لماذا تقلص أمريكا قواتها في منطقة الخليج العربي
بقلم: راني ناصر
يأتي التصريح الذي صدر عن صحيفة “وول ستريت جورنال” بان الرئيس الأمريكي جو بايدن أصدر تعليمات للبنتاغون بتقليص عدد القوات الامريكية في الخليج مما يقارب 50000 ألف جندي إلى 20000 ألف جندي، ونقل حاملة الطائرات ومعدات عسكرية إلى مناطق أخرى من العالم؛ متماشيا مع الوضع الجيوسياسي المتردي التي تعيشه المنطقة العربية، وتنامي النفوذ الصيني الذي أصبح يهدد المصالح الأمريكية في منطقة المحيط الهادئ.
فانضواء حكام الخليج تحت العباءة الامريكية، وقيادة بعض حكامه قطار التطبيع الصهيوني للوقوف بعدد من العواصم العربية والإسلامية تحت ما يسمى بمعاهدة “ابراهام”، وتنامي النفوذ السياسي والاقتصاد والعسكري لإسرائيل في منطقة الخليج خصوصا وفي المنطقة العربية عموما، وتشرذم وانقسام الموقف العربي الرسمي، وغرق روسيا في المستنقع السوري شجع الولايات المتحدة على الحد من تواجدها العسكري في المنطقة بعد تامين مصالحها الاقتصادية والسياسية من خلال وكلائها في الخليج.
كما ان تقليص حضور أمريكا العسكري في الخليج يساعدها على تخفيض نفقاتها العسكرية، وعلى ابتزاز دول الخليج، وعلى راسها السعودية لشراء المزيد من الأسلحة لحمايتها من هجمات الحوثي وأي حرب مستقبلية مع إيران؛ حيث اقرت صحيفة “وول ستريت جورنال” ان البنتاغون يسعى لبيع السعودية أسلحة دفاعية، منها منظومات خاصة باعتراض الصواريخ، وبرامج تدريب عسكري.
بالإضافة إلى ما سلف ذكره، ترى الولايات المتحدة حاليا الصين أكبر تهيد لمصالحها الاقتصادية والسياسية؛ ما دفع البنتاغون بإعداد خطة تعرف بـ “مبادرة الردع في المحيط الهادئ” بتكلفة تبلغ 27 مليار دولار تنفق على مدار السنوات الستة المقبلة، ونقل حاملة الطائرات وبعض المعدات العسكرية من الخليج إلى منطقة المحيط الهادئ.
فالصين تطمح إلى ريادة التكنلوجيا العالمية أصبحت الدولة الثانية بعد أمريكا بالإنفاق العسكري، وقامت ببناء البنية التحتية لتقنيات ال 5G في عدة أماكن حول العالم، واستثمرت 1.3 ترليون دولار في انشاء ما يسمى بـ”طريق الحرير الجديد” الذي يضم شبكة من الطرق والموانئ وسكك الحديد لربط اسيا بأروبا، وعزم 60 دولة في المشاركة فيها. أضف إلى ذلك إنشاء الصين ل”بنك اسيا للاستثمار في البنى الأساسية”، واقامة تحالفات لا تضم أمريكا ك”الشراكة الاقتصادية الشاملة” التي تضم 15 دولة من منطقة المحيط الهادئ واسيا بهدف التحرر من النظام المالي الأمريكي الذي يعتمد على الدولار وتقويض التأثير السياسي لأمريكي على اسيا واروبا.
تقليص أمريكا حضورها بالشرق الأوسط ليس كما يدعي البعض مؤشرا على انحدار قوتها في العالم، ولكنه مؤشر على سقوط الخليج ثم الوطن العربي ككل في قاع بئر التبعية الامريكية، ومصادرة ثروات وكلاءها في المنطقة لعدة عقود قامة، وإعادة تركيز قواتها في أماكن مختلة من العالم لضمان تفوقها العسكري والتكنلوجي والاقتصادي على دول منافسة لها كالصين وغيرها.