الأطماع الصهيونية في الأردن وموقفه من حرب غزة
بقلم: د. كاظم ناصر
نوايا الصهاينة الخبيثة ضد الأردن كانت، وما زالت، وستبقى أسطع من كل زعم وادعاء وتمويه، ويبدو الحديث عنها أو سرد الدلائل عليها بعد كل ما قامت وتقوم به دولة الاحتلال في حربها على غزة لإعادة احتلالها وتهجير أهلها، وسرقة أراضي الضفة الغربية وتهويدها أشبه بهدر الوقت لإثبات النوايا والمخططات الإسرائيلية للتخلص من الفلسطينيين بطردهم للأردن، وزعزعة استقراره، وتقويض نظامه، والانقضاض والسيطرة عليه.
الصهاينة يرتكبون أبشع جرائم هذا القرن التي نتج عنها قتل وجرح عشرات آلاف الفلسطينيين وتدمير غزة، وإذا نجحوا في القضاء على نظام حماس، وأعادوا احتلال عزة، وبسطوا سيطرتهم الأمنية عليها كما يتمنون، وإذا استمر هذا الخذلان والتردي العربي، وغياب موقف أردني حازم على جرائمهم، فإنهم غدا سيرتكبون نفس هذه الجرائم وأبشع منها في رام الله ونابلس والخليل وطول كرم وعمان والزرقاء وإربد والكرك وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية والأردنية. ولهذا فإن ما يجري في غزة ستكون له تداعيات هامة وخطيرة جدا ليس فقط على القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، بل أيضا على حاضر ومستقبل الأردن.
لكن الملاحظ هو التناقض الواضح بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي الأردني. فالشعب الأردني الذي يرتبط بعلاقات سياسية، اجتماعية، واقتصادية متشابكة متجذرة مع الشعب الفلسطيني، أعرب عن هذا التناقض بين الموقفين من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت المدن الأردنية، والتي عبر فيها عن رفضه الشديد للمجازر والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وعن تأييده ودعمه للمقاومة واستعداده لمشاركة الشعب الفلسطيني في كفاحه لإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة، وطالب الحكومة باتخاذ إجراءات حقيقية رادعة ضد دولة الاحتلال.
وفي المقابل فإن الموقف الرسمي الذي اتسم بالضبابية اكتفي بالتركيز على الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الملك عبد الله الثاني والوزراء. فقد قام الملك عبد الله الثاني بعدد من الزيارات شملت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المشاركة في العدوان والمؤيدة له وغيرها من دول العالم، وبذل جهدا كبيرا لوقف إطلاق النار، لكنه لم يوفق في جهوده بسبب تعنت ورفض إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لفكرة انهاء الحرب!
الملك عبد الله الثاني يجيد قراءة الوضع السياسي العربي والدولي، ويعرف بدون شك نوايا دولة الاحتلال وخطرها على مستقبل ووجود الأردن؛ ولهذا فإن الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في غزة والضفة تمنحه فرصة قد لا تتكرر لإظهار تلاحمه مع شعبه واحترامه لإرادته ودعمه للشعب الفلسطيني بقطع العلاقات السياسية والتجارية مع دولة الاحتلال، وتعليق العمل باتفاقية وادي عربة للضغط عليها لوقف حربها البربرية على غزة، وقبول حل الدولتين الذي قبله الفلسطينيون ومعظم دول العالم. وإذا نجحت إسرائيل في تحقيق نصر واضح في غزة، وأعادت احتلالها، وأقامت فيها العديد من المستوطنات، وأفرغتها من معظم سكانها، فستكون الضحية القادمة الضفة العربية وبعدها الأردن!