من إسماعيل هنيه الى يحيى السنوار.. راية المقاومة لن تسقط
بقلم: عبد الهادي الراجح
استشهاد القائد العربي الفلسطيني الكبير إسماعيل هنيه سيترك فراغا سياسيا كبيرا لا شك في ذلك ، ولكن ليس فراغا في فعاليات المقاومة والميدان ومقارعة العدو الصهيوني المجرم ، وقد كان ذلك واضحا في سرعة انتخاب القائد يحيى السنوار ، وهو ما شكّل رسالة كان قادة العدو أول من فهم مضمونها ؛ نظراً لمعاناتهم الصعبة في الميدان، رغم الدعم الهائل الذي تقدمه لهم كل قوى الشر وعلى رأسها الولايات المتحدة الصهيونية .
بعد اغتيال الشهيد “أبو العبد” ، أخذ الإعلام الصهيوني في كل العالم وتابعه الاعلام الناطق بالعربية ينشر الأكاذيب، ويزعم ان هناك انقلاباً داخل حماس ذاتها ضد خط المقاومة ، وما هي إلا ساعات حتى كان الإجماع الحمساوي التاريخي يتجلى في انتخب القائد يحيى السنوار بالإجماع كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس خلفا للشهيد إسماعيل هنيه رحمه الله .
ومعنى ذلك أن الحركة التي راهن العدو واتباعه على تفككها وضعفها تزداد قوة ومناعة ، وإنها اختارت التشدد من خلال السنوار في مواجهة العدو الصهيوني عسكريا وسياسيا ، بعد أن كان الشهيد “أبو العبد” رحمه الله برغماتيا ومحاورا بارعا في مقارعة الأصدقاء والخصوم ، وسياسيا فذا أنتخب لأول مرة في التاريخ الحديث رئيسا لوزراء فلسطين، حيث كان يقف على مسافة واحدة من كل الفصائل الفلسطينية ، وكان في حياته جامعا لوحدة الصف الوطني الفلسطيني ووحدة الكلمة وموضع ثقة الجميع بما في ذلك المختلفين معه سياسيا وليس على هدف التحرير لأرض فلسطين من البحر للنهر .
الكيان الصهيوني الغبي الذي تقوده عصابة من القتلة أراد باغتيال الشهيد إسماعيل هنيه تقديم شيء لجمهوره المجرم السادي المتعطش للدماء على أساس انه انجاز ، يا للغباء السياسي ويا للإجرام في نفس الوقت، فالشهيد إسماعيل هنية الذي سبق وأن قدم شقيقه وشقيقته وثلاثة من أبنائه وعددا من أحفاده شهداء ، قال في ذلك : أنه هو وأبناؤه وأهله جزء من الشعب الفلسطيني والغزاوي تحديدا ، فهو ليس قائدا بالميدان هو زعيم سياسي وحتى محاور غير مباشر مع الصهاينة القتلة، لأجل وقف حمامات الدم في غزه والإبادة الممنهجة، وبالتالي فان تحركاته السياسية لم تكن سرا ؛ لكي يرقص قطعان العدو الصهيوني المجرم فرحا باغتياله.
فقد كان يسافر لجمهورية إيران الإسلامية وكذلك لمصر ؛ لأجل التفاوض غير المباشر، وكان يقيم في دولة قطر وعنوانه واضح ، ولكن هذا النتن ياهو وهذه عصابته الصهيونية التي تسعى من وراء اغتيال الشهيد البطل “أبو العبد” لاشعال حرب إقليمية مع جمهورية إيران الإسلامية ومحور المقاومة ، بعد قيام الكيان الصهيوني كذلك باستهداف الجنوب اللبناني واستشهاد عدد من المدنيين الأبرياء، وكذلك اغتيال القائدين الشهيدين ( فؤاد شكر من قيادة حزب الله وسامر الحاج من قيادات حماس في لبنان).
وكل ذلك الإجرام والعربدة الصهيونية بهدف جر الولايات المتحدة لحرب مع إيران كما حدث مع العراق ، وللأسف الشديد الولايات المتحدة بدلا من اتخاذ موقف قوي رادع للكيان الصهيوني ، وجدنا هذه الأمريكا ترسل البوارج والسفن الحربية وتقيم الجسور الجوية لدعم الكيان الصهيوني بكل ما يريد.. وأعلن وزير الدفاع الأمريكي أن إسرائيل لن تكون وحدها، كما قال حرفيا .
وقد تطوع عدد من الأنظمة الناطقة بالعربية بحماية الكيان الصهيوني تحت مزاعم أن أجوائها لن تكون ممرا لأحد ، والقصد حماية الكيان الصهيوني من أي رد فعل إيراني قادم ، ولكن هذه الأجواء ذاتها سمحت للعدو الصهيوني باختراقها للعدوان على اليمن الشقيق .
ان هذا العدو المجرم باغتياله للشهيد إسماعيل هنيه قد فتح على نفسه أبواب جهنم، وأمريكا لن تستطيع البقاء طويلا في المنطقة ، وهناك تحديات أخرى تواجهها في مناطق كثيرة في العالم.. وحركات المقاومة وبالأخص الجهادية كحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله وأنصار الله في اليمن والمقاومة العراقية وغيرها ليست جيوشاً نظامية لكي تتأثر باستشهاد هذا القائد أو ذاك ، وكل مقاتل لدى هذه الحركات هو قائد في نفس الوقت ومشروع شهيد .
واليوم بعد استشهاد “أبو العبد” يتولى الحركة أحد صقورها وفرسانها الأشداء ، الذي أذاق العدو الويل ، وهذا وزير دفاع نتنياهو يقول بصراحة : أن القضاء على حماس ضرب من الخيال ، ويؤيده بذلك معظم قادة الصهاينة العسكريين ، حتى أن أحدهم وصف هذه الحرب بحرب نتنياهو الشخصية.
لذلك فان اغتيال القائد الشهيد إسماعيل هنيه لن يؤثر على حركة حماس التي استشهد كبار قادتها بما في ذلك أبرز المؤسسين لها ، ولم تزدها الضربات إلا المزيد من القوة والإصرار على النصر والتحرير الكامل لفلسطين من البحر للنهر .
رحم الله القائد إسماعيل هنيه وكل شهداء فلسطين والأمة العربية ، والنصر بإذن الله تعالى سيكون حتميا وأكيدا لأن هناك فرق كبير بين من يقاتل دفاعا عن وطنه وشعبه، وبين مرتزقة جيء بهم من كل مزابل العالم ، ولن يجدوا في أرض الميعاد المزعومة إلا الموت الزؤام .
ولا نامت أعين الجبناء .