أَيُّ شرقٍ أوسطيٍّ جديدٍ يَعُودْ ؟؟
بقلم: توفيق المديني
بعد أنْ سادَ اعتقادٌ أنَّ الولايات المتحدة تراجعتْ سياستها الخارجية في إقليم الشرق الأوسط، عقب خوْضِها الحربين في كل من أفغانستان و العراق، واللتين انتهيتَا بهزيمةٍ باهظة لأمريكا، حيث تكبدتْ خلال عقدين من جهود التهدئة الفاشلة ونشر 775000 جندياً أمريكياً في أفغانستان، وحدها 2442 قتيلاً ونحو 20000 جريحاً. كما استنتج الجيش الأمريكي في دراسة له، أن َّأداءه العام في حرب العراق كان كئيباً، إذ قُتِل ما يقارب من 4500 جندياً أمريكياً وجُرِح 32000 آخرون. أما تقديرات خسائر الحرب للولايات المتحدة في هاتين الحربين، فقد أشار إليها الرئيس السابق ترامب في 2018، نحو 7تريليون دولار.وبعد أن دفعت أمريكا كلفة مذهلة في الدم والأموال، خلص المحللون و الخبراء الأمريكيون والصهاينة إلى أنَّ “إيران الآن أكثر جرأة وتوسعية” في إقليم الشرق الأوسط.
صعود الصين وانكفاء أمريكا في الشرق الأوسط
في ظل صعود الصين القوي، وطرحها إلى جانب حليفتها روسيا تشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب في آفاق العام 2030، ووضع حدٍّ للنظام العالمي الليبرالي الأمريكي المتوحش القائم منذ العام 1945، الذي يركز على التطلعات الغربية إلى حقوق الإنسان والالتزام بأحكام المحاكم الدولية ونظامها العالمي الغربي، أعطت الصين الأولوية للسيادة الوطنية على المبادئ والمعايير العالمية التي يريد الغرب فرضها بوصفها معايير ومبادئ كونية. وبدلاً من انتشار مئات القواعد العسكرية في الخارج والقوات في جميع أنحاء العالم، تركّز الصين قواتها في غرب المحيط الهادئ والمحيط الهندي.
كما أنَّ الصين طرحت في عام 2013مبادرة الحزام والطريق التي تريد أن تجعل منها مشروع قرن الصين الذي ينتهي سنة 2050،وكتحدٍّ لقوة الولايات المتحدة ونظامها العالمي الليبرالي، وفي ظل دعوتها لتشكيل نظامٍ عالميٍّ أكثر مرونة من سابقتها الأمريكية، حيث الهيمنة الأكثر انتشاراً، ستكون لكلّ دولة على منطقتها المباشرة. فمثلاً، “ستهيمن البرازيل على أمريكا الجنوبية وواشنطن على أمريكا الشمالية وبكين على شرق آسيا وجنوب شرقها، وموسكو على أوروبا الشرقية ونيودلهي على جنوب آسيا وطهران على آسيا الوسطى وبريتوريا على جنوب قارة إفريقيا وأنقرة والقاهرة على الشرق الأوسط”، في مثل هذا الطرح أصبحت الولايات المتحدة تركز على مواجهة الصعود الصيني في منطقة آسيا و المحيط الهادىء، الذي أضحى يمثّل الخطر الاستراتيجي الأكبر الذي يهدّد المصالح الأمريكية ممّا يحتّم التصدّي له واعتباره أهمّ من الخطر الروسي رغم أنَّ روسيا تحارب فعليا الناتو في أوكرانيا.
ورغم تحالف الغرب مع الأنظمة التسلطية في العالم العربي جاء ليحمي نفسه من الشعوب العربية المقهورة،فإِنَّ انكفاء الولايات المتحدة في المرحلة الأخيرة بعد انسحابها من العراق و أفغانستان ،خلق فراغًا، رغم أنَّ الصين لم تُفَكِرْ في تغييرِ خارطةِ الشرق الأوسط ، ولم تكنْ مهتمةً بمصير الشعب الفلسطيني، باستثناء مواقفها التقليدية المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة طبقًا لقرارت الشرعية الدولية .ففي ظل إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بدَتْ الولايات المتحدة غائبةً أو عاجزةً في ما يخص كل ملفات الساعة الكبرى، وبينتْ أنَّها عاجزةٌ حتى عن الإشارة إلى إجاباتٍ حول السؤالين المفصليين المطروحين حول موقع الكيان الصهيوني في المنطقة (بمعزل انغلاقه كقلعة محصنة) وعن موقع إيران (بمعزل عن نبذها كشيطان رجيم)،
بعد أن أصبحت الإستراتيجية الأمريكية تركز منذ إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على محاصرة الصين وعرقلة تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي واستفزازها في ملف تايوان.
عملية طوفان الأقصى وعودة استراتيجية الردع الأمريكية
وكانت المفاجأة في إقليم الشرق الأوسط، أن تبادر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية بقيادة حماس بتوجيه ضربةٍ استباقيةٍ(عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر 2023)ضد الكيان الصهيوني ، وما أظهرته مجريات حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في غزَّة، من قوة فصائل المقاومة وقدرتها على الصمود والثبات وهي تحارب أمريكا والكيان الصهيوني والدول السبع الأوروبية ومن يعاضدها من الأنظمة العربية المتحالفة مع الإمبريالية الأمريكية والصهيونية.
لم تتردَّدْ الإمبريالية الأمريكية بزعامة الرئيس بايدن أمام هذا الحدث التاريخي الذي خلقته عملية طوفان الأقصى من إرسال حاملة الطائرات دوايت آيزنهاور، في أكبر عمليات بحرية كثافة منذ الحرب العالمية الثانية،وإعادة انتشارها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، دفاعًا عن المشروع الإمبريالي الأمريكي والغربي، والمشروع الصهيوني الذي تعرض لزلزالٍ تاريخيٍّ مدمرٍ، لا سيما أنَّ الكيان الصهيوني الذي تم زرعه في قلب الأمة العربية (فلسطين) يشكل ركيزة أساسية للنظام العالمي الأمريكي الجديد الذي تشكل منذ العام 1945،حيث عملت كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة في واشنطن على ضمان تفوق الكيان الصهيوني على كل الدول العربية والإسلامية مجتمعة وفرادى،وإبقاء الأنظمة العربية المستبدة في حالة من التبعية العمياء،والخضوع للهيمنة الأمريكية.
الولايات المتحدة هي التي تخوض حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزَّة بالعتاد العسكري الأمريكي المتفوق تكنولوجيا ،من الطيران الحربي، إلى القنابل المحرمة دوليا ، الكيان الصهيوني هو عبارة عن ثكنةٍ عسكريةٍ استراتيجيةٍ متقدمةٍ في إقليم الشرق الأوسط، أصبح يعاني من أزمةٍ وجوديةٍ،بعد عملية طوفان الأقصى التي أسقطت أيضًا منظومة حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات التي يتشدق بها الغربيون،بوصفها منظومة كونية، واستعاروا عنها بخوض الحربِ الفاشيةِ الصهيونيةِ والإبادةِ الجماعيةِ في غزَّة.
الولايات المتحدة استعرضتْ عضلاتها العسكرية في إقليم الشرق الأوسط من خلال استخدام الردع والهجوم العسكري لإدارة الحرب و المشاركة في تصفية حماس، ومواجهة فصائل محور المقاومة، لا سيما بعد أن بدأ حزب الله بإطلاق النار في 8 تشرين الأول/ أكتوبر2023، واستخدام الحوثيين مسيرات بحرية وتطويرهم تقنيات قتالية جديدة، فقد راجعت البحرية الأمريكية خططها وبدأت باستخدام الأسلحة الإلكترونية واعتراض أسراب المسيرات الحوثية.
وبعد العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق، وردِّ إيران بمئات من الصواريخ التي تم اعتراض معظمها، باتت الولايات المتحدة متخوفةً على الفور من مخاطر اندلاع حربٍ إقليميةٍ واسعةٍ. فقد جمعتْ استراتيجية الولايات المتحدة في إقليم الشرق الأوسط ما بين القوة العسكرية والدبلوماسية والتي اشتملتْ على رسائل لم تتوقف إلى قادة الكيان الصهيوني وقنوات سرِّية مع إيران، مع اقتراب “إسرائيل” وإيران من حربٍ مفتوحةٍ في الربيع الماضي.
أسهمتْ عملية طوفان الأقصى في خلق أزمةٍ وجوديةٍ للكيان الصهيوني، وأدخلت اضطرابًا حادًا وخلخلةً عظيمةً على النظام العالمي الليبرالي الأمريكي المتوحش، وعرَّت النفاق الأمريكي، ووضعتْ كل الغرب أمام تناقضاته: فإذا كانت حرب الإبادة الجماعية الأمريكية-الصهيونية على غزة المستمرة منذ عشرة أشهر، قد أعادتْ القضية الفلسطينية إلى صدارة اهتمام العالم، فإِنَّ المقاضاة الدولية على الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني والاتهامات الموجهة له ووصلت حدَّ وصمه بالإبادة الجماعية، وإصدار مذكرات توقيف دولية بحق قياداته على خلفية تلك الجرائم، أظهرت واشنطن وباريس ولندن وبرلين غيرهم،بأنَّهم معادون للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني لشعب فلسطيني تجاهله العالم لعقودٍ طويلةٍ.
فمنذ زمن بعيد والشرق الأوسط مسرح لاستراتيجيات غربية استعمارية وإمبريالية أوروبية وأمريكية تقليدية إلى أقصى حدٍّ، هدفتْ قبل كل شيء إلى الحفاظ على طرق الوصول إلى مصادر الطاقة، وعلى أمن الكيان الصهيوني وعلى الوقوف في وجه حركات المقاومة المناهضة للسياسة الأمريكية والصهيونية، عبر إقامة التحالفات ونشر القوات وفرض العقوبات على الدول الوطنية، وعبر الإحياء المتكرَّر من وقت إلى آخر لجهود هي في الإجمال متذبذبة لاستكمال عملية سلام تستعمل وسيلة لضبط إيقاع آلة تبدو ظاهرياً شغالة، ولطالما وجدت هذه الأنظمة العربية المستبدة الباحثة عن تعزيز التحالف مع الكيان الصهيوني في هذا السياق ما تعزز به مواقعها السلطوية، سواء عبر الاصطفاف وراء الولايات المتحدة أم بمعارضتها، وفي كلا الوضعين يؤمن واحدهما للآخر مكاسب استراتيجية تسمح للسلطات بأن تضرب صفحاً عن أي تسوية وفكرة للحكم الصالح، وإطلاق مجال الحريات في بلدانهأ.
هكذا انتظم إقليم الشرق الأوسط حول مجموعة من الاعتبارات الاستراتيجية لكنَّ تراجع النفوذ الأمريكي في السنوات الأخيرة قد ولَّدَ فراغاً كبيراً لم يعرف بعد من وما الذي يمكن أن يملأه، وبمقدار ما كانت السياسات الغربية تخسر من قوتها كمبدأ ناظم في المنطقة، فإنَّ هذه المنطقة قد اضطرتْ إلى القيام بالمزيد لنفسها ومن أجل مصلحتها، وعليه أمكننا أن نشهد مختلف أنواع المبادرات الدبلوماسية التي تركت الولايات المتحدة على الهامش، مثل الوساطة الصينية التي تُوِّجَتْ بمصالحةٍ إقليميةٍ بين إيران والمملكة السعودية في آذار/مارس2023، والجهود الروسية – العراقية المشتركة ،من أجل تحقيق التقارب بين سوريا وتركيا، وعودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها السابقة قبل 2011.
تداعيات عشرة أشهر من الحرب والأزمة الوجودية لـ “إسرائيل”
من أخطر تداعيات الحرب على غزَّة بعد مرور عشرة أشهر من القتال بين جيش الاحتلال الصهيوني وحركة المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، ما يتحدث عنه الكتاب والجامعيون وبعض المسؤولين السياسيين والعسكريين الصهاينة عن الاستثناء في هذا الحرب، التي لا تشبه الحروب السابقة العربية-الإسرائيلية، لأنَّ ما يواجهه جيش الاحتلال الصهيوني في هذه الحرب، ليس جيوشًا نظامية،بل حركات مقاومة غير حكومية، لكنَّهم أكثر عددًا وتنسيقًا وأفضل تجهيزًا، وهو مزيج يخلق تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا للعدو الصهيوني.
من وجهة نظر صهيونية، تجسد عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر الماضي، سابقة تاريخية، هو اليوم الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية، صاحبها اجتياح غير مسبوق للمدن والتجمعات السكنية للمستوطنين الصهانية، وعمليات اختطاف، وإخلاء واسع للمستوطنات في الجنوب والشمال.فالحروب التي شهدها الكيان الصهيوني منذ العام 1948 ولغاية 1973، كانت حروبًا مع جيوش عربية نظامية محصورة في الغالب على حدودها المباشرة، ولم يتم نشرها في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله، لكنَّ في هذه الحرب ،يخوض جيش الاحتلال الصهيوني هذه المرَّة المواجهة العسكرية مع فصائل محور المقاومة في غزة،ولبنان واليمن والعراق، وتضمنت المواجهة المباشرة الأولى مع إيران، التي تدعم عسكريا وتكنولوجيا وماليًا هذه الفصائل .
يقول مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت، وترجمته “عربي21، يوم 9يوليو 2024:” أنَّ “هذه الأسس موجودة في المعركة الحالية في غزة، لكن قوتها هذه المرة غير مسبوقة، تضاف إليها الابتكارات التي تشكل مجتمعة تهديداً استراتيجياً، فمقاتلو حماس لا يركزون فقط على حرب العصابات أو إطلاق الصواريخ، بل مجهزون بقدرات الجيوش التقليدية، كما تجسد في هجوم السابع من أكتوبر، وخطط حزب الله لغزو الجليل، ولم يعد المبدأ التوجيهي هو النصر من خلال عدم الخسارة، بل إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية والمدنية الاستراتيجية في الاحتلال، وتحييد دفاعها واستخباراتها، باستخدام الأسلحة الدقيقة، والتنسيق العميق بين أعضاء معسكر المقاومة، والضغوط الدولية غير المسبوقة على الاحتلال، التي تدفعه تدريجياً لموقف المصاب بـ”الجذام”.
وأكد مايكل ميلشتاين أنَّ “كل هذه التغييرات تعكس التحولات التي حدثت في تنظيمات المقاومة التي أصبحت ذات سيادة بحكم الأمر الواقع مثل حماس، أو شبه دول مثل حزب الله، دون التخلّي قط عن رؤيتها الأيديولوجية، فهم يتمتعون بالقوة العسكرية التي تتمتع بها الدولة، ويهيمنون على الأراضي، ويهندسون وعي جمهورهم، ويندمجون في أنشطتهم، بجانب تغيرات العالمية تتمثل بصعوبات تواجهها الولايات المتحدة في أداء دور “شرطي العالم”، وضعف العالم العربي، حتى يتحول الصراع الحالي تدريجياً إلى حرب استنزاف على جبهتين، بقوة خلافات داخلية داخل الاحتلال، وتوتره مع واشنطن في الخلفية”.
الكل في “إسرائيل” يتحدث الآن عن أزمة وجودية للكيان الصهيوني الذي تشكل منذ عام 1948،ولكنَّ من دون إسقاط رغباتنا (نحن العرب و المسلمون)على الواقع،فقد يكون المشروع الصهيوني يمر بسلسلة أزمات، لكنَّ الكيان الصهيوني بيمينه الفاشي ويساره الصهيوني،لا يزال موحدًا ضد الشعب الفلسطيني، ولاتزال حرب الإبادة الجماعية على غزَّة تُحظَى بدعمٍ أمريكيٍّ هائلٍ عسكريًا وماليًا.ولا تزال الحركة الصهيونية العالمية توفر المال والدعم السياسي ل”إسرائيل”.
إنَّ فكرة انهيار الكيان الصهيوني من الداخل ، وعقدة العقد الثامن لا تزالان تسيطران على العقل والوعي الجمعي الصهيوني، ولم تَغِبْ عن الكثيرين منهم طيلة السنوات والعقود الماضية، حسب رأي بعض الباحثين الفلسطينيين،الذين يؤكدون جميعًا أنَّ “إسرائيل” لا تواجه خطرًا وجوديًا، والفلسطينيون ليسوا موحدين ولا هم أقوياء كفاية، ولا يلقون دعمًا عربيًا أو دوليًا، والأولى بدل نقاش مثل هذه الأفكار المتعلقة بانهيار “إسرائيل” أن نناقش كيف نوقف الانهيار العربي، وكيف نُعِيدَ بناء الحركة الوطنية الفلسطينية.
إنَّ الخطاب الإعلامي و السياسي الذي يتحدث عن فكرة انهيار”إسرائيل” من الداخل، هو خطاب تتحكم فيه الأجواء الانتخابية والصراعات الحزبية داخل الكيان الصهيوني، وكذلك الخلافات العميقة التي عصفت بالمسؤولين السياسيين الصهاينة بعد تشكيل الحكومة الصهيونية الفاشية بزعامة بنيامين نتنياهو الحالية، قبل سنة ونصف تقريبًا.
ومن المعروف أنَّ هذه الحكومة الفاشية ضمت غلاة اليمين الديني، وغلاة اليمين الديني القومي، وهم أصحاب فكرة أرض إسرائيل الكبرى الواحدة والموحدة، وأصحاب الفكر الديني الشريعاتي (المسيحاني) الذين يرون في المظاهر العلمانية والليبرالية أحد عوامل تفكيك إسرائيل”.
فهذه الحكومة الصهيونية الفاشية تخوض الصراع على جبهتين، الأولى: الصراع في الداخل الصهيوني من أجل إلغاء المنظومة القيمية القانونية والليبرالية والديمقراطية، وفرض الشريعة اليهودية على جميع مناحي الحياة، والثانية، الحرب المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والضفة الغربية، من أجل تهويد كل فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية.
تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية لضمها بالكامل
شهد العام الحالي 2024 أكبر عملية استيلاء صهيوني على أراضٍ في الضفة الغربية تحت مسمى “أراضي دولة” منذ ثلاثة عقود، وذلك بحسب معطيات أعلنت عنها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، يوم الأربعاء 17يوليو 2024،، في مؤتمر صحافي برام الله، كما شهد العام الجاري، أعلى عملية تهجير لفلسطينيين في الضفة منذ عدة أعوام.
وبينت تلك الأرقام إعلان سلطات الاحتلال مصادرة 40 ألف دونم منذ بداية العام الجاري، منها أكثر من 24 ألفاً وفق آلية إعلانها “أراضي دولة”، بينما شهد العام 2023 مصادرة أكثر من 50 ألف دونم، منها فقط 515 دونماً “أراضي دولة”. ووفق جداول يبين ما تمت مصادرته منذ عام 2016، فإنَّ النصف الأول من العام الجاري تجاوز أعلى نسبة تم تسجيلها في عام 2022 (لم تتعد حينها 3900 دونم)، بأكثر من 80%.فقد حققت “إسرائيل” السيطرة على أكثر من 43% من مجمل مساحة الضفة الغربية المحتلة، وتأتي هذه الإجراءات جميعها في إطار مخططات الضم الشامل للأراضي الفلسطينية.
خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــة: العودة إلى الشرق الأوسط الجديد من وجهة نظر أمريكية-صهيونية، هي العودة إلى الاحتلال الأمريكي -الصهيوني الجديد للمنطقة العربية،من خلال إقامة التحالف الاستراتيجي بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية المستبدة في كل من مصر والخليج و المغرب،تحت رعاية الإمبريالية الأمريكية، ومنع بشكل قاطع إقامة دولة فلسطينية، لأنَّ إقامة دولة فلسطينية ستشكل خطرًا وجوديًا على دولة “إسرائيل”.
وتعمل الولايات المتحدة و”إسرائيل” و الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني على إنشاء سلطة فلسطينية بديلة عن حماس في قطاع غزَّة بقيادة العميل الفلسطيني محمد دحلان، الذي وضعت الإمارات في تصرفه موازنة تقدر بنحو مليار ونصف مليار دولار،حيث سيقوم هذا الأخير بدور الحارس الأمين للإحتلال الصهيوني في غزَّة ، وهو الدور عينه الذي يقوم به الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية لتصفية المقاومة الفلسطينية المسلحة .إنَّهُ مخططٌ تشارك فيه قوى وعواصم وجهات وشخصيات فلسطينية وعربية وصهيونية وأمريكية.