الْاِعْتِدَاءَاتُ الصِّهْيُونِيَّةُ الْمُتَكَرِّرَةُ ضِدَّ سورية

بقلم: توفيق المديني

رَغْمَ هَزِيمَةِ الْمَشْرُوعِ الْأَمْرِيكِيِّ- الصِّهْيُونِيَّ – التَّرْكِيَّ وَ الْخَلِيجِيِّ مِنَ النَّاحِيَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ، في الْحَرْبِ الَّتِي خِيضَتْ ضِدَ سُورِيَّة، طِيلَةِ الْعِشْرِيَّةِ السَّوْدَاءِ، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَطْرَافُ تَدْعُو إِلَى إِسْقَاطِ الدَّوْلَةِ الْوَطَنِيَّةِ السوريةِ،أَوْ تَغْيِيِرِ السِّيَاسَاتِ أَوِ الْمَنَاصِبِ الرَّئِيسِيَّةِ فِي بُنْيَةِ الدَّوْلَةِ أَوْ كِلَيْهِمَا، فَإِنَّ استراتيجيةَ الْوِلَاَيَاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ رَحِيلِ إدَارَةِ ترامب ومجيىء إِدَارَةٍ جَديدَةٍ بِقِيَادَةِ بايدن،لَمْ تَتَغَيَّرْ،وَهِي أَنْ تَسْتَسْلِمَ سُورِيَّة لِلْهَيْمَنَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ لِلْكِيَانِ الصِّهْيُونِيِّ،وَلِلْهَيْمَنَةِ الْاِقْتِصَادِيَّةِ لِسُوقِ الْمَالِ الْأَمْرِيكِيِّ.
مسلسل الإعتداءات الصهيونية و استهداف محور المقاومة
من هنا يأتي تصاعد وتيرةِ الاعتداءاتِ الصهيونيةِ الْمُمَنْهَجَةِ على سورية طيلة الأشهر القليلة الماضية،والتي تتزامن مع الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في البادية السورية، فضلاً عن التنسيقِ بينَ الاحتلالِ الصهيونيِّ والأمريكيِّ والتركيِّ وهذه التنظيماتِ، بهدَفِ مَنْعِ تَقَدُّمِ الجيشِ العربيِّ السوريِّ للقضاءِ على ما تبقى من إرهابيينَ.
وَيَأْتِي الْعُدْوَانُ الصِّهْيُونِيُّ الْأَخِيرُ، الَّذِي اِسْتَهْدَفَ مَوَاقِعَ عَسْكَرِيَّةٍ جَنُوبِي سُورِيَّةِ، وَفِي مُحِيطِ الْعَاصِمَةِ دِمَشْقَ، فِي هَذَا السِّيَاقِ، حَيْثُ تَصَدَّتْ الدِّفَاعَاتُ الْجَوِّيَّةُ السُّورِيَّةُ لِصَوَارِيخِ الْعُدْوَانِ الإسرائيلي فِي سَمَاءِ مُحَافَظَةِ الْقُنَيْطِرَةِ، وَمُحِيطِ الْعَاصِمَةِ.وَنَقَلَتْ صَحِيفَةُ ” الْوَطَنِ” الْمُقَرَّبَةِ مِنَ الْحُكُومَةِ السُّورِيَّةِ، عَنْ مَصْدَرٍ عَسْكَرِيٍّ مِنَ الْجَيْشِ الْعَرَبِيِّ السُّورِيِّ قَوَّلَهُ إِنَّهُ فِي “تَمَامَ السَّاعَةِ 10: 42 مِنْ مَسَاءِ الْأَرْبِعَاءِ 3فبراير/ شُبَاط 2021، نَفَّذَ الْعَدُوُّ الإسرائيلي عُدْوَانًا جَوِّيًّا مِنَ اِتِّجَاهِ الْجَوَلَاَنِ السُّورِيِّ الْمُحْتَلِّ بِرَشَقَاتٍ مِنَ الصَّوَارِيخِ جَوَّ أرضٍ وَأَرْض أَرْضٍ مُسْتَهْدِفًا بَعْضَ الْأَهْدَافِ فِي الْمِنْطَقَةِ الْجَنُوبِيَّةِ”، مُضِيفًا” :وَقَدْ تَصَدَّتْ وَسَائِطُ دِفَاعِنَا الْجَوِّيِّ لِلصَّوَارِيخِ الْمُعَادِيَّةِ وَأَسْقَطَتْ مُعْظَمُهَا،واِقْتَصَرَتْ الْخَسَائِرُ عَلَى الْمَادِّيَّاتِ”.
وتستهدف الإعتداءات الصهيونية المتكرِّرة في الفترة الأخيرة على سورية مواقع الجيش العربي السوري،وتحديداً تلك التي تتشارك فيها الانتشاروالتمركز مع القوى الحليفة من إيران،ومراكز البحوث العلمية التي تعتمدها الدولة السورية لتطوير ترسانتها العسكرية، فيما تتهم إسرائيل ودول غربية سورية إلى أنَّ إيران تستخدم بعض هذه المواقع لتطوير أسلحة وبرامج صاروخية.
وفي 22 كانون الثاني/يناير2021، كان آخر استهدافٍ للطيرانِ الصهيونيِّ لمواقعِ وسطِ البلادِ وتحديداً في محافظة حماة، حيث نفَّذَ سلاحُ الجوِّ الصهيونيِّ غاراتٍ طاولت خمسة مواقعٍ على الأقَّلِ، ينتشر فيها قوات حليفة للجيش العربي السوري ضمن قطعاته العسكرية ،ما أدَّى إلى تدميرها بشكلٍ كاملٍ، حسْبَ الرواية الصهيونية .
وسبق ذلك بأيام غارات كانت الأعنف استهدفت مواقع للجيش العربي السوري شرقي البلاد، وتحديداً في محافظة دير الزور،ما أوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف قوات الجيش العربي السوري وحلفائه. حينها قال مسؤول استخباراتي أمريكي بارز على علم بالهجوم، لوكالة “أسوشييتد برس”، إنَّ الضرباتَ الجويةَ نُفِّذتْ بناءٍ على معلوماتٍ استخباريةٍ قدمتها الولايات المتحدة واسْتَهْدَفَتْ مستودعات في سورية كانت تُستخدمُ كجزءٍ من خطِ الأنابيبِ لتخزينِ وتجهيزِ أسلحةٍ إيرانيةٍ.
وفي وقتٍ سابق من شهر كانون الثاني/يناير 2021، قالت وسائل إعلام، نقلاً عن مصادر صهيونية ، “إنَّ تل أبيب تنوي تكثيف القصف بمعدل ثلاث غاراتٍ كل عشرة أيام بدلاً من واحدة كل ثلاثة أسابيع في سورية”.وتشير التقارير الصهيونية دائمًا ،بأنَّ الوجود العسكري الإيراني في جنوبي سورية وشرقها، والقطاعات العسكرية التابعة للجيش العربي السوري التي تحتويه، أصبح مستهدفًا من قبل الغارات الصهيونية المدروسة والمكثفة .
لا ينطلق الكيان الصهيوني في تبرير اعتداءاته الْمُتَكَرِّرَةِ على سورية من أنَّه تعرض لضرباتٍ عسكريةٍ انْطَلَقَتْ من الأراضي السوريةِ، فهذا المنطلق لا ينطبق على الحالة السورية -الصهيونية. فهناك بعلم الجميع اتفاقية هدنة وفصل قوات تتجدَّدُ تلقائيًا كل ستةِ أشْهُرٍ بين سورية والكيان الصهيوني برغم الاحتلال الصهيوني للجولان ،وبرغم ضمِّ الجولان لهذا الكيان الغاصب بقرار من الكنيست في عام 1981،ومن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.فالكل يعْلَمُ منذ عام 1973 لم يتعرض الكيان الصهيوني لأيِّ عملٍ عسكريِّ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ من قبل الجيشِ العربيِّ السوريِّ.
ضِمْنَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ، أَكَّدَتْ وِزَارَةُ الْخَارِجِيَّةِ وَالْمُغْتَرِبِينَ السُّورِيَّةَ،أَنَّ إقْدَامَ كِيَانِ الْاِحْتِلَاَلِ”الإسرائيلي” عَلَى الْاِعْتِدَاءِ مُجَدَّدًا عَلَى الأراضِي السُّورِيَّةِ أمس،وَإِمْعَانَهِ فِي مُمَارَسَةِ إِرْهَابِ الدَّوْلَةِ الَّذِي ازدادتْ وَتِيرَتَهُ مُؤَخَّرًا بِالتَّزَامُنِ مَعَ اِعْتِدَاءَاتِ التَّنْظِيمَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ عَلَى وَسَائِلَ النَّقْلِ الْمَدَنِيَّةِ فِي الْبَادِيَةِ السُّورِيَّةِ، تُبَرْهِنُ التَّنْسِيقُ التَّامُّ بَيْنَ الْإِرْهَابِ “الإسرائيلي “وَالْإِرْهَابَ التَّكْفيرِيَّ.
وقالت الوزارة في رسالة موجهة لكل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي تلقت “سانا” نسخة منها اليوم.. أقدمت سلطات العدو الإسرائيلي في الساعة 10ر23 من مساء يوم الأربعاء الـ  6 من كانون الثاني 2021 على الاعتداء مجدداً على أراضي الجمهورية العربية السورية في انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974 المتعلق باتفاقية فصل القوات بين الجانبين وذلك عبر إطلاقها رشقات متتالية من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل على المنطقة الجنوبية.
وَأَضَافَتْ الْوِزَارَةُ:أَنَّ إِمْعَانَ سُلْطَاتِ الْاِحْتِلَاَلِ الإسرائيلي فِي مُمَارَسَةِ إِرْهَابِ الدَّوْلَةِ الَّذِي ازدادتْ وَتِيرَتَهُ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ وَلَا سِيَمَا بَعْدَ فَشَلِ اِعْتِدَاءَاتِهَا وَتَآمُرِهَا عَلَى سُورِيَّةِ وَوُصُولِهَا لِدَرَجَةِ إعْلَاَنِهَا بِكُلِّ وَقَاحَةٍ فِي بَيَانَاتِهَا الْأَمْنِيَّةِ عَنِ الْعَامِ الْمَاضِي أَنَّ جَيْشَهَا نَفَّذَ 50غَارَةٍ عَلَى أَهْدَافٍ فِي عُمْقِ الأراضي السُّورِيَّةِ وَمَعَ تَزَامُنِ تِلْكَ الْاِعْتِدَاءَاتِ الإسرائيلية مَعَ الْجَرَائِمِ الَّتِي اِقْتَرَفَتْهَا مُؤَخَّرًا الْمَجْمُوعَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ الْمُسَلَّحَةِ عَلَى وَسَائِلِ النَّقْلِ الْمَدَنِيَّةِ فِي الْبَادِيَةِ السُّورِيَّةِ وَالَّتِي أَدَّتْ إِلَى اِسْتِشْهَادِ وَإصَابَةِ عَدَدٍ مِنَ الْمُوَاطِنِينَ السُّورِيِّينَ يُبَرْهِنُ مَرَّةً أُخْرَى وَبِمَا لَا يَدَعُ مَجَالًا لِلشَّكِّ التَّنْسِيقَ التَّامَّ بَيْنَ الْإِرْهَابِ الإسرائيليِّ وَالْإِرْهَابِ التَّكْفيرِيِّ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ الْمُشْتَرَكَةِ بِإِطَالَةِ أَمَدِ الْأَزْمَةِ فِي سُورِيَّة عَبْرَ دَعْمِ الْمَجْمُوعَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ الْمُسَلَّحَةِ شَرِيكَة”إسرائيل”فِي الْإِرْهَابِ مِنْ جِهَةٍ وَلِإِعَاقَةِ الْجَيْشِ الْعَرَبِيِّ السُّورِيِّ وحلفائهِ عَنْ هَزِيمَةِ تَنْظِيمِيِّ” دَاعِش” وَ” جَبْهَةَ النَّصْرَةِ” وَبَاقِيَّ الْمَجْمُوعَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ الْأُخْرَى الْمُرْتَبِطَةِ بِهَا بِمُخْتَلِفِ مُسَمَّيَاتِهَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
وأضافت الخارجية إنَّ الجمهورية العربية السورية تطالبُ مجلسَ الأمن مجدَّدًا بأنْ يتحمل مسؤولياته في إطارِ ميثاقِ الأممِ المتحدةِ وأهمها صَوْنِ السلمِ والأمنِ الدوليينِ وأنْ تشكل بداية العام 2021 فرصة أخرى لاتخاذِ إجراءاتٍ حازمةٍ وفوريةٍ لمنعِ تكرارِ هذهِ الاعتداءاتِ الإرهابيةِ الإسرائيليةِ وأنْ يلزم “إسرائيل” باحترامِ قراراتِهِ المتعلقةِ باتفاقيةِ فَصْلِ القواتِ ومساءلتها عن إِرْهَابِهَا وجرائِمِهَا التي ترتكبها بحقِّ الشعبِ السوريِّ والتي تشكل جميعها انتهاكات صارخة لميثاق الأمم المتحدة وإحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن 242 و338 و350 و497 وكل القرارات والصكوك الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
مطالب أمريكا والكيان الصهيوني
منذ بداية الحرب على سورية والاعتداءات الصهيونية مستمرة على البلاد، حيث تتهم الولايات المتحدة سورية بأنها تقف عائقًا أما تنفيذ الأهداف الأمريكية في المنطقة، وهذه الأهداف هي :
1- تَصْفِيَةُ الصِّرَاعِ الْعَرَبِيِّ-الصِّهْيُونِيَّ، وبالتالي تصفيةِ القضيةِ الفلسطينية،والقضاء على محورِ المقاومةِ، والحدِّ من انتشارِ الأسلحة النوويةِ، وتَعْزِيزِ اقتصاداتِ الشركاتِ الْحُرِّةِ القائمةِ على السوقِ المندمجةِ في إطارِ العولمةِ الليبراليةِ الأمريكيةِ المتوحشةِ.
2- الْقَبُولُ بِحَقِّ” إسرائيل “دَوْلَةً يَهُودِيَّةً عَلَى أرْضِ فِلَسْطِينِ التَّارِيخِيَّةِ الَّتِي سُلِخَتْ من الوطن العربي.
3- قَبُولُ ” إسرائيل ” فَرْضَ سِيَادَتُهَا عَلَى مُرْتَفِعَاتِ الْجَوَلَاَنِ الَّتِي اِحْتَلَّتْهَا ” إسرائيل ” عَامَ 1967، وَضَمَّتْهَا إِلَيْهَا فِي عَامِ1981،واعتبارذلك أمرًا واقعًا.
4-إِنْهَاءُ دعْمِ سورية لفصائلِ المقاومةِ الفلسطينيةِ التي تسعى لتحرير فلسطين، وتكوين دولة وطنية فلسطينية فوق ترابها الوطني، وقَطْعِ علاقتها مع حزب الله اللبناني، بوصفه الرادع الرئيسي في وجه التوسع الإقليمي الصهيوني في لبنان، والتطلعات الصهيونية لتحويل لبنان لدولة مطبعة مع الكيان الصهيوني.
5-تَرْكُ الدولة الوطنية السورية، بلاحمايةٍ أمام الاعتداءات الأمريكية و الصهيونية والتركية،بالتخلي عن قُدُراتها على إنتاج أسلحة استراتيجية، بينما يَظَلُّ يَحِقُ للكيان الصهيوني الاحتفاظ بترسانةٍ هائلةٍ من الأسلحة النووية و الكيمياوية.
6-إِنْهَاءُ العلاقة الاستراتيجية بين سورية و إيران،و إنهاء الوجود العسكري الإيراني في سورية.
7-اسْتِبْعَادُ المفاهيم الإيديولوجية التي تأسستْ عليها الدولة الوطنية السورية كلِّيًا من التداولِ، في الدستور،وفي الخطاب السياسي والإعلامي، وفي مناهج التعليم بمختلف مستوياته ،مثل: العروبة، الوحدة، الحرية،الاشتراكية،والمقاومة،و إِحْلاَلُ محلِّها: سوريا أولاً،ورفض العروبة عبر تبني النزعة القطرية الشوفينية،والإقرار بالتبعية للغرب عبرتبنِّي سياسات موالية للغرب ومؤيدة للاستثمارات الأجنبية ،وتحويلِ الاقتصادِ السورِي من اقتصادٍ مخططٍ مملوكٍ للدولة يُحَاكِي النموذج الاشتراكي، إلى اقتصادِ السوقِ المندمجِ بالكامل في نظام العولمة الليبرالية ،وإلى فضاءٍ مفتوحٍ للشركاتِ والمستثمرين الأمريكيين.
التسوية السورية المستحيلة
فِيمَا تَرْبِطُ الْوِلَاَيَاتُ الْمُتَّحِدَةُ بَيْنَ تَلْبيَةِ هَذِهِ الْمُطَالِبِ الآنفة الذِّكْر أعلاه، مِنْ جَانِبِ الدَّوْلَةِ الْوَطَنِيَّةِ السُّورِيَّةِ، وَرَفْعِ الْعُقُوبَاتِ الْاِقْتِصَادِيَّةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهَا مُنْذُ أَكْثَرِ مَنْ عَقْدٍ مِنَ الزَّمَنِ، يَرْفِضُ الرَّئِيسُ بِشَار الْأَسَدِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا كُلَّ هَذِهِ الْمَطَالِبِ، لَيْسَ مَنِ الْآنَ، بَلْ مُنْذُ زِيَارَةِ كُولِنِ بَاوِلِ وَزِيرِ الْخَارِجِيَّةِ الْأَمْرِيكِيِّ السَّابِقِ إِلَى دِمَشْقِ فِي 3آيار / مايو2003، حَيْثُ اِخْتَارَتْ أمريكا منذ ذَلِكَ الْوَقْتِ الضَّغْطَ عَلَى دِمَشْقِ عَبْرِ فَرْضِ الْعُقُوبَاتِ وَالْحِصَارِ وَدَعْمِ مَجْمُوعَاتِ الْمُعَارَضَةِ، لَا سِيَمًا أَنَّ الْوِلَاَيَاتِ الْمُتَّحِدَةِ أَدْرَكَتْ، قَبْلَ عَشْرِ سنوَاتٍ مِنْ ظُهورِ تَنْظِيمِ ” دَاعِش”، أَنَّ حَرَكَاتِ الْإِسْلَامِ السِّيَاسِيِّ، عَلَى اِخْتِلَاَفِ تَيَّارَاتِهَا الْإِخْوَانِيَّةِ، وَالْجِهَادِيَّةَ، هِي الْمُعَارَضَةُ الرَّئِيسَةُ لِحُكُومَةِ الْأَسَدِ الْعَلْمَانِيَّةِ.
السياسة الأمريكية والصهيونية،تقول إذا أراد الرئيس الأسد تَجَنُّبَ تغييرالنظام قسرًا،فعليه أن يلبيَّ هذه المطالب،بمعنى آخر أن يتخلى البعثيون عن مبادئهم القومية العربية،وأن يبذلوا جهودًا كبيرةً لكي يصبحوا غير بعثيين،وموالين للإمبريالية الأمريكية،ومطبعين مع العدو الصهيوني،وبالتالي متخلين عن سورية العروبة وقلب محور المقاومة.
وفيما رفضت الدولة الوطنية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد الخضوع للإملاءات الأمريكية-الصهيونية،نجد بالمقابل المعارضة السورية على اختلاف أطيافها لديها كامل الاستعداد لتنفيذ هذه المطالب.
لهذا السبب بالذات يخوض وفد الحكومة السورية معركة وطنية جديدة مع وفد المعارضة ،حيث انتهت الجولة الخامسة من المباحثات المخصصة لمناقشة الدستور السوري في جنيف، الجمعة 29كانون الثاني/يناير 2021وسط فشلٍ في تقريب وجهات النظر بين الطرفين .وينبع رفض وفد الحكومة السورية الدخول في مناقشة مضمون الدستور، أساسًا ،بسبب تبني المعارضة السورية المرتبطة بالغرب وتركيا والمملكة السعودية، نفس المطالب الأمريكية-الصهيونية، التي رفضتها الدولة الوطنية السورية.
فَالدُّسْتُورُ يَجِبُ أَنْ يُقِرَّهُ السُّورِيُّونَ أَنَفْسُهُمْ بَعِيدًا عن التدخلاتِ الأجنبيةِ،وقبل المناقشة في مضمونه ،يجب المطالبة برحيلِ الاحتلالينِ التركِي من شمال غربي سورية،والأمريكِي من شرق سورية،لا أن يملى عليهم من قبل أطراف معادية لسورية،ولتوجهها القومي،كما فعل الحاكم الأمريكي بريمر بعد احتلال العراق عام 2003، حين أعاد تعريف الشعب العراقي تعريفًا طائفيًا ومذهبيًا وإثنيًا:شيعة،وسنة،ومسيحيين،وكرد! وأعاد تقسيم السلطة على مقتضى ذلك التصنيف،وصولاً إلى تكريسِ الاحْتِصَاصِ (= الْمُحَاصَصَةِ) الطائفيِّ والمذهبيِّ والعرقيِّ في “الدُسْتُورِ”والنِظَامِ. ولقد أطلق ذلك المشروع،وما يزال،حروبًا مذهبيةً وموجاتَ عنفٍ دمويٍّ، ومغامراتٍ انفصاليةٍ (كرديةٍ)، على النَحْوِ الذي أذْهَبَ البقية الباقية من روابط الوطن بين العراقيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى