ذا هيل: اندفاع بايدن “الغريزي والاعمى” لدعم العدوان الصهيوني يضعه في مأزق سياسي كبير يهدد إعادة انتخابه للرئاسة

 

وضعت الحرب الناشبة حاليا في الشرق الأوسط بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة “حماس” الرئيس الأمريكي جو بايدن في مأزق سياسي كبير بشكل بات يشكل خطرا حقيقيا على مستقبله في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تحل خلال عام.

ويرى تحليل نشره موقع “ذا هيل” أن إيمان بايدن “الغريزي والقوي” بحق دولة الاحتلال في الرد على هجوم “حماس” بكل الطرق يكلفه خسارة الدعم من أعضاء الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي وأماكن أخرى، والذين باتوا يشعرون بالاشمئزاز من فداحة الخسائر البشرية التي خلفتها حملة تل أبيب في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.

ومع ذلك، إذا كان بايدن أقل دعماً للاحتلال، أو حتى خفف من التزاماته من خلال الإشارة إلى الحاجة إلى حماية حياة الشعب الفلسطيني، فقد يخسر شرائح كبيرة من السكان اليهود في أمريكا وغيرهم أيضا.

دعم أعمى
ويقول التحليل إنه في البداية، لم يولي بايدن سوى القليل من الاهتمام لهذه التداعيات السياسية، وقدم لدولة الاحتلال دعما لا لبس فيه وكاملا في تصريحاته في البيت الأبيض، قائلا: “لا يوجد مبرر للإرهاب.. لا يوجد أي مبرر”.

وقال الرئيس إن “حماس هي شر خالص ومحض”، ووصف حملتها ضد الاحتلال بأنها “فظائع على نطاق مروع”، وأصر على أن أمن الولايات المتحدة على المحك وأعلن عن نشر أصول عسكرية في المنطقة.

وتابع بايدن: “مثل كل دولة في العالم، لإسرائيل الحق في الرد، بل من واجبها الرد، على هذه الهجمات الشرسة. […] لا شك أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل”.

وشدد الرئيس الأمريكي على دعمه من خلال السفر إلى دولة الاحتلال في 18 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، واحتضان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمعنى الحرفي والمجازي.

تغييرات طفيفة
لكن في الآونة الأخيرة، حدثت تغييرات طفيفة ولكن ملحوظة في موقف الرئيس، كما يقول التحليل.

وكما يشير تقرير “رويترز” بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول، غيّر بايدن وفريقه لهجتهم بشكل ملحوظ بشأن الأزمة بين تل أبيب والفلسطينيين في الأيام الأخيرة، حيث انتقلوا من الدعم غير المحدود للاحتلال إلى التأكيد على الحاجة إلى حماية المدنيين الفلسطينيين في غزة قبل الهجوم البري الإسرائيلي.

ويعزو مسؤول أمريكي، نقلاً عن مصادر في المقال هذا التغيير إلى حقيقة أن “الإدارة لم تكن تتوقع ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين بالسرعة التي حدثت بها – الآن أكثر من 7000 قتيل في غزة، كما يقول المسؤولون المحليون – أو أن يتدهور الوضع الإنساني بهذه السرعة”.

إحصائيات مقلقة
ولكن حتى مع تطور موقفه، يواجه بايدن وضعا سياسيا معقدا – فقد كانت التداعيات السياسية المحلية سريعة ودراماتيكية، وتشير إلى مشكلة جديدة في محاولته لإعادة انتخابه المضطربة بالفعل.

في 26 أكتوبر، ذكرت مؤسسة “جالوب” أن معدل الموافقة على أداء الرئيس جو بايدن بين الديمقراطيين انخفض بنسبة 11 نقطة مئوية في الشهر الماضي إلى 75%، وهي أسوأ قراءة لرئاسته من داخل حزبه.

وقد أدى هذا الانخفاض إلى انخفاض معدل قبوله الإجمالي بمقدار أربع نقاط إلى 37%، وهو ما يتوافق مع أدنى مستوى شخصي له.

كما أشارت “جالوب” إلى أن “قبول بايدن بين المستقلين انخفض أربع نقاط إلى 35%”.

ويعكس فقدان الدعم من أعضاء حزبه حقيقة مفادها أن التعاطف مع الفلسطينيين الآن أكبر بين الديمقراطيين الذين يعتبرون أنفسهم ليبراليين في مسألة دعم الاحتلال الإسرائيلي.

وقد وجد استطلاع أجرته “جالوب” في مارس/آذار 2023 أنه “بعد عقد من الزمن أظهر فيه الديمقراطيون تقاربًا متزايدًا تجاه الفلسطينيين، فإن تعاطفهم في الشرق الأوسط أصبح الآن مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين، 49% مقابل 38%”.

وفي نفس الوقت، فإنه في عام 2020، اختار الناخبون اليهود بايدن على المرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب بهامش 77% مقابل 21%.

وإذا كلف التعاطف المتغير الذي وثقته مؤسسة “جالوب” الدعم اليهودي لبايدن في عام 2024، فإن احتمالات إعادة انتخابه ستتضرر بشدة.

فجوة الأجيال
ويشير التحليل إلى وجود فجوة بين الأجيال الأمريكية في التعاطي مع الأزمة الحالية، حيث يرى جيل الشباب أنه لا يجب تقديم كل هذا الدعم الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، بينما ترى الأجيال القديمة أن الالتزام بحماية تل أبيب يجب أن يكون صارما.

ولا يستطيع بايدن حمل خسارة الدعم بين الناخبين الشباب الذين أدلوا بأصواتهم بأعداد قياسية في عام 2020 – حيث أدلت أغلبية كبيرة منهم بأصواتهم لصالح بايدن.

لكن عام 2023 يقدم صورة مختلفة، حيث يشعر الناخبون الشباب بالغضب بالفعل من الرئيس قبل احتضانه لدولة الاحتلال.

غضب المسلمين الأمريكيين
وتشير التقارير الإخبارية الأخيرة أيضًا إلى أن دعم بايدن لإسرائيل قد أثار الغضب بين المسلمين والأمريكيين العرب في ولايات مثل ميشيجان، وهي الولايات التي أعطته نصيب الأسد من أصواتها في انتخابات عام 2020.

وكما لاحظت صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لبايدن من هذه الانقسامات هو حقيقة أن “الأصوات الديمقراطية الأكثر انتقادًا في قاعات الكونجرس للحرب في غزة تعود للديمقراطيين السود واللاتينيون الذين ساعدوا في تعزيز فوزه عام 2020”.

 

واعتبارًا من يوم الخميس الماضي، كان جميع أعضاء مجلس النواب الثمانية عشر الذين وقعوا على قرار يدعو إلى “وقف التصعيد الفوري ووقف إطلاق النار في إسرائيل وفلسطين المحتلة” .

ويقول التحليل إنه بالنسبة لرئيس كان هامش فوزه عام 2020 في الولايات المتأرجحة ضئيلًا للغاية ويواجه بالفعل فجوة كبيرة في الحماس في الانتخابات المقبلة، فإن ردود الفعل مثل هذه بين مؤيديه الأساسيين والناخبين المستقلين تعد أخبارًا سيئة.

ويختم الكاتب بالقول: “يمكن أن يحدث الكثير من الآن وحتى يوم الانتخابات في العام المقبل، ولكن قد يتبين أن تعامل جو بايدن مع الوضع في الشرق الأوسط سيكون حاسماً لاحتمالات تمسكه بالبيت الأبيض”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى