بعدما تاب عن مهاجمة قادة مصر والسعودية والامارات واسرائيل.. اردوغان يتحامل على الرئيس التونسي
![](https://almajd.net/wp-content/uploads/2022/04/سعيد-واردوغان.jpg)
استدعت تونس السفير التركي لديها وأبلغته رفضها تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن البرلمان التونسي، واعتباره تدخلاً في الشأن التونسي الداخلي.
وذكرت وزارة الشؤون الخارجية التونسية أن تصريح أردوغان، بشأن حل الرئيس قيس سعيد للبرلمان، تدخل «غير مقبول في الشأن الداخلي ويتعارض تماماً مع الروابط الأخوية التي تجمع البلدين والشعبين ومع مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول».
وانتقد أردوغان، امس الاول الاثنين، قرار حل البرلمان الأسبوع الماضي، واصفاً ذلك بأنه «تشويه للديمقراطية» وضربة لإرادة الشعب التونسي.
وأعربت الوزارة في بيان الثلاثاء عن «بالغ استغرابها من التصريح الذي أدلى به الرئيس التركي بخصوص تونس».. وقالت: «تونس بقدر التزامها بثوابت سياستها الخارجية وحرصها على بناء علاقة وثيقة مع الدول الشقيقة والصديقة، قوامها التعاون والتضامن والتشاور والثقة المتبادلة، فإنها أيضاً تتمسك باستقلال قرارها الوطني وترفض بشدة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه».
وقال وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، اليوم الأربعاء، إنه تحدث أيضاً إلى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو عبر الهاتف، واستدعى سفير أنقرة لدى تونس للتعبير عن رفض بلاده لتعليقات أردوغان.
وأضاف «أجريت اتصالاً مع وزير خارجية تركيا، كما تم استدعاء السفير.. أبلغتهما رفض تونس تصريح الرئيس أردوغان واعتباره تدخلاً في الشأن التونسي ،وأن علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني واختيارات الشعب التونسي دون سواه، وأن بلادنا لا تسمح بالتشكيك في مسارها الديمقراطي».
وهكذا فقد” رجعت حليمة الى عادتها القديمة”، وعاد أردوغان إلى أسلوبه القديم بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية وإسلامية، وهذه المرة عبر توجيه انتقادات لتونس بشأن حل البرلمان ليستبدل عداوته للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعداوة للرئيس التونسي قيس سعيد.
ورد الرئيس التونسي سريعا على تصريحات أردوغان، بتأكيده “التمسّك برفض التدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا بأي شكل من الأشكال”، وذلك بعد لقائه وزير الخارجية عثمان الجرندي.
واعتبرت أوساط تونسية أن الرئيس التركي الذي خسر معاركه مع دول مثل مصر والسعودية والإمارات وحتى اسرائيل، ووجد نفسه مجبرا على الانحناء لاستعادة ثقة قياداتها، التفت إلى تونس هذه المرة لاستعراض شعاراته ومحاولة إنقاذ حليفته حركة النهضة الإسلامية ورئيسها راشد الغنوشي.
ووصف أردوغان قرار الرئيس التونسي القاضي بحل البرلمان الأسبوع الماضي بأنه “تشويه للديمقراطية” وضربة لإرادة الشعب التونسي.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن تصريحات أردوغان تأتي لإنقاذ الغنوشي الذي يعيش وضعا صعبا خاصة بعد إحالته على القضاء بتهمة التآمر على أمن الدولة، والتي أظهرت أن تحديه لقرار تجميد البرلمان لن يمر بسهولة، وأن الدولة لا تزال قوية وقادرة على الوقوف في وجه أي شخص أو جهة محلية أو أجنبية تريد فرض أجندتها عليها.
وأضافت أن تدخل أردوغان لصالح الغنوشي سيزيد من مكاسب قيس سعيد ويجعل بعض المترددين في دعم خياراته ينحازون إليه في مواجهة الأطراف التي تراهن على أن الخارج سيضغط على قيس سعيد ويدفعه إلى مراجعة موقفه من حل البرلمان، أو فتح قنوات تواصل مع الأحزاب التي يحمّلها مسؤولية الأزمات التي عاشتها تونس منذ 2011.
وقال الغنوشي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية الأربعاء “لسنا (الحزب) معزولين في العالم، لنا علاقات بالبرلمانات والاتحاد البرلماني الدولي، ولنا أصدقاء في العالم. نحن على اتصال بكل الجهات التي نتشارك معها في الأهداف وهذه العلاقات في صالح تونس”.
ويرى سياسيون ومحللون أن أردوغان يبحث عن تدخلات تعيد إليه بعض البريق لدى أتباعه من الإسلاميين في تونس بعد أن خسر نفوذه وسمعته لدى الإسلاميين في مناطق أخرى بسبب تقاربه مع مصر وإعادة علاقات بلاده مع إسرائيل وتحمّسه للتعاون معها على المستوى الاستراتيجي.
ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس التركي لم ينس لقيس سعيد رفضه منذ استلامه الرئاسة بعد انتخابات 2019 أن يكون ضمن المحور التركي – القطري، وأن يتحرك تحت مظلة أي جهة كانت، وأن تصريحات أردوغان الجديدة ليست أكثر من ردة فعل متأخرة وتعبير عن عجز.
واعتبر أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي أن “الوضع التونسي شأن داخلي، وتصريحات أردوغان تأتي في إطار محور إخواني في المنطقة واستجابة لطلبات حركة النهضة باعتبار أن تونس هي آخر معاقل الإسلاميين”.
وتابع المغزاوي: “لاحظنا أيضا صفحات تدعو إلى تدخل الجيش التركي في تونس، وهم الآن يحاولون بكل ما أوتوا من قوة تغيير الوضع، وبعدما جرّبوا التظاهر في الشارع والاستقواء بالخارج (أميركا وفرنسا) صاروا يلعبون الآن الورقة الأخيرة وهي تركيا”.
من جهته قال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “أردوغان يريد أن يكون حامي الإسلام في المنطقة عبر التدخّل في الشأن الداخلي لتونس، وهو يريد عودة الإخوان إلى الحكم، ويريد إعادة إشعاع الإمبراطورية العثمانية”.
وأضاف الرابحي “هناك محاولات أجنبية للتدخل في تونس، والإخوان يريدون لعب دور الوكالة خصوصا للولايات المتحدة وفرنسا”.
وكان أردوغان قد قال الاثنين إنه يأمل في ألا يكون من شأن التطورات في تونس إلحاق الضرر بجهود البلاد لإقرار الشرعية الديمقراطية أو إخراج العملية الانتخابية في البلاد عن مسارها.
وأضاف أنه يتعين إتمام الانتقال السياسي بمشاركة جميع الأطراف المعنية، ومن بينها البرلمان، وعبر “حوار شامل وهادف”.
وقال الرئيس التركي “الديمقراطية نظام هو تجسيد للاحترام بين المنتخب والمعين. نرى أن التطورات في تونس تشويه للديمقراطية”.
ومضى قائلا “حل البرلمان الذي يوجد فيه مسؤولون منتخبون مدعاة للقلق على مستقبل تونس وضربة لإرادة شعبها”.
ودعا أردوغان الرئيس التونسي إلى السماح للبرلمان باستئناف أعماله في أغسطس.
وبدوره اشترك رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب في الهجوم على تونس بقوله إن حل البرلمان “خرق صارخ للقانون والمبادئ الديمقراطية”.
وقال شنطوب، في بيان يوم الإثنين الماضي، إن حل البرلمان التونسي وإجراء تحقيقات جنائية بحق رئيسه وبعض النواب والمسؤولين التنفيذيين بسبب إجراءاتهم التشريعية أمر يبعث على القلق إلى أبعد الحدود.
والأربعاء الماضي أقر البرلمان في جلسة افتراضية قانونا يلغي الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، ومنها تجميد اختصاصات البرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وبعد ساعات أعلن قيس سعيد حل البرلمان “حفاظا على الدولة ومؤسساتها”، معتبرا أن اجتماع البرلمان وما صدر عنه “محاولة انقلابية فاشلة”.