طلبة الجامعات في أمريكا والعالم.. وطوفان الأقصى
بقلم: د. زيد احمد المحيسن
تخسر الولايات المتحدة كل يوم جزءا كبيرا من سمعتها ومكانتها الحضارية والعالمية ، نتيجة لدعمها للكيان الصهيوني بغير حدود ماديا وعسكريا ومعنويا ومواقف وقرارات متحيزة في المنظمات الدولية لصالح الكيان الصهيوني ، تخسر أمريكا قيمها الأخلاقية وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان ، التي أمضت دهرا من الزمن تبشر بها ، وتستخدمها ذريعة واقعية وعاملا وجوبيا في التدخل في شؤون الاخرين.
المسيرات واندلاع هذه الاحتجاجات الطلابية وبهذا الزخم في أمريكا و في حرم الجامعات الأمريكية ضد اعمال الإبادة الجماعية للدولة الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة للفلسطينيين في غزة، تمثل هزيمة أخلاقية كبرى للإمبريالية الامريكية لا تقل عن هزيمتها العسكرية في ساحتي أفغانستان حديثا و فيتنام سابقا، فقد تمكن الفيتناميون والافغان من هزيمة أمريكا في الخنادق وفي الكهوف وها هي مقاومة غزة البطلة تهزم الصهيونية العالمية ودول الغرب الداعم لها، وعلى راس هذا التحالف الاستعماري اميركا في خنادق غزة وانفاقها وحواريها ..
لا تزال الاحتجاجات السلمية ضد آلة الحرب الصهيونية والحكومات الغربية المتواطئة مستمرة في العديد من الدول الغربية، لكن رد الفعل العنيف من جانب مديري الجامعات والجهاز التنفيذي للدولة في الأيام الأخيرة يجعل اللحظة الحالية تبدو على نحو متزايد وكأنها تلك التي حدثت في أواخر الستينيات. كانت تلك اللحظة جيلية : كان الشباب في العالم الغربي “المتقدم” يحشدون ليس فقط ضد الحرب الإمبريالية في فيتنام وغيرها من مسارح الحرب الباردة، ولكن أيضًا لدعم الحركات الثورية وإنهاء الاستعمار في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، بينما كانوا يثورون ضد العنصرية والتمييز العرقي والرأسمالية في الداخل. وقد استكملت ردود الفعل العنيفة من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى على هذه الحركات بحملة تشهير شاملة شنتها وسائل الإعلام الكبرى.
وعلى نحو مماثل، كانت عمليات الضرب والاعتقال التي تعرض لها الطلاب المحتجون ــ والعديد من أعضاء هيئة التدريس ــ في الولايات المتحدة في الوقت الحالي مصحوبة بحملة إعلامية تدينهم باعتبارهم معاديين للسامية. لقد أصبحت هذه الذريعة – معاداة السامية – تهمة جاهزة معلبة لكل من يدعم نضال الشعب الفلسطيني ويشجب عملية التطهير العرقي الأخيرة في غزة، لكنه تصاعد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة … يبدو ان دولة الكيان الصهيوني وزعمائها لا يعون معنى الصدق وان العالم قد تغير وان اكاذيبهم منذ عام 1948 قد انكشفت على حقيقتها وانهم خدعوا العالم بأكاذيبهم الدنيئة من اجل إقامة وطن لمظلوميتهم الكاذبة فهذا الكيان الهش بني على احابيل من الأكاذيب والاراجيف الباطلة وما بني على باطل فهو باطل حكما وسيهزم وسيهدم هذا الكيان على رؤوسهم عاجلا ام اجلا وبشائر النصر قادمة من انفاق غزة ومقاومتها البطلة .
لقد قام بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة و بنفسه بنشر رسالة فيديو تتضمن سلسلة من الأكاذيب المنظمة حول الهجمات على الطلاب اليهود والتطابق بين الاحتجاجات الحالية وتلك التي كانت الموجودة في الجامعات ايام ألمانيا النازية.
تتمتع دولة الصهاينة بقدرة لا مثيل لها على إنتاج دعاية شنيعة كاذبة ، لكن الأمر يبدو اليوم مختلفًا، فقد هزت احتجاجات الحرم الجامعي في أمريكا والعالم تل أبيب وواشنطن معا . والحقيقة أن الحركة الطلابية العالمية والتي ألهمتها جامعة كولومبيا تؤكد أن الاحتجاجات السلمية لم تتبدد، وأن ردود الفعل المذعورة والعنيفة التي أثارتها توحي بالضعف وليس القوة لتل أبيب وواشنطن معا، وتجعل الحكام في هاتين الدولتين يسارعون للبحث عن مخرج لإنقاذهم من هزائمهم العسكرية والأخلاقية والرئاسية القادمة لحكم البت الأبيض في واشنطن وتل ابيب معا …