تراجع لا مراجعة.. اعتراف سعوديّ رسمي بصعوبة تنفيذ رؤية 2030 التي أطلقها “امير الفشل” محمد بن سلمان
الرياض – شكلت تصريحات وزير المالية السعودي محمد الجدعان مؤخراً اعترافا سعوديّا رسميا واضحا بصعوبة تنفيذ رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 2016، وهي بمثابة خطة للتنمية الشاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وجذب الاستثمار الأجنبي.
ولئن اعتبر محللون أن القرار جاء متأخرا -خاصة وأن تقارير كانت قد أشارت منذ سنوات إلى صعوبات كثيرة تعترض تنفيذ الرؤية، منها ما هو مالي ومنها ما هو تنفيذي- فإن تصريحات الجدعان تعكس وعيا بالتحديات بعيدا “عن الغرور” والمكابرة والعناد.
ويقول المحللون إن هذه الخطوة التي تأتي بعد ثماني سنوات من إطلاق رؤية 2030 تشكل اعترفا لا لبس فيه بوجود إفراط في التفاؤل حيال الرؤية، بالإضافة إلى جموح الكثير من الأهداف الواردة فيها.
وقال وزير المالية السعودي الأحد الماضي إن المملكة ستعدل خطتها المتعلقة برؤية 2030 لتحويل اقتصادها وفقا لما تقتضيه الحاجة، ما يقلص حجم بعض المشروعات ويسرّع وتيرة مشروعات أخرى.
وفي كلمة ألقاها خلال الاجتماع الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي تحت شعار “التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية” ذكر الجدعان أن المملكة تركز على ضمان جودة النمو الاقتصادي المستقبلي، وتدرك أن التحديات التي تواجهها تتطلب المرونة.
وقال “هناك تحديات… ليس لدينا غرور، سنغير المسار، سنتأقلم، سنوسع بعض المشروعات، سنقلص حجم بعض المشروعات، وسنسرع وتيرة بعض المشروعات”.
وتعمل السعودية على تسريع الجهود الرامية إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط في إطار الرؤية التي تهدف إلى تطوير قطاعات مثل السياحة والصناعة وتوسيع القطاع الخاص وتوفير فرص العمل.
وتفوقت الأنشطة غير النفطية بشكل كبير في الأداء على توسع القطاع النفطي خلال العام الماضي، إذ سجلت نموا نسبته 4.4 في المئة، في حين انكمش الاقتصاد بنسبة 0.8 في المئة على خلفية تخفيضات إنتاج النفط وانخفاض الأسعار.
وقال صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن التوقعات الإقليمية، على خلفية استمرار تخفيضات الإنتاج، إنه من المتوقع أن يسجل اقتصاد السعودية نموا نسبته 2.6 في المئة هذا العام، وهو تعديل نزولي من توقعات أكتوبر بتسجيل نمو نسبته أربعة في المئة.
وقال الجدعان في فبراير الماضي إنه من المتوقع أن يتجاوز نمو الأنشطة غير النفطية على المدى المتوسط خمسة في المئة سنويا، ومع ذلك من المرجح أن تستمر المملكة في الاعتماد على عائدات النفط والغاز لدفع الاستثمارات من أجل توسيع الأنشطة غير النفطية.
وأكد ، الأحد الماضي، مجددا دور القطاع الخاص الموسع في تنفيذ رؤية 2030. وقال “رؤية 2030 تتمحور حول تمكين القطاع الخاص. دور الحكومة هو التخارج من التجارة، دور الحكومة هو وضع سياسات لتمكين القطاع الخاص دون مزاولة التجارة بنفسها”.
وتقول توقعات صندوق النقد الدولي إن أكبر اقتصاد في العالم العربي يحتاج إلى ارتفاع سعر النفط إلى 96.2 دولار حتى لا يسجل عجزا في ميزانية 2024.
ولم تفاجئ تصريحات الجدعان الأوساط السعودية والخليجية؛ حيث جاءت بعد تسريبات نشرتها وكالة بلومبيرغ بشأن انكباب المملكة على مراجعة مشاريع في الرؤية، لعل أبرزها مشروع نيوم.
وفي تقرير سابق أعدته بلومبيرغ قالت الوكالة إن السعودية قلصت طموحاتها المتعلقة بمشروع نيوم، الذي يعد الأكبر ضمن خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكانت السلطات السعودية تخطط لأن يعيش في “ذي لاين”، المدينة المستقبلية التي تبلغ كُلفتها نحو 500 مليار دولار وتشمل ناطحات سحاب متوازية ومغطاة بالمرايا تمتد على مسافة 170 كيلومترًا بين التضاريس الجبلية والصحراوية، نحو 1.5 مليون شخص بحلول عام 2030.
لكن الآن يتوقع المسؤولون السعوديون أن يستوعب المشروع أقل من 300 ألف ساكن بحلول الموعد ذاته، وفقا لشخص مطلع على الأمر. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن المسؤولين يتوقعون الانتهاء من بناء 2.4 كيلومتر فقط من المشروع بحلول عام 2030.
ووجدت الحكومة السعودية نفسها تتحمل الجزء الأكبر من الإنفاق على المشاريع العملاقة، ونتيجة لذلك أقدم مقاول واحد على الأقل على فصل عدد من العمال الذين يوظفهم في الموقع، وفقا لوثيقة اطلعت عليها بلومبيرغ.
وينظر مراقبون إلى قرار تقليص مشروع نيوم بشكل إيجابي، لافتين إلى أنه بالنظر إلى العوامل المالية والاقتصادية لم يكن تنفيذ الخطة ممكنا أبدا كما تم تقديمه في البداية. ويشير هؤلاء إلى أن مقدار الثروة التي يولّدها السعوديون من النفط لا يكفي لتمويل مشروع نيوم الذي يعد أكثر مشاريع رؤية 2030 طموحا.