زيارة الرئيس الأسد للإمارات وكسر عزلة سوريا
بقلم: د. كاظم ناصر
![](https://almajd.net/wp-content/uploads/2019/09/-ناصر-e1569218682931.jpg)
قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة رسمية للإمارات العربية المتحدة يوم الجمعة 18/ 3/ 2022 أجرى خلالها محادثات مع محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ومحمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي. والجدير بالذكر هو أن الإمارات شاركت دول الخليج ومعظم الدول العربية في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا بالتزامن مع تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية عام 2011.
لا شك أن هذه الزيارة تعتبر بمثابة اختراق دبلوماسي مهم لأنها أول زيارة يقوم بها الرئيس السوري بشار الأسد لبلد عربي منذ عام 2011، ولكونها تأتي قبل نحو أشهر قليلة من القمة العربية المقبلة في الجزائر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل التي من المتوقع أن يحضرها الأسد، وتمهد الطريق لكسر عزلة سوريا، وعودتها إلى جامعة الدول العربية، وطي صفحة القطيعة العربية معها، وإلى استكمال جهود التنسيق وتحفيز الاستثمارات المشتركة والتبادل التجاري بين البلدين ومشاركة الإمارات في إعادة الاعمار.
تقوم سياسة الإمارات على التناقض في علاقاتها مع دول المنطقة، حيث إنها كانت من الدول العربية المعادية للنظام السوري في الوقت الذي فتحت فيه بابا لدعم المعارضة السورية المسلحة، وبابا آخر يقوم بالتآمر على المعارضة ودعم النظام ضدها؛ وأعادت فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر 2018 بعد أكثر من ست سنوات من إغلاقها، وقام وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بزيارة لدمشق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2921 ناقش خلالها العلاقات السورية الإماراتية وسبل تعزيزها مع الرئيس السوري في تناقض واضح مع سياسة حليفتها السعودية ودول خليجية أخرى.
وهي أيضا تشارك دول الخليج خوفها من نوايا إيران، وتدعم الموقف الأمريكي والإسرائيلي المعادي لإيران، وتعارض تغلغلها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولكنها في نفس الوقت تحتفظ بعلاقات سياسية واقتصادية مميزة معها وتعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لها، حيث من المتوقع ان يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 20 مليار دولار خلال النصف الأول من هذا العام. واعترفت بإسرائيل وأقامت معها علاقات سياسية واقتصادية وأمنية وفتحت أبوابها لرجال الأعمال والسياح الصهاينة، وزعمت بأنها ما زالت تدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة وإنها فعلت ذلك من أجل تحقيق السلام على الرغم من معارضة الفلسطينيين لهذه الخطوة واعتبارها خيانة لهم ولقضيتهم!
فلماذا بادرت الإمارات باستقبال الأسد؟ وما الذي ستجنيه من هذه الزيارة؟ يبدو ان قادة الإمارات الذين نجحوا في إقامة علاقات جيدة مع إيران وتركيا وروسيا استقبلوا الأسد لأنهم يدركون أن التعاون مع الكل يساهم في استقرار المنطقة ويعود بالنفع على الجميع؛ إضافة إلى ذلك يعتقد العديد من المراقبين أن الزيارة ربما جاءت بطلب روسي، خاصة انها حدثت بعد يوم واحد من لقاء وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بنظيره الروسي سيرغي لافروف، وإن موسكو التي تعاني من أزمة اقتصادية حادة نتجت عن الحرب الأوكرانية والعقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة عليها طلبت من أبو ظبي مساعدة الأسد في تجاوز الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها بلاده والتي تزايدت بعد بدء الحرب في أوكرانيا.
لا شك ان الإمارات التي تعمل جاهدة على تكريس دورها ونفوذها السياسي في المنطقة العربية تدرك ان نجاحها في كسر حصار سوريا واعادتها للجامعة العربية سيزيد من نفوذها السياسي والاقتصادي ويكرس دورها القيادي في العالم العربي، ويخفف من حدة الانتقادات التي وجهت لها لمشاركتها في حرب اليمن، ولتطبيعها مع إسرائيل وإقامة علاقات أمنية واستخباراتية دافئة معها، وربما يمكنها من إرضاء الغرب بإقناع دول عربية أخرى بالانضمام ” للسلام الإبراهيمي “، ومن العمل على وقف أو تخفيف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية!