فايزة أحمد تُقيّم أصوات فيروز وشادية وصباح ونجاة وسعاد محمد

يتميز صوت المطربة العريقة فايزة أحمد، التي رحلت يوم 21 سبتمبر عام 1983، بانه مفعم بالعذوبة والأنوثة والشجن المحبب، وعن صوتها يقول الناقد الموسيقي محمد سعيد: (أفضل ما يمكن قوله عن صوت المطربة الكبيرة فايزة أحمد، أنه صوت صادق الأذن العربية منذ الخمسينات، وتميز بموقع خاص كان من الصعب تقليده أو إعطاء وصف دقيق له) .
وأضاف الناقد الموسيقي: عرف الناس صوت فايزة أحمد بحلاوته وطلاوته وتعبيره الرخيم، وعرف أهل المغنى قدر هذا الصوت الذي يتميز بالاتساع والجمال وسعة التردد والتميز.
فقد كان للصوت القادم من المشرق إلى وادي النيل العديد من صفات التميز التى تجعل للصوت حضوره وبريقه الذي يميزه عن غيره.
وقد كان لفايزة أحمد رأيها في حق أصوات بعض الزميلات، حيث أدلت بهذا لمجلة (الكواكب) المصرية في نهاية السبعينات.
في البداية تقول فايزة أحمد: أساس نظرتي إلى المغنية العربية هو تمكنها أو عدم تمكنها من الأداء المرتكز على استيعاب عميق، وفهم دقيق لمقامات الألحان العربية، بحيث تبدو هذه المقامات في أجمل وأكمل صورة يمكن لصوتها أن يصل إليها.
والمغنية التى تؤدي اللحن بجمود ولا تستطيع أن تتحرك خلاله بفنها وتملؤه بما نسميه نحن أهل صناعة الغناء بالحليات اللحنية أو (العُرَب)، هذه المغنية بالمقاييس الفنية الصحيحة لا صلة لها بالغناء ولو كان لها صوت واسع المساحة، رنان الذبذبات.
وعلى عكس هذه المغنية العاجزة برغم امتلاكها للمساحة الصوتية والذبذبات الرنانة، تقف المغنية القادرة التى تتحرك بمقدرتها الفنية فوق اللحن أو في داخل اللحن، كما تتحرك اللاعبة الماهرة في السيرك على الحبل المشدود.
وتستكمل فايزة أحمد شهادتها عن بعض زميلاتها فتقول: قبل أن أتحدث طبقا للحروف الأبجدية عن المغنيات اللواتي اختارتهن لي (الكواكب) لابد أن أقول إننا نحن المغنيات في عصر أم كلثوم نشعر بالفخر العظيم، لأننا عشنا في عصر أعظم مطربة في تاريخ الغناء العربي. ولا توجد مطربة حقيقية في مصر ولا في البلاد العربية إلا وقد درست فن أم كلثوم واستفادت منه بقدر ما استطاعت.
سعاد محمد
تقول فايزة أحمد: يسميها بعض النقاد الصورة (النيجاتيف) أو الصورة السلبية لأم كلثوم، وهذا في الحقيقة ليس تجريحا لصوت (سعاد محمد) وفنها الجميل، فكل إقتراب من صورة أم كلثوم إيجابا أو سلبا هو نجاح بالرغم من كل ما يقال عنه.
وسعاد محمد ذات صوت أنيق دافئ مدرب تدريبا صحيحا قادرا على الأداء العربي متعدد الطبقات، قادرا على الإنطلاق بغير تعثر، وتصور اللحن بلا تزييف.
عيبها عدم اهتمامها بفنها كما ينبغي، فالفن لا يريد شركاء في حبه، فهو يريد مجهود وشغل ومتابعة باستمرار.
شادية
أما عن صوت شادية فتقول فايزة أحمد: نضارة الوردة التى لا تذبل، فإن صوتها الذي غنت به فترة غير قصيرة ما زال يحتفظ بكل مزاياه التى عرفها جمهوره من أول لقاء.
وفي فترة من حياتها الفنية قيل لشادية: اتركي الغناء وإكتفي بالتمثيل لأنك أصبحت ممثلة عظيمة، وفعلت شادية ذلك، ولكنها سرعان ما تبينت أن الصوت لا يمكن اعتقاله داخل الحنجرة. أو داخل الصدر، وإنها لا بد أن تعود إلى الغناء وعادت تغني وتسعدنا بفنها الرائع الذي يحمل شخصيتها.
صباح
صوت صباح لبناني الملامح كما ذكرت فايزة أحمد، ولكنه قادر تماما على أداء الغناء المصري قدرة لا جدال فيها، والحقيقة أن التكوين الفني لصباح كمطربة قد تم في مصر، فأصبحت مطربة مصرية الروح.
ولكنها لم تنفطع عن جذورها الفنية الأولى المنغرسة في جبل لبنان، وقد لمعت في مصر مغنيات لبنانيات أخريات قبل وبعد صباح، ولكن صباح وحدها صمدت في الميدان وتمكنت من التألق الدائم.
فيروز
أحب صوت فيروز في جميع أحواله، – هكذا تؤكد فايزة أحمد – وهو صوت ثمين ونادر، وقد نجحت وقفز اسمها إلى كل البلاد العربية، وهى مازالت تتخذ مقر فنها وعملها بيروت، وهذا نجاح لم يتحقق مثله لمطربة أخرى الآن.
وأنا شخصيا أحب صوت فيروز عندما تغني بأحبالها الصوتية الطبيعية، وأيضا عندما تغني بالصوت المستعار، أي بغير الصوت المعتاد.
وأنا مثلي مثل جمهور فيروز أحب غناءها في الحالتين، ولا نملك إلا الإستماع إليه بحب وإنصات وشغف، لأنه يستحق الإنصات إليه.
نجاة الصغيرة
ترى فايزة أحمد أن نجاة لم تعد نجاة الصغيرة! كما كانوا يسمونها، فقد أكتسبت دراية طويلة ومعرفة فنية غير قليلة، ومن مزاياها أنها تستخدم مساحة صوتها إستخداما ذكيا يساعدها عليه استيعابها للغناء وإحساسها به.
وقد استطاعت نجاة أن تكرس نفسها كمطربة ذات لون خاص تنفرد به، وهذا اللون الغنائي الخاص يقوم بيه وبين صوتها توافق مما يساعدها على تمهيد طريقة القبول له عند المستمعين.