نتنياهو يَدُقُّ طُبُولَ الْحَرْبِ في لبنان

بقلم: توفيق المديني

لأولِّ مرَّةٍ في تاريخ الصراع العربي الصهيوني ، يواجه الكيان الصهيوني منذ بدْءِ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، جبهاتٍ عسكريةٍ وسياسيةٍ عديدةٍ،في جنوب فلسطين المحتلة متمثلة بجبهة المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس،وفي الشمال على الحدود الجنوبية للبنان المقاومة التي يقودها حزب الله ،والوضع يزداد سوءًا، ولا يستطيع العدو الصهيوني تحقيق أهداف الحرب في الشمال والجنوب.
ورغم أنَّ الرئيس بايدن عرض خطة للخروج التدريجي من الحرب في غزَّة يوم الجمعة الماضي، بعد أن باتتْ الولايات المتحدة و”إسرائيل” على قناعةٍ بأنَّ حربَ الإبادة الجماعية التي يقودانها ضد الشعب الفلسطيني قد وصلتْ إلى طريقٍ مسدودٍ، وبالتالي لا بدّ من مخرج لها، خصوصاً وأنَّ الرئيس بايدن اعترف ولأول مرَّةٍ بأنَّه قد “حان أوان نهايتها”، وهو الذي بقي لأشهرٍ يرفضُ حتى فكرةَ الدعوةِ لوقفِ إطلاقِ النارِ ولو مؤقتًا ،فإِنَّ رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو،بدأ يَتَنَصَّلُ من هذه الخطة ،مشيرًا إلى سعيه لتجزئةِ الخطةِ وفكِّ الرَبْطِ بين مراحلها الثلاث في ما يتعلق بوقفِ النارِ، بحيث لا ينتهي إلى وقفٍ دائمٍ.
تَعَزَّزَ هذا التفسير بَعْدَ أنْ قال مسؤولٌ صهيونيٌّ ، في وقتٍ متأخرٍ من يوم الاثنين 3يونيو /حزيران 2024، إنَّ توصيف بايدن لما تعنيه “إسرائيل” بكلمة وقف النار التي وردتْ في الخطة “مغلوط ٌ”. أي أنَّها لم توافق على ترتيب لوقفٍ دائمٍ لإطلاق النار. وهو ما دفع إدارة بايدن إلى الردِّ على مغالطة الكيان الصهيوني لها في موضوع وقف النار، مؤكدة أنَّ حكومة نتنياهو وافقت مسبقاً على الصيغة وتفصيلاتها، وبالتالي عليها الوفاء بالتزاماتها.
أما بالنسبة للصفقة المتبلورة، فقد ادعى مسؤول حماس الكبير أسامة حمدان يوم الثلاثاء 4يونيو/حزيران 2024بأنَّ “الرَدَّ الإسرائيليَّ لا يستجيب لمسألة وقف النار الدائم والانسحاب الكامل من غزَّة. هذا لا ينسجم مع تصريحات الرئيس الأمريكي. “إسرائيل” تريد فقط مرحلة واحدة تحصل فيها على الأسرى وبعد ذلك تستأنف الحرب. لا نوافق على اتفاق لا يؤكد وقف النار الدائم والانسحاب من غزة. نحن نطلب من الوسطاء تحقيق ردٍّ إسرائيليٍّ واضحٍ يؤكد الموافقة على وقف نار دائم وانسحاب كامل من غزة”.
غير أنَّ رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو يواجه تحدِّيًا جديدًا من حزب القوة اليهودية بزعامة وزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير، الذي أعلن أنه لن يصوّت إلى جانب الائتلاف الحاكم، حتى الكشف عن مسودة المقترح الصهيوني للصفقة مع حركة حماس ، والذي تحدّث عنه الرئيس الأمريكي بايدن.
ويأتي هذا الموقف على خلفية تهديدات بن غفير بأنَّه لن يكون جزءً من الحكومة، وسيعمل على حلّها، إذا اختارت المضيّ في صفقة توصف بأنَّها “سيئةٌ” من طرفه. وكرّر بن غفير تهديداته في الأيام الأخيرة، قائلاً: “أعود وأكرر وأقول لرئيس الحكومة: إذا وقّعت على صفقة سيئة تؤدي إلى إنهاء الحرب بدون القضاء على حماس، فإن عوتسما يهوديت ستحل الحكومة”.
لكنَّ سياسة الهروب إلى الأمام،يترجمها نتنياهوبالإصرار على كسب الحرب، والقضاء على حماس، مفترضًا انَّ جيش الاحتلال الصهيوني أقوى من حماس فإنَّ النصر سيكون مضموناً.
مثل هذا التفكير يشبه كثيرًا نمط التفكير الأمريكي في بداية حرب فيتنام عام 1968، حين أعدَّ وزير الدفاع الأمريكي روبرت مكنمارا جداول موازين القوة وتوصل الى الاستنتاج بانَّه بسبب قدرات النار الامريكية الأعلى بكثير من تلك التي لثوار شمال فيتنام، فلا شيء يقف أمام انتصار الولايات المتحدةعسكريًا.
أمام الفشل العسكري الذي يواجهه جيش الاحتلال الصهيوني في الجبهة الجنوبية للقضاء على المقاومة الفلسطينية، وإصرار نتنياهو على عدم قبول صفقة الأسرى ،وبالتالي عدم قبوله إنهاء الحرب في غزَّة ،لم يبق له سوى إمكانية واحدة ألا وهي توسيع رقعة الحرب الإقليمية، من خلال إعلان الحرب على أوسع نطاق في الجبهة الشمالية ضِدَّ حزب الله والدولة اللبنانية. فَإِنهاء الحرب في غزَّة ،هو الذي يضمن وقف اطلاق النار في الشمال، على الرغم من أنَّ هذا وحده غير كافٍ، لأنَّ ازالة التهديد الذي يمثله حزب الله كقوة مقاومة للكيان الصهيوني ،تقتضي تسوية سياسية مع الدولة اللبنانية، حسب وجهة النظر الأمريكية-الصهيونية.
هل يُكَرِّرُ نتنياهو حرب تموز 2006 في لبنان؟
تزداد حدَّة المواجهات العسكرية بين حزب الله اللبناني و جيش الاحتلال الصهيوني في الجبهة الشمالية ،حيث أنَّ المستوطنين الصهاينة يتركون المنطقة بشكل دائم. شمال فلسطين المحتلة يحترق، وكريات شمونة تشتعل، ومدن وبلدات صهيونية بأكملها مهجورة، ومعزولة عن البنية التحتية والاتصالات، وعشرات الآلاف من المستوطنين الصهاينة ممن تم إجلاؤهم بلا مأوى منذ ثمانية أشهر
في مساء يوم الثلاثاء 4حزيران/يونيو 2024بدأت تشتعل حرائق في الجليل نتيجة الهجوم الكثيف للصواريخ والمسيرات التي أطلقها حزب الله، أعضاء طواقم الطواريء ورجال اطفاء وقوات الجيش الصهيوني ومتطوعون كافحوا بيأسٍ هذه النيران التي هدَّدتْ الصف الاول للبيوت في المستوطنات، من بينها كريات شمونة وكفار جلعادي.
في الحكومة وفي الجيش الصهيوني ، قرَّرُوا إخلاء أكثرمن 100 ألف مستوطن صهيوني من القطاع القريب من الحدود مع لبنان منذ اللحظة التي بدأ فيها حزب الله بمهاجمة الجليل في أعقاب هجوم حماس في الجنوب. منذ ذلك الحين و”إسرائيل” موجودة في شرك استراتيجي آخذ في التفاقم في الشمال. فهي لا تنجح في فرض على حزب الله وقف لإِطلاقِ النارِ طالما أنَّ القتالَ في غزة مستمرٌ. وقد نجح حزب الله في أن يفرضَ عليها نوعٌ من الحزام الأمني الفارغ من المستوطنين الصهاينة داخل فلسطين المحتلة ،رغم أنَّ نسبة خسارته أكبر من نسبة خسارة الكيان الصهيوني.
خلال زيارته لمستوطنة كريات شمونة على الحدود مع لبنان ،التي اندلعتْ فيها الحرائق بفعل قصف حزب الله المكثف على المستوطنة ،قال رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء 5حزيران/يونيو2024، إنَّ جيش الاحتلال الصهيوني جاهزٌ لشنّ عملية “مكثفة للغاية” في لبنان، مضيفاً أنًّ الحرائق التي اندلعت ، أمس الثلاثاء، قابلتها حرائق أخرى اندلعت في مناطق بجنوب لبنان.
وفي خطاب له، أكد نتنياهو أنَّ حكومته كانت تقول “في بداية الحرب إنَّنا سنعيد الأمن إلى المنطقتين الجنوبية والشمالية على حدٍّ سواء، وهو ما سنفعله. اليوم أَحْضُرُ إلى الحدودِ الشماليةِ مع مقاتلينا وقادتنا، وأَحْضُرُ هنا أيضاً مع رجال الإطفاء. لقد احترقتْ الأرض هنا يوم الثلاثاء الماضي ، ويسرني أنَّكم تمكنتم من إخمادها، لكنَّ الأرضَ احترقتْ في لبنان أيضاً”. وأضاف نتنياهو في تهديدٍ واضحٍ لحزب الله اللبناني، أنَّ “من يفكر في أنَّه سيعتدي علينا ونحن سنقف مكتوفي الأيدي فهو يرتكبُ خطأً كبيراً (…) نحن جاهزون لشنّ عملية مكثفة للغاية في الشمال. وبهذه الطريقة أو بأخرى سنعيد الأمن إلى المنطقة الشمالية”.
وكان رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني هرتسي هليفي، قد قال، أمس الثلاثاء، خلال زيارته الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان التي التقى خلالها قادة القوات التي عملت الاثنين على إطفاء الحرائق: “نقترب من النقطة التي سيتوجب فيها اتخاذ القرار”، مضيفاً أنَّ جيش الاحتلال “جاهزٌ ومستعدٌ للانتقال إلى الهجوم”. وتابع: “نحن هاجمنا حزب الله على مدار ثمانية أشهر، ويدفع حزب الله ثمناً باهظاً جدّاً جدّاً. لقد رفع حزب الله الوتيرة في الأيام الأخيرة، ونحن مستعدون بعد عملية جيدة جداً شملت التدريبات، حتى تمريناً على مستوى قيادة الأركان حول الانتقال إلى الهجوم في الشمال”.
في سياق الاستعداد لخوض حربٍ كبيرةٍ ضِدَّ حزب الله في لبنان، قرَّر جيش الاحتلال الصهيوني استدعاء مؤخراً 50 ألف جندي احتياط، مشيراً إلى أنَّ 300 ألف جندي احتياط ينخرطون حالياً في عمليات عسكرية داخل قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية،من منطلق أنَّ هذه الخطوة لا بُدَّ منها لمواجهة التحدِّياتِ على الجبهة الشمالية.وقال إيال بن رؤفين، القائد السابق للفيلق الشمالي في جيش الاحتلال، إنًّ دولة الاحتلال ليس بوسعها مواجهة التحدي الذي يمثله حزب الله في الشمال في الوقت الذي تواصل فيه الحرب على غزة. ودحض بن رؤفين، في مقابلة نشرها موقع “معاريف”، يوم الأربعاء5حزيران/يونيو2024، مزاعم رئيس الموساد السابق يوسي كوهين بأنَّ”إسرائيل” بإمكانها “حسم” المواجهة ضد حزب الله، مشدِّداً على أنَّ النجاح في تحقيق هذا الحسم يتطلب توجيه كل قوات الجيش إلى الجبهة الشمالية. وحذر من أنَّه بخلاف المواجهة ضد حماس في الجنوب، فإنَّ مواجهة مع حزب الله ستفضي منذ بدايتها إلى “ضرر هائل” في العمق الإسرائيلي، مشدداً على أن المواجهة مع حزب الله تتطلب تضافر جميع أذرع جيش الاحتلال الجوية والبحرية، وتحديداً البرية.
وحسب بن رؤفين، فإنَّ حملة عسكرية ضد حزب الله تتطلب شن عملية برية تشارك فيها كل القوات، محذراً من أنَّ جيش الاحتلال ليس بوسعه تنفيذ هذه العملية، في الوقت الذي يواصل فيه العمليات العسكرية بغزة “وهذا ما يوجب وقف الحرب على غزة”، وضمان إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس، مشدداً على أن هذا يعد مطلباً أساسياً قبل التورط في مواجهة شاملة مع حزب الله.
موقف حزب الله من التهديد الصهيوني
يعي حزب الله جيدًّا أنَّ هناك خطةً أمريكيةً-صهيونيةً قادمةً لخوض حربٍ شاملةٍ ضدَّه،في شهر أغسطس 2024،و العدو الأمريكي- الصهيوني يريدُ أن يغلق ملف غزَّة مؤقتًا، ليتفرغ بكل قواته لخوض الحرب في شمال فلسطين ،ودحر قوات حزب الله، وبعدها يعود جيش الاحتلال الصهيوني إلى غزَّة لاستككمال تصفية المقاومة الفلسطينية، بعد أن تمَّ إضعاف الحزب، والتوقيع هعه على اتفاق بغدم دعم المقاومة في غزَّة.
ضمن هذا السياق ، قال نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله ، في مقابلة على “الجزيرة”: “قرَّرْنَا ألاَّ نُوَسِّعَ الحرب لكِنَّنا سنخوضها إذا فُرِضَتْ علينا”.وأضاف نعيم قاسم، بأنَّ حزب الله غير معنيٍّ بحربٍ شاملةٍ، ولكنَّه لا يخشى من الدخول اليها إِذَا تصرفتْ “إسرائيل” بهذا الشكل. إنَّ الحِزْبَ لا يسعى لتوسيع دائرة الصراع مع الاحتلال الصهيوني، لكنَّه مستعِدٌ لخوض أيِّ حربٍ تُفْرَضُ عليه، وذلك في وقتٍ تزيد فيه الأعمال القتالية عبر الحدود اللبنانية مع الاحتلال الصهيوني.
ويرى نعيم قاسم أنَّ الجبهة التي أقامتها المقاومة في جنوب لبنان تُحَقِّقٌ أهدافها بِالْكاملِ،حيث نصرتْ غزَّة،وعطلَّتْ أكثر من ثُلثِ الجيش الصهيوني عن توجيهِ عدْوانِهِ على القطاعِ،كما أجبرَتْ أكثر من 100 ألف مستوطنٍ على تركِ منازلهم شمالي فلسطين المحتلة.
الدكتور شمعون شبيرا، المختص في شؤون حزب الله قال للصحيفة الصهيونية: بأنَّه رغم خسائره ،فإِنَّ حزب الله لا يشعرُ بأنَّه هُزِمَ، بل هوتحصل على التشجيع من شكاوى رؤساء المجالس في المستوطنات عن تدهور الوضع الامني. وحسب قوله فإِنَّ حزب الله يصدرُ اشاراتٍ بأنَّه مستعدٌ لزيادة النيران من أجل مساعدة حماس في ابتزاز تنازلات من إسرائيل في المفاوضات حول الصفقة في الجنوب.
وتصاعدت الأعمال القتالية بين الجانبين في الأيام الماضية بعد أن بدأت قبل أشهر. وأعلن حزب الله يوم الثلاثاء إطلاق سرب من المسيرات الهجومية على ثكنة عسكرية إسرائيلية لليوم الثاني على التوالي، واصفا ذلك بأنَّه ردٌّ على هجومٍ دامٍ شنَّتْهُ “إسرائيل” على لبنان.
وفي السياق نفسه، عمل جيش الاحتلال الصهيوني على تكثيف قصفه على قرى وبلدات متواجدة في جنوب لبنان. فيما قال حزب الله، في بيان له، إنَّ مقاتليه “استهدفوا مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت وتموضعات الجنود في ‏محيطها بصواريخ فلق 1، وأصابوها إصابة مباشرة، ما أدى إلى تدمير جزء منها وإيقاع خسائر ‏مؤكدة فيها”.‏وأضاف البيان نفسه، أنَّ “هذه العملية جاءت ردا ‏على ‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، آخرها في عيترون جنوب لبنان”.
تذمر صهيوني
تتواصل خيبات الأمل الصهيونية من الواقع الأمني المتدهور في جبهتي الجنوب مع غزَّة والشمال مع لبنان ، ويتساءلون: ماذا حدث لنا، كيف وصلنا إلى هذه الأيام المظلمة، أين الدولة القوية، والعادلة؟ أليس هناك من قادتها من يقف بشجاعة، ويوقف انهيارها؟
وسي هدار، وهو الكاتب في صحيفة “معاريف” أكّد أنَّ “معارضي صفقة التبادل في الحكومة يعرفون الحقيقة، فيما السموم تتسرب إلى هيئة الأركان العامة، والجنرالات يهاجمون رئيسها، والدولة تتعثر في غزَّة، وحماس لا تزال تحكم هناك، والمستوطنات المحيطة لا تزال تتعرض للقصف، مستوطنات خط التماس مهددة، إيران تقترب من حيازة القنبلة النووية، والمجتمع الإسرائيلي ممزق”.
وأوضح أن “إزاحة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، باتت مطلباً أساسياً لفك طوق العزلة الدولية والتسونامي السياسي، اللذين يزدادان سوءً حولنا، وما زلنا جميعا نلعق جراح السابع من أكتوبر، وفي نفس الوقت، في مشهد سريالي لا يمكن تصوره، نفس القائد المسؤول عن ذلك الفشل، وعن سير الحرب الأكثر فشلاً في تاريخ الدولة، وعن كل الشرور المريضة التي ذكرناها للتو، لا يزال جالسا على كرسيه، متغطرسا، يواصل الخداع والكذب، يفضّل ائتلافه الكاهينيون على الدولة، ولا يفكر حتى في الاستقالة والعودة لمنزله”.
واعترف الكاتب قائلاً، إنَّ: “إسرائيل تنهار، نعم، من الصعب تصديق ذلك، لكنها تنهار فعلا، وباتت على شفا الدمار، ولا منقذ لها، أين أعضاء الليكود العقلاء؟ أعضاء الحزب الذي كان حزبا قوميا ليبراليا، لماذا لا يقولون “كفى!”؟، لماذا يتركون هذه الحكومة الشريرة تسقطنا في حزن مستعار؟ أين رئيس الدولة الصامت؟ من سيحذر؟ من سيقف على البوابة؟ من سيوقف الجنون؟ أين المعارضة التي تغرد بغضب، وتفشل في إيجاد بديل حقيقي للحكم؟ مع أن كل هؤلاء عليهم واجب استبدال الحكومة، إن أمكن، في الكنيست الحالي، ومنع تفكك الدولة”.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
وضع مقترح الرئيس الأمريكي بايدن ، لوقف إطلاق النار في غزَّة، رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو على مفترق طرقٍ، قد يدفعه إلى استخدام الورقة الأخيرة لشنِّ الحرب ضد حزب الله.فالاقتراح الأمريكي يعرضُ إمكانية إنهاء العدوان على غزَّة، وإعادة عشرات الأسرى الصهاينة الذين تحتجزهم حركة حماس، وتهدئة الحدود الشمالية مع لبنان، وربما الدفع باتفاقية تاريخية لتطبيع العلاقات مع السعودية.
غير أنَّ خطة بايدن إذا قُيّض لها النجاح، ستقود إلى تحطيم الإئتلاف الحكومي بزعامة نتنياهو الحاكم، ما قد يرسل هذا الأخير إلى المعارضة ويجعله أكثر عرضة للإدانة في محاكمة تتهمه بالفساد،وبالتالي فإنَّ مصيرَهُ هو السجن.
يعيش نتنياهو أزمة سياسية كبيرة في الداخل الصهيوني “يقترب بسرعة من نهجه القديم لإنهاء الأزمات السياسية،وهو حل الكنيست والذهاب إلى الانتخابات”، حسب رأي الكاتب الصحفي الصهيوني،ألوف بن،الذي يرى أنَّ حل الكنيست هو “الورقة الوحيدة المتبقية في يد نتنياهو” لتحقيق هدفين مُلِّحَيْنِ داخليًا وخارجيًا، وهما: وقف إطلاق النار مع حماس، يشمل صفقة الأسرى ،ووقف الحكم المرجح أن تصدرهُ المحكمة الإسرائيلية العليا، والذي يفرض تجنيد المتشددين الأرثوذكس.
وعلى صعيد العدوان على غزَّة، يبقى وقف إطلاق النار “ضرورة أساسية”، وفق ذات التحليل، وذلك لمنع توسع رقعة الحرب في الشمال، تشمل حزب الله اللبناني.ويدرك نتنياهو جيدًا أنَّ الجيش لا يملك أي حيلة لإخضاع حزب الله في لبنان، وأنَّ شنَّ حربٍ شاملةٍ ضدَّه من شأنه أن يجلب دمارًا واسع النطاق على المراكز السكانية الصهيونية والبنية التحتية والاقتصاد.
هل سيخضع نتنياهو لخطة بايدن الذي يعرض عليه مخرجًا :”ادعاء النصر بالقول إنَّ حماس المنهكة لم تعد قادرةً على شنِّ هجومٍ على غرار هجوم 7 أكتوبر،وإعادة جميع الأسرى إلى الكيان الصهيوني ،ثم العمل مع الولايات المتحدة والدول العربية لتسوية الصراع العربي -الصهيوني وفق حَلِّ الدولتين،وتسريع التطبيع بين الكيان الصهيوني و الدول العربية،وعلى رأسها المملكة السعودية.
الادارة الامريكية تُقَدِّرُ أنَّ التوقيعَ على صفقةِ التبادلِ ووقفِ اطلاقِ النارِ في الجنوب ستسمح بوقفٍ فوريٍّ لاطلاق النار في الشمال، الذي خلاله يتمُّ تحريك مفاوضاتٍ سريعةٍ حول اتفاق جديدٍ يشمل إِبْعَادِ قُوَّةِ “الرضوان”، وحدة الكوماندوس في حزب الله، عن منطقة الحدود.
في الجانب الصهيوني ،انتقد الجنرال الصهيوني ، اسحق باريك، عدم الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، حتى هذه اللحظة، بالقول: “إذا واصلنا هذا الطريق، فلنْ يكون هناك طريقٌ للعودةِ، وسنسيرُ بأمانٍ في الظلامِ والكآبةِ”.
وأضاف الجنرال الصهيوني ، عبر مقالٍ، نُشِرَ على صحفية “معاريف” العبرية: “لكي نفهم حجم المأساة التي نواجهها، سأعرض ما سيحدث لنا في حرب إقليمية شاملة، لسنا مستعدين لها على الإطلاق، وحتى اليوم لا يوجد أي استعداد لها”
وأشار باريك، إلى أنَّ “المقاومة ستطلق يوميًا ما يزيد عن 3000 صاروخ وطائرات بدون طيار على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما سيفعل كل ما في وسعه لتدمير البنية التحتية للمستوطنات، أي محطات المياه والكهرباء وخزانات الوقود والغاز والنقل، البنية التحتية والصناعات، بما في ذلك معسكرات جيش الاحتلال الإسرائيلي في البر والجو والبحر”.
قبل بضعة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية في ‏الولايات المتحدة، يواصل نتنياهو جهوده لإفشال بايدن من أجل تمهيد الطريق أمام فوز خصمه دونالد ترامب ‏بالانتخابات في الخريف المقبل، على أملٍ أنْ يسمحَ له بمواصلةِ إدامةِ الْحَرْبِ، والحفاظ على كرسيه، بجانب الأثمان ‏الباهظة التي سيتعين على الصهاينة دفعها.
فنتنياهو والإئتلاف الحكومي الذي يرأسه،يريدُ إغلاقَ البابِ أمام نهاية حرب ‏الإبادة الجماعية في غزة، وتركَ حربِ الاستنزافِ مع حزب الله في الشمال، ومَحْوَ فرصة إعادة الأسرى الصهاينة ، وإقامةَ مراسمِ عزاءٍ للصفقة الإقليمية ‏بين أمريكا والسعودية، التي تتطلب مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني إقامة دولة فلسطينية يرفضها نتنياهو وبإطلاقيةٍ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى