منذ ان عرفت البشرية عصر الدولة ، كل الامم والشعوب تخوض حروبها تنتصر وتهزم، ولكن التاريخ يذكرنا ان الهزيمة لا تكون كذلك الا عندما تقبل امة او شعب ما ان تهزم ارادتة ، ويسلم لعدوه بكل ما يريده العدو .
تلك هي الهزيمة، لكن لا هزيمه لأمة تملك ارادتها وتؤمن بالمقاومة كخيار استراتيجي لها، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة .
وانطلاقا من ذلك فان كل شعوب الارض استعمرت وانتهكت سيادتها بما في ذلك الولايات المتحدة ، ولكن الشعوب التي استمرت بالمقاومه وخاضت معاركها انتصرت وهزمت المستعمرين ، وكل شعب امتلك ارادتة وقاوم لتحرير وطنة حصل على على حقه بالحرية والاستقلال وتحرير الارض والانسان .
ويبدو ان امتنا العربية وخسارتها لمعركة لم تخضها اصلا يراد لها ان تكون هزيمة ، وتصوير معركة الخامس من حزيران يونيو عام 1967م التي تمر اليوم ذكراها الــ56 كأنها نهايه التاريخ واخر المطاف ، رغم حقائق التاريخ التي تؤكد لنا ان العدو الصهيوني لم ينتصر في معركة منذ تلك النكسة التي ما كان لها ان تتم لولا الدعم الامريكي المطلق عسكريا ومخابراتيا، اضافة لتواطؤ مجمع الملوك العرب بدون استثناء ، ذلك لان طيران العدو انطلق من بعض القواعد الامريكية الموجودة على الارض العربية ليدمر الطيران المصري منهيا.
ويحقق (اصطياد الديك الرومي) في اشاره واضحه للزعيم جمال عبدالناصر .
ولكن هل تلك النكسة كانت نهاية التاريخ وخاتمة الصراع العربي الصهيوني كما يدعي فلاسفة الهزيمة ، الحقائق والواقع وحركة التاريخ تقول غير ذلك، فبعد شهر من النكسة حدثت معركة راس العش التي خسر فيها العدو عددا كبيرا من افضل نخبه العسكرية لتكون بداية لحرب الاستنزاف او حرب الثلاثة اعوام ، كما وصفها الفريق اول محمد فوزي رحمه الله ، وهو احد اهم رموزها، و بعدها تولت هزائم العدو ومنها معركة الكرامة الخالدة على يد الجيش الاردني والفدائيين الفلسطينيين، وقاد تلك المعركة الخالدة الفريق البطل مشهور حديثة الجازي رحمه الله ، كما خسر العدو حرب أكتوبر التي كانت بدايتها تبشر بنهاية العدو حتى أن جولدا مأير صرخت مستنجدة بالرئيس نيكسون قائلة “انقدوا اسرائيل وأذا تأخرتم أخشى ان لا تجدوا شئاً تنقذوه” ، ولولا خيانة السياسة للسلاح في تلك الملحمة لتغير وجه التاريخ بعد العبور العظيم للجيش المصري لقناة السويس ولشقيقه السوري هضبة الجولان ، وللاسف حدثت كارثة وقف التعبئة والوقوف للجيش المصري بأمر من قائده الأعلى وفتحه للخط الساخن مع السافل الصهيوني هنري كيسنجر بشكل خاص .
وكما هو معروف كيسنجر صهيوني متطرف أكثر من جولدا مائير وحصل ما هو معروف، كما فشل الكيان الصهيوني في حربه على لبنان وأجبر على الأنسحاب وهو صاغر تحت ضربات المقاومة اللبنانية الباسلة وعلى رأسها حزب الله العظيم .
كما فشل العدو بحروبه المستمرة على غزة العزة ولم يحقق أيا من أهدافه، اللهم ألا قتل المدنيين الأبرياء وجرائم يندي لها الجبين الأنساني المغيب بالهيمنة الأمريكية.
نكسة حزيران يونيو كانت خسارة معركة في حرب وجود طويلة، فهي لم تكن معركة ولكنها كانت عدوانا أطرافه الأمريكان الصهاينة، وذيولهم من خونة العرب بكل أسف، ولعل الوثائق الصهيونية التي صدرت تفضح الكثير من هولاء الملوك في الكيان الصهيوني ذاتة من خلال بعض الكلمات التي فلتت كانها زله لسان بمناسبة رحيل أي من هؤلاء العملاء والتي ما كانت تقال في الاوضاع الطبيعية لكن امام رهبه الموت تفلت الكلمات المقصود بها تعدد خدمات هذا العميل او ذلك .
هذه الانظمة العميلة كانت النكسة بالنسبة لها الصفقة التي ازالت ولو مؤقتا شبح جمال عبدالناصر الذي كان يطاردهم ويهددهم بشعوبهم ، وكان رحيلة بعد ثلاث اعوام من النكسة بمثابه عيد لهم، واذا كان موشى ديان قد وصف رحيل الزعيم الخالد بانة عيد قومي لكل يهودي بالعالم ، فان انظمة الاعتلال العربي لا تختلف مع ديان في هذا الرأي .
ولذلك منذ 56 عاما وهم يسعون لتكريس ثقافه الهزيمة حتى لا يأتي زعيم اخر ناصري وساعدهم بذلك الثورة المضادة بمصر ذاتها التي بدأت فور رحيل الزعيم المفجع ، بدأت بشكل خجول ولكن اسفرت عن وجهها الصهيوامريكي القبيح بعد حرب اكتوبر وطرح مشروع التسوية والحلول الاستسلامية منذ فض الاشتباك ومفاوضات 101كم التي قادت لكامب ديفيد ومقولة خائن العصر انور الساداتي بان 99% من اوراق الحل بيد امريكا التي هي الوجه الاخر للكيان الصهيوني .
نعم ان النكسة كانت ضربة موجعة لحركة المد القومي العربي ولكنها لم تكون نهاية التاريخ ، وما عقب النكسة من هزائم عسكرية للعدو تؤكد ذلك ، وتبقى تلك النكسة الاليمة مهما نفخ بها الطابور الخامس وفلاسفة الهزيمة وكتبة البترودولار خساره معركه وليس كربلاء جديده كما يصورها الخونة المرتجفون.
ويبقى صراعنا مع هذا الكيان المجرم هو صراع وجود وليس صراع حدود، والكيان الصهيوني وحكوماته المتعاقبة منذ كامب ديفيد وملحقاتها وصولا لهذه الحكومة تؤكد ذلك .
رحم الله الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذي وضع لنا خارطة طريق من كلمات معدودة تقول (ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة والخائفون لا يصنعون الحرية والمرتجفون لن تقوى ايديهم المرتجفة على البناء ).
المجد والخلود لشهداء الامة العربية ولكل يد تقاومه بدءاً من البندقية الاصدق دوما من الاقلام المشبوهة والمرتجفة، ولا شك لدينا ان التحرير قادم قادم.. ففلسطين وطن واحد لن يقبل القسمة على اثنين .