النكبة العربية بوجود هذا الكيان، جرى تزويده بأحدث الأسلحة والقوى البشرية المدربة ، وهذا ما كشفه فجر السابع من أكتوبر، حيث رأينا الغرب الامبريالي وعلى رأسه الشيطان الأكبر أمريكا الصهيونية هرعوا لنجدة الكيان، وطالبوا بمواطنيهم الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس وشقيقاتها من حركات المقاومة الوطنية الفلسطينية .
فكيف تكون مواطنا أمريكيا أو بريطانيا أو ألمانيا وبنفس الوقت تكون جنديا فيما يسمى بجيش الدفاع الإسرائيلي ، وترتدي البدلة العسكرية الصهيوني وتقاتل دفاعا عن هذا الكيان المجرم الذي أوجدته غلطة أممية بلحظة تاريخية كانت شديدة الصعوبة على أمتنا العربية .
ولكن عندما جاءت لحظة الاختبار الحقيقية لهذا الكيان في ملحمة السابع من أكتوبر ، اتضح ان هذا الكيان الذي جرى نفخه هو أضعف من بيت العنكبوت .
لذلك جاءت حرب الإبادة الأمريكية والأوربية الغربية ودعم كيانات عربية من خلف الكواليس لدعم هذا الكيان المصطنع بكل الأسلحة التي لم تصل حتى إلى حلف الناتو ، وبالقوى البشرية مما يسمى بالصهيونية المسيحية في أمريكا ودول الغرب الامبريالي .
وكانت حرب الإبادة بكل بطشها بقدر المرارة من ملحمة السابع من أكتوبر الكاشف والفاضح ، وللأسف وقف حكام العرب متفرجين وبعض أنظمتهم متآمرة ؛ الأمر الذي دعا وزير الخارجية الروسي بأن يصرح أن هناك دولا في الشرق الأوسط لا تريد للحرب على قطاع غزة أن تنتهي ؛ ولكن عميد الدبلوماسية الروسية لم يقل لنا أسماء تلك الدول التي يعرفها شعبنا العربي الشاطر في حل الكلمات المتقاطعة ، هذه الأنظمة المتآمرة على شعبها منذ أن زرعها الاستعمار وصنع لها تاريخ مزيف .
في هذه الظروف القاهرة والإحباط المتراكم تأتي عملية الفدائي الأردني البطل ماهر الجازي ، التي جاءت مع القدر لتؤكد لنا أنا فلسطين ليست وحدها، وأن جرح غزة هي جرحنا النازف ومأساتنا، ولكن برغم كل الآلام فالنصر والتحرير قريب وقادم باذن الله تعالى مهما بالغ الصهاينة بإجرامهم وتآمر الخونة ، وطال الظلام .
العملية الفدائية التي نفذها الشهيد ماهر الجازي ، هي الأصل والتعبير الصحيح عن 95% من الشعب الأردني الذي كان وسيبقى مع فلسطين عبر التاريخ ، وكيف لا والجغرافيا والتاريخ تؤكدان لنا وحدة المصير، وأن فلسطين والأردن أجزاء عزيزة من سوريا الكبرى .
الشهيد البطل ماهر الجازي ورث البطولة والشجاعة والإقدام كابرا عن كابر ، بداً من الشيخ الشهيد نايل بن حمد الجازي الذي ذهب متطوعا لحرب فلسطين من أجل الدفاع عنها، وقد استشهد على ثراها الطاهر مقبلا لا مدبر ، واستشهاده لقي ارتياحا من كل القادة الصهاينة ؛ نظرا لما كان يمثله من بطولة وإقدام وتحفيز المجاهدين على الشهادة إلى الشهيد البطل هارون الجازي ، وانتهاءً ببطل الكرامة الفريق الذهبي مشهور حديثه الجازي رحمهم الله جميعا .
اليوم تعاد ملحمة الكرامة من جديد ولكن من الأجداد إلى الأبناء والأحفاد ، والفدائي الشهيد ماهر الجازي بطل عملية الكرامة الأخيرة ابن هذه الدوحة الكريمة التي دافعت عن كرامة الأمة العربية في مقاومة المشروع الصهيوني الامبريالي في فلسطين التاريخية منذ النكبة العربية إلى اليوم .
وتأتي عملية الكرامة الجازية لتعيد لنا الكرامة والثقة بالنفس ، فقد جاءت ردا على حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وعموم فلسطين، ولتؤكد للعالم أجمع أن ماهر الجازي هو الضمير المعبر عن 95% من الشعب الأردني، وأن الأردن لن يكون إلا عربيا داعما لأشقائه بعد محاولات ظلامية كثيرة ومشبوهة لتغير البوصلة للشعب الأردني ، واذا بهذا الفارس من قبيلة الحويطات الشهيد البطل يؤكد ويكتب بدمه الطاهر، وليس عبر البطولات الوهمية على شبكات التواصل الاجتماعي أو النفاق الاجتماعي..
إن الأردن جزء من الأمة العربية، وأن فلسطين كانت وستبقى قضية كل الشرفاء في العالم ، وقضية العرب الأولى ، وقد اكد شهيدنا بدمه الطاهر براءة الأردن الشعب من جريمة وادي عربة وكل صفقات الظلام باسم السلام مع أعداء السلام .
سلام عليك يا ماهر الجازي، أيها البطل يوم ولدت ويوم انتفضت مقررا الشهادة ويوم تبعث حيا ، ولا عزاء للصامتين .