سناء جميل.. رفض القسيس عقد زواجها ورفض اهلها حضور جنازتها
حلت، اليوم الاربعاء، ذكرى ميلاد الفنانة المصرية الكبيرة سناء جميل، فهي من مواليد27 أبريل 1930 في مركز ملوي التابع لمحافظة المنيا، وانتقلت بعدها بسنوات قليلة بصتحبة أسرتها إلى القاهرة.
وقد تعلقت جميل بالفن منذ نعومة أظافرها وكانت تشارك خلال سنوات الدراسة في العديد من المسرحيات باللغة الفرنسية، والعربية الفصحى وتميزت في ذلك، ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرجت عام 1953.
عملت بعد تخرجها مع فرقة فتوح نشاطي المسرحية ثم الفرقة القومية، ومنها عرفت الطريق لشاشة السينما خلال فترة الخمسينيات، بالقرن الماضي.
وقد اختار لها الفنان زكي طليمات اسمها الفني بدلًا من اسمها الحقيقي «ثريا يوسف عطالله»، وذلك عندما مثلت مسرحية «الحجاج بن يوسف» ولقبت ب «كونتيسة المسرح».
كانت سناء جميل تتسم بشخصية قوية شكلت مفاتيج توهجها الفني، وقد أجادت دور الأرستقراطية التي تتحدث الفرنسية بطلاقة، بقدر ما اجادت أيضا دور الفلاحة زوجة العمدة القوية.
فقد استطاعت سناء جميل الإبداع فى تجسيد أدوار السيدة الأرستقراطية وأبهرت الجميع عندما جسدت شخصية فضة المعداوى فى مسلسل “الراية البيضاء” حتى تفوقت على الشخصية التى كتبها أسامة أنور عكاشة الذى قال عنها «ما منحته سناء للشخصية من حياة وروح فاق كل توقعاتى وتصوراتى وأنا أنسج خيوطها على الورق، فهى أضفت عليها تألقها الخاص»
بدأت سناء جميل، مشوارها السينمائي عام 1951 فى فيلم «طيش الشباب»، ولكنها حققت شهرة كبيرة بدور نفيسة في فيلم «بداية ونهاية» للأديب العالمي نجيب محفوظ، وللمخرج صلاح أبو سيف، وكانت بدايتها الفعلية عام 1960.
و كان دور «نفيسة» لسناء جميل هو الباب الذهبى لها الذي وصلت به لقلوب الجماهير، وعندما قدمت الدور عام 1960، بدأت شهرتها واسمها رحلة الصعود، ومن هنا كانت البداية القوية.
شاركت الفنانة سناء جميل فى عدد كبير من الأفلام، من أبرزها «الزوجة الثانية، الشوارع الخلفية، المجهول، اضحك الصورة تطلع حلوة»
وقد اختيرت أربعة أفلام لها في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، وذلك فى استفتاء النقاد عام 1996، وهذه الافلام هي «بداية ونهاية، المستحيل، الزوجة الثانية، زينب 1952».
تألقت سناء جميل ايضا في الدراما التليفزيونية وحفرت اسمها كأيقونة تليفزيونية خالدة في تاريخ الدراما المصرية، وشاركت في مسلسلات «خالتي صفية والدير، البر الغربي، الرقص على سلالم متحركة، الراية البيضا، ساكن قصادي» وغيرها
رفض القسيس عقد زواجها ورفض اهلها حضور جنازتها
سناء جميل الفنانة العبقرية صاحبة الموهبة الكبيرة والأدوار الخالدة التي قدمت أعظم وأهم الأعمال السينمائية والمسرحية والدرامية، وعانت من أجل الفن أشد المعاناة.
عاشت سناء جميل حياة مليئة بالمعاناة والتضحيات ، وقالت عن معاناتها: “حياتى الصعبة المليئة بالأشواك وصبرى الطويل وقدرتى على تحمل الظروف الشاقة جعلنى مثل زهرة الصبار فى الصبر والتحمل، ومواجهة الشدائد والمصاعب”.
هى ثريا يوسف عطا الله وتنتمى لأسرة صعيدية حيث ولدت بمركز ملوى فى المنيا لأسرة قبطية مسيحية، وانتقلت إلى القاهرة قبل الحرب العالمية الثانية لتلتحق بمدرسة المير دى دييه الفرنسية الداخلية وعمرها 9 سنوات وظلت بها حتى المرحلة الثانوية، عشقت الفن وأرادت الالتحاق بالمعهد العالى للفنون المسرحية، فرفضت أسرتها، وصفعها شقيقها صفعة أدت إلى فقدانها السمع بإحدى أذنيها، وطردتها أسرتها بعد تمسكها برغبتها.
وفى حوار معها تحدثت سناء عن المعاناة التى عاشتها باكية، وأشارت إلى أنها لجأت للمخرج زكى طليمات فساعدها على الإقامة فى بيت طالبات وضمها لفرقة “المسرح الحديث “، وأطلق عليها اسمها الفنى سناء جميل، وعملت ابنة الأسرة الارستقراطية وخريجة المدارس الفرنسية من عائد عملها بالتفصيل حتى تستطيع الانفاق على نفسها وكانت تنام على البلاط.
ولكن بدأت السعادة تعرف طريقها إلى زهرة الصبار عندما تعرفت على رفيق عمرها الكاتب المصري المعروف، لويس جريس عام 1960، فى حفل توديع صحفية سودانية أنهت تدريبها بمجلة روز اليوسف، وظلت تخطئ فى اسمه طوال الحفل وتناديه “يوسف”، وقد تعلق بها لويس لكنه ظن أن زواجهما مستحيلا حيث اعتقد أنها مسلمة لكثرة قولها “والنبي”، وفكر فى إشهار إسلامه للزواج منها، وبعدما اكتشف أنها مسيحية عرض عليها الزواج وتزوجا بدبلتين لا يتجاوز سعرهما 10 جنيهات،
وقد تحدث جريس عن يوم زواجهما فى أحد البرامج، مشيرا إلى أن القيسس رفض إتمام الزواج دون وجود معازيم وشهود، فتوجه إلى دار (روز اليوسف)، التى كان يعمل بها، واستأجر 7 عربات جمع فيها 35 شخصًا من زملائه ليحل الأزمة، وقضيا شهر العسل فى التنقل بين عدة محافظات لارتباط سناء بعدد من العروض المسرحية.
كانت سناء ولويس نموذجا لقصص الحب الرومانسية والارتباط الذى يتفانى كل طرف فيه فى كيان الأخر، فكانت سناء تحلف باسمه دائما قائلة “وحياة لويس”، واستجاب الزوج العاشق لرغبتها فى عدم الانجاب والتفرغ للفن، وكان كل منهما محور حياة الآخر، ومتكأه الذى يستند عليه، حتى أن لويس جريس لم يستخدم العصا ليستند عليها ماشيا إلا بعد وفاة سناء، التى أصيبت بسرطان الرئة وظلت تعانى لمدة 3 أشهر، وشكلت وفاتها أكبر صدمة فى حياة رفيقها المحب العاشق الوفى، الذى أراد أن يحقق رغبتها فى أن تلتقى بأحد أقاربها ولو بعد وفاتها، فانتظر ثلاثة أيام قبل دفنها على أمل أن يظهر أحد أفراد أسرتها ولكن لم يظهر أحد من عائلة سناء، فدفن حبيبته ورفيقة عمره فى 22 ديسمبر 2002، وظل يعيش معها وعلى ذكراها وينتظر لقاءها لأكثر من 15 عاما، حتى لحق بها فى 26 مارس 2018 .
وهكذا رحلت سناء جميل عن عالمنا في 22ديسمبر عام 2002 بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة عن عمر يناهز 72 عامًا، ولكنها ستظل حاضرة لا تُنسى في تاريخ السينما والمسرح والتليفزيون المصري والعربي عموماً.، وخاصة في عالم التمثيل،