الشيخ إمام عيسى.. حالة غنائية استثنائية وغريبة على المجتمع المصرى والجمهور العربي، فهو متفرد في غنائه وحصل على إعجاب البسطاء والمثقفين وطلبة الجامعات، لانه أدى الغناء السياسى بشكل جديد وكوّن ثنائيا مع الشاعر أحمد فؤاد نجم، ومن أشهر أغنياته ” مصر يا أمه يا بهية “، وقد تصادم مع السلطة واعتقل عدة مرات، ورحل في مثل هذا اليوم من 1995.
ولد الشيخ إمام عيسى عام 1918 بالجيزة، وقد أصيبت عيناه بالرمد في سنوات ميلاده الأولى ومنيت بالعمى، فاتجه إلى حفظ القرآن كاملا وهو دون الثانية عشر، سكن منطقة الحسين المعروفة بالقاهرة، وفيها تعودت أذناه على سماع الطرب والموسيقى، ثم تتلمذ على يد الشيخ درويش شعراوى وأتقن العزف على العود على يد الموسيقار كمال الحمصانى.
علاقته بالشيخ زكريا أحمد
اهم المحطات في حياة الشيخ إمام عيسى كانت محطة علاقته بالملحن زكريا أحمد، فقد كانت فارقة فى حياته لانها وضعت قدميه على أعتاب مجال الموسيقى والغناء، بعدما تعلم التلحين واتخذه زكريا أحمد مستشارا له.
لقاء الشاعر احمد فؤاد نجم
وجاءت المحطة الفاصلة الثانية في حياة إمام عيسى عام 1962، عندما التقى بالشاعر أحمد فؤاد نجم، حيث شكَّل الاثنان ثنائيًا ناجحًا فى تاريخ الغناء السياسى.
تعرف على الشاعر أحمد فؤاد نجم في أوائل الستينيات عن طريق سعد الموجى الذى كان صديقا مشتركا للطرفين، وبدأ الثنائى امام ونجم تقديم أشهر أغانيه وكانت باكورة إنتاجه أغنية “أنا أتوب عن حبك..أنا اللى في بعدك هنا..أنا باترجاك الله يجازيك..ياشاغلنى معاك” التي لحنها الشيخ امام بعدها أصر أحمد فؤاد نجم ان يقيما معا في حجرة واحدة بحوش قدم بالغورية، وبدأ في عمل شكل جديد للاغنية السياسية الملتزمة التي بدأت تعرف طريقها الى أذان وعقول المصريين مثل: ” أنا الاديب الأدباتى..غايظنى حال بلدياتى، وجيفارا مات، ويا عبد الودود، وغيرهم مفيش، وشيلنى واشيلك.
يقول الشيخ إمام في مذكراته: في سنة 1962 التقيت بنجم وكان لقاؤنا بداية جديدة لى وله معا، سألنى عندما التقينا وبعد أن استمع إلىّ.. لماذا لا تلحن؟ فقلت: لأننى لا أجد الكلمات فقال لى: أسمع هذا النموذج وقدم لى أغنية عاطفية لحنتها على الفور، وحين بدأت فى التلحين اكتشفت إلى أي حد يمكن لمقرئ القرآن الكريم الذى حفظه جيدا وأتقن لغته وأساليب تجويده أن يكون ملحنا.. بل أن يكون سيد الملحنين لو كان يستمتع بقدر من الموهبة..
أول مواجهة مع الجمهور
كانت اول مواجهة مع الجمهور في عام 1968 حين اقام الشاعر احمد فؤاد نجم، والشيخ امام عيسى حفلا غنائيا بنقابة الصحفيين حضرها اكثر من الف مدعو، وكتبت الصحف المصرية الرسمية الثلاث عن الحفل، لتطلبهما إذاعة صوت العرب بعدها بيومين وقدمت لهما شيكا بعشرين الف جنيه، لكنهما رفضا واعتبراها رشوة لتأييد السلطة فطردا من الإذاعة ومنعت اغانيهما حتى التسعينات.
قدم الشيخ امام أغنية الفول واللحمة أثناء ثورة 18 و19 يناير التي وصفها انور السادات بانتفاضة الحرامية، فتم اعتقاله ولم يفرج عنه إلا بعد اغتيال السادات على يد الجماعات الإسلامية.
صباح الخير ع الورد اللى فتح
من أشهر أغانيه: مصر يا أمه يا بهية يام طرحة وجلابية، البحر بيضحك ليه؟، قوقة المجنون، همه مين واحنا مين؟، نيكسون بابا، فاليرى جيسكار ديستان، اتجمعوا العشاق، والفلاحين، ساعة العصارى، عشق الصبايا، صباح الخير على الورد اللى فتح في جناين مصر، دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين وغيرها.
روح مصرية خالصة
لم يقتصر غناء الشيخ إمام ونجم على أشعار نجم فقط، بل غنى من اشعار نجيب سرور وفؤاد قاعود وزين العابدين وتوفيق زياد، وقد صف نقيب الصحفيين المصريين يومذاك، كامل زهيرى صوت إمام بأن فيه قسوة وفكاهة وروح مصرية هى أقرب إلى ألحان الشعب، أما كلمات نجم فهى صريحة وقاسية ومليئة بالمفارقات وطازجة.