في ذكرى وفاته .. العندليب ما زال مطرب الامس واليوم والغد

صاحب موهبة متميزة، رحل تاركًا وراءه إرثٌا فنيًا لم يتكرر، فمن يغفل عن الصوت العذب، والكلمات التي تمس الوجدان، واتسعت موهبته لتشمل التمثيل أيضًا، إنه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.

وتحل علينا اليوم الأربعاء الذكرى الـ45 على وفاة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وهو أهم مطربي منتصف القرن الماضي، واسمه كاملًا عبد الحليم علي إسماعيل شبانة، وولد عام 1929 بقرية “الحلوات” بمحافظة الشرقية.

وهناك بعض المواقف التي واجهت الفنان عبد الحليم حافظ في مسيرته، وخاصة جمهوره، والذي رفضه في بداية مسيرته الفنية، وبعد وفاته انتحر من أجله الجمهور، وهو ما سنستعرضه في السطور التالية.

الجمهور يرفض عبد الحليم حافظ

قدم الفنان عبد الحليم حافظ أغنية “صافيني مرة” بالإسكندرية، ولكن جاءت ردود أفعال الجمهور مخيبة للظنون، إذ رفضها ولم يتفاعل معها، وهي من ألحان الموسيقار محمد الموجي.

ولكن بعد حوالي عام من غنائه لها في الإسكندرية، حرص عبد الحليم حافظ غنائها مرة أخرى في فعاليات الاحتفال بعيد ثورة يوليو الأول، وقدمه حينها الفنان الراحل يوسف وهبي، وهذه المرة نجحت الأغنية، وأشاد بها الجمهور حينها.

كما تعرض الفنان عبد الحليم حافظ لأحد المواقف مع الجمهور، وذلك أثناء إحيائه آخر حفلاته بنادي الترسانة الرياضي، احتفالًا بعيد الربيع، وغنى عبد الحليم بها أغنية “قارئة الفنجان”، وهي من كلمات نزار قباني، وألحان محمد الموجي.

ورفض الجمهور تقبل هذه الاغنية، وذلك لكونها عملًا جديدًا على ما اعتاد عبد الحليم حافظ على تقديمه، وسخر منه العديد أثناء الحفل، ووقعت بعض أحداث الشغب بها، حيث أن أحد أفراد الجمهور صعد للمسرح، وأعطى له بدلة مرسوم عليها “فناجين”، واعتبرها آخرون أنها إعلان عن بن.

وبعد صراع عبد الحليم مع مرض البلهارسيا لسنوات طويلة أصيب بتليف بالكبد أودى بحياته، والأمر الذي أغضب الجمهور كثيرًا، وشهدت جنازته حضور الملايين بها، وتعتبر من أكبر الجنازات التي تم تشييعها في التاريخ، وأدى خبر وفاته لانتحار بعض الفتيات من جمهوره حزنًا عليه، باعتباره فتى أحلامهن.

قصة حب عبدالحليم حافظ وزبيدة ثروت

قصة حب كبيرة جمعت بين العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والفنانة الراحلة زبيدة ثروت استمرت لسنوات عديدة، رغم رفض أهلها له بسبب عمله كمغني؛ إذ بدأت قصة حبهما خلال تصوير فيلم «يوم من عمري».

وأشارت زبيدة ثروت خلال حوار سابق لمجلة الكواكب، إلى أنهما استمرا في تصوير الفيلم لمدة عام ولم يتمكنا من البوح بحبهما، مؤكدة أن عبد الحليم حافظ الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، ذهب إلى والدها ليطلب يدها ولكن والده رفض وقال له: «مجوزش بنتي لمغنواتي»، وأضافت أنها لم تعلم عن ذلك الأمر إلا بعد زواجها.

كما ذكرت أن عبد الحليم كان يحبها بشدة، وتحدثت عن موقف له خلال ليلة اكتمال القمر، التي كانت تقوم بعض العائلات خلالها بقص سنتيمتر من شعر بناتها في حال تمتعه بالطول والنعومة والجميع كان يشهد لها في ذلك الوقت بجمال وطول شعرها.

وتابعت: «صادف توقيت تنفيذ أهلي لهذه العادة وجودي في الأستوديو لتصوير يوم من عمري، وحضر الكوافير لغرفة المكياج في حضور والدي ووالدتي معي وبينما أنا منهمكة مع الكوافير دخل عبد الحليم الغرفة وانحنى وقتها على الأرض والتقط خصلة من شعري ولفها على إصبعه كدبلة، وقبلها وكل هذا وأنا لم أشاهد هذا المشهد مطلقا».

واستطردت زبيدة: «عندما رأته والدتي، ابتسم لها، وحينها ذهبت إليه وقالت له: للدرجة دي أنت بتحب زبيدة يا عبد الحليم»، فرد عليها: «بحبها أوي أوي».

الشائعات تطارد عبد الحليم

ظلت حكايات الحب وشائعات الزواج والعلاقات الرومانسية تطارد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ الذى تحل ذكرى وفاته الـ 45 اليوم، فى حياته وبعد رحيله وستبقى دائماً تثير التساؤل والجدل حول حبيبة قلب العندليب ومن ارتبط بها أو تزوجها ملك الرومانسية وأشهر من غنى للحب.

ففي حياة العندليب كثيراً ما اثيرت الشائعات عن علاقات حب جمعته بزميلاته اللاتى شاركنه بطولة عدد من الأفلام، وكانت هذه الشائعات تصل للعندليب فيتجاهل أغلبها ولا يرد عليها.

وذات يوم فى عام 1957 قرر العندليب الأسمر أن يتحدث عن حقيقة هذه الشائعات فنشر مقالاً فى إحدى المجلات الفنية تحت عنوان :” تزوجت 4 مرات مع إيقاف التنفيذ” يتحدث فيه عن حقيقة الشائعات التي تحدثت عن حبه وزواجه من زميلاته الفنانات.

وقال العندليب في مقاله أن طبيعتنا الشرقية لا تتقبل أن يلتقى فنان مع فنانة في فيلم إلا ويقال أنهما تجمعهما قصة حب خاصة إذا كانت أحداث الفيلم تربطهما بعلاقة حب ضمن الأحداث، ولا يتخيلون أن القبلات في الأفلام ليست حقيقية.

وأكد حليم أنه لا يلوم الناس ذوى النية الحسنة الذين يصدقون هذه الشائعات، ولكنه يلوم ذوى النية السيئة الذين يبتدعون هذه الأكاذيب والشائعات، ويلحون على الناس لتصديقها.

وأشار العندليب إلى عدد من الشائعات التي أطلقت عنه، ومنها عندما قام ببطولة فيلم لحن الوفاء أمام الفنانة شادية وكانت حديثة الزواج من الفنان عماد حمدى، وأكدت الشائعة أنها تسعى للطلاق من عماد حمدى لتتزوج حليم، وأن العديد من الخلافات دبت بينها وبين زوجها عماد حمدى بسبب حبها للعندليب.
وأكد عبدالحليم حافظ أنه تجاهل هذه الشائعة والتزم الصمت حيالها حتى تموت وحدها، مؤكدا أن كونه وجه جديد في الفيلم ولا يعرف عنه الناس أي معلومات ساهم في انتشار هذه الشائعة.

وأوضح حليم انه خلال فيلمه الثالث “ليالى الحب” انتشرت شائعة تؤكد ارتباطه بالفنانة أمال فريد وأنهما يستعدان للزواج ، وأيضاً لاذ بالصمت حيال هذه الشائعة ، حيث رأى انها الوسيلة الوحيدة لقتل الشائعة.

وتعجب حليم من أن هذه الشائعة لم يرددها العامة فقط ولكنه كتبها بعض الصحفيين الذين تربطهم علاقة به ويعرفون عنه معلومات كثيرة.

وأكد حليم أن أحدث شائعة سمعها خلال هذه الفترة هي شائعة رددت أنه يحب الوجه الجديد لبنى عبد العزيز التي تشاركه بطولة فيلم الوسادة الخالية وأن حبه لها هو سبب اختيارها لبطولة الفيلم، مؤكداً أن هذه الشائعة قد تستمر بعض الوقت ولن تموت سريعاً حتى يتم الانتهاء من تصوير الفيلم وبعده.

وتحدث العندليب خلال مقاله عن الشائعة التي تحدثت عن علاقة حب جمعته بالفراشة سامية جمال ، بل أنه تزوجها على سنة الله ورسوله.

وقال حليم أن السبب في هذه الشائعة أنه عندما سافر إلى بيروت غنى في حفلة كانت ترقص فيها سامية جمال، فنسجت الخيالات هذه الشائعة، مؤكدا أن هذه الشائعة هي التي قضت على شائعة حبه للبنى عبدالعزيز، وأنه لم يقابل الفراشة سوى يوم الحفل الذى جمعهما في بيروت، وانتشرت الشائعة عندما جمعتهما حفلة ثانية بعدها.

وتساءل حليم لماذا يطاردنى هؤلاء بالشائعات، مؤكدا أنه إذا أحب سيعلن حبه للجميع ، ومعلناً أنه فلاح من أهل القرية ولن يرتبط بفنانة إذا أراد الزواج لأنه يريد ألا تنشغل عنه زوجته.

الثلاثي العندليب والموجي والطويل

ارتبط العندليب في بدايته بألحان كمال الطويل ومحمد الموجى وكونوا ثلاثا ناجحا، بدأ عبد الحليم حافظ مشواره مع الغناء والموسيقى عام 1943 عندما التحق بالمعهد العالى للموسيقى العربية قسم التلحين وتخصص في العزف على آلة الأبوا، وبعد التخرج عام 1958 عمل مدرسا للموسيقى بطنطا والزقازيق أربع سنوات.

التحق عبد الحليم حافظ بالإذاعة كعازف للأبوا بمرتب 15 جنيها في الشهر وتعرف من خلال عمله على فهمى عمر وجلال معوض كما تعرف بالمحامى مجدى العمروسى وكان يغنى في حفلات أعياد ميلادهم أغانى عبد الوهاب، وفى أحد الأيام وبينما كمال الطويل يلحن أغنية اسمها “شكوى” لإحدى المطربات وحضر عبد الحليم التسجيل إلا أن المطربة كانت مرتبكة ولم تستطع الغناء للحن الطويل وانسحبت المطربة، وهنا تسلل عبد الحليم الى الميكروفون وسجل الاغنية بصوته بمصاحبة فرقة الإذاعة.

ثم جاءت أغنية “لقاء” شعر صلاح عبد الصبور أول أغنية غناها عبد الحليم حافظ عام 1950 لينطلق في الإذاعة كمطرب، وجاءت مرحلة الحان محمد الموجى، وكانت آخر أغانيه “حبيبتى من تكون” شعر الأمير خالد بن سعود وألحان بليغ حمدى.

وقد حقق عبد الحليم حافظ مشوارا فنيا تعدى الربع قرن فعمل مع 23 ملحنا ومع كبار كتاب وشعراء الأغنية.

وقف على خشبة مسرح نادى القوات المسلحة بالزمالك ليقدم أولى أغنياته للثورة عام 1952 بعنوان “ثورتنا المصرية كتبها مأمون الشناوي ولحنها رؤوف ذهنى، وتتابعت أغانيه الوطنية ليلتقى مع صلاح جاهين وكمال الطويل في أغنية احنا الشعب، ثم: عدى النهار، خلى السلاح صاحى، عاش اللى قال، المركبة عدت، ليتحول عبد الحليم حافظ إلى صوت الشعب وصوت الثورة”.

يقول الإذاعى المصري وجدى الحكيم: عبد الحليم حافظ ارتبط بشكل تام بثورة يوليو لأن ظهوره كان مرادفا للثورة فكان يعتبرها هي من اكسبته حب الجمهور والشهرة التي وصل إليها فكان مهتما بضرورة التحام الشعب مع أغانى الثورة، وكانت أغنية السد هي بمثابة خطبة طويلة وملحمة تاريخية قدمها حليم لأول مرة في أغنية.

وبينما هو في مرحلة صعوده الى القمة عام 1957 تعرض المطرب عبد الحليم حافظ لأزمة مرضية كان نتيجتها استئصال الطحال في أحد مستشفيات أوروبا، لتتوالى بعد ذلك إصابته بنزيف الكبد، مشوار طويل مع المرض والنجاح رغم الألم والحرمان والمرض حمل نجاحات متكررة، حتى يوم الرحيل في مثل هذا اليوم عام 1977.

ورغم مرور كل هذه السنوات على رحيله فقد وصف بمطرب الزمن القادم نظرا لخلود أغانيه حتى اليوم.

قام عبد الحليم حافظ ببطولة 16 فيلما غنى فيها 71 أغنية منها: لحن الوفاء، أيامنا الحلوة، ليالى الحب، موعد غرام، فتى أحلامى، البنات والصيف، موعد غرام، يوم من عمرى، حكاية حب، دليلة، معبودة الجماهير، أبى فوق الشجرة، كما قدم أربعة برامج غنائية في الإذاعة هي فتاة النيل، معروف الإسكافى، وفاء، أدهم الشرقاوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى