الإخفاق الإستراتيجي مع حماس والحرب مع حزب الله
بقلم: توفيق المديني
منذ ما بعد 7تشرين الأول/ أكتوبر2023، يخوض جيش الاحتلال الصهيوني صراعًا منخفض المستوى مع حزب الله، ما أدَّى إلى نزوح مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة من شمال فلسطين المحتلة، لكنَّ الحرب الحقيقية الأكبر كانت في غزَّة بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس.
بعد تسعة أشهر من حرب الإبادة الجماعية في غزَّة، والتي أَفْرَغَتْ مَخْزُونَاتِ الْجَاهِزِيَةِ في جوانبِ الأدوات والذخيرةِ، وعَصَرَتْ قوات جيش الاحتلال الصهيوني النظامي والاحتياط بشكل غير مسبوق، وعرَّتْ الفاشية الصهيونية والأمريكية أمام العالم أجمع، هاهو رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو يتجه إلى حرب غزو لبنان ،ولكنَّ الخبراء و المحللين من الصهاينة باتوا يتساءلون عن جاهزية جيش الاحتلال الصهيوني لحرب كهذه، لا سيما أنَّها ستكون حربًا إقليميةً.
“إسرائيل” لن تهزم حماس في رأي الخبراء والمحللين
لاتزال حماس من أكثر القضايا تحديًا وتفجرًا لدى الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية، رغم اعتراف المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني دانيال هاغاري بأنَّ “حماس لا يمكن تدميرها”، وأنَّ فكرة “اختفائها ذرّ للرمل في عيون الجمهور”، ما يجعلها قضية مشحونة ومعقدة، تجذب اهتمامًا دوليًا، قبل أن يضيف إنَّ “حماس فكرة، ومن يظن أنَّنَا نستطيع أن نجعلها تختفي مخطئٌ”.
لا يكاد يمرُّ يومٌ إلاَّ وتَصْدُرُ المزيد من الدعوات الصهيونية الرافضة للفكرة الغوغائية المسماة “النصر المطلق” التي تبنّاها رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو، لأنَّها لم تؤدّ إلا لمزيدٍ من غرق جيش الاحتلال الصهيوني في وحلِ غزَّة، وجباية المزيد من الأثمان الباهظة من جنوده، دون جدوى، فضلا عن كون هذه الفكرة لا تستندُ إلى أي إستراتيجيةٍ، لأنَّ بقاءَ جيشِ الاحتلالِ الصهيوني لفترة طويلة في غزة سيكرّر الواقع الكارثي الذي استنزف الكيان الصهيوني في لبنان، لكنَّه هذه المرَّة، وفي غزَّة، أكثر فتكًا بعدّةِ مرَّاتٍ.
الجنرال يائير غولان نائب رئيس الأركان الأسبق في جيش الاحتلال، والزعيم الجديد لحزب العمل،قال في مقال نشره موقع ” واللا “: العبري، أن “هناك خطة بديلة عن هذه الفكرة الشعبوية التي ينادي بها نتنياهو، أهم بند فيها أن يحرّر الإسرائيليون أنفسهم من الشعار الأجوف “النصر الشامل”، لكن العقبة الرئيسية التي تواجهها هي حكومة اليمين الحالية، التي تعتبر الأمن القومي للدولة تمرينًا في دورة إعلانية، وليس أمرا جديا وخطيرًا”.
وأشاريائير غولان، إلى أنه “كما يوضح مسؤولو الجيش في ظل يأسهم، يستحيل إسقاط حماس دون خطة إستراتيجية، لأنه في العقد الأخير، وفي ظل سياسة “إدارة الصراع” التي ينتهجها نتنياهو وشركاؤه، أصبحت حماس منظمة ذات خصائص جيش نظامي، بألوية وكتائب وتشكيلات مساندة، ورغم أن تشكيلاتها القتالية تلقت ضربة موجعة، إلا أنها لن تختفي، بل ستعود إلى مستوى العمليات المسلحة وحرب العصابات، وإن الاستمرار في البقاء داخل قطاع غزة، وفقًا لخطة نتنياهو وبن غفير، سيسمح لحماس باستنزاف جيش الاحتلال كما كان الحال في أيام الحزام الأمني في جنوب لبنان، لكن في ظل ظروف أكثر صعوبة، وبدرجة أعلى، لأن الحركة ستزداد قوتها من جديد”.
أمَّأ المحرر الإخباري السابق، ومدير قسم الأفلام الوثائقية في القناة الأولى العبرية، إيتاي لاندسبيرغ نيفو ،الذي نشر مقالا في موقع “زمن إسرائيل ” بتاريخ 25يونيو2024، فقد قال، إنَّ “الخبراء والباحثين الإسرائيليين ما ينفكّون يردّون على مزاعم حكومتهم اليمينية بخصوص “النصر الكامل”، لأنَّ الحقيقة الماثلة أمام كل من لديه عينين في رأسه، وينظر إلى الواقع بمنطق وصدق، يدرك أن عصر الانتصارات المطلقة قد انتهى”.
وأضاف الكاتب الصهيوني “لن يكون هناك مزيد من حرب الأيام الستة، ولا حصار للجيش الثالث، ولا عملية تخليص الأسرى في “عنتيبي”، ولا تدمير للمفاعل النووي في العراق أو سوريا، فقد انتهى هذا العصر، وفي الواقع الذي نعيشه اليوم، أصبح الاحتلال، باعتراف أوساطه العسكرية، أمام عدو قوي وكبير وطويل الأمد، يتمتع بقدرات لم يواجهها من قبل”.
وفي السياق نفسه، استعرض إيتاي، أهم القوى المعادية للاحتلال بقوله إنَّ “إيران قوة إقليمية مسلحة بترسانة لا نهاية لها من الصواريخ، وجيش ضخم وفروع تمتد إلى الشرق الأوسط بأكمله، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، ولديها متنفس اقتصادي وإنساني لا تملكه دولة الاحتلال، وقد نجت من العقوبات الاقتصادية التي فرضها عليها العالم الغربي لسنوات”.
وأكد إيتاي لاندسبيرغ نيفو أن “حماس تحظى بدعم إيراني، ورجالها في لبنان يتدربون، ويتلقون التعليمات والأسلحة، كما تتمتع بمساحة للتنفس في اقتصادها مقارنة بدولة الاحتلال، فقد قُتل حتى الآن أكثر من 35 ألفاً من سكان غزة، ولم تستسلم حماس، ومن المستحيل على الاحتلال قتل مليونين في غزة، ولا يوجد لدى الاحتلال حلّ عسكري لتحدّي حماس حتى بعد تسعة أشهر من القتال”.
وأوضح أنَّ “كل هؤلاء يستمرون في الكذب على أنفسهم وعلى الجمهور، حول إمكانية حدوث نصر كامل على حماس، لأنه في الواقع لا يوجد شيء من هذا القبيل في عالم عام 2024، وحتى عندما تقف الولايات المتحدة وراء الاحتلال بكل قوتها، فإنها تدرك أن هناك قوة عسكرية واقتصادية إيرانية لديها تحالفات مع روسيا والصين”.
إلى ذلك نشر الكاتب الصهيوني اليساري، جدعون ليفي مقال في في موقع صحيفة هآرتس، جاء فيه ، “أنَّ إسرائيل لم ولن تحقق أي نصر في غزّة، وعليها الخروج منها فورًا لتفادي مزيدٍ من الغرق في مستنقعها. وذهب الكاتب، المعروف بنبرته المنتقدة، في مقاله اللاذع إلى حدِّ الإقرار بأنَّ “حماس”، رغم تلقّيها ضربة عسكرية، إلا أنَّها انتصرت دبلوماسياً واجتماعياً وأخلاقياً واقتصادياً. وسخر من دولته قائلاً: “بالطبع، لم يتحقق أيّ نصرٍ في غزَّة، ولنْ يتحقَقَ. ولكنَّ إذا كانت “إسرائيل” بحاجة إلى مشهدٍ كاذبٍ للنزول عن شجرة الدماء التي صعدتْ إليها، ولم يكن واجبًا أن تصعد إليها منذ البداية، فمن الأفضل ل”إسرائيل” أن تَتَصَنَّعَ النصرَ”، قبل أن يضيف “حماس ضُربتْ عسكريًا، لكنَّها انتصرتْ في كل الأبعاد الأخرى: “إسرائيل” تعرّضتْ لضربةٍ قاصمةٍ اجتماعياً وسياسياً وأخلاقياً واقتصادياً”.
كما كتب عالم السياسة الأمريكي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، روبرت. أ. بيب،مقال نشره على موقع مجلة فورين أفيرزالأمريكية، أكَّد فيه :”أنَّ “حماس” لم تنهزم وليست على وشك الهزيمة، بل ما زالت تحتفظ بـ80% من قوتها العسكرية، وأنَّ شعبيّتها أصبحت أقوى مما كانت عليه قبل “7 أكتوبر” (2023). وفي المقابل، يرى صاحب المقال أنَّ “إسرائيل” فشلت على جميع المستويات تكتيكياً وعسكرياً واستراتيجياً وأخلاقياً. والمفارقة التي يقف عندها الكاتب أنَّ الفشل الشاملَ والصارخَ ل”إسرائيل” هو مصدر قوة “حماس”، معتبرًا أنَّ “إسرائيل” أخفقتْ في إدراك أنَّ المذبحةَ والدمارَ اللذيْن أطلقتهما في غزّة منذ نحو تسعة أشهر لم يؤدّيا سوى إلى زيادة قوة “حماس” وشعبيتها.
عنات هوشبيرغ ماروم خبيرة الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية، أوضحتْ في مقال نشرته في موقع “زمن إسرائيل”، أنَّه “بعيدًا عن حجم الكارثة التي حلّت بالاحتلال الصهيوني بسبب هجوم أكتوبر، فإنَّ حجم القتل والدمار الذي سببته حماس، بجانب معارضتها الحازمة له، ورفضها الاعتراف به، وإجراء المفاوضات معه، فهي تحمل قيمًا أساسيةً تشكل سبباً لوجودها، وضاربة بجذورها في وعي الشعب الفلسطيني، وهي نقطة من المهم توضيحها للرأي العام الصهيوني، ومفادها أنَّ حماس تنظيم وطني فلسطيني تعارض بأغلبية ساحقة التحركات والاتفاقات مع الاحتلالالصهيوني مثل “اتفاقيات إبراهيم” والتطبيع مع السعودية”.
وأشارتْ إلى أنَّ “حماس مع الزيادة الكبيرة في قواعد قوتها، فمن الواضح أنَّ القضاء على بنيتها التحتية الحكومية والعسكرية والتنظيمية، والإضرار بمرافقها ومواردها وقدراتها التشغيلية، مهما كانت خطيرةً، فإنَّه لا يمكنها تدمير أو محو تراثها الديني بالكامل، أو القاعدة الأيديولوجية التي تغذيها، بل على العكس من ذلك، فإنَّ هذه التحركات ستؤدي فقط لتعزيز أبعاد الكراهية التي تغذي ظاهرة المقاومة في قطاع غزة، وتهدد بإضعاف السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الأرض، وتدفع بزيادة مصادر “القوة الناعمة” لحماس التي من شأنها تسريع وزيادة أبعاد تجنيد المقاتلين في صفوفها، وتطرف موقف قياداتها العاملة في غزة والشتات، ومزيد من التصعيد في الصراع ضد الاحتلال، مع تفاقم أبعاد الأزمة الأمنية في الشرق الأوسط”.
في ضوء حرب الإبادة الأمريكية-الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، صمدت حركة حماس في وجه أقوى جيش في إقليم الشرق الأوسط، المدعوم من كل القوى الغربية،وفي مقدمتها الإمبريالية الأمريكية،وحافظتْ على التزامها باستمرار المقاومة المسلحة من دون قيودٍ،
وسعتْ في السنوات الأخيرة لإنشاء آليات مراقبة وحكم مستقلة، وبنى تحتية عسكرية متقدمة، بمساعدة هائلة من إيران وقطر والدول ومصادر التمويل والمساعدة الأخرى في العالم الإسلامي، وخارجه، ما جعل من حماس، خاصة بعد هجوم أكتوبر، واحدة من أخطر وأبرز المنظمات المسلحة في الشرق الأوسط، بما في ذلك العالم الإسلامي.
“إسرائيل” في الطريق إلى حرب إقليمية
في ضوء الإخفاق الإستراتيجي لجيش الاحتلال الصهيوني حَسْمَ الحرب بصورةٍ نهائيةٍ في غزَّة،أصبحت عدة أوساط صهيونية و أمريكية تتحدث عن سيناريو الحرب في لبنان، إِذْ بات واضحًا أنَّ رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو يمارس سياسة الهاوية والانتحار الذاتي، من خلال عمل عسكري واسع في الشمال، حتى بثمنِ حربٍ إقليميةٍ،لأنَّه عجز عن تحقيق نصرٍ حقيقيٍّ في غزة ،إضافة إلى مماطلته في إبرام صفقة مع حماس تُعِيدُ الأسرى الصهاينة الذين يفوق عددهم ال100 والكفيلة بأن تكون أيضًا مخرجًا لوقف الحرب.
فحرب غزو لبنان كما ينظر إليها المحللون ليست مسألة سهلة، فهي حرب إقليمية يريدها نتنياهو في المنطقة ومع إيران لإزالة قوة المقاومة متمثلة في حزب الله في لبنان بشكل يقطع ذراع الردع الإيراني، الأساس تجاه “إسرائيل”، وضعضعة العلاقات بين “إسرائيل” والولايات المتحدة،مادام نتنياهو اختار مرشحه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
السؤال الذي يطرحه المحللون، هل إنَّ جيش الاحتلال الصهيوني الغارق في مستنقع غزَّة منذ ثمانية أشهرٍ، قادرٌ على إزالة تهديد حزب الله في حربٍ قصيرةٍ وحاسمةٍ، خصوصًا أنَّ إيران أطلقتْ مع فصائل المقاومة المنتشرة في إقليم الشرق الأوسط مئات الرؤوس المتفجرة إلى داخل الكيان الصهيوني في هجومٍ منسقٍ، منذ شهرين .
في اللقاء الذي جرى مؤخرًا في واشنطن بين وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالنت ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ،قال هذا الأخير: “علينا أنْ نَحُلَّ بسرعةٍ الخلافات القليلة وأن نعودَ إلى الموقف المشترك – في وجه هجماتِ الصواريخِ والهجماتِ السياسيةِ. أعداؤنا وأصدقاؤنا ينظرون الان إلى هذه الغرفة ويفهمون ما هي عظمة الشراكة”. وفي المسألة الإيرانية قال وزير الدفاع أوستن “إنَّنَا نقفُ معًا كي نضمن ألا تكون لإيران أبدًا قدرة على نيل سلاح نووي، وهي المصدر لكل هذا العنف وانعدام الاستقرار في المنطقة”.
أكَّد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، بعد لقائه مع يوآف غالانت، أنّ واشنطن تولي أهمية للحلِّ الدبلوماسي لوقف التصعيد على “جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية”، محذرًا في تصريح من أن “حربًا أخرى بين إسرائيل وحزب الله قد تتحول بسهولة إلى حرب إقليمية”. وفيما أكد رئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني تساحي هنغبي،يوم الثلاثاء 25 يونيو2024، أنّ “إسرائيل” تفضّل الحل الدبلوماسي في الوقت الراهن، وستركّز جهودها في الأسابيع المقبلة للتوصّل إلى تسوية كهذه، جَدَّدَ رئيس حزب المعسكر الرسمي، الوزير الصهيوني المستقيل بني غانتس، تهديداته للبنان، قائلاً: “قادرون على إظلام لبنان وتدمير قدرات حزب الله”.
تتفاعل ردود الفعل السياسية والعسكرية من قبل الفصائل العراقية النافذة والمؤثرة، لا سيما مع زيادة التوتر بين حزب الله اللبناني والاحتلال االصهيوني ، واحتمالات تفجر مواجهة أكبر على الحدود الشمالية من الأراضي المحتلة في فلسطين. وقد دخلت الفصائل العراقية على خط المواجهة إلى جانب حزب الله اللبناني، والتهديد بتنفيذ هجمات ضد الأمريكيين في العراق. يحدث ذلك في ظل موقفٍ غير واضح لرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني.
أمَا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فقد حذّر من أنّ “إسرائيل” توجه أنظارها إلى لبنان بعدما دمرت قطاع غزَّة، وهي تتلقى دعماً غربياً، وقال في كلمة أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في مقر البرلمان بالعاصمة أنقرة، يوم الأربعاء26يونيو2024: “إسرائيل التي أحرقت غزة ودمّرتها، يبدو أنَّها وجهت أنظارها الآن إلى لبنان، ونلاحظ تلقيها دعماً من الغرب من خلف الستار”. وأضاف: “القوى الغربية تربت على كتف إسرائيل في الكواليس لا بل تدعمها”.
تهدفُ الإِستراتيجية العسكرية الصهيونية من خلال تفجير الحرب في الشمال إلى تصفية البنية العسكرية لحزب الله،الذي استقدم عددًا كبيرًا من الصّواريخ والذخائر والمسيّرات لضرب أهداف عسكرية ومراكز تقنية عسكرية صهيونية ردّاً على حرب الإبادة الجماعية الأمريكية -الصهيونية على غزَّة،ومطالبته بوقف هذه الحرب العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وردًّا أيضًاعلى اغتيال كوادره الميدانيين بالمسيّرات الصهيونية. فالحرب ضد حزب الله سوف تكون مهمة أصعب بكثير لجيش الاحتلال الصهيوني من الحرب في غزَّة،لا سيما أنَّ حزب الله يمتلك ترسانة تضم أكثر من 150 ألف صاروخ بعضها يمكن أن يصل إلى تل أبيب رغم الدفاعات الصهيونية المضادة للصواريخ.
على الرغم من أنَّ المقاومة الباسلة التي أبداها حزب الله في التصدي للعدوان الصهيوني، فإنَّ هذه الحرب لم تكن متكافئة.فالفرق بين الطرفين في هذه الحرب المفتوحة أنَّ ثمة طرفاً -هوالكيان الصهيوني – يستفيد من وضعٍ عربيٍّ مُسْتَسْلِمٍ وأمريكيٍّ مُسَانِدٍ، يريدُ تصفية حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية واليمنية في المنطقة . أمَّا حزب الله، فإنَّه من الناحية العسكرية، وحتى الدول المحيطة،لا تمتلك الترسانة العسكرية التي تملكها الدولة الصهيونية. فقد صرّح قادة في جيش الاحتلال الصهيوني بأنَّه لم يُظْهِرْ حتى الآن سوى 15% من “قدراته التدميرية”. ولذلك “سيجلب حزب الله على لبنان دمارًا غير مسبوق. وهذا كلّه بسبب “الإيرانيين الذين يواصلون تحريض لبنان على محاربة إسرائيل”، وفق قول الجنرال موشية إلعاد.
يعتقد المحللون في الشرق الأوسط أنَّ الكيان الصهيوني سيجد نفسه مضطرًا إلى استجرارسوريا للحرب في حال رفضت الأخيرة تغييرمواقفها من التحالف مع إيران وحزب الله. ولا شك أنَّ اندلاع أي حرب بين الكيان الصهيوني وجيرانه العرب أوإحدى الدول الإسلامية كإيران يفترض فيه تدخل الولايات المتحدة كداعم أساسي للكيان الصهيوني في المنطقة. ويبدوأنَّ سوريا لا تريد دخول حرب غير متكافئة ومفروضة عليها. فهل يمتلك حزب الله القدرة على الصمود طويلاً،في وجه الغزو الصهيوني الجديد للبنان، المنطق والتاريخ يقولان أنَّ للمقاومة الإسلامية في لبنان تجربةٌ كبيرةٌ جدًّا في الحربِ الكبيرةِ الشاملةِ بينها وبين جيش الاحتلال الصهيوني منذ عام 1978.
خاتمة: خطورة إعادة تأهيل الاستعمار الصهيوني في غزَّة
في الحرب الحالية، أكَّدَتْ المقاومة الفلسطينية واللبنانية على التزامها بتحرير فلسطين تحريرًا كاملاً، وهو ما أثار غضب الأنظمة العربية في معظمها،ودعاة التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذين يريدون جميعًا هزيمة محور المقاومة، لأنَّ هذه الأطراف المرتبطة بالمخطط الأمريكي-الصهيوني، ترى في انتصار المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس في الجنوب ،وانتصار المقاومة اللبنانية في الشمال، تهديدًا استراتيجيًا لوجودها، بوصفها أنظمة مستبدة عميلة للإمبريالية الجديدة الأمريكية والبريطانية التي تريد تأهيل الاستعمار الغربي والصهيوني من جديد في المنطقة العربية.
وبحسب ما نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية،فإنَّ ثلاثة مسؤولين صهاينة مطلعين أكَّدُوا أنَّ وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن أبلغ إدارته بأنَّه تلقى دَعْمًا من القاهرة وأبو ظبي لإنشاء قوة عربية ستعمل جنبًا إلى جنبٍ مع ضباط فلسطينيين محليين، جاء ذلك خلال زياراته إلى قطر ومصر وإسرائيل والأردن قبل أسبوعين.
وأوضحت الصحيفة نقلاً عن المسؤلين أنَّ القاهرة وأبو ظبي وضعتَا شروطًا لمشاركتهما، بما في ذلك المطالبة بربط المبادرة بإنشاء طريق إلى دولة فلسطينية مستقبلية، وهي النتيجة التي تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمنعها.
ولهذا،حذَّرتْ المقاومة الفلسطينية من خطورة التساوق مع المقرحات الأمريكية-الصهيونية، لأنَّها تشكل فخًا وخديعة ًصهيونيةً جديدةً، لجرِّ بعْضِ الدولِ العربيةِ لخدمةِ مخططاتِها ومشروعِها بعد فشلها الكبير في الميدان، حيث تسعى مع الولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة الالتفاف على الهزيمة النكراء التي منيا بها العدو الصهيوني من خلال الاستعانة ببعض الدول العربية، وبعض أدواتهم في المنطقة لإخراج جيش الاحتلال الصهيوني من المستنقع الكبير الذي وقع فيه في قطاع غزَّة.
إِنَّ انتصار محورالمقاومة في غزَّة،وفي الجبهة الشمالية ،اليوم ليس مجرّد أمنية عاطفية، وإنَّما واقع تكشف عنه معطيات الحرب الأمريكية- الصهيونية الدائرة في جنوب فلسطين المحتلة وفي شمالها.