بعد مصر وسوريا وليبا.. اصابع اردوغان تعبث بالامن الجزائري باستخدام حركة رشاد الإخوانية
تصدّر اسم “حركة رشاد” الإخوانية المشهد في الجزائر، بعد تقارير نشرتها بعض الصحف عن اجتماع أعضاء الحركة بإحدى أجهزة المخابرات الأجنبية.
وحاولت الحركة طوال فترة الحراك تجنيد بعض أعضائها لإحياء مشهد العنف مرّة أخرى، وسبق للحكومة الجزائرية أن أشارت إلى مثل هذه المحاولات مرات عدة دون الإشارة صراحة إلى اسم الحركة أو التنظيمات التي كانت تسعى لذلك أو الدول الداعمة لها.
وكان المجلس الأعلى للأمن الجزائري قد حذّر، في بيان له، من نشاطات الحركات الانفصالية، بعد أن كشفت السلطات محاولات بعض الحركات اختراق الحراك والسيطرة عليه، في إشارة ضمنية إلى حركة رشاد، وفق ما ذكرت وكالة “سبوتنيك”.
وفي السياق ذاته، أوردت جريدة “الخبر” الجزائرية يوم الخميس الماضي خبراً حول لقاءات بين أعضاء حركة رشاد الإخوانية والمخابرات التركية، وهو ما أثار زوبعة ردود فعل، تنبئ بموقف جزائري حازم من الحركة الإسلامية ومن حكومة العدالة والتنمية التركية التي يتزعمها رجب طيب أردوغان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها: إنّ اجتماعات رسمية جمعت في مناسبتين ممثلين عن الحكومة التركية بعناصر من حركة رشاد، بمدينتي إسطنبول وأنطاليا.
ويشير تقرير الصحيفة إلى بوادر أزمة بين أنقرة والجزائر على خلفية اللقاءات الرسمية بين ممثلين بالحكومة التركية وعناصر من الحركة الإخوانية.
وأوضح التقرير أنّ موضوع اللقاءات تمحور حول توفير الدعم اللوجيستي والسياسي بهدف “تقوية التنظيم وتمكينه من الشارع الجزائري”، مبرزاً أنّ ما حدث على الأراضي التركية “انتهى إلى علم السلطات الجزائرية”.
وأشار المصدر ذاته إلى أنّ النظام التركي بقيادة أردوغان قرر إضافة هدف جديد على القائمة في شمال أفريقيا، هو الجزائر، وذلك عبر تحريك الخلايا النائمة لهذا التنظيم، الذي تصنفه السلطات الجزائرية على أنه الأكثر تطرّفاً وخطورة على أمن الدولة، في محاولة المناورة والتدخل عن بعد في الشأن الداخلي للجزائر وبالتالي زعزعة استقرارها”.
وتعتبر مصادر “الخبر” استضافة السلطات التركية لأعضاء في “حركة رشاد” بأنها “استفزازية” للجزائر، وستضع كل ما تم بناؤه حتى الآن على المحك، وقد يدخل العلاقات إلى “الثلاجة”، خاصة في وقت تفيد فيه تسريبات بوجود مسعى جزائري من أجل تصنيف الحركة الإخوانية في قائمة التنظيمات الإرهابية.
وفي الإطار ذاته، دعا عدد من المحامين في الجزائر وزارة العدل إلى تصنيف حركة إخوانية على لائحة التنظيمات الإرهابية لتآمرها على أمن الدولة واستقرار مؤسساتها.
وذكرت مصادر إعلامية نقلت عنها وكالة (فرانس 24) أنّ 4 محامين قدّموا لوزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي طلباً في هذا الغرض، داعين السلطات لتصنيف “حركة رشاد” منظمة إرهابية.
وقال المحامون في طلبهم: إنّ “الجزائر تشهد تكالباً من قبل دول ومنظمات تمسّ أمنها القومي واستقرار مؤسساتها على جميع الأصعدة”.
وأضافوا: “بعض الحركات التي تنشط داخل وخارج الوطن لها امتدادات عدة وتقوم بمهام قذرة، بشكل يجعل الجزائر معرضة لهجمات من أماكن مختلفة”.
واستنكر المحامون عدم تصنيف الحركة منظمة إرهابية، على الرغم من صدور تقارير تحذيرية من نشاط الجماعة المشبوه، وتشير إلى متابعة العديد من عناصرها من قبل القضاء.
واتهموا الحركة بالتورط في التطاول والتهجم على مؤسسات الدولة والإساءة لرجالها، من بينها المؤسسة العسكرية، والانخراط في أنشطة إرهابية استناداً إلى تقارير أمنية صادرة عام 2017.
وبالعودة الى الخطر الذي تشكله حركة رشاد الإخوانية، أشارت صحيفة الشروق الجزائرية في آب (أغسطس) 2020، إلى مسعى بعض الأطراف “العودة إلى أعوام الدم والدمار”، من خلال الطرح الذي قدّمه “رضا بودراع”، والمتعلق بتسليح الجزائريين، الأمر الذي يعني مواجهة بين الجزائريين ومصالح الأمن.
وفي آذار (مارس) 2020، كان قد نبه وزير الاتصال الجزائري عمار بلحيمر إلى وجود “محاولات لقوى غير وطنية لتحويل الحراك إلى حركة تمردية غير مسلحة، تهدف إلى شل البلاد”.
وأكد بلحيمر أنّ “تنظيمات غير حكومية معروفة بجنيف أو في لندن، وفلول الفيس المنحل، تعمل دون هوادة في مواقع مختلفة، بما في ذلك من وراء القضبان، للتحريض على العصيان المدني والفوضى واللجوء إلى العنف”، بحسب “الشروق”.
من ناحيته، قال عضو مجلس الأمّة الجزائري عبد الوهاب بن زعيم: إنّ حركة رشاد الإسلامية ليس لها أي حضور في الشارع الجزائري، مضيفاً في حديثه لـ”سبوتنيك” أنّ عناصر الحركة معروفون لدى الشعب والدولة، وليس لهم أي تأثير.
وبحسب ابن زعيم، فإنّ بعض الأعداء من الداخل يتعاونون مع المنظمات الدولية الخطيرة، والتي تنشط في الظلام، من أجل زعزعة الوضع الداخلي، وأوضح أنّ بعض الدول وبطريقة غير مباشرة تستغل المنظمات غير الشرعية للضغط والابتزاز السياسي، أو تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
وأضاف: إنّ المؤسسات الأمنية، بما فيها الجيش الوطني، تراقب كل ما يمسّ الأمن القومي الوطني، وتقوم بدورها الفعال في كسر كل التحركات المشبوهة، من قبل الحركات التي تحرك من الخارج.
من ناحيته، قال العقيد أحمد كروش عن حركة رشاد: إنها وريثة “العشرية السوداء”، وإنها لم تفارق المشهد، لكنها لم تكن نشيطة خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أنّ بعض الجماعات تحاول أن تنشط خلال الفترة الأخيرة، وتستغل الحراك الجزائري لاختراقه، وهو ما أشار إليه المجلس الأعلى للأمن الجزائري.
وبحسب كروش، فإنّ قادة التنظيم يدعون إلى العنف، والجهات الأمنية أكدت على مواجهة هذه الجماعات وعدم التسامح مع أي دعوات للعنف.
وكانت النيابة العامة قد طالبت في آذار (مارس) الماضي، بمحكمة بير مراد رايس بالجزائر، إصدار مذكرة توقيف دولية ضد قيادات في حركة رشاد الإخوانية، وهم الدبلوماسي الجزائري السابق القيادي في حركة رشاد محمد العربي زيتوت، والضابط السابق هشام عبود، والناشط أمير بوخورس الملقب “أمير ديزاد”، وذلك لاتهامهم بقضايا تتعلق بالإرهاب وزعزعة أمن واستقرار الدولة.
وكان المجلس الأعلى للأمن في الجزائر خلال اجتماعه في 6 نيسان (أبريل) الجاري بقيادة رئيس البلاد، عبد المجيد تبون، قد سجل أعمالاً تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصالية وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب، تستغل المسيرات الأسبوعية (الحراك الشعبي)، في إشارة واضحة إلى “حركة رشاد” و”حركة استقلال منطقة القبائل”.
وأكد تبون أنّ “الدولة لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمتّ بصلة للديمقراطية وحقوق الإنسان”، وأمر “بالتطبيق الفوري والصارم للقانون ووضع حد لهذه النشاطات غير البريئة والتجاوزات غير المسبوقة، خاصة تجاه مؤسسات الدولة ورموزها، والتي تحاول عرقلة المسار الديمقراطي والتنموي في الجزائر”.
بالمقابل، سارعت تركيا إلى نفي صحة تقارير تحدثت عن تدخلات تركية في الشأن الجزائري من خلال دعم حركة إسلامية محسوبة على تيار الإخوان المسلمين كانت الجزائر قد طالبت باعتقال أعضائها المقيمين بالخارج لتورطهم في خطط إرهابية.
ونشرت السفارة التركية في الجزائر بياناً أمس أورده موقع أحوال تركيا، قالت فيه: إنه لا صحة لتلك التقارير الإعلامية التي تحدثت عن محاولة “التدخل في المشهد السياسي الجزائري”، معتبرة أنّ ما قيل بهذا الشأن “ادعاءات لا أساس لها”.
وقالت السفارة التركية في بيانها: “الادعاءات بأنّ تركيا تحاول التدخل في المشهد السياسي الجزائري، وأنها تصرفت لصالح عناصر معينة، لا تعكس الحقيقة”، مضيفة: “هذه الادعاءات تسعى إلى تقويض العلاقات بين البلدين”.
وتابعت: “من الواضح أنّ ناشري هذه الدعاية والإشاعات الكاذبة لا يأخذون بعين الاعتبار عمق الروابط الأخوية بين البلدين”، داعية “المؤسسات الإخبارية إلى إعادة التحقق من مصادر معلوماتها، وإظهار اليقظة المتزايدة بشأن نشر معلومات متضاربة لا أساس لها”.
وهذا هو أول ردّ فعل تركي رسمي على تقارير متواترة أشارت إلى محاولات تركية للتدخل في الشؤون السياسية في الجزائر التي تشهد حراكاً شعبياً متصاعداً يطالب برحيل النظام الحالي.
وكانت الجزائر قد حذّرت في بيانات سابقة من محاولات خارجية لاختراق الحراك الشعبي، مشيرة على وجه الدقة إلى جماعات إسلامية، من دون أن تذكر الجهات الخارجية بالاسم.
وتأسست حركة رشاد في عام 2007، وتجمع عدداً من الوجوه المعارضة للنظام، خاصة من رموز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، منهم مراد دهينة، ومحمد العربي زيتوت، ومحمد سمراوي، وعباس عروة، ورشيد مصلي.
الحركة يرأسها محمد العربي زيتوت المقيم في بريطانيا، وتُعدّ وريثة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، التي ترتبط بالعشرية السوداء.