رغم حرب الإبادة في غزة.. “امير المؤمنين” يسعى لتعميق العلاقات العسكرية بين المغرب وإسرائيل
نشر مركز “سترافور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأمريكية) تقريرا بعنوان: “على الرغم من حرب غزة، يبدو أن العلاقات الدفاعية بين المغرب وإسرائيل في طريقها إلى التعمق”، قالت فيه إنه على الرغم من حرب إسرائيل على غزة، سيواصل المغرب استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية لتوسيع القدرة المحلية على إنتاج الأسلحة وترسانة الأسلحة في البلاد، على أمل اللحاق بالقوة العسكرية الجزائرية ووضع نفسه في نهاية المطاف كمُصدر للأسلحة.
وذكر التقرير أنه في السنوات الأخيرة، عمل المغرب على زيادة قدراته المحلية على صنع الأسلحة وتحديث ترسانته. وتضمنت بعض هذه الجهود توسيع استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية، بعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. وعلى هذه الخلفية، في مقابلة نشرت في 13 أبريل، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة BlueBird Aero Systems، وهي شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة، أن منشأة إنتاج الطائرات بدون طيار المغربية “ستبدأ العمل قريبًا”.
وبحسب التقرير تشبه خطط شركة “بلوبيرد” لإنشاء منشأة إنتاج مغربية تلك التي أعلنتها شركة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت”، والتي كشفت في يونيو 2023 عن خطط لإنشاء موقعين لإنتاج الدفاع الجوي في المغرب، حيث من المرجح أن تقوم الشركة بتصنيع صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ومركبات مدرعة، ودبابات، وطائرات انتحارية بدون طيار، مع وجود منشأة إنتاج واحدة على الأرجح في منطقة الدار البيضاء.
ويأتي الاستثمار الإسرائيلي في إنتاج الأسلحة المحلي في المغرب بعد أن أنهى المغرب سلسلة من عمليات شراء الأسلحة وأنظمة الدفاع مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، أكبر شركة مصنعة للطيران والفضاء مملوكة للدولة في إسرائيل، والشركات التابعة لها، بالإضافة إلى شركات أخرى مثل “إلبيت”.
ووفق التقرير تمتلك شركة IAI ما مجموعه 50% من أسهم BlueBird. وفي فبراير 2022، وقع المغرب صفقة بقيمة 500 مليون دولار مع شركة IAI للحصول على نظام الدفاع الجوي Barak MX؛ وفي مارس 2022، وقعت وزارة الصناعة والتجارة المغربية بعد ذلك مذكرة تفاهم مع شركة الصناعات الفضائية الإسرائيلية.
وبحسب التقرير يقوم المغرب بتحديث ترسانته العسكرية وتطوير قدرته المحلية على تصنيع الأسلحة باستثمارات أجنبية، وبشكل متزايد من إسرائيل. وعلى الرغم من أن المغرب يمتلك أحد أقوى الجيوش في أفريقيا، إلا أن الجيش الجزائري يتفوق عليه. وللحاق بالقدرات العسكرية الجزائرية، عمل المغرب على تحديث ترسانته، سواء من خلال توسيع قدرته على صنع المزيد من الأسلحة في الداخل، أو من خلال تنويع مصادر الأسلحة المستوردة.
وذكر أنه بينما ناقشت الرباط منذ فترة طويلة الحصول على استثمارات أجنبية لمنشآت الإنتاج العسكري وتقاسم التكنولوجيا العسكرية، فقد سعى المغرب في السنوات الأخيرة إلى زيادة إنتاجه المحلي من الأسلحة لتحسين سيطرته على سلاسل توريد الأسلحة ويصبح في نهاية المطاف مصدرا للأسلحة. وتهدف هذه الجهود أيضًا إلى تقليل اعتماد المغرب على واردات الأسلحة على المدى الطويل. ومع ذلك، في هذه الأثناء، ستظل المملكة تعتمد على مثل هذه الواردات من أجل مواصلة تنمية ترسانتها من الأسلحة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعد أكبر مورد للأسلحة للمغرب حتى الآن، حيث تمثل 69٪ من إجمالي واردات البلاد من الأسلحة في عام 2023، تليها فرنسا بنسبة 14٪. وبينما يسعى إلى تعزيز قدراته التصنيعية المحلية، سعى المغرب أيضًا إلى تنويع موردي الأسلحة من خلال توقيع صفقات جديدة مع دول مثل تركيا والصين، وخاصة إسرائيل. وعلى الرغم من أن المغرب وإسرائيل قاما بتوقيع صفقات عسكرية قبل تطبيع العلاقات في عام 2020، إلا أن التعاون والمبيعات العسكرية بين البلدين زادا بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين.
ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أصبحت إسرائيل ثالث أكبر مورد للأسلحة للمغرب في عام 2023، وهو ما يمثل 11٪ من واردات المملكة من الأسلحة. كما استفاد المغرب من علاقاته المحسنة مع إسرائيل، الرائدة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار المتقدمة، لبناء أسطول الطائرات بدون طيار، والذي يعد الآن ثاني أكبر أسطول في أفريقيا بعد مصر.
على الرغم من أن المغرب وإسرائيل قاما بتوقيع صفقات عسكرية قبل تطبيع العلاقات في عام 2020، إلا أن التعاون والمبيعات العسكرية بين البلدين زادا بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين
وفقا لمؤشر القوة العسكرية العالمية، الذي يقيم إمكانات شن الحرب في أي بلد من خلال الوسائل التقليدية، احتل المغرب المرتبة 61 من بين 145 دولة للقوة العسكرية في عام 2024، دون تغيير عن عام 2023. واحتلت الجزائر المرتبة 26 في كل من عامي 2023 و2024.
وبالإضافة إلى الصفقات الإسرائيلية الجديدة، حصل المغرب أو هو بصدد الحصول على أنظمة أسلحة أخرى أجنبية الصنع. وفي عام 2021، اشترت الرباط طائرات مسيرة تركية من طراز TB2، وفي عام 2023، اشترى المغرب صواريخ صينية مضادة للدبابات من طراز HJ-9A. كما وافقت الولايات المتحدة مؤخرًا على بيع صواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدبابات للمغرب بقيمة 260 مليون دولار.
ووفق “سترافور” أفادت تقارير أن المغرب أجرى محادثات مع منتجي الأسلحة في المملكة المتحدة وبلجيكا لإنشاء مرافق لإنتاج الأسلحة والدفاع في المغرب. وعلاوة على ذلك، ففي عام 2019، وقع المغرب والبرازيل اتفاقية لتبادل العلوم والتكنولوجيا العسكرية التي من شأنها دعم قدرات الأسلحة المحلية للمغرب.
وبحسب التقرير فبغض النظر عن الرأي العام، ستعطي الرباط الأولوية لتوسيع قدراتها في مجال الأسلحة المحلية باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية لوضع نفسها كمصدر للأسلحة.
وأكد أن علاقة المغرب العميقة مع إسرائيل لا تزال مثيرة للجدل بين مواطني المملكة، الذين يدعمون القضية الفلسطينية على نطاق واسع. منذ بداية الحرب على غزة في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، خرج بعض المغاربة إلى الشوارع للاحتجاج على العملية العسكرية الإسرائيلية وعلاقات بلادهم بإسرائيل، والتي كانت لا تحظى بشعبية كبيرة بالفعل. وقد تسامحت الرباط حتى الآن مع هذه الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل للسماح للمواطنين بالتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين وتجنب تفاقم الانتقادات للعلاقات المغربية الإسرائيلية.
علاقة المغرب العميقة مع إسرائيل لا تزال مثيرة للجدل بين مواطني المملكة، الذين يدعمون القضية الفلسطينية على نطاق واسع
لكن الحكومة المغربية لم تظهر أي علامة على أنها تنوي قطع العلاقات مع إسرائيل ردا على المظاهرات. وفي أعقاب حرب غزة، لم تشر الرباط أيضًا إلى أي رغبة في التراجع عن خططها لصنع أسلحة باستخدام التقنيات الإسرائيلية. وعلى الرغم من الضغوط التي يمارسها سكانها المؤيدون للفلسطينيين، يبدو من غير المرجح أن تقوم الحكومة المغربية بتأخير تطوير منشآت الأسلحة الإسرائيلية في المغرب.
وبحسبه فهذا سيمكن المغرب في نهاية المطاف من تصدير الأسلحة، بما في ذلك إلى الدول الأفريقية المجاورة، مما سيساعد على تعزيز نفوذ الرباط الإقليمي. ومن المرجح أن تمنحها مصانع الشركات الإسرائيلية في المغرب وصولاً أكبر إلى أسواق الأسلحة الأخرى في إفريقيا، مثل زامبيا والسنغال وأوغندا.
وبحسب استطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومقره الدوحة في يناير 2024، قال 78% من المغاربة إنهم لا يعترفون بالسيادة الإسرائيلية. وهذه زيادة ملحوظة عن نسبة 67% التي قالت ذلك في استطلاع عام 2022.
وأشار التقرير إلى أنه في مارس/آذار الماضي، ألقي القبض على رجل مغربي وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات بعد أن انتقد جهود التطبيع المغربية مع إسرائيل في منشور على فيسبوك.
وبحسبه فقد يؤدي اتفاق المغرب مع شركة “بلوبيرد” الإسرائيلية لإنتاج الأسلحة لبناء مصنع لصنع الطائرات بدون طيار إلى تعريض صناعة الأسلحة الناشئة في البلاد لمخاطر قصيرة المدى تتعلق بالحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس. إذا أصبحت إسرائيل متورطة في صراع طويل الأمد، فقد يعيق ذلك قدرة إسرائيل على إنتاج طائرات بدون طيار بشكل مشترك مع المغرب، حيث قد يلزم تخصيص المكونات الإسرائيلية الصنع لأغراض أخرى تتعلق بالمجهود الحربي، مما قد يؤخر تسليم الطائرات بدون طيار المكتملة لمصنع بلوبيرد الجديد في المغرب.
ومع ذلك، وفق التقرير، فحتى لو واجه المغرب تأخيرات قصيرة الأجل في الإنتاج، فإن مرافق الإنتاج المدعومة من إسرائيل (مثل مصنع الطائرات بدون طيار “بلوبيرد”) وغيرها من المرافق المستقبلية المحتملة ستمكن الرباط في نهاية المطاف من تصدير الأسلحة.
ووفق التقرير ستؤدي صناعة الدفاع وترسانة الأسلحة المتنامية في المغرب إلى زيادة التوترات مع منافستها الجزائر منذ فترة طويلة، بما في ذلك منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. ومع استمرار نمو ترسانة الأسلحة والقدرة المحلية على صنع الأسلحة، من المرجح أن يستمر المغرب والجزائر في الإنفاق بشكل كبير على الدفاع لتجاوز قدرات كل منهما.
من المرجح أن ينشر المغرب دفاعات جوية إضافية وطائرات بدون طيار بالقرب من الساتر الرملي بين الأراضي التي يسيطر عليها المغرب في الصحراء الغربية والأراضي التي يسيطر عليها مسلحو جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، على أمل جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتطوير المنطقة من خلال تهدئة المخاوف المتعلقة بالأمن وسلامة الموظفين.
وكجزء من هذا الجهد، من المرجح أن يستخدم المغرب قدراته المتزايدة في مجال الطائرات بدون طيار لمهاجمة أهداف جبهة البوليساريو لردع أي هجمات صغيرة على المدن في مناطق الصحراء الغربية التي يسيطر عليها المغرب أو جهود تخريب البنية التحتية والمشاريع الاستثمارية المغربية. وهذا من شأنه أن يزيد من خطر وقوع المزيد من المناوشات، التي قد تكون مميتة، بين القوات المغربية والمسلحين المدعومين من الجزائر في المنطقة المتنازع عليها. ومع ذلك، لا يزال من غير المرجح حدوث صراع مباشر بين الجزائر والمغرب، حيث عملت الجزائر على الحد من التهديدات وتحسين علاقاتها مع الدول التي لها علاقات مهمة مع المغرب، مثل إسبانيا.
وأشار التقرير إلى أن الجزائر والمغرب يحتفظان بحدود برية مغلقة بسبب نزاعهما المستمر منذ عقود حول الصحراء الغربية. ويسيطر المغرب على نحو أربعة أخماس المنطقة؛ أما الباقي فتسيطر عليه جبهة البوليساريو، وهي جماعة صحراوية مسلحة مدعومة من الجزائر تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية.
وقد انخرطت القوات العسكرية المغربية ومسلحو جبهة البوليساريو بشكل دوري في مناوشات عبر الساتر الرملي على مر السنين. واستخدم الجيش المغربي طائرات بدون طيار لمهاجمة المناطق التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو، مما أدى في بعض الأحيان إلى سقوط ضحايا من المدنيين.
أدى حصول المغرب على أنظمة أسلحة جديدة إلى تأجيج سباق التسلح بين المغرب والجزائر. على سبيل المثال، دفع حصول المغرب على طائرات تركية بدون طيار من طراز TB2 في عام 2021، الجزائر إلى شراء طائرات Anka-S بدون طيار من تركيا.