الحكم بسجن سعد لمجرد يثير تضارباً شديداً في ردود الافعال

الحرة – دبي

أثارت موجة التضامن الواسعة مع المغني المغربي، سعد لمجرد، المدان من القضاء الفرنسي باغتصاب وضرب شابة، سخط وتنديد نشطاء وحقوقيين رأوا في التعاطف مع نجم البوب العربي، دفاعا عن جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي.

والجمعة، قضت محكمة الجنايات في باريس على لمجرد بالسجن 6 سنوات بعدما توصلت إلى اقتناع بأنه اغتصب شابة وضربها في غرفة فندقية عام 2016، استنادا على ما اعتبرت أنه وصف “ثابت ودقيق” للواقعة أعطته المدعية.

وأعرب عدد من مستخدمي التواصل الاجتماعي، بينهم فنانون ومشاهير مغاربة وعرب، عن تضامنهم مع لمجرد قبل وبعد صدور حكم القضاء الفرنسي، إذ شكك بعضهم في رواية الضحية من خلال إشارتهم إلى “حسن سلوكه وأخلاقه”، أو إثارة نماذج مواجهة عدد من المشاهير لتهم اغتصاب مفتعلة من أجل ابتزازهم أو تدمير مستقبلهم الفني، حسب زعمهم.

وندد نشطاء حقوقيون بحملة التعاطف الواسعة مع الفنان المودع بالسجن، منوهين بخطورة مساندة متهمين أو مدانين في القضايا التي تتعلق بالاعتداءات الجنسية.

وانتقد نشطاء إبداء عشرات الفنانين والإعلاميين المغاربة والعرب دعمهم للمجرد على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم صدور قرار إدانته في قضية الشابة لورا. ب، وأطلقوا حملة لنشر أسماء المتعاطفين للتنديد بسلوكهم.

وتداول نشطاء على منصة تويتر، قائمة تضمنت أسماء أبرز المشاهير المغاربة الذين أعلنوا عن تعاطفهم مع المجرد “في محنته”، ووصل عدد الأسماء التي تم رصدها 142 شخصية.

ولم يتسنَ لموقع “الحرة” التأكد من جميع الأسماء الواردة في قائمة المتعاطفين بشكل مستقل.

“تجاهل مستفز”
في هذا السياق، عبّرت الناشطة الحقوقية، كريمة رشدي، عن أسفها وصدمتها الكبيرة من حجم التعاطف الذي لقيته قضية الفنان المغربي، خاصة تلك التي صدرت من شخصيات فنية.

وأشارت إلى أن هذا التضامن يعكس “غيابا في الوعي أو تجاهلا مستفزا لخطورة جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية”.

وتؤكد الناشطة المغربية، في حديثها لموقع “الحرة”، على “ضرورة تغيير العقليات، فيما يتعلق بالتعاطي مع الجرائم الجنسية”، مضيفة أنه يمكن تفهم تضامن عائلة وأقارب المذنب، لكن الدفاع الواسع من طرف معجبيه أو زملائه في المجال الفني “غير صحي ولا مقبول”.

ولفتت رشدي إلى خطورة التعاطف في مثل هذه الحالات، مشيرة إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى “تباين في التعامل مع المدانين من قضية إلى أخرى أو من شخص إلى آخر بحسب مدى شهرته ونجوميته”، وإلى أيضا “استسهال قضايا الاعتداء الجنسي وتقليل خطورتها”.

ودعت إلى تجنب تبرير أو دعم أي تصرف يمثل تحديا للعدالة والإنصاف سواء كان جريمة قتل أو اغتصاب أو سرقة، والالتزام بتقديم الدعم والعون للضحايا والعمل على توفير بيئة آمنة وعادلة للنسوة اللواتي يقعن ضحية لمثل هذه الاعتداءات.

وقالت إن التضامن بهذا الشكل ومن طرف شخصيات عامة، يمكن أن يؤدي إلى “زيادة الضغط النفسي على الضحايا وعائلاتهم، والتأثير على قضايا مستقبلية تواجه فيها نساء أشخاصا مشهورين أو نافذين”.

“استهتار بالقيم”
بدوره، يشير الباحث في علم النفس الاجتماعي، محمد بنزاكور، إلى أن أثار “هيجان المشاعر والتعاطف” مع لمجرد يمثل “تغييبا للتعقل والمنطق”، موضحا أن مجموعة من الفنانين ومعجبي الفنان “لم يميزوا بحكم تعاطفهم”، بين “ما قبل الإدانة وما بعدها”.

ويوضح الباحث المغربي في تصريح لموقع “الحرة”، أن الدفاع عن الفنان والتعاطف الذي يسبق صدور قرار المحكمة “يبقى مقبولا، لكن استمراره بعد الإدانة يطرح مجموعة من الإشكالات”؛ أبرزها إن كانت هذه الجرائم “لا تمثل بالنسبة لهؤلاء المتضامنين أي مشكلة أخلاقية أو قانونية”، وخاصة الفنانين الذين يفترض أنهم “حملة رسائل السمو والنبل”.

وأشار بنزاكور إلى أن التعاطف بعد صدور الحكم القضائي يتضمن “استهتارا بقيم مجتمعية”، ويوحي بأن هذه الجرائم “مباحة للمشاهير أو الفنانين”.

وبخصوص تبرير بعض المتضامنين دفاعهم عن لمجرد بـ”عدم صدور حكم نهائي”، حيث يتوقع أن يطعن الفنان المغربي في الحكم ضده أمام محكمة الاستئناف، يشير المتحدث أن ” قرار الإدانة الأولي، يفرض على من يصفون أنفسهم بالفنانين، عدم التعاطف بالشكل الذي شاهدناه، والذي يظهرهم في صورة مدافعين عن الاعتداءات الجنسية”.

وشدد بنزاكور على ضرورة تطبيق القانون بشكل كامل وعادل ومنصف، والاحترام الكامل للأحكام الصادرة، مشيرا إلى أن التعاطف الذي يتم تعبيره في هذه الحالات لا يجب أن يؤدي إلى تجاهل ضحايا الجرائم الجنسية وما يعانونه من آثار نفسية.

ودعا في تصريحه إلى ضرورة التمييز بين الأعمال الفنية والإبداعية والحياة الشخصية لأصحابها، والذين لا ينبغي النظر إليهم كـ”رموز معصومة عن الخطأ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى