” شيوخ السلاطين ” يتجاهلون المقاومة وانتصار غزة
بقلم: د. كاظم ناصر
في خطبة الجمعة التي ألقاها عضو هيئة كبار العلماء وإمام المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور بدر بن عبد العزيز بليلة من منبر الحرم المكي يوم 21/ 5/ 2021 بعنوان ” علوّ الهمة “، والتي تزامنت مع الاتفاق على وقف إطلاق النار بين حماس ودولة الاحتلال، لم يذكر معركة ” سيف القدس ” والاعتداء الإسرائيلي على غزة والقدس، وتجاهل ذكر بطولات المقاومين والشهداء الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال، ولم يتطرق للدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال بغزة، ونسي أو تناسى ” فضيلته ” أن مفهوم علوّ الهمة في الدين الإسلامي الحنيف يتمحور حول قوة إرادة المسلم في الذود عن دينه ووطنه ومقدساته وكرامته، ومساهمته في حماية المواطنين جميعا، وفي الدفاع عن الحق والعدل ونصرة المظلومين مهما كانت أديانهم وعقائدهم؛ ولهذا لم تكن لخطبته علاقة بهمة وواجب المسلمين في الدفاع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين، وكانت جزأ من الخطب ” السلطانية ” التي تهدف إلى تضليل الشعوب العربية والإسلامية وتخديرها!
الإسلام يحث رجال الدين على استخدام منابر المساجد وخطب الجمعة لقول الحق، واستنهاض الشعوب الاسلامية وتعبئتها لحماية أوطانها ودعم المقاومة الفلسطينية والمساهمة في تحرير فلسطين وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية. ونحن كمسلمين نعتز برجال الدين الشرفاء الأوفياء الذين خدموا أمتهم بتضحياتهم ومساهماتهم في نهضتها ودفاعهم عن الحق من أمثال عز الدين القسام، عمر المختار، عبد الرحمن الكواكبي، رفاعة الطهطاوي، محمد رشيد رضا، محمد سعيد البوطي، عبد الحميد كشك والقائمة تطول. هؤلاء الرواد الأبرار ساهموا في صناعة تاريخ أمتهم، فما الذي فعله شيوخ السلاطين لدعم معركة ” سيف القدس ” ونصرة إخوانهم المقاومين الفلسطينيين؟
للأسف .. صمتوا .. ولم يفعلوا شيئا لتعبئة الجماهير وقيادة مظاهرات للضغط على دولهم، خاصة دول التطبيع، في محاولة لإرغامها على اتخاذ إجراءات ديبلوماسية أو اقتصادية ضد دولة الاحتلال؛ وفي المقابل وعلى النقيض من ذلك، نجح قادة الكنائس ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الطلابية والمثقفين المتعاطفين مع الفلسطينيين والرافضين لسياسات إسرائيل العنصرية في تنظيم مظاهرات حاشدة في العديد من عواصم الغرب لكشف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني؛ فقد خرجت أكثر من تسعين مظاهرة يوم السبت 22/ 5/ 2021 في المدن الأمريكية الرئيسية، وخرجت في نفس اليوم تظاهرة ضخمة في لندن قدر عدد المشاركين فيها بما يزيد عن 180 الف شخص وكانت واحدة من أكبر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في التاريخ البريطاني، وخرج عشرات الآلاف في مظاهرات في فرنسا وهولندا وألمانيا واليونان وكندا واسبانيا وغيرها من دول العالم.
شيوخ السلاطين الكثر في العالمين العربي والإسلامي فقدوا مصداقيتهم. إنهم مجموعة من المنافقين المرتزقة المتسلقين الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس لحكام طغاة، وشاركوهم في أكاذيبهم ونفاقهم وظلمهم لشعوبهم، وبرروا لهم انهزامهم واستسلامهم لأعداء الأمة بإصدار الفتاوى واستخدام منابر الأماكن المقدسة لإلقاء خطب التأييد الداعمة للتطبيع والتنازل عن حقوق المسلمين في فلسطين والقدس، والمثيرة للنعرات الدينية والطائفية! فلا غرابة إذا في صمتهم وتجاهلهم لمعركة ” سيف القدس ” وانتصار المقاومة الفلسطينية!