عيد الوحدة.. 64 عاما وحقد الرجعية العربية يزداد صهيونية

بقلم: محمود كامل الكومي*

لم تكن تجربة الوحدة بين مصر وسوريا فى 22 فبراير (شباط) من العام 1958 وإعلان الجمهورية العربية المتحدة برئاسة الزعيم جمال عبد الناصر , أسيرة الشكل أو القالب الذي أفرغت فيه – ذلك المقاس الذي بدا فضفاضاً والذي لم يستجيب لرؤية عبد الناصر البعيدة المدى والتي رأت أن الإعلان عن هذا العمل الوحدوي لآبد أن يسبقه آليات أخرى تدفعه دفعاً الى الفعل الذي يحقق ذوبان مؤسسات و أجهزة البلدين فى كيان وحدوي واحد , يحقق للشعبين السوري والمصري حريتهما السياسية والاجتماعية ليتحقق مجتمع الكفاية والعدل ,وتلك آليات تدفع بالطبع أوتوماتيكيا الى الوحدة بين الشعبين, لكن تحت إلحاح القوميين السوريين وبفعل ثوريتهم الجياشة ونواياهم الوحدوية المندفعة , كانت الاستجابة التى بررها ,مد شعبي سوري جارف وحب فياض لزعامة عبد الناصر – وإنما كانت تلك الوحدة أسيرة المضمون والهدف الوحدوي واعتبارها نقطه ضوء لتحقيق مضامين الثالوث الناصري ( الحرية الأشتراكية والوحدة), واستغلال فترة التوهج القومي والبناء عليها وتجديد وحدويتها وعدم تركها لتخمد وتضحي أسيرة مؤامرات الرجعية العربية تثبط همتها وتدنى وحدويتها نحو التشرذم الذي يحقق أمل الاستعمار والصهيونية , وكان المغزى والهدف من هذه الوحدة أن تصبح على أرض الواقع فعلاً ملموساً , وأنها لا تعترف ب(سايكس بيكو) كاتفاقية تقسم الأمة العربية , وبالتالي فأن هذا الفعل الوحدوي يبقى فى مقاومته للاستعمار والصهيونية هو غاية لوحده العربية الشاملة للأمة العربية .

أنهار الشكل الذي أفرغت فيه الوحدة وكان طبيعيا طبقا للأسباب التى أبداها “ناصر” والتي لم تمهد الأرض الخصبة لنمو الفعل الوحدوي , فكانت مشاكل الا داره التى أسيء ميكانيزمها من جانب ” المشير عبد الحكيم عامر”- والذي حامت حوله الشبهات فى كل ما قام به من مهام – على الإقليم الشمالي ( سوريه), والتي أعطت الفرصة لبعض عملاء الرجعية العربية فى تسعير تلك الأخطاء ودفع الأنفصالين فى سوريه الى الانفصال ,أملا فى جر جمال عبد الناصر الى الاندفاع العسكري نحو سورية للقضاء على الأنفصالين , فيدخل الجيشين الثالث والثاني فى مصر فى حرب مع الجيش الأول فى سورية ,فيتحقق حلم الاستعمار وأعوانه من الرجعية العربية فى القضاء عليهم ليكون ذلك عبرة لكل الشعوب العربية إذا ما فكرت فى أي عمل وحدوي يحق حلمها فى الوحدة والقضاء بالتالي على هذا الفكر الوحدوي فى عيون الشعب العربي نحو وحدته الشاملة – لكن الزعيم جمال عبد الناصر فوت على الاستعمار وأعوانه هذه الفرصة وأجهض مخططاتهم لتحقيقها , حين قال” ليس المهم أن تعود سوريا لدولة الوحدة , ولكن المهم أن تبقى سورية موحده ويبقى جيشها قوياً, وبقيت سوريا موحده وجيشها قويا رغم الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة .

وبقى المضمون حياً رغم الانفصال , وصارت تجربة الوحدة عيدا على مدار كل عام , تشحذ همة الشعب العربي وتجدد تتوقه إليها , وتبعث فيه الروح من جديد الى الفعل الوحدوي الواحد من المحيط الى الخليج , وأبقى جمال عبد الناصر على أسم الجمهورية العربية المتحدة وعلمها ونشيدها , وبدا فعل عبد الناصر الوحدوي يتخذ آلياته الصحيحة للقضاء على الاستعمار ولتتمكن الشعوب العربية المستعمرة من تحقيق أرادتها واستقلالها لتتخذ طريقها نحو الوحدة , فكانت مساعدته للشعب الجزائري حتى تحقق استقلاله عن فرنسا الاستعمارية . ومساعدته للجنوب العربي ضد الاستعمار البريطاني وكانت آليته لذلك مساعدة ثورة اليمن التى قضت على حكم أسرة حميد الدين البغيض وأحد أركان الرجعية العربية الموالية للصهيونية والاستعمار وظهير حكم آل سعود , كان للفعل الوحدة الثورى لجمال عبد الناصر وكاريزما الزعامة فيه مفعول السحر فى نفوس جماهير أمتنا العربية , حتى غدا جمال عبد الناصر هو أملها الذي سيقودها لتحقيق وحدة الشعوب العربية من المحيط الى الخليج.

من هنا أدركت قوى الرجعية العربية عميلة الاستعمار والصهيونية , أن أمل الوحدة لم يقض عليه رغم انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة , وأن عبد الناصر مازل يقود الشعب العربي لتحقيق وحدته العربية الشاملة , وأن سورية مازالت ترفع علم الوحدة , فكان حنقها وقد بلغ الزبى , فكانت رسالة “فيصل ” الى رئيس أمريكا الأسبق “جونسون ” يرجوه أن يدفع اسرائيل الى احتلال أراضٍ من مصر وسوريا حتى يتم القضاء نهائيا على اى أمل لتحقيق الوحدة العربية وعلى جمال عبد الناصر شخصيا
وكان عدوان 1967 , ورغم النكسة إلا أن عبد الناصر كان قد استعاد توازنه وبني جيشه بسرعة وحنكة وحقق بالتضامن مع سوريا والجزائر وليبيا والسودان والعراق خطوات وحدوية مكنت من التصدي للعدوان الصهيوني خلال حرب الاستنزاف وقادت الى تحقيق نصر أكتوبر.

ومازال الى الآن سعار الرجعية العربية المحموم لتدمير دول الوطن العربي وتفكيكها – حتى تقضى على كل أمل لدى الشعب العربي يحدوه نحو الوحدة – حيث تقوم قواتها الجوية مدعومة بقوات بريه وبحريه من دول مجلس التعاون الخليجي , ومرتزقة وخلال سبع أعوام بتدمير الجمهورية العربية اليمنية وقتل شعبها , والأدهى من ذلك انه كلما لاح فى الأفق فرصه لتحقيق السلام على الأرض السورية أجهضتها الرجعية العربية ,أمعاناً فى القضاء على اى حلم يلوح فى الأفق لتحقيق الوحدة العربية لتحقق بذلك أمن اسرائيل واستقرارها وحلمها الصهيونى , والقضاء على حلم ألدوله الفلسطينية .
أن وحده الشعوب العربية الآن , هي الخطوة البديلة للجامعة العربية المسكونة (بالعفاريت والشياطين) الذين يحملون فناطيس الجاز ليحرقوا بعوائدها الأخضر واليابس والديار العربية , ولذلك يجب أن يظل يوم 22 فبراير بما يمثله من ضوء أضاء المنطقة العربية كلها بدوله الجمهورية العربية المتحدة , ضوءا ساطعا ينير عقول شعبنا العربي وروحه ويشحذ قواه ليكون قادرا على تحدى الصعاب التى تواجه الأمة العربية وتحاول أن تزيل المفاهيم الوحدوية من خريطة الفكر العربي .

أن الشعوب العربية الواعية يجب أن تفضح هذه الحكومات الرجعية وتقتص منها حساب الضلال الذي حاولت أن تزيفه عليها , لذلك لابد أن يبقى يوم 22 فبراير الضوء الذي يؤكد أن شعبنا شعب عربي ومصيره يرتبط بوحدة مصير الأمة العربية .

أن يوم 22 فبراير بعد 64عاماعلى توقيع ميثاق وحده مصر وسوريا ,وانبثاق الجمهورية العربية المتحدة , لابد أن يستمر ضوئه ينير لشعبنا طريق الوحدة , من خلال عقد العزم على أن يعيد صنع الحياة على أرضه بالحرية والحق , بالكفاية والعدل , بالمحبة والسلام , أن شعبنا يملك من أيمانه بالله وأيمانه بنفسه ما يمكنه من فرض إرادته على الحياة ليصوغها من جديد وفق أمانيه الوحدوية .

وأخيرا .. أن التقاء القوى التقدمية والشعبية على الأمل الواحد فى كل مكان من الأرض العربية ,, وتجمع القوى الرجعية على المصالح المتحدة من الأرض العربية هو فى حد ذاته دليل على الوحدة أكثر مما هو دليل على التفرقة..

*كاتب ومحامى مصرى

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى