توسع الصين في انتاج السيارات الكهربائية يضرب أسواق الوقود التقليدي ويعجّل بنهاية عصر النفط

تشهد الصين تحولًا ملحوظًا نحو السيارات الكهربائية، لكن كيف يؤثر ذلك على الطلب على الوقود في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم؟

ومع تصاعد عدد السيارات الكهربائية على الطرق الصينية، يتراجع استهلاك الوقود التقليدي، مما يسبب نظريا تأثيرا سلبيا على الطلب على النفط في واحد من أكبر أسواق السيارات في العالم، فيما يمكن أن يكون للانتقال إلى السيارات الكهربائية تأثير طويل الأمد على أسواق النفط، مما يضع تحديات جديدة أمام الصناعة النفطية ويعيد تشكيل توازن العرض والطلب العالميين.

وفي هذا السياق، قال محللون في بنك غولدمان ساكس، إن الطلب على النفط في الصين تباطأ بشكل ملحوظ هذا العام وسط تحول البلاد إلى السيارات الكهربائية والغاز الطبيعي.

تقدر الشركة أن نمو الطلب على النفط في البلاد سينخفض ​​إلى 200 ألف برميل يوميا العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، مع انخفاض الاستهلاك الإجمالي بنحو 300 ألف برميل يوميا.

وقال المحللون إن التحول من السيارات التي تعمل بالغاز إلى السيارات الكهربائية والهجينة أدى وحده إلى خفض الطلب بنحو 500 ألف برميل يوميا.

وبحسب تقرير لـ “بيزنس انسايدر”، فقد شهد قطاع السيارات الكهربائية في الصين توسعًا سريعًا، حيث حققت ثلاث من أكبر شركات صناعة السيارات الكهربائية مبيعات قياسية في يونيو.

ووجد تقرير صدر الشهر الماضي أن شركات السيارات الكهربائية الصينية تلحق بشركة تسلا الرائدة في الصناعة – بل وتتفوق عليها – عندما يتعلق الأمر بالابتكار.

على سبيل المثال، سجلت شركة “بي.واي.دي” الصينية ارتفاعا بواقع 21 بالمئة في مبيعات السيارات الكهربائية في الربع الثاني من العام، مما أسهم في تقليص الفجوة مع تسلا بعد أن أعادت الشركة الصينية لقب أفضل شركة للسيارات الكهربائية في العالم لمنافستها الأميركية في الربع الأول.

تقييمات متفاوتة

في تصريحات صحفية، أكدت أستاذة الاقتصاد والطاقة في القاهرة، الدكتورة وفاء علي،” أن هناك تقييمات متفاوتة بين الطلب على النفط وصناعة السيارات الكهربائية في الجانب الصيني. ومع ذلك، فإن الصين تسير بوتيرة قوية نحو وجود 140 مليون سيارة كهربائية على الطريق بحلول عام 2040. هذا الرقم لا يقلل من الطلب الصيني على النفط، بل يعكس واقعًا آخر وهو قلة الاستثمارات في صناعة النفط، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار”.

وأضافت أن “التحول إلى الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية يحدث بوتيرة سريعة في الصين، لكنه يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل حتى يستقر الوضع. فالبيانات الصينية تشير إلى أن الحفاظ على مستوى الطلب الحالي، والذي يعتبر ضعيفًا نظرًا للأوضاع الاقتصادية العالمية.. يتطلب وجود 500 مليون سيارة على الطريق حتى يمكن القول إن هناك تأثيرًا حقيقيًا على سوق النفط من الجانب الصيني” .

وأشارت إلى أن “الانتقال إلى السيارات الكهربائية جاء على حساب سوق الغاز أكثر من سوق النفط.

من لندن، قال خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، إن “التحول من السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين والديزل إلى السيارات الكهربائية هو جزء فقط من أسباب تراجع نمو الطلب الصيني على النفط، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي في الإنتاج الصناعي والتصدير، ومعاناة قطاع العقارات، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة والصين من جهة أخرى، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية على السلع الصينية مثل السيارات الكهربائية”.

وأشار إسماعيل إلى أن “التقرير الذي نشرته بلومبيرغ في ديسمبر 2023 بعنوان السيارات الكهربائية تقود الصين نحو نهاية عصر النفط، يبرز هذا التحول، إلا أن الطلب على النفط لا يزال قويًا عالمياً ومن المتوقع أن يستمر هذا الأمر لسنوات طويلة (..). ومع ذلك، في الصين تحديدًا، تتوقع الشركة الحكومية PetroChina أن يرتفع استهلاك النفط في قطاعات أخرى مثل صناعة البيتروكيماويات”.

كما أشار إسماعيل إلى تقرير صادر عن غولدمان ساكس أشار إلى أن نمو الطلب الصيني على النفط تباطأ هذا العام نتيجة التحول من النفط إلى الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي، حيث انخفض نمو الطلب لحوالي 200 ألف برميل يوميًا، مع تراجع الاستهلاك .. وإجمالًا، أدى الانتقال إلى وسائل نقل تعمل بالبطاريات الكهربائية إلى تقليص الطلب على النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً”.

واختتم إسماعيل تصريحاته بالإشارة إلى أن تحول الصين التدريجي عن الوقود الأحفوري في صناعة السيارات قد حجز لها موقعا رياديا في نادي منتجي المركبات عالمياً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى