مرت في يوم (11) أكتوبر الذكرى الثانية والأربعون لٱستشهاد الرئيس اليمني والزعيم الناصري إبراهيم الحمدي؛وكلما مرت ذكرى ٱستشهاده يعتصر الألم القلب لأن الناس يتذكرون غيره ومن هم أقل منه بكثير ولا يتذكرونه، فيما عدا رفاقه في التنظيم الشعبي الناصري في اليمن؛ولكن الألم يأتي من عدم تذكر رفاقه الناصريين العرب له،لا بل تنكر بعض دراويش الناصرية له وإنكارهم لناصريته.
لقد شهد له رفاقه من قادة الناصرية في اليمن بأنه كان أكثرهم ناصرية لكنه كان يعتمد الناصرية كعقيدة سياسية ثوريه وليست مجرد وضع صورة الزعيم على الحائط والبكاء على المجد الذي تولى؛وقدشهد له رفاقه بأنه قد قال لهم ذات إجتماع عقائدي أيها الإخوة: قال الزعيم ماينفعش نظل قاعدين ونقول إحنا ثوريين؛اللي ينفع أن نؤمن أننا نحمل النظريه القومية الإشتراكية وتطبيقها على أرض الواقع.
لقدباشر الشهيد بإنشاء المؤتمر الشعبي العام الذي انحرف عن الغاية من إنشائه فيما بعد؛ وقال لرفاقه نحن كناصريين نؤمن بأن الإشتراكية العربية هي الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة الإجتماعية والتقدم، لذا فإن شعار العدالة الإجتماعية يجب أن نعتمده بدل كلمة الإشتراكية التي يستغلها الإخوان المسلمون بقيادة عبدالله الأحمر و النظام السعودي لتكفيرنا؛وتعلمون أن شعبنا رزح في ظلام دامس تحت الحكم الكهنوتي الإمامي تسعة قرون؛فعلينا تخليصه من الفقر والمرض والجهل أولا.
بعد قيامه ورفاقه بالحركة التصحيحية السلمية؛قال له بعض رفاقه نقتل الإرياني، قال له: يا ناصري هل قتل الزعيم الملك فاروق حتى نطبق النظريه وتقتل الإرياني؛فبدأ عهده بوضع لفظ الجلاله بدلا عن صورته في كافة دوائر الدوله؛ثم خفض الرتب العسكرية وألغى إمتيازاتها وبدأ بنفسه فخفض رتبته من رتبة عقيد إلى رتبة مقدم؛ثم ألغى الموكب الرئاسي فكان يتجول بسيارته( الفولكس فايجن)متفقدا أحوال المواطنين وخصص يوما لمقابلتهم ومتابعة شكاويهم ؛واصدر مرسوما بوضع الهدايا الماليه التي كانت تقدم له في مالية القوات المسلحة، أما الهدايا الرمزية كالمسدسات والسيوف والأوسمة فتوضع في المتحف الذي أنشأه لحفظ آثار وتاريخ اليمن.
خلال ثلاث سنوات أنشأ المدارس الثانوية وجامعة صنعاء وإذاعة وتلفزيون اليمن ومقسم الإتصال الآلي والحدائق العامه وآلاف الكيلومترات من الطرق المعبدة؛وفي عهده بدأت بنات اليمن الدراسة في المدارس، وقد حوّل بيته الذي يملكه إلى مدرسة للبنات وسكن ببيت أخيه؛كان فقيرا يعتاش من راتبه وكان يستدين من رفاقه حينما يحتاج أهل بيته شيئا.
لقد كان رحمه الله مثالا ناصريا رائعا في العفة عن أموال الدوله؛أما سياساته فهي التي جعلت أمريكا وإسرائيل وآل سعود والغشمي والأحمر يأمرون المقبور صالح بقتله وبالطبع كل له أسبابه؛وقدشرح تلك الأسباب نائبه ورفيقه القائد الناصري عبدالله عبدالعالم فقال:قتل بيد علي صالح وتحت إشراف الملحق العسكري السعودي عبدالله الهديان حيث طعنه بحربه بعد أن أطلق عليه النار ليتأكد بأنه قدمات؛فالسعودية لا تريد نظاما ناصريا إلى جانبها، كما أنها لم تكن ترغب بتسليم الأرض اليمنية في عسير ونجران التي كانت تنتهي مدة ٱستئجارها في عام(1990م) حيث حاول الحمدي جاهدا توحيد اليمن كخطوة على طريق الوحدة العربية الشاملة،
اما أمريكا فقد كانت ترفض تعزيز علاقات اليمن مع الإتحاد السوفياتي وبناء جيش يمني حديث حيث سلح الجيش بالسلاح الروسي وأنشأ لواء العماليق الخاص للسيطرة على باب المندب وعزز العلاقات الأخوية مع الصومال مما سيحول البحر الأحمر إلى بحيرة عربية ويحرم ربيبتها إسرائيل من الوصول إلى المحيط الهندي وبحرالعرب؛كماأن أمريكا كانت ترقب بخبث سعيه لإنشاء قوة ردع عربية وإنشاء جبهة الصمود والتصدي حيث زار السادات وحاول إقناعه وأتفق مع صديقيه صدام حسين وحافظ الأسد على إنشاء تلك الجبهة المنشودة، وأقام المعسكرات الفلسطينية في اليمن؛
أما الغشمي فقد كان طامعا في السلطة وموتورا بسبب تنزيل رتبته؛اما صالح فقد ٱستفاد من قرار الحمدي بتنزيل الرتب الكبيرة وترفيع الرتب الصغيرة؛وقد وعده زعيم الإخوان وشيخ قبيلته عبدالله بن حسين الأحمر بأن يجعله رئيسا ويحكم هو و الإخوان المسلمون من وراءه؛وكان الإخوان المسلمون يعيشون شهر العسل مع آل سعود و الذي لم ينته إلا بموت الأحمر؛وصدف أن أجريت عملية جراحية لسعيد عبدالغني فأضطر لعيادته ؛فخططوا لقتله فدعوا أخاه قائد لواء العماليق الشهيد عبدالله الحمدي وقتلوه ولما حضر الرئيس إقتادوه وقتلوه، وليتهم فعلوها فقط؛فقدأحضروا سائحتين فرنسيين وعروهما وقتلوهما وأحضروا جثة الشهيد وجثة أخيه وعروهما أيضا ووضعوا بجانبهما زجاجات الويسكي، وأدعوا بأن افراد الحرس هم من قتلوهما؛ولم يصدق الشعب اليمني تلك الرواية فرشق الغشمي بالأحذية في المقبره؛وبعد أقل من عام قام الحاج تفاريش(معناها بالروسية الرفيق) وهو سفير اليمن الديمقراطي بتفجير نفسه بحقيبة متفجرات في مكتب الغشمي مماأدى لقتلهما معا؛فٱستخدمت كذريعة من قبل الشيوعيين للتخلص من سالم ربيع علي والجبهة القومية فقاموا بإعدامه رحمه الله؛
لقدكان الحمدي في الرابعة والثلاثين من عمره ولديه أربعة أطفال حينما أستشهد، وبما أن الله يمهل ولا يهمل فقد قتل علي صالح بذات الطريقة ونفس الأسلوب ؛والسبب أنه هدد بكشف طريقة قتل الحمدي ولوح بكشف رسالة سعودية تطلب من الرئيس جونسون ضرب مصرقبيل عام(1967) وإسقاط نظام عبدالناصر.
وفي الختام نقول رحمك الله يا أبا نشوان، فقد كنت رمزا لتجربة ناصرية وئدت قبل أن تنمو ويستفيئ بظلها الشعب العربي اليمني الكريم.
الوقت: 29 أكتوبر,2020 at 1:15 ص
البريد الإلكتروني: fayyadsalem69@gmail.com