اسرائيل الروبوت الذي يقاتل الانسان .. الكأس المقدس في غزة
بقلم: نارام سرجون
اذا أردت أن أكون صادقا مع نفسي وأجلس أمام المرآة لأعترف فانني سأنظر في عيني خجلا من عجزي وضعفي وأنا أرى مجزرة الطفولة في غزة .. سأرى في المرآة وجوه أطفال صغيرة تنظر الي .. في عيني .. لتحاكمني: فأطلب منها الرحمة والغفران واصرخ طالبا منها أن تصفح عني لأنني مجلل بالعار والذل .. وسأبقى أردد في عيني كل طفل انطفأ فيهما الضوء: واخجلي منك ويا للعار .. اذ أطلقت عليك النار .. فتدفق من شفتيك دمي ..
ان كل أطفال غزة قتلوا بأيدينا نحن العرب .. نحن من أطلقنا عليهم النار بخذلانهم والسماح للغرب أن يأكل لحكهم أحياء .. ودماؤهم التي تتدفق من افواههم ..هي دمائي ودماؤكم ..
أعترف أن يوم السابع من اكتوبر ملأني نشوة حتى ثملت .. وكنت في كل ساعة من ذلك اليوم أحس أنني كنت أردد مقطعا من أغنية “سورية يا حبيبتي” الذي يقول: (الآن .. لأني عربي ).. كنت أشرب من كأس النصر .. وأكرع حتى أخر قظرة .. ثم أسكب من قارورة غزة كأسا آخر .. ثم كأسا آخر .. ولا أشبع ..
كنت أتوقع ان تصاب اسرائيل والغرب بالجنون والهستيريا .. وكنت أعلم ان الغرب أكثر من اسرائيل هو الذي سيحارب وسيصاب بالسعار لأنه هيبته هي التي سحقت .. وان الروبوت الذي صنعه وسماه اسرائيل قد اختلت برمجته وتمكن مقاتلون بسطاء من فكه وفك قطعه .. ونظرياته المغرورة بالتكنولوجيا والتفوق العلمي هي التي هزمت وسحقت عبقرية الكومبيوترات والروبوتات والذكاء الصناعي الذي يمثله مشروع بناء اسرائيل بخلق مخلوق جديد بالقوة ضد الطبيعة والمنطق وضد الله .. وكل المشروع الغربي الذي يصب محاليله ومنجزاته واعصابه في اسرائيل ويمد اليها أنابيب الانعاش من أوروبة واميريكا .. كل هذا تبين أنه لا يساوي أبدا قيمة الانسان الذي تنبته الارض .. وأن الروح أقوى من كل المفاعلات والمعادلات الفيزيائية والكيميائية ..
لكن أعترف ان الغرب قد سرق نصري ونشوتي .. وأفسد علي مذاق النبيذ .. وسكب في قارورة غزة دما غزيرا اختلط طعمه مع طعم النصر .. نبيذ بنكهة الدم .. ودم بنكهة النبيذ ..
يدرك الغرب ويدرك الاسرائيليون ان الانتصار على ذلك اليوم واقتلاعه من الضمير والوعي والذاكرة صار مستحيلا .. فقرر أغراقه بالدم .. كيلا نراه .. وكيلا نتذوقه .. وكيلا نشم عطر الغار القادم منه .. ونجح انه أفسد علينا لذة النصر .. وحعلنا لا نهنأ بلقمة ولا بجرعة ماء .. لأنها صارت تعذبنا ونحن نرى أهلنا يموتون وشعوب العرب عاجزة عن ايقاف المجزرة ..
الحرب ستنتهي .. ولكن اسرائيل الروبوت الاوروبي الذي تم تفكيكه صار الغرب يعرف امكاناته المحدودة .. وصار يعلم ان الروبوت لا يمكن أن يقاتل الانسان .. وأن الروبوت لا يمكن أن ينتصر .. اسرائيل وكل كيان استيطاني مزروع يستحيل ان يعيش طويلا .. وتعثر الجيش الذي كان لا يقهر ويجتاح 3 دول عربية ويبتلع خمسة أضعاف مساحة دولته في 6 أيام .. لم يعد قادرا ان يسير في شارع في غزة بعد 60 يوما .. لا ستة ايام ..
ما يعزيني أن اسرائيل تموت بالتدريج وهي لا تدري أنها تموت .. تموت نفسيا وأخلاقيا .. تموت نظرياتها .. وتموت حكاياتها .. ويموت الهولوكوست الذي عاشت عليه .. وتموت كالأفعى التي ظنت أنها تعيش كلما بدلت جلدها .. ويتبين للجميع أن الروبوت يبقى (روبوت) .. وأن الانسان يبقى انسانا .. ومن يقارن الروح بشحنة كهرباء صنعها الانسان ؟؟ ومن يقارن حرارة الجسد ببرودة المعدن واسلاك الكهرباء ..؟؟ ومن يقارن بين الزيتونة وزيتها وبين لوحة زيتية لشجرة زيتون .. هذا هو الفرق بين مشروع اسرائيل ومشروع فلسطين .. اللوحة التي رسمها فنان أوروبي .. والزيتونة التي زرعها فلسطيني ..
انه الفرق بين السيد المسيح وبين يهوذا ..
ان فلسطين هي السيد المسيح .. وكأسها المقدس في غزة .. ويهوذا يملأ الكأس المقدس بالدم كي يفسد العشاء الالهي بين العالم وبين غزة .. ولكن هذا الدم هو نفسه دم السيد المسيح .. فكل دم مظلوم هو دم السيد المسيح .. وكل فدائي يفتدي الانسان بدمه يفعل كما فعل السيد المسيح … وغزة تفتدي العالم .. وتخلص البشر من آثامهم وذنوبهم .. وتصلب اليوم وتجلد وتنزف .. ولكن .. للأقدار كلمتها .. وويل لمن يعاند الأقدار .