ما بين الحزن مع جنين والفرح من القدس

بقلم : جبريل عوده *

جريمة صهيونية تنفذ في وضح النهار في قلب جنين ومخيمها الصامد , الرصاص في كل مكان والقذائف تطلق على البيوت الآمنة , والقناصة في كل مكان يصطادون الرؤوس التي تظهر أمامهم مهما كان صاحب تلك الرأس هل هو سيدة تطل من شرفة منزلها أم طفل في طريقه للمدرسة أو رجل يمضي إلى مكان عمله , لا تفريق ولا تمييز فهم فلسطينيون وحسب عقيدة الجندي الصهيوني فإن القتل لهم هو أقصر الطرق لتأمين مهمته الإجرامية في جنين .
تباهى قادة العدو الصهيوني بالجريمة في مخيم جنين , ولم نسمع صوتاً في هذا العالم يدين هذه الجريمة البشعة , والتي أسفرت عن إرتقاء عشرة شهداء والعديد من الإصابات وتدمير البيوت والممتلكات للمدنيين , وباركت حكومة التطرف والإرهاب بقيادة ” نتانياهو وبن غفير” هذه الجريمة وأثنوا على جنود الإحتلال الذين إرتكبوا هذه الجريمة الإرهابية , وبلغت مستويات الغطرسة الصهيونية أعلى مستوياتها وكأنه لا رادع لإجرامهم وتوغلهم في دماء أبناء الشعب الفلسطيني , وأصبحت يتردد في تصريحات قادة العدو المجرمين بأن قانون التعامل مع الفلسطيني سيكون بالرصاص لا غيره .
صباح الخميس (26/1) كان بداية يوم حزين في فلسطين , حيث سيطرت غيمة من الحزن القاتم على صدور الفلسطينيين في كل مكان , وإشتعل مرجل الغضب في نفوس الرجال , وحمحمت خيول الثأر بين عيون الثوار , ونادت الجماهير بالحرب ولو كلفتها نهر دماء , فهذا التجزؤ على الدم الفلسطيني وإستباحته يجب أن يوضع له حد , عبر ردع العدو مهما بلغت مستويات المواجهة , تأهب الفلسطينيين لمعركة الرد والثأر ليشفى الله بذلك نفوس المؤمنين الحزينة بعد جريمة جنين, ويكتب لها نصراً على غطرسة المحتل التي لم تدم طويلاً حتى أذلهم الله عزوجل في مدينة القدس المحتلة , بعدما ترجل الفارس الضرغام خيري علقم مساء يوم الجمعة (27/1), لينفذ فيهم حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه في بني قريضة , فكان الرد سريعاً وموجعاً , ويعطي الرسائل القوية لقادة العدو بأن لحم الفلسطيني مر علقم , وأن الدم الفلسطيني المسفوح يجر معه أنهار من الدماء والأشلاء .
وما بين جريمة الصهاينة في مخيم جنين , والرد المدوي في القدس رسائل أكد عليها الشعب الفلسطيني بإجماع لا يقبل التشكيك ويمكن أن نسردها كالتالي:-
أولاً : وحدة الشعب الفلسطيني راسخة , فإذا كان موضع الألم في جنين , فأن الأوجاع تسري في الجسد الفلسطيني على إمتداد الجغرافية الفلسطينية , وأن الوحدة الوطنية متجذرة بين مكونات الشعب الفلسطيني فلا تستطيع أي قوة أن تفرقه أو تمزق بنيان وحدته المتين.
ثانياً: المقاومة خياراً شعبياً بلا منازع , وهي قانون الشعوب في التعامل مع الإحتلال والحق الطبيعي والفرض الشرعي والواجب الوطني , بها تعزز الوحدة ويصان الدم الفلسطيني ويُردع بها العدو, وهي أفضل ساحات الإلتقاء وأنقى مواضع الشراكة في الدفاع عن الوطن والمقدسات.
ثالثاً: العدو الصهيوني هو الشر المطلق الذي يترقب بنا الفتك والإبادة , فلا تنفع معه مبادرة إقليمية أو قرارات دولية أو حلول سلمية أو تنسق أمني , فلا فرق بين فلسطيني وآخر فكلهم في نظر الصهاينة أعداء , ويتعامل معهم في إطار منهجية التصفية للشعب الفلسطيني والطمس للهوية الوطنية وتهويد المقدسات , في إطار تزوير التاريخ وتزييف الواقع في فلسطين بما يتوافق مع الرواية الصهيونية الباطلة.
رابعاً : المواجهة قادمة وحتمية وسوف تكون شرسة بتفاصيلها , فالمعركة على فلسطين ومن أجل كينونتها وهويتها , والإشتباك سيطال كافة ميادين الوطن , ولن يستثنى من المعركة الا من استثنى نفسه ورغم ذلك ستطاله أثارها ولن يكون بعيدا عن الحريق , وقد يتسع نطاقها لتشمل الإقليم رغم أنف من يتمنى غير ذلك , لشئ واحد هو إذا تعلق الأمر بالقدس والمسجد الأقصى المبارك في الإشتباك سيكون على إمتداد جغرافية الأذان الموحد في كافة حواضر المؤمنين بفلسطين وعدالة قضيتها وحتمية إنتصارها .
ختاما تشكلت فلسطين من جديد من بين تفاصيل الحزن في جنين والفرح في القدس, كميلاد متجدد لروح الوحدة والتلاحم والإخاء , فالجسد الفلسطيني واحد وأن أعملوا به سكاكين الإنقسام وحراب الإحتلال , وأن خير عافية للوطن يكون بمقاومة ضاربة تصون الحمى وتردع العدا .

*كاتب وباحث فلسطيني
28/1/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى