26.4 مليار دولار أمريكي لدعم حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة
بقلم: د. كاظم ناصر*
وافق مجلس النواب الأمريكي يوم السبت 20/4/ 2024 بأغلبية 366 صوتا ومعارضة 58 منهم 37 عضوا من الحزب الديموقراطي على تقديم صفقة مساعدات بقيمة 26 مليار دولار لدولة الاحتلال تتضمن تخصيص 13 مليار دولار للمساعدات العسكرية لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد أهلنا في غزة، ووافق مجلس الشيوخ عليها يوم الثلاثاء 23/ 4/ 2024، واعتبرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمثابة ” دفاع عن الحضارة الغربية “، وقال وزير الخارجية يسرائيل كاتس إن تمريرها في الكونغريس يوجه ” رسالة قوية لأعدائنا.” يقصد بذلك الفلسطينيين ومحور المقاومة.
وعلى الرغم من أن 58 عضوا في مجلس النواب و18 عضوا في مجلس الشيوخ صوتوا ضد تمرير هذه الصفقة، وعبروا بذلك عن رفضهم لرغبات إسرائيل وابتزازها لبلادهم، إلا ان الأغلبية الساحقة من أعضاء الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ يؤيدون دولة الاحتلال بشراسة، ويدافعون عن كل الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
ولهذا فإن مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها ضد أهلنا في غزة، وتحيزها اللاأخلاقي لها ليس غريبا لكونه سياسة أمريكية أعلنت بوضوح منذ الساعات الأولى لاغتصاب فلسطين وقيام دولة الاحتلال، وتسابقت جميع الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تواطؤها مع إسرائيل ودعمها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ولعب المال اليهودي دورا محوريا في التأثير على سياسة الولايات المتحدة المتحيزة لإسرائيل وعلى الرأي العام الأمريكي.
اليهود الأمريكيون منظمون جدا محليا، ولهم حضورهم الثقافي والسياسي على مستوى المدن والبلدات والمحافظات والولايات، واللوبي الصهيوني الأمريكي نجح الى حد بعيد في الهيمنة على قرارات الكونغرس من خلال دعمه المالي والإعلامي والسياسي لأعضائه. والجدير بالذكر هو أنه يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية 813 مليارديرا تقدر ثرواتهم ب 5.7 تريليون دولار، وإن 50 %، أي 403.5 منهم من اليهود الذين يكونون 2.4 من عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية فقط، وقدموا عشرات المليارات من الدولارات لإسرائيل منذ إنشائها، وتمكنوا من لعب دور حاسم في تضليل الرأي العام الأمريكي، والتأثير على قرارات البيت الأبيض والكونغرس المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي.
لكن يبدو ان هذا الخداع والابتزاز الصهيوني للشعب الأمريكي بدأ يتآكل؛ والدلائل على ذللك هي أن ما لا يقل عن 53% من الأمريكيين هم ضد جرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة كما أظهرت آخر استطلاعات الرأي، والاستقالات التي قدمها عدد من المسؤولين الأمريكيين في وزارة الخارجية، ومظاهرات الطلاب الداعمة للفلسطينيين التي نظمت وانطلقت في 75 جامعة في 22 ولاية من بينها جامعات النخبة، وتحديدا جامعات هارفارد، وكولومبيا، وكاليفورنيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وواشنطن، وييل، وتكساس، وأدت طبقا لما ذكرته صحيفة ” واشنطن بوست ” إلى اعتقال أكثر من 900 طالب وطالبة.
هذه المظاهرات شكلت ضربة كبرى لمصداقية الولايات المتحدة، ولزعمها بأنها تدافع عن الديموقراطية وحرية الرأي وحقوق الإنسان، وأظهرت للشعب الأمريكي، ولأول مرة حقيقة إسرائيل كدولة فصل عنصري وإبادة جماعية، وكشفت أكاذيب وتحيز وسائل الاعلام الأمريكية المؤيدة لها في حربها على غزة، ودور المال اليهودي الأمريكي في توجيه السياسة الأمريكية في المنطقة وشراء ذمم معظم أعضاء الكونغرس.
لكن الحقيقة المرة هي أن دعم الولايات المتحدة الأمريكية المالي والعسكري لدولة الاحتلال، ومشاركتها المباشرة في الجرائم التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، واستخفافها بنا وبقدراتنا كأنظمة وشعوب عربية، لم ينتج فقط عن الدعم الأمريكي اللامحدود لدولة الاحتلال، بل كان إلى حد بعيد نتيجة لفساد الأنظمة التسلطية العربية، وانشغالها بحماية نفسها من الشعوب، وبحروبها وخلافاتها البينية، وتخاذلها في مواجهة دولة الاحتلال، واستسلامها للإرادة الأمريكية!
كاتب فلسطي