دلالات عودة هجمات داعش في العراق وسورية

بقلم: توفيق المديني

اعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها قوات التحالف الدولي، والقوات النظامية في كل من العراق سورية أنَّها ألحقتْ هزيمة مكتملة بتنظيم “داعش” الإرهابي في عام 2019، لكنَّ ها هو التنظيم ،يعودُ من جديدٍ، ويصعَّدُ من عملياته الهجومية في العراق أولاً،ثم ثانيًا،من خلال الهجوم الكاسح الذي شنَّه منذ أسبوع على سجن الصناعة(غويران) الواقع في مدينة الحسكة شمال شرق سورية، والذي يطرح تساؤلات كبيرة ،ولاسيما لجهة قدرة هذا التنظيم على اختراق المربعات الأمنية في مدينة الحسكة المتوسطة المساحة، والوصول إلى بوابات السجن وتفجير سيارتين مفخختين ،الأمر الذي يؤكدُ وجود خلل في الاستراتيجية الأمنية بمواجهة التنظيم.
تصاعد هجمات داعش في العراق
استغلت عناصر من تنظيم “داعش” موجة البرد القارس التي تضرب منطقة الشرق الأوسط، وشنَّتْ هجومًا كاسحًا ليل الخميس وفجر الجمعة الماضية ، على مقرٍ للجيش العراقي في محافظة ديالى العراقية ،وأسفر عن مقتل ضابط و10جنود، وبعد تنفيذ هذه المجزرة انسحبت عناصر التنظيم قبل وصول التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وقال محافظ ديالى مثنى التميمي في تصريحٍ، لوكالة الأنباء العراقية، إنَّ “هناك إهمالاً في الالتزام بتنفيذ الواجبات من قبل الجنود، ما منح التنظيم فرصة لتنفيذ جريمته، ومن ثم انسحب إلى محافظة صلاح الدين”.
ويلحظ المراقبون والخبراء أنَّه منذ شهر سبتمبر/أيلول 2021، عادتْ عناصر تنظيم “داعش” إلى شنِّ الهجمات المكثفة على مدن الشمال العراقي وغربه ،الواقعة في محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى ،حيث أدَّتْ هذه الهجمات حتى الآن، إلى مقتل نحو 50 شخصاً، وفقاً لمعطيات مسؤولين عراقيين في وزارة الدفاع، من مدنيين وعسكريين وعناصر من “الحشد الشعبي” و”الحشد العشائري”، فضلاً عن جرح عشرات آخرين.
ولم يكتف تنظيم “داعش” بذلك، بل إنَّه طورَ من هجماته النوعية في غرب العاصمة بغداد وشمالها خلال الفترة الأخيرة ،لتشمل الرضوانية وأبو غريب، وقبلها الطارمية، ما جعل المحللون السياسيون والأمنيون يُشَكِّكونَ بصحةِ البياناتِ الرسميةِ العراقيةِ حول تفكيك خلايا التنظيم واعتقال أفرادها، خصوصاً بعد الإعلان عن اعتقال نحو 200 عراقي من “داعش” في أقلّ من شهرين.
وتستهدف هجمات “داعش” الإرهابية قوات “الحشد الشعبي”، و لاسيما ” أفراد الحشد العشائري”، الذين يتصدرون قائمة المستهدفين بالهجمات التي نفذها داعش بالأسابيع الماضية. وهذا ما يجعل الكثير من الهجمات تتخذ طابعاً ثأرياً أو انتقامياً، خصوصاً أنَّ التنظيم يعتبر مقاتلي العشائر السنة مسؤولين عن خسارة نفوذه السابق بمناطقهم، ويهدِّد أي فرصة مستقبلية باستعادتها بالوقت ذاته.
أمَّا الأسباب التي جعلت “داعش” يعود للضرب بقوة في العراق، فهي متعددة:
يزيد المشهد العراقي تعقيداً تسلل عناصر “داعش”من سورية إلى العراق، إذْ أفادتْ بعض التقارير أنَّ “نحو ألف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية تسللوا منذ نهاية 2018 من سورية إلى محافظات الأنبار وكربلاء والنجف في العراق” وفقاً لمعلومات استخبارية عراقية. إنَّ “كل عنصر من فلول تنظيم الدولة الإسلامية مُزَوَدٌ بما يوازي 25 ألف دولار ما يُسَهِّلُ تحركهم إلى جانب مساندة عدد من العشائر السنية لهم.
أولاَ: إنَّ القيادات الأمنية التي تولت مناصبها لم تكن تتمتع بالكفاءة المهنية و الحرفية، بل إنَّها استلمتْ مناصبها وفقًا للمحاصصة و التدخلات السياسية من قبل قيادات الأحزاب السياسيىة ورؤساء الكتل البرلمانية،وهذا ما بات يستدعي إعادة النظر بالقيادات الأمنية بسبب ضعف الجهد الاستخباري،مامنح “داعش” القدرة على تحقيق الاختراق الأمني، وتنفيذ الهجمات . وباتت أطراف سياسية عديدة تطالب بضرورة “عزل الملف الأمني عن السياسة”، وإعادة النظر بالقيادات الأمنية، خصوصاً تلك التي منحت المناصب على أسس غير مهنية ووفقاً لأجندات سياسية وحزبية.
ثانيًا: إنَّ تعدُّدِ القوات والفصائل المسلحة والجهات الأمنية، التي تصل في بعض المدن لأكثر من 5 تشكيلات ولكل تشكيل قيادة وآمر، أمرٌصبَّ في صالح التنظيم لا العكس. فتعدد مصادر القرار الأمني و العسكري،في عدد من مناطق العراق ، لا سيما في المناطق التي يوجد فيها خليط سكاني، وفيها فصائل مسلحة مختلفة، يفسح في المجال ل”داعش” للقيام بمثل هذه العمليات أو يغض هذا الجهاز الأمني أو ذاك الطرف عن تحركات عناصر “داعش” لغاياتٍ سياسيةٍ معروفةٍ.
ثالثًا:من الواضح ، أنَّه كلما تصاعدتْ المطالبة بإخراج الميلشيات من المدن الشمالية والغربية العراقية وتسليم الأمن للجيش والشرطة، عادتْ العمليات الإرهابية التي ينفذها”داعش” على نحوٍ أشدٍّ. ومن خلال غطاء العمليات تنفذُ المليشيات عمليات توسعٍ ومدِّ نفوذٍ، تحت حُجَجِ محاربة الإرهاب، وفيها تتمُّ عمليات قمعٍ وانتهاكاتٍ، لذا يجب عدم إغفال أنَّ عودة مثل هذه العمليات يصبُّ في صالح المليشيات، التي من دونها ستنتفي أصلاً حجة وجودها بالمدن المحرَّرةِ وكل العراق، حسب رأي الخبراء.
هجوم “داعش” على سجن “غويران” (الصناعة) في الحسكة
تزامنًا مع الهجمات المكثفة في شمال وغرب العراق، شنَّ منذ أسبوعٍ نحو 200 عنصر من تنظيم”داعش”، هجوماً هو الأكبر منذ إعلان القضاء عليه في منطقة شرق نهر الفرات مطلع عام 2019، على سجن” الصناعة” في حيّ غويران بمدينة الحسكة الواقعة في الشمال الشرقي لسورية، والذي فرض عناصر من تنظيم “داعش” سيطرتهم عليه منذ يوم الجمعة الماضي واحتجزوا رهائن داخله،ويضم سجن “غويران” (الصناعة) في الحسكة الآلاف من معتقلي “داعش”.
ولا توجد أرقامٌ دقيقةٌ حول العدد الحقيقي لسجناء “داعش” المحتجزين في المعتقلات والسجون (12 سجنًا)التي تشرف عليها الإدارة الذاتية (الكردية) في مناطقٍ عِدَّةٍ ،في شرق الفرات، إذْ تتحدثُ بعض التقارير عن وجود أكثر من خمسة وعشرين ألف شخص من تنظيم “داعش”، منهم خمسة آلاف متعدّدو الجنسيات، في هذه السجون ، بينما تتحدثُ تقاريرٌ أُخْرَى في عام 2020، عن وجود 19 ألف أسير من “داعش”، لدى “الإدارة الذاتية”، من بينهم 12 ألف سوري و5 آلاف عراقي، وألفا أجنبي يتحدرون من 55 دولة، حيث ترفضُ دولٌ كثيرةٌ استقبال عناصرها منهم.
وتحدث المركز الإعلامي لـ”قوات سورية الديمقراطية ” الكردية عن تمكن العشرات من عناصر “داعش” من الفرار من السجن بعد الاستيلاء على أسلحة بعض الحراس، بل واقتياد بعضهم كأسرى أو رهائن. لكنَّ من دون أن يتمكنوا، كما يبدو، من مغادرة الحسكة بسبب الطوق الأمني الذي فرضته “قسد” على المدينة، لتعلن تباعاً عن إعادة اعتقال العشرات من العناصر الفارين،وقتل آخرين.
وأعلنت قوات سورية الديمقراطية(قسد) ،عن مقتل وإصابة 40 عنصراً من قواتها وقوى الأمن الداخلي “الأسايش” والمتطوعين، منذ بداية هجوم”داعش” على سجن الحسكة، ومقتل أكثر من 175 من عناصر “داعش”، بينهم 15 من المعتقلين الذين حاولوا الفرار خلال الهجوم والاشتباكات التي أعقبته،وتحرير العديد من حرّاس السجن والعاملين فيه الذين احتجزهم عناصر “داعش” خلال الهجوم على مرافقه، مساء الخميس الفائت، بدعم من نحو 200 مقاتل من خلايا وصلت بمركبات مدنية.
وبدورها، أعلنت هيئة الداخلية التابعة لما تسمى “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سورية، العاملة في مناطق سيطرة “قسد”، عن حظر تجوال كلي بدءاً من مساء اليوم الإثنين 24 من يناير/ كانون الثاني، وحتى يوم الإثنين القادم 31 من الشهر نفسه، بهدف منع دخول الخلايا الإرهابية مدينة الحسكة.
وشهد حي غويران خصوصاً حركة نزوح كثيفة منذ الجمعة بسبب الاشتباكات وعمليات القصف الجوي من قبل طيران التحالف الدولي للقضاء على عناصر “داعش” الفارين والمهاجمين.وليست هناك إحصائيات رسمية يمكن الركون إليها حول عدد المكونات السكانية في محافظة الحسكة، ولكنَّ من المؤكد أنَّ العربَ يُشَكِّلونَ غالبية سكان هذه المحافظة.
ووفق مصادرٍ محليةٍ، يُعَدُّ حي غويران “أعرق الأحياء في مدينة الحسكة”، موضحة أنَّه يقع جنوب شرقي المدينة، مضيفة “الحي مقسوم إلى قسمين غربي وشرقي”.ولفتت إلى أنَّ الحيَّ “يضم العديد من مؤسسات الدولة ومنها كليات جامعة الفرات”، مضيفة: هو من أوائل الأحياء الثائرة ضد الدولة السورية التي حاصرته لوقتٍ طويلٍ. وبيّنتْ أنَّ المقاتلين المعارضين الذين كانوا في الحيِّ “رفضوا مبايعة تنظيم داعش في عام 2014”.
وتُعَدُّ الوحدات الكردية القوة الضاربة في محافظة الحسكة، إذْ تُسَيْطِرُ على جلِّ مساحتها، مع فصائل محلية تنضوي تحت عباءة “قسد”.وللدولة السورية مربعان أمنيان في مدينتي القامشلي والحسكة، وبعض القرى القريبة من المدينتين، إضافة إلى “الفوج 123″ (فوج كوكب) قرب الحسكة، و”الفوج 154″ (فوج طرطب) قرب مدينة القامشلي، ومطار القامشلي الذي تحول إلى قاعدة عسكرية روسية منذ أواخر عام 2019.
وكان المركز الإعلامي التابع لـ”قسد” قد قال في بيان إنَّ “العائق الكبير” أمام تقدم “قسد” في سجن غويران هو استخدام “داعش” لأطفالٍ من “أشبال الخلافة” المرتبطين بـ”داعش” والبالغ عددهم 700 قاصر، كدروع بشرية في السجن.وذكر البيان أنَّ هؤلاء القاصرين “كانوا في مهاجعٍ خاصةٍ منفصلةٍ داخل مركز الاعتقال، بهدف إعادة تأهيلهم من الفكر المتطرف”. وأضاف أنَّ “قوات سورية الديمقراطية تحمّل إرهابيي داعش مسؤولية إلحاق أي ضرر بهؤلاء الأطفال داخل السجن”.
الأطراف المستفيدة من بقاء “داعش” في سورية
أولا:قوات سورية الديمقراطية “قسد”
ترى الأطراف الكردية أنَّ ما جرى في الحسكة هو من نتائج النسخة الأخيرة من مسار أستانة(روسيا وتركيا و إيران)،حيث أنَّ الجهات المعادية لقوات سورية الديمقراطية “قسد”،تستهدف إضعاف المسار المستقر في شمال شرقي سورية، وإضعاف أيضًا الإدارة الذاتية، وإظهار “قسد” بأنَّها غير قادرة على حماية المنطقة”.
وتتلقى “قسد” التي تسيطر على جل الشمال الشرقي من سورية ومناطق غربي نهر الفرات، دعماً كبيراً من التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة.ويَتهم العرب الذين يُشكِّلونَ الأكثرية السكانية في الحسكة، تواطؤ قوات سورية الديمقراطية مع “داعش”،إذ إنَّهم يعتقدون أنَّ “داعش”اشترى حواجز أمنية للوصول إلى قلب مدينة الحسكة،فضلاً عن أنَّهم يرَوْنَ أنَّ مبنى السجن مفتوحٌ على بادية الهول المحاذية للحدود السورية العراقية، ومفتوحٌ على بادية الحضر في العراق، التي تُعَادِلُ مرَّتيْن مساحة محافظة الحسكة وينشط فيها التنظيم.
ويُشيرُ عرب الحسكة، إلى أن “قوات سورية الديمقراطية تتعمدُ اتهامَ المُكَّوِنِ العربيِّ في الحسكة بمساعدة “داعش”، رغم أنَّ العرب هم أكثر من ذاقوا الويلات على يد التنظيم”، وأكَّدوا أنَّ “داعش قتل في وادي الفرات، في غربه وشرقه، من العرب أكثر من أي مكون آخر من المكونات السورية”.كما بيَّن عرب الحسكة أنَّ”قسد” التي تسيطر على جل منطقة شرق الفرات “تملك كل الإمكانيات لبناء معتقل محصّن لأسرى التنظيم، لكنَّها لم تفعل ذلك، على الرغم من أنَّ موارد النفط كلها بيد هذه القوات”.
أمَّا صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية، فقد وصفتْ أحداث مدينة الحسكة الأخيرة بـ”المسرحية”، متهمةً قوات سورية الديمقراطية “قسد” بـ”التواطؤ” فيها، واستثمار ما يجري لـ”استجلاب مزيدٍ من الاعتراف الدولي” بها، وبما يسمى “الإدارة الذاتية الكردية الانفصالية التي تسيطر عليها، كأهم الكيانات والقوى القائمة بحكم الأمر الواقع لمحاربة التنظيم”.
ثانيًا:تركيا
تحتل تركيا الشمال الغربي لسورية الذي يضم محافظة إدلب ،وما انفكت تطلب من أمريكا وروسيا بإقامة “منطقة آمنة”، تمتد 32 كيلو متراً في الشمال السوري المحاذي لحدودها. وحذرت تركيا، مراراً، من أنَّها قد تتخذ عملاً عسكرياً من جانب واحدٍ. وترى تركيا أن “وحدات حماية الشعب الكردي”، التي تقود “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، أحد فروع حزب العمال الكردستاني، الذي يحارب الحكومة التركية منذ عقود، وهو مصنف كجماعة إرهابية.
المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها “قسد” بقيادة الأكراد، في الوقت الراهن، تمتدُ لمسافة 480 كم من نهر الفرات في الغرب إلى حدود العراق في الشرق. وخطط تركيا العسكرية تَنْصَبُ، كمرحلة أولى، حول قطاع حدودي بين مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يفصلهما نحو 100 كم، وهذا الجزء تحديداً يقوده الأكراد ،حيث يُقِيمُ في المنطقة حالياً، نحو 850 ألف شخص، وهم يتألفون من 650 ألف كرديٍّ 76 بالمئة ،و180 ألف عربيٍّ سنيٍّ 21 بالمئة ،و 10 آلاف من التركمان (1بالمئة) ،و 10 آلاف مسيحي (1 بالمئة) .
وتتمثل أهداف أنقرة بإزاحةِ الوجود المتغلغل لحزب العمال الكردستاني المحظور من المناطق الحدودية لتركيا، وإعادةِ جزءٍ كبيرٍ من اللاجئين السوريين (3.6 مليون) الذين يعيشون في تركيا اليوم، على بلدات “المنطقة الآمنة” في الداخل السوري،وتحويل أقسام كبيرة من الحدود السورية إلى كتلٍ إقليميةٍ عربيةٍ راسخةٍ، وبالتالي تقسيم الأراضي التي تسيطر عليها “قسد” إلى مقاطعاتٍ معزولةٍ. وبالتالي، تطمح تركيا أساساً إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة من خلال كسر الهيمنة السكانية ومن ثم السياسية الكردية في الشريط الحدودي، وهو ما يُهدِّدُ بحرب أهلية في المستقبل.
ثالثَا:أمريكا
تُعَدُّ أمريكا الدولة العظمى الأكثر استثمارًا في تنظيم”داعش”،مادامت لم تتوصل إلى صفقةٍ مع روسيا تخصّ الوضع السوري،وما زالت الأزمة السياسية مفتوحة في العراق. ومن المعلوم أنَّ أمريكا تتعاطى مع التنظيمات الإرهابية(داعش، والقاعدة، وجبهة النصرة، وحركة طالبان) بوصفها شركات استثمارية دولية، توظفها أجهزة المخابرات الأمريكية (السي أي إيه)من أجل زعزعة الاستقرار في الدول الوطنية الشرق أوسطية ،أو تركيع النظام في سورية عبر الحرب الاقتصادية ،وطبعاً استثمار الحركات الإرهابية كأدوات للتخريب بين الدول العظمى، كما جرى في أفغانستان، من خلال استخدام خزان تنظيمات الإخوان المسلمين في محاربة السوفيات في عقد الثمانينيات من القرن الماضي.
خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة :
لقد تمكنتْ قوات سورية الديمقراطية”قسد”،المدعومة من قبل طيران ومدفعية قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا،من القضاء على فلول سجناء “داعش” من سجن غويران. وأعلنت “قسد”، يوم الأربعاء27يناير/كانون الثاني 2022،انتهاء عمليتها العسكرية والأمنية ضد عناصر التنظيم، بالسيطرة الكاملة على سجن “الصناعة” واستسلام جميع عناصر “داعش”. وأكَّدَ بيان لهذه القوات “تتويج حملة مطرقة الشعوب العسكرية والأمنية، بالسيطرة الكاملة على سجن الصناعة في الحسكة من قبل قواتنا، واستسلام جميع عناصر” التنظيم.

وسينال أكراد سورية المرتبطين بمخطط الإمبريالية الأمريكية و الكيان الصهيوني،والمعادين للدولة الوطنية السورية، دعماً جديداً من التحالف ومن الإدارة الأمريكية، في سبيل تحقيق حلمهم الانفصالي،عبر السيطرة على كل منطقة شرق الفرات(25% من مساحة سورية) التي تحتوي على أهم الثروات في البلاد من نفطٍ ،وغازٍ،وقمحٍ،وقطنٍ.
يُخطىء من يعتقد أنَّ تنظيم “داعش” قد هُزِمَ نهائيًا،ولا يزال العالم أمام مجموعة من التحديات في المستقبل، وأخطرها أمكان إعادة تنظيم “داعش” لنفسه مجدداً ما دامت الأسباب التي أدَّتْ إلى ظهوره لا تزال قائمة،ومنها:المظلوميات الطائفية في دول الشرق الأوسط التي تستنجد بالحركات الجهادية ذات الطابع التكفيري ، وغياب مشاريع التنمية الحقيقية في المجتمعات العربية ،إضافة إلى استمرار الأزمات السياسية في معظم بلدان الإقليم.
تقوم أهم مُغَذِّيَاتِ استراتيجية “داعش” حالياً،على الاحتماء في المناطق النائية والصحراوية في كل من سورية والعراق ،والتموضع في ثنايا الاختلافات المحلية والإقليمية والدولية، واستغلال الظروف السياسية والاقتصادية ولاجتماعية القاهرة في سورية التي كانت أهمَّ مُغَذِّيَاتِ التنظيم في سورية والتي لم تَتَغَيَّرْ،ثم يأتي بعد ذلك إعادة إحياء التنظيم،إما من خلال الخلايا النائمة، التي تُعِيدُ تنظيم نفسها بسرية قبل أنْ تَخْرُجَ وتُنَفِّذَ عملياتها وتَسْتَكْمِلَ مشروعها في العلن،أو من خلال المئات،إنْ لم نَقُلْ الآلاف، من المقاتلين والمتعاونين المستعدين لتقديم حياتهم فداءً للعقيدة التي أسَّسَ لها التنظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى