قمة المنامة.. تكرار المكرّر وتكريس الهوان والاستسلام!
بقلم: د. كاظم ناصر
اختتمت قمة الدول العربية ال 33 أعمالها في المنامة يوم الخميس 16/ 5/ 2024، وأصدرت بيانها الختامي الذي أدانت فيه عرقلة دولة الاحتلال لجهود وقف إطلاق النار في غزة، وكررت موقفها ” الثابت الداعم ” للقضية الفلسطينية، والرافض لمحاولات تهجير الفلسطينيين، ودعت إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وطالبت بنشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين، وبعقد مؤتمر دولي للسلام، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، والضغط على إسرائيل لتسهيل إدخال المساعدات الإغاثية لغزة، ووقف هجمات المقاومة اليمنية عل سفن دولة الاحتلال وتلك المتجهة اليها.
والملاحظ هو عدم دعوة ممثلين لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية واليمنية التي يقاتل أبطالها الدولة الصهيونية ومن يدعمونها دفاعا عن أمن ومستقبل وكرامة أمتنا؛ لكن لا غرابة في ذلك لأن معظم القادة الذين حضروا القمة يقاطعون حركات المقاومة، ويعتبرونها هم وإسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية منظمات إرهابية، وينكرون الحقيقة وهي انها حركات تجرر وطني تقاوم الاحتلال وحرب الإبادة الإسرائيلية والهيمنة الأمريكية والغربية على المنطقة، وتعبر بصدق عن قناعات وآمال الشعوب العربية، وتثبت أن الممثلين الحقيقيين للشعوب العربية هم من يدافعون عنها ويقفون في خندقها، وليس أولئك الحكام الخونة المستسلمين لدولة الاحتلال الذين ما زالوا يحتفظون بعلاقات ” ودية ” معها، ويقيمون جسورا لتقديم المساعدات الغذائية والذخائر لها لتستخدمها في قتل أهلنا وتدمير غزة، ولم يجرؤوا على فعل أي شيء للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي ترتبط أنظمتهم بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية ومخابراتية متينة معها لوقف الحرب.
وفور إذاعة بيان القمة الختامي بدأت وسائل الاعلام العربية الرسمية المأجورة تتحدث عن نجاحها وانجازاتها، وتمجد جهود الحكام، ودعمهم للشعب الفلسطيني، وحرصهم على وقف إطلاق النار، وعلى المصالح العليا للأمة العربية! من يصدق هذه الأكاذيب؟ الحقيقة هي أن معظم من حضروا هذه القمة لا يمثلون الشعوب العربية، ولا يهتمون بقضاياها المصيرية وبأحاسيسها وقناعاتها وطموحاتها، وإن بيانهم الختامي لن ينفذ كغيره من قرارات القمم السابقة، وإن دعوتهم لعقد مؤتمر دولي للسلام ونشر قوات دولية في الأراضي الفلسطينية حتى يتحقق حل الدولتين ليست جديدة لأن الفلسطينيين يطالبون بذلك منذ سنوات ولم يستمع لهم أحد.
هذه القمة كسابقتها التي عقدت في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والتي كانت مشتركة مع منظمة العالم الإسلامي فشلت فشلا ذريعا في اتخاذ قرارات مباشرة، ومواقف حقيقية قوية ضد دولة الاحتلال تعادل فظاعة استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على غزة كتعليق العمل باتفاقيات السلام، وقطع العلاقات التجارية والدبلوماسية معها كما فعلت دول غير عربية وإسلامية كبوليفيا، كولومبيا، هندوراس، تشيلي، بيليز، وجنوب أفريقيا.
أي أنها لم تأت بجديد، وكرر بيانها الختامي عبارات الإدانة والشجب والاستنكار المكرّرة التي لا قيمة لها، وكشف عجز دول التطبيع، ودول الانبطاح العربية الأخرى عن وقف المجازر في غزة، وتقديم الغذاء والدواء لملايين الغزيين الذين يعانون من الجوع والعطش والأمراض، ويعيشون في العراء، ويتعرضون للقتل على مدار الساعة، واثبت أن الهدف من انعقادها لم يكن للحفاظ على أمن ومصالح الأمة ودعم الشعب الفلسطيني والتصدي لإسرائيل، وإنما كان للاستمرار في خداع الشعوب العربية وتخديرها وإسكاتها!