محادثات وقف إطلاق النار.. خداع وتسويق وهم للفلسطينيين

بقلم: د. كاظم ناصر

بعد مرور ما يقارب إحدى عشر شهرا على اندلاع حرب غزة، وارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني لم يشهد لها العالم مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية، وعقد العديد من جلسات التفاوض لوقف إطلاق النار وأنهاء الحرب، وبعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض” الفيتو ” عدة مرات في مجلس الأمن الدولي لإفشال مشاريع القرارات الأممية لوقفها، ومشاركتها دولة الاختلال عمليا في هذا العدوان البربري بتزويدها بالمال والسلاح والمعلومات الاستخبارية، وبنشر اساطيلها وحاملات طائراتها في المنطقة لحمايتها، وعلى الرغم من عشرات الزيارات التي قام بها مسؤولون أمريكيون من بينهم وزير الخارجية أنطوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد اوستن، ومدير ال سي آي أي، وقادة الجيش، لا تلوح في الأفق فرصة حقيقية لتحقيق صفقة لوقف إطلاق نار مستدام في غزة كما يروج لذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته، وكما يزعمون كذبا وخداعا بأنها قريبة التحقيق، وإن حماس هي التي تعرقل التوصل إلى اتفاق، وليس نتنياهو وحكومته.
لكن ذلك لا يبدو غريبا لعدة أسباب هامة أولها هو أن أمريكا ما زالت متمسكة بتحيزها الأعمى لدولة الاحتلال؛ فهي تنسق مع حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية اليمينية المتطرفة الرافضة لوقف إطلاق النار، وتتبنى شروطها، وتفاوض نيابة عنها، وتعمل على مساعدتها بتحقيق ” نصر واضح ” كما يقول نتنياهو، وذلك بتدمير غزة وإعادة احتلالها وإملاء شروطها على الفلسطينيين والعرب بوقف المقاومة في غزة والضفة ولبنان واليمن والعراق.
ثانيا: انشغال الرئيس جو بايدن ونائبته كمالا هاريس وإدارته بالانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الخامس من شهر نوفمبر القادم، وعدم رغبتهم بالضغط على دولة الاحتلال خوفا من ردود فعل اللوبي الصهيوني وتأثيرها على الناخبين الأمريكيين ونتائج الانتخابات.
ثالثا: مواقف الدول العربية والإسلامية الانهزامية المخزية المهينة للأمة وكرامتها، وردود فعلها الانهزامية، وعجزها وفشلها حتى في تقديم الغذاء لأهلنا الجوعى في غزة، واستجدائها المشين للإدارة الأمريكية وإسرائيل لوقف الحرب، وفقدانها لمصداقيتها عربيا ودوليا يشجع دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية على رفضهما لوقف مستدام للحرب، والاستمرار بجرائمهما ومخططاتهما لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على المقاومة.
رابعا: تمسك السلطة الفلسطينية بمهزلة ” أوسلو ” وفشلها في دعم أهلنا في غزة، وإنهاء الانقسام، وتوحيد الصف الفلسطيني، ومواجهة المستوطنين أدى إلى إضعافها ومحاصرتها، وإلى تغول الدولة الصهيونية والمستوطنين وسيطرتهم على معظم أراضي الضفة الغربية، وإفشال حل الدولتين الذي ما زالت السلطة تراهن على تحقيقه، وعزز موقف دولة الاحتلال الرافض لوقف إطلاق النار.
وأخيرا فإن هدف إسرائيل الأهم من حربها على غزة هو التصفية النهائية للقضية الفلسطينية من خلال القتل والدمار الشامل وإضعاف الحاضنة الشعبية الفلسطينية والعربية للمقاومة ومن ثم القضاء عليها، لأن الصهاينة ومن لف لفيفهم من أمريكيين وأوروبيون وعملاء وخونة عرب يدركون تماما أن دحر الاحتلال، ووقف توسع الدولة الصهيونية، وتهديد وجودها يكمن في نمو وتعزيز المقاومة الشعبية الفلسطينية والعربية وانتشارها ونشاطها على أكثر من جبهة، وإن محادثات التوصل إلى هدنة وفق الشروط الإسرائيلية ليست سوى بيع أوهام للفلسطينيين والعرب يتماشى مع النوايا والمخططات الصهيونية والأمريكية والعربية للقضاء على المقاومة، وحماية وتوسع دولة الاحتلال، والحفاظ على الأنظمة العربية العميلة، وعلى مصالح الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى