الذكرى الرابعة والستون لقيام الوحدة بين مصر وسوريا

بقلم: عبد الهادي الراجح

تمر الأيام والسنين وها نحن اليوم نحتفل كوحدويين بالذكرى الرابعة بعد الستين لقيام الوحدة بين مصر وسوريا.. أول وحده عربيه بالتاريخ الحديث، وأول خنجر في صدر اتفاقية سايكس وبيكو التي قسمت ألامه وزرعت الكيان الصهيوني اللقيط.. تلك الوحدة التي ما إن أعلن ميلادها حتى اتفق الشرق والغرب على رفضها والتآمر عليها، ناهيك عن العملاء الصغار من أصحاب ألجلالة والسيادة وهم مجرد موظفين مهمتهم حماية أمن العدو الصهيوني، كما نرى اليوم بشكل أكثر وضوحا مما كان .
مثل هذا اليوم قبل 64 عاما أصاب الجنون السياسي كل قادة الكيان الصهيوني، وأعلن كبير المجرمين ( ديفيد بن غوريون) ان اليوم إسرائيل في خطر ، لقد أصبحنا بين فكي كماشة ، وأعلن عرب الاعتلال أو عرب أمريكا الطوارئ ، وفي المقابل انتفض الشعب العربي الواحد من المحيط الهادئ إلى الخليج الثائر صارخا لبيك لبيك عبد الناصر ، رغم قمع الأنظمة الناطقة بالعربية لهم ، وبعضها طلب النجدة من مشغليه بواشنطن ولندن وباريس، إضافة للتنسيق السري في ذلك الوقت مع الكيان الصهيوني للتآمر على الوحدة ورمزها جمال عبد الناصر .
وفي ظل ذلك التآمر الدولي والإعرابي والصهيوني، كان من الطبيعي أن يسمح ذلك بمرور بعض الأخطاء في الجمهورية العربية المتحدة ، وأن تستغل تلك الأخطاء وتضخم لضرب دولة الوحدة وتفتيتها.
تلك الوحدة التي رفضتها الأنظمة ألمسماة أمريكياً معتدلة ، ولكن باركها الشعب العربي بالحماس وهذا وحده لا يكفي رغم التحذيرات التي أطلقها قائد الوحدة ومفجرها جمال عبد الناصر في خطابه الشهير أمام أول برلمان وحدوي بين مصر وسوريا في دولتهم الجديدة ، محذرا من أعداء الداخل والخارج على السواء، وما اسماه الزعيم بأهوائنا ، وهي خطر يهدد الوحدة إذا لم ننتبه .
حتى شاءت الأقدار أن ينجح التآمر الدولي الإعرابي مع أخطاء الداخل في تحقيق الانفصال الأليم ، وان تتمرد دبابات الانقلاب الذي نفذه الخونة المـتآمرين للأسف بالمال العربي والدعم العربي، حتى لا يكون هناك أمل بأي وحدة أو تفكير وحدوي في المستقبل .
وكانت دبابات الانفصاليين الخونة التي لم تنته بانفصال الوحدة فحسب، ولكن شكلت المقدمة الأولى لكل الكوارث التي لحقت بالأمة العربية من ضرب المعنويات والروح القومية وزرع ثقافة القطرية الضيقة وكأنها قدر التشكيك في كل عمل وحدوي وصولا لنكسة حزيران يونيو الأليمة عام 1967م ، .
حتى شاء القضاء والقدر أن يكون رحيل رمز الوحدة وقائدها جمال عبد الناصر بنفس تاريخ الانفصال ولكن في عام 1970م .
ورغم الواقع المؤلم لأمتنا العربية الذي يؤكد ما هو ثابت أن الوحدة هي أساس القوة والوجود لهذه الأمة ،ولكن منذ الانفصال المؤلم وبعد ذلك رحيل جمال عبد الناصر ، جرى تصوير أي عمل وحدوي بأنه حلم لن يتحقق ، وجندت لذلك كل وسائل القوى الناعمة من السينما للمسرح للتلفزيون لبعض الإعلام المأجور ، وكازيات النفط جاهزة للدفع ، وما استذكار الوحدة اليوم إلا لأخد الدروس والعبر من تجارب الماضي والعمل من أجل المستقبل، فقد كان الأمل “وسيبقى” أن تكون الوحدة الطوبة الأولى لوحدة الأمة العربية ، وبالتالي تحرير قلبها فلسطين .
والحنين اليوم للماضي الجميل أو تلك التجربة التي لو أراد جمال عبد الناصر بناءها بالقوة لكان ذلك من ألسهل بموجب شعبيته التي لا تقاوم ، ولكنه رحمه الله رفض أن يسيل الدم العربي في غير موقعه الصحيح ، ولكن انسال بعد ذلك الدم العربي بعد ذلك أنهارا وانهارا وتلك مأساة أمتنا العربية .
وقال جمال عبد الناصر ( ليس المهم أن تبقى الجمهورية المتحدة أو دولة الوحدة ، ولكن المهم أن تبقى سوريا ) واضعا الأسس الصحيحة لأي عمل وحدوي في المستقبل ، وبالتأكيد مصر وسوريا والعراق عنوانه ثم باقي أقطار الأمة.
لقد جرت محاولات وحدوية بعد ذلك إلا أنها لم يكتب لها النجاح لأسباب كثيرة تحتاج لكتابة مجلدات .
عاشت دولة الوحدة ثلاثة أعوام ونصف وسط المؤامرات التي انصبت عليها من كل حدب وصوب ، ولكنها أثبتت لنا أنه لا يوجد مستحيل وأن الأحلام يمكن تحقيقها، بل أن الوحدة هي الحقيقة الثابتة لرمزية الأمة ووجودها وكرامتها وتحرير قلبها النابض فلسطين عاصمة الأمة روحيا ، وبتلك الوحدة التي يحاول البعض التقليل من شأنها تم إسقاط حلف بغداد، ودعم ثورة 14 تموز بالعراق ودعم الثورات العربية في الجزائر وغيرها .
كما جرى إسقاط مبدأ إيزنهاور ودعم حركات التحرر التي تجاوزت حدود الوطن العربي لتشمل القارات الثلاثة ( آسيا ، إفريقيا وأمريكا اللاتينية) حيث الاستعمار واحد، الأمر الذي جعل إفشال تلك الوحدة هدفا أجمع عليه الشرق والغرب على السواء كل منهم حسب مصالحه .
في ذكرى دولة الوحدة تحية فخر واعتزاز للزعيم جمال عبد الناصر الذي جعل المستحيل ممكنا ، وأثبت أن الأحلام يمكن تحقيقها كما حققت أمم غيرنا أحلامها ، إذا وجدت الإرادة والعمل من أجلها .
سلام للمواطن العربي الأول الرئيس شكري القوتلي مع أعلى درجات الشرف .
سلام لكل الوحدويون الأحرار، ولا شك ان الغد والمستقبل لن يكونا إلا لهذه الأمة العظيمة حيث جغرافيتها مهبط لأديان السماء وملتقى ثقافات العالم .
وستبقى الوحدة هي خيار الأمة الوحيد من أجل وجودها الفاعل والمؤثر وليس التابع و المفعول فيه .
كل عام وامتنا العربية بألف خير .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى