كمالا هاريس والقضية الفلسطينية
بقلم: د. كاظم ناصر
من المتوقع ان يوافق ممثلي الحزب الديموقراطي الأمريكي في اجتماعهم المقرر انعقاده في الأول من أغسطس، أي بعد بضعة أيام، على اختيار كمالا هاريس رسميا كمرشحة للحزب لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى في الخامس من نوفمبر القادم.
تنحدر هاريس من أصول هندية وكاريبية؛ فوالدتها من تاميل نادو الهندية، ووالدها من جزيرة جمايكا الكاريبية؛ وبعد انفصال والديها نشأت بشكل أساسي في كنف والدتها الهندوسية شيامالا غوبالان، وكانت على ارتباط وثيق بتراثها الهندي ورافقت والدتها لزيارة الهند عدة مرات، وعاشت خلال سنواتها الأولى فترة قصيرة في كندا، عندما عملت والدتها في التدريس في جامعة ماكجيل العريقة في مدينة مونتريال بكوبيك، وحصلت على شهادة في القانون من جامعة كاليفورنيا، وكانت في السابق العضو الأصغر في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، وقبل انتخابها لمجلس الشيوخ شغلت منصب المدعي العام لنفس الولاية، أي إن هاريس التي تنتمي للأقلية السوداء الأمريكية مثقفة، متحدثة مفوهة لبقة جريئة، تفهم إلى حد جيد العالم وتعقيداته وثقافاته، وتمتلك الخبرة السياسية التي ستساعدها في حملتها الانتخابية الرئاسية، وقد تمكنها من هزيمة مرشح الحزب الجمهوري الكذوب العنصري المتصهين دونالد ترامب.
لكن ما يهم الشعب الفلسطيني والأمة العربية عامة هو السياسة التي ستتبعها إدارة هاريس في تعاملها مع القضية الفلسطينية والدول العربية عامة في حالة نجاحها ووصولها إلى البيت الأبيض؛ هناك العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع من ضمنها: هل ستغير هاريس دعم الولايات المتحدة اللامحدود لإسرائيل؟ وكيف ستتعامل مع حرب عزة إذا استمرت بعد تسلمها الرئاسة؟ وهل ستضغط على إسرائيل لقبول حل الدولتين؟
التحالف الأمريكي الإسرائيلي لن يتغير إذا تمكنت هاريس من هزيمة ترامب والوصول إلى البيت الأبيض؛ ولهذا فإنه من المتوقع أن تحافظ إدارة هاريس على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أمن إسرائيل أسوة بمن سبقها من رؤساء أمريكيين لأسباب من أهمها أن علاقات البلدين ترتكز على التوافق الاستراتيجي والمصلحي، والتعاون العسكري والاقتصادي والثقافي المتشابك العميق؛ وعلى الدور الهام الذي يلعبه اللوبي الصهيوني في الهيمنة على الكونغرس، وعلى صناعة القرار السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية والعالم العربي، والاقتصاد، ووسائل الاعلام الأمريكية.
أما فيما يتعلق بحرب عزة فقد انتقدت هاريس الممارسات الإسرائيلية بقولها” ما حدث في غزة على مدى الأشهر التسعة الماضية مدمر، صور الأطفال القتلى والأشخاص البائسين والجوعى الذين يفرون بحثا عن الأمان، وأحيانا ينزحون للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذه المآسي ولن أصمت.” وبحسب ما ذكره بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية كانت هاريس خلف الأضواء قوة دافعة باتجاه وقف إطلاق النار وزيادة الضغط على إسرائيل كي تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
لكن من المستبعد أن تتبنى كمالا هاريس، في حالة فوزها بالانتخابات الرئاسية، سياسة مغايرة للسياسة المؤيدة المتحيزة لإسرائيل التي انتهجتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأن تنهج نهجا سياسيا منصفا للفلسطينيين والعالم العربي في ظل خذلان الأنظمة والشعوب العربية المنهزمة المستسلمة، التي لا تحرك ساكنا ضد الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية وقواعدها وعملائها في المنطقة.
الولايات المتحدة وإسرائيل لا تفهمان إلا لغة القوة؛ ولهذا فإنه من المتوقع ان تحافظ هاريس في حالة فوزها في الانتخابات الرئاسية على التزام أمريكا بحماية دولة الاحتلال، ودعمها لسياساتها وممارساتها وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وحمايتها للأنظمة العربية العميلة والمطبعة، ومعاداتها للمقاومة الفلسطينية والعربية، وأن تصريحات هاريس الداعية لوقف اطلاق النار في غزة وتخفيف معاناة الفلسطينيين مرتبطة بحملتها الانتخابية، وان الهدف الحقيقي منها هو الحصول على دعم العرب والمسلمين الأمريكيين وكسب أصواتهم في الانتخابات الرئاسية القادمة.