انتخاب السنوار بالإجماع ضربة معلم وقرار استراتيجي على أعلى مستوى

بقلم: مجدى أحمد حسين*

كان قرار قيادة حماس ومجلس الشورى بها مفاجئا للجميع ، للأعداء والأصدقاء على حد سواء . فقد ضربوا بهذا الانتخاب الاجماعى عدة عصافير مهمة بحجر واحد ، ولا أدرى لماذا يستخدم البعض تعبير ” اختيار ” لقد كان انتخابا حرا مباشرا من مجلس الشورى وكان القرار بالتصويت وكان القرار بالإجماع ؟ وهذا درس لعدم الخوف من الشورى ويمكن أن نسميها ديموقراطية المؤمنين . أى الأخذ بالتصويت ورأى الأغلبية . لا تخافوا من الشورى وتبادل الرأى ثم اتخاذ القرار ، فمثل هذه القرارات تكون على الأغلب صائبة ، ولكن أحيانا تكون رائعة وتفوق الخيال .

منذ عاصفة أو طوفان الأقصى سعى العدو الاسرائيلى الأمريكى إلى شيطنة حماس ، حتى يتسنى له استباحة غزة ، ثم رأى أن يجسد شيطنة حماس فى شخص السينوار . حتى رددوا كثيرا حتى الملل إنهم يسعون لإغتياله ، وإن ذلك قد يكون نهاية الحرب على غزة بمعنى ركوعها أمام المعتدين . وفى أحد الأيام أعلنوا رسميا عن العثور على الفردة الشمال أو اليمين من حذاء السنوار ، لإثبات أنهم على مقربة منه ، واقتحموا بيته الذى لايمكن أن يكون فيه وأخذوا صورا مع عفشه المتواضع .

كنت أقل الناس كتابة عن السنوار طوال الشهور العشرة الماضية لأننى لا أريد أن ألخص الصراع فى هذه البطولة الشخصية رغم انها حقيقية ، لأننى كنت أخشى من أن وقوع استشهاده لا قدر الله أن يحبط المعنويات ، ولذلك كنت أرى التركيز على البطولة الجماعية لشعب فلسطين ولكل المقاومة الفلسطينية والعربية والاسلامية . ولكن لا يمكن أن أخفى الآن تقديرى لبطولته الفذة وتفرده كرمز لهذا الشعب البطل ومقاومته الباسلة . وكان هو صمام الأمان فى عمليات التفاوض ، ليس لصلابته فحسب و لكن أيضا لأنه هو القائد الميدانى الذى يقدر قدرات المقاومة والشعب على الصمود رغم الحصار ، وقد برهنت 10 شهور على أنه يقدر الأمور بشكل صحيح واستراتيجى .

كانت كل التوقعات حول اختيار رئيس جديد للحركة تنحصر فى أسماء من خارج غزة ، حتى جاءت المفاجأة فكنت قنبلة على رأس العدو والمتخاذلين أو رصاصة فى قلب المعتدين . وهذا القرار ينم على أهمية القرار السياسى لحركة المقاومة فحركة المقاومة ليست مجرد حركة عسكرية ، إن مقاومة مسلحة بدون عقل مفكر لا يمكن أن تعرف طريق النصر . فهذا القرار الصائب بانتخاب السنوار المطلوب رقم واحد عند الحلف الصهيونى الأمريكى الغربى يفوق فى أهميته مائة قرار عسكرى جزئى .

كان الاعلام المعادى والمتخاذل يختصر صمود غزة فى صمود شخص السنوار ، وقالوا انه سبب كل هذه الأزمة وأنه قد يتسبب فى حرب اقليمية وربما عالمية !! وكتبت روايات عديدة انتقلت حتى لبعض الاعلام الصديق عن الخلاف بين القيادة السياسية فى الخارج وبين السينوار طوال مراحل التفاوض .

ولما عجز العدو عن اغتياله اغتال العارورى أولا ويعتبر المسئول العسكرى لحماس الأول فى الخارج و المسئول عن الضفة الغربية ثم بعد شهور طويلة يتهور ويغتال المجاهد اسماعيل هنية فى طهران بعد أن عجز عن اغتيال السينوار وهو على مرمى حجر من جنوده البؤساء . وتحت نيران الطائرات وتلصصها على مدار الساعة .

ماذا يعنى انتخاب السينوار بالإجماع من مؤسسات حماس ؟

يعنى أن حركة المقاومة الاسلامية حماس متلاحمة ومتماسكة موحدة بصورة صلبة حول خيار الكفاح المسلح حتى تحرير فلسطين ، ولتدفن إلى الأبد اقتراحات السماجة من الأعداء والمتخاذلين عن نزع سلاح حماس ، ولعلهم توقفوا منذ زمن عن الاقتراح الأبله بأن يسلم السينوار نفسه ويخرج من غزة سالما .

أنهت حماس الروايات والأفكار المتداولة عن خلاف أو انقسام بين الداخل والخارج أو بين الجناح السياسى والعسكرى ، بل أصبح الجميع جناحا عسكريا ، ولماذا لا يفعلون ذلك وقد تم اغتيال رئيس الجهاز السياسى والمشرف على المفاوضات اسماعيل هنية .

انتخاب السنوار يعنى أن قرار حماس موحد ، وأن طريق الكفاح المسلح لتحرير فلسطين لابديل عنه .

انتخاب السينوار يعنى ان القتال مستمر بدون هوادة حتى طرد العدو الاسرائيلى من غزة على الأقل كمرحلة أولى . ولقد كان ملفتا للنظر بعد 10 شهور أن تضرب المقاومة من غزة كل مستوطنات الغلاف وأسدود وعسقلان عدة مرات ضربات صاروخية موجعة . بالاضافة لعمليات برية فى رفح أكثر براعة ودقة وإحكاما .

انتخاب السينوار رسالة واضحة لمحور المقاومة لكى يواصل ضرباته ويوسع من دائرة النار على العدو المجرم . وقد حدث توسيع للضربات المؤثرة من لبنان ، وضربت المقاومة العراقية ضربات مؤثرة على قاعدة عين الأسد أدت لمقتل وإصابة العديد من الجنود الأمريكيين منهم القائد الميدانى للمخابرات العسكرية الأمريكية فى كل الشرق الأوسط الذى أصيب إصابة خطرة .

أرجو أن تسجلوا عندكم أن محور المقاومة على لسان قادة ايران وحزب الله قالوا علنا وسرا : لن نسمح بهزيمة المقاومة فى غزة . أنا شخصيا واثق من صدقهم ومن هذا الوعد .. وأدعو المتشكك أن يسجل هذا الالتزام عنده فى أى ورقة .

إن تسليم محور المقاومة لقيادة حماس صلاحية إدارة المفاوضات غير المباشرة مع العدو وربط وقفهم لإطلاق النار بقرار المقاومة الفلسطينية ألا يدعو المتشككين من المخلصين للثقة فى قيادة هذا المحور . من يفعل ذلك فى العلاقات الدولية إلا بين الأخوة الأشقاء ؟

ونحن جميعا فى انتظار الرد الكبير من ايران ومن كل محور المقاومة على جرائم الاغتيال الأخيرة وضرب ميناء الحديدة ، وعدم التعجل فى الضربة له حكمة كبيرة ومفهومة ، فانتظار الضربة وحالة الشلل والذعر والهلع التى يعيشها الكيان الصهيونى منذ أسبوع جزء لا يتجزأ من العقاب .

المهم أننا بعدها سنواصل بإذن الله معركة تحرير فلسطين أو يطلب العدو الصهيونى الأمريكى وقفا مهينا لإطلاق النار أى بشروط المقاومة .

والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

*باحث إسلامي وكاتب مصري

Magdyhussein.id

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى