دبي (رويترز) – قالت مصادر مطلعة إن الأزمة التي تجتاح إسرائيل أصبحت محور اهتمام أعدائها في أنحاء الشرق الأوسط الذين عقدوا اجتماعات رفيعة المستوى لتقدير حجم الاضطرابات وكيفية الاستفادة منها.
وأبدى الخصوم، بمن فيهم حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، سعادتهم لرؤية إسرائيل ممزقة بسبب الأزمة التي أشعلتها تحركات الحكومة لإقرار تعديلات قضائية لا سيما تهديدات جنود الاحتياط بالتوقف عن المشاركة في الخدمة العسكرية.
وبخلاف الدعاية التي تبثها الجماعات التي تتوق لرؤية زوال إسرائيل، كرست هذه الجماعات أيضا اهتماما خاصا للأزمة في اجتماعات مغلقة، معتبرة الأزمة نقطة تحول محتملة لإسرائيل.
وقال دبلوماسي إيراني إن الموضوع نوقش في اجتماع استمر ثلاث ساعات الأسبوع الماضي شارك فيه قائد كبير في فيلق القدس الإيراني، ذراع الحرس الثوري الإيراني التي تقدم الدعم العسكري لحلفاء طهران، ومسؤولان أمنيان إيرانيان ومسؤولان من حركة حماس الفلسطينية.
وبعد أن خلصوا إلى أن الأزمة قد أضعفت إسرائيل بالفعل، اتفقوا على ضرورة الامتناع عن أي “تدخل مباشر”، حتى لا يعطي ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذريعة لإلقاء اللوم على الخصوم من الخارج.
وامتنع مصدر في حماس عن التعليق على هذا، قائلا إن هناك مناقشات تجري بين حماس وإيران وفيلق القدس “حول الوضع برمته وللبحث في سبل تطوير أساليب المقاومة”.
ولم يتسن على الفور الوصول إلى وزارة الخارجية الإيرانية ومكتب العلاقات العامة بالحرس الثوري للتعليق.
دوريات حزب الله
تمثل الاضطرابات واحدة من أخطر الأزمات الداخلية منذ قيام إسرائيل في عام 1948 الذي أطلق العنان لعقود من الصراع مع الدول العربية والفلسطينيين الذين يسعون لإقامة دولة على أراض تحتلها إسرائيل.
وأقر الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين أول مشروع قانون للتعديلات القضائية يحد من صلاحيات المحكمة العليا في البلاد مما أثار مزيدا من احتجاجات الإسرائيليين الذين يرون في هذه الخطوات تهديدا لديمقراطيتهم.
وتسربت الانقسامات إلى الجيش الإسرائيلي الذي خاض صراعات كثيرة مع حزب الله اللبناني وجماعتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين المدعومتين من إيران.
وقال زعماء الاحتجاج الإسرائيليون إن آلافا من جنود الاحتياط المتطوعين قد يمتنعون عن الخدمة إذا واصلت الحكومة السير في نهجها، وحذر ضباط كبار سابقون من أن جاهزية إسرائيل لخوض الحروب قد تكون في خطر.
وقال مصدر لبناني إن مقطعا مصورا تداولته وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء أظهر مقاتلين من حزب الله يقومون بدورية نادرة مباشرة عند الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
وقال المصدر إن الدورية على طول الحدود الوعرة حيث تصاعد التوتر في الآونة الأخيرة، لا علاقة لها بالأحداث في إسرائيل. وامتنع المكتب الإعلامي لحزب الله عن التعليق.
لكن المصدر قال إن مسؤولي حزب الله ناقشوا الأزمة بالتفصيل على أعلى المستويات. وأضاف المصدر أن الجماعة تنظر إلى الأزمة على أنها تطور يمكن استغلاله في المستقبل.
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، يوم الثلاثاء، إن الجيش الإسرائيلي “جاهز للقتال وسيظل جاهزا للقتال” على الرغم من احتجاج جنود الاحتياط الذين اتهمهم بمحاولة “توجيه مسدس إلى رأس الحكومة”.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمة ألقاها يوم الاثنين إن إسرائيل تسير “على طريق الانهيار والتشرذم والزوال إن شاء الله”.
وقال ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على منصة للتواصل الاجتماعي إن “قلب النظام الصهيوني في أزمة أعمق من الأزمة في قلب رئيس وزرائه”، في إشارة إلى جهاز تنظيم ضربات القلب الذي تم زرعه لنتنياهو يوم الاثنين.
وتأتي الأزمة في وقت تصاعدت فيه أعمال العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، لا سيما في الضفة الغربية، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة مسلحين فتحوا النار على الجنود من سيارة يوم الثلاثاء.
وأعلنت حماس أن المسلحين من أعضائها.
وتقول مصادر مقربة من حماس والجهاد الإسلامي إن الجماعتين تراقبان عن كثب الاحتجاجات في إسرائيل وإن صور الاحتجاجات تثلج صدورهما ويأملان في تفاقم التوترات.
لكن قلقا يستبد بالجماعتين من احتمال أن يسعى نتنياهو لتحويل الانتباه عن الأزمة الداخلية بخوض صراع ضد أعداء إسرائيل مما قد يوحد شعبها.
وقال عدنان أبو عامر المحلل السياسي في غزة “إنهم يتابعون الأمر بجدية لتقييم كيف يمكن أن ينعكس ذلك عليهم وما إذا (كانت) إسرائيل ستحاول أن تصدر أزمتها الداخلية”.
تراجع شعبية نتنياهو
هذا وقد أظهر استطلاعان للرأي أن نسبة التأييد لبنيامين نتنياهو تراجعت بسبب تعديل قضائي دفع به ائتلافه اليميني المتطرف مما عمق أزمة هزت إسرائيل وتسربت إلى داخل الجيش وأضرت بالاقتصاد وأثارت استياء واشنطن.
ووفقا للاستطلاعين، اللذين نشرتهما في وقت متأخر من مساء امس الثلاثاء محطتان إخباريتان رئيسيتان في إسرائيل، فإنه إذا خاض نتنياهو انتخابات الآن فسيتراجع عدد مقاعد ائتلافه الحاكم من 64 إلى 52 أو 53 في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.
وذكر استطلاع نشرته قناة إن12 نيوز الإسرائيلية أن المقاعد التي حصل عليها حزب الليكود بزعامة نتنياهو ستتراجع من 32 إلى 28 وتوقع استطلاع على القناة 13 أن مقاعد الحزب ستتراجع إلى 25.
وكان قد تشكل ائتلاف نتنياهو الحاكم المؤلف من أحزاب قومية ودينية بعد انتخابات جرت في نوفمبر تشرين الثاني. وأقر البرلمان يوم الاثنين تشريعا سيحد من بعض صلاحيات المحكمة العليا رغم احتجاجات حاشدة في الشوارع واعتراضات شرسة من المعارضة.
وذلك هو أول إقرار في البرلمان لمشروع قانون من ضمن خطة تعديلات قضائية تم الإعلان عنها في يناير كانون الثاني وتسببت في خروج احتجاجات غير مسبوقة في الشوارع وأثارت قلقا دوليا على وضع الديمقراطية في إسرائيل.
وحصل نتنياهو على نسبة تأييد بلغت 38 بالمئة من المشاركين في استطلاع قناة إن12 الذي أظهر أيضا أن أغلبية الإسرائيليين يريدون إما التخلي عن خطة التعديلات القضائية بالكامل أو التفاوض عليها مع المعارضة. وأيد أقل من ربع المشاركين خطة التعديلات الحالية.
ويواجه نتنياهو محاكمة بسبب تهم فساد ينفيها وقال إنه يريد السعي إلى توافق على أي تشريع آخر بحلول نوفمبر تشرين الثاني.
وحثته الولايات المتحدة على التوصل لتوافق واسع النطاق على التعديلات القضائية ووصفت إقرار تشريع يوم الاثنين بأنه “مؤسف”.
لكن ائتلاف نتنياهو أصر على التعديلات التي يقول إنها ستحد من تخطي المحكمة العليا لصلاحياتها وتدخلها في السياسة.
وينص القانون الجديد على أن المحكمة العليا لا يمكنها إبطال قرارات حكومية ووزارية عن طريق اعتبارها غير معقولة.
ويرى معارضون أن التعديلات تم الدفع بها على عجل إلى البرلمان وستفتح الباب لإساءة استغلال السلطة من خلال إلغاء أحد آليات الرقابة الفعالة على السلطة التنفيذية في إسرائيل التي ليست لديها دستور مكتوب.
وقد توسع نطاق الانقسام ليصل لصفوف الجيش، إذ قال جنود احتياط متطوعون إنهم لن يستجيبوا لاستدعاءات الخدمة. كما حذر قادة كبار في الجيش من أن ذلك قد يعرض جاهزية إسرائيل لخوض حرب للخطر.
وقالت خدمة موديز إنفستورز للمستثمرين، يوم امس الثلاثاء، إن الأزمة سيكون لها على الأرجح تبعات سلبية على أمن واقتصاد إسرائيل.