أدوار مشبوهة لبعض الفضائيات ومحلليها السياسيين والعسكريين

بقلم: د. إبراهيم أبراش

في الوقت الذي تتوزع فيه مواقف الدول العربية من حرب الإبادة على غزة ما بين متفرج ومتواطئ وفي أفضل الحالات دور الوسيط، تفتح المجال لفضائياتها مجندة آلاف المراسلين والخبراء والمحللين للحديث عن الحرب وكأنها تدور في كوكب آخر وكأن الذين يموتون بالآلاف ليسوا من أبناء دينهم وقوميتهم؟ وهي في ذلك وكأنها تقول لشعوبها وللفلسطينيين هذا دورنا واسهامنا القومي والديني في الحرب!!!

فمن خلال تجربتي الطويلة مع الفضائيات الناطقة بالعربية ومتابعتي لها في تغطيتها للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وللحرب الراهنة فإنها لم تصنع رأيا وطنيا أو قوميا مشتركا ولم تساعد في دعم ومساندة القضية الفلسطينية بل شتت الرأي العام العربي من خلال استضافتها وتحت عنوان محللين سياسيين واستراتيجيين شخصيات يتم انتقاءهم بدقة ليتحدثوا حول قضية أو واقعة محددة تريد الفضائية التركيز عليها حتى وإن كان هناك قضايا أكثر أهمية.

صحيح أن بعض الضيوف يشاركون بحسن نية ويريدون توصيل وجهة نظرهم المنحازة للحقيقة للمشاهدين معتقدين أن رأيهم مهم والجمهور ينتظر ما سيقولونه، بينما في الحقيقة بعض الفضائيات وخصوصا المشهورة كالجزيرة والعربية والحدث والعربي وسكاي نيوز و BBC لا يعنيها ما يقولون، بل تمرير سياساتها ومواقفها من خلال مهارة مدير أو مديرة الحوار في توجيه الأسئلة والتركيز على ضيف محدد يبلغ رسالة محددة تريدها الفضائية وخصوصا إن كان الضيف إسرائيليا او اميركيا أو عربيا مُطبعا، بالإضافة الى تمريرها مواقف وسياسات مشبوهة بل ومعادية للشعب الفلسطيني من خلال التقارير والتغطية المباشرة لأحداث محددة وتجاهل أخرى والتحيز لطرف فلسطيني على حساب الأطراف الأخرى.

من كثرة استضافة هذه القنوات الأخرى للضيوف الإسرائيليين من محللين سياسيين وعسكريين وقادة جيش يتكلمون بنفس اللغة والتوجه، بات عندي شك أن بعض هذه القنوات صهيونية ناطقة بالعربية.

قد يقول قائل إنها موضوعية ومحايدة تستضيف فلسطينيين وعرباً ليدافعوا عن فلسطين والمقاومة، وهنا المصيبة فكيف لفضائية عربية أن تكون محايدة في حرب إبادة، كما أن من تستضيفهم غالبيتهم مرتزقة إعلام ولا يتفقون على رأي موحد.

والأسوأ في هذا المشهد عندما تستضيف الفضائية شخصيات فلسطينية من توجهات سياسية متعارضة مثلا من فتح وحماس، ويشتبكون مع بعضهم البعض وتطلق المجال لهؤلاء ليخونوا ويكفروا بعضهم البعض، بينما من تستضيفهم من الإسرائيليين خبراء ومتخصصون ينتقون كلماتهم بدقة، ويتحدثون في نفس التوجه المدافع عن إسرائيل ونهجها العدواني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى