الديمقراطية كلمة حق يُراد بها باطل

 

لا يوجد كلمة في التاريخ الإنساني ظلمت كما ظلمت كلمة الديمقراطية ، والأصل منها كما هو معروف يوناني وتعني حكم الشعب، ولكن في عالمنا اليوم أين هو حكم الشعب في كل أنحاء المعمورة ، مع تسليمنا بأن هناك تبايناً في النظر للديمقراطية وتطبيقها بين الأمم والشعوب بثقافاتها المختلفة .
غير ان وطننا العربي يحتفظ، كما في كل شيء، بموقعه في ذيل قائمة الأمم والشعوب في تطبيق الديمقراطية، واختيار الشعب في كل قطر لنظام حكمه، وللأسف فأن القوى القومية التقدمية في وطننا العربي الكبير قد تمت محاربتها بأسم الديمقراطية، وعلى رأس تلك القوى المستهدفة تأتي التجربة الناصرية وهي التجربة الواقعية الوحيدة التي ربطت بين رغيف الخبز والديمقراطية الاجتماعية التي تبدأ من حرية الكلمة، وفقاً لقول الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله (إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية )فشرط الديموقراطية الحقيقية وجود مجتمع العدل والمساواة، وبدون العدالة الاجتماعية لن تكون هناك ديمقراطية، وفي هذا الإطار قال الزعيم جمال عبد الناصر ( لا يمكن للجائع أن يكون حرا في اختياره ) .
لذلك كانت سياسته رحمه الله منحازة للطبقات الوسطى والكدحة التي تشكل 90% من الشعب، ولأن هناك من لا يريد لهذه الأمة إن تتقدم فقد تمت محاربة المشروع القومي الناصري باسم الديمقراطية ، والغريب العجيب ان أمريكا والغرب الامبريالي كانوا يناصبون التجربة الناصرية العداء واتهامها بأنها غير ديمقراطية في الوقت الذي نرى الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة يتحالف مع أسوأ النظم في وطننا العربي في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، حتى أنهم سوقوا الانقلاب الصهيوامريكي النفطي الرعوي الذي قاده صنيعتهم أنور الساداتي في 15 أيار مايو 1971م ، وهو نفس تاريخ ذكرى النكبة، وكان شعاره المزيف هو الديمقراطية ومحاربة مراكز القوى، ورأينا ديمقراطيته ومشغليه إلى أين أوصلت مصر مع نهاية عهد المقبور حسني اللا مبارك الذي كان امتدادا لسلفه الفساداتي .
وحتى اليوم فان من يتابع المواقع والصحف الناصرية يرى سيف الديمقراطية المسلط على رقاب جميع من يعادي المشروع الصهيوامريكي المسمى بالسلام بالشرق بالأوسط، ورأينا بنفس المواقع من ينتقد الزعيم جمال عبد الناصر وتجربته ويسوق للسلام المزعوم .
وعندما نعترض على هذا السفه يقال لنا أنها الديمقراطية وحرية الرأي، أي كلمة الحق التي يراد بها باطل كما قال الإمام على بن أبي طالب عليه السلام، ولو أردنا ممارسة الديمقراطية في صحفهم ومواقعهم فلن يسمح لنا ذلك، لأنها ديمقراطية مفصلة حسب المزاج .
لذلك إذا أردنا نهضة عربية حقيقية (ونحن كذلك) علينا أن نفرز إعلامنا ونصفيه بعد أن دخل إليه من الكثير من العفن السياسي والصهينة .
قبل أيام قرأت في إحدى المواقع الناصرية التي أحترمها تعليقاً يثير النعرات المذهبية الضيقة والدينية المتعصبة بدون أي مناسبة ، وعندما أرادت أخت فاضلة أن ترد على صاحب التعليق كان كلامه في الرد عليها ما يمكن أن يحاسب عليه بكل القوانين، الأمر الذي دعاني أن أعترض لدى إدارة الموقع التي اكتفت بشطب تعليقه الخارج عن كل اللباقة والآداب العامة ,
كل ذلك يتم باسم الديمقراطية حتى أن هناك صحفاً شبه ناصرية قد أزالت الشعار الخالد للناصرية: الحرية والاشتراكية والوحدة، تماشيا مع الديمقراطية وروح العصر !! فالى متى ستبقى الديمقراطية سيفاً بيد الامبريالية والصهيونية مسلطاً على الرقاب؟؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى