زمن العار العربي.. ماكرون يرفض دعوات لبنانية لعودة الانتداب ويقول: لا تطلبوا من فرنسا ألا تحترم سيادتكم/ فيديو

هزلت، والله العظيم هزلت الى حد ان ينتدب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه، امس الخميس، للقيام بجولة تفقدية في شارع الجميزة الأثري في شرق العاصمة اللبنانية بيروت الذي طاله دمار هائل جراء انفجار المرفأ الثلاثاء الماضي.ثم يقول لمن طالبه باعادو الانتداب الفرنسي: ” لا يمكن أن تطلبوا من فرنسا ألا تحترم سيادتكم”، ويضيف باستعلاء: “إنه سيقترح على السياسيين اللبنانيين ميثاقا جديدا للخروج من الأزمة الاقتصادية السياسية التي تعصف بالبلاد”.

فقد استقبل لبنانيون الرئيس ماكرون الذي تفقد سيرا على الأقدام شارع الجميزة الأثري في شرق بيروت المتضرّر بشدّة جراء انفجار المرفأ قبل يومين، بالهتافات والترحيب مرددين “الشعب يريد إسقاط النظام” و”ساعدونا”. ويعدّ الرئيس الفرنسي أول شخصية أجنبية كبيرة تنزل إلى الشارع وتتحدث إلى الناس بعد وقوع المأساة في المرفأ.

ولم ينزل أي مسؤول لبناني إلى الشارع بعد وقوع الانفجار الذي دمّر أجزاء كبيرة من العاصمة، وخلّف 137 قتيلا وأكثر من خمسة آلاف جريح، بينما ينهمك اللبنانيون منذ يومين بتنظيف الركام والزجاج ومحاولة تصليح ما يمكن من منازلهم وبيوتهم ومتاجرهم.

“ثورة، ثورة!”، هتفت مجموعة من اللبنانيين كانوا في منطقة الجميزة لدى وصول الرئيس الفرنسي مع الوفد المرافق، وقد نزع سترته وأبقى على كمامته قبل أن ينزعها في وقت لاحق ليتكلم إلى الناس. وقال بلهجة واثقة متوجها إلى أحدهم “يا صديقي، أنا هنا اليوم لأقترح عليهم (السياسيين) ميثاقا سياسيا جديدا، وسأعود في الأول من سبتمبر/أيلول”.

ولم يتردّد الرئيس الفرنسي حين اقتربت منه سيدة تضع كمامة وقفازات تشكو إليه حالها وحال البلد، من أن يمسك بيديها أولا ويستمع بإمعان قبل أن يعانقها بشدّة في مشهد مؤثّر في زمن التباعد الاجتماعي مع تفشي فيروس كورونا. وبدا ماكرون مذهولا من حجم الأضرار في المنطقة. توقف أكثر من مرة للاستماع إلى كل من استوقفه، بينما كان سكان يتابعون ويلوحون له من على شرفات منازلهم أيضا.

“مضطر للجلوس معهم”

ورد ماكرون على الغضب الذي عبر عنه الحشد الصغير الذي لاقاه خلال جولته بالحديث عن “مبادرة سياسية جديدة” سيقترحها على المسؤولين والقادة اللبنانيين، مشيرا إلى ضرورة بدء “الإصلاحات.. وتغيير النظام ووقف الانقسام ومحاربة الفساد”.

واحتج بعضهم على لقائه المسؤولين، وردّد آخرون شعارات ضد رئيس الجمهورية ميشال عون. فقال الرئيس الفرنسي “أنا مضطر للجلوس معهم، سأقول لهم الحقيقة، وسأسائلهم عما فعلوه”. وتابع “أتفهم غضبكم. لست هنا للتغطية على النظام”.

وكان الرئيس الفرنسي يضع الكمامة وطورا ينزعها للتحدّث مع السكان حينا وللإجابة على أسئلة الصحافيين حينا آخر.

ولدى حديثه مع صحافيين، قاطعته شابة بالفرنسية قائلة: “لا تعطوا الأموال لحكومتنا الفاسدة. لم يعد بمقدرونا التحمل أكثر”، فالتفت نحوها وأجابها “لا تقلقي”.

وقال الرئيس الفرنسي: “إنها مساعدة من دون شروط للشعب برعاية الأمم المتحدة لتصل مباشرة إلى الشعب وإلى المنظمات غير الحكومية”.

في الشارع حيث سار ماكرون على قطع الزجاج المتناثرة في كل مكان وعاين أبنية بعضها ذو طابع تراثي ومقاهي تصدّعت واجهاتها ونوافذها، تكرر على مسامعه طلب المساعدة من مواطنين غاضبين. وردد بعضهم “ساعدونا، أنتم أملنا الوحيد”.

ورافقت جولة ماكرون إجراءات أمنية اتخذها الجيش اللبناني الذي واكبه وحاول إبعاد الناس عنه. فما كان من سيدة غاضبة إلا أن صرخت في وجههم “أين كنتم أمس؟ لماذا لم تساعدونا”.

على مواقع التواصل الاجتماعي، أشاد كثيرون بزيارة ماكرون وتجوله بين الناس، بينما انتقدها آخرون.

رفض ماكرون  طلب عودة الانتداب

وعقد ماكرون مؤتمراً صحافياً في ختام زيارته أكد فيه “أن أموال سيدر موجودة من أجل لبنان لكنها فقط تنتظر تطبيق الإصلاحات الداخلية في الكهرباء والمياه وكل المؤسسات ومكافحة الفساد، ونحن لا نعطي شيكاً على بياض لسلطة فقدت ثقة شعبها، وسننظّم مؤتمراً لمساعدة لبنان في الايام المقبلة”،

وقال متباهياً: “القوى السياسية وممثلو المجتمع المدني والمواطنون في الشارع طلبوا مني العودة إلى الانتداب ولكن لا يمكن أن تطلبوا من فرنسا ألا تحترم سيادتكم”. ثم توجّه ماكرون إلى اللبنانيين بالقول: “جئت لأقول إن فرنسا إلى جانب لبنان ونبضات قلبها تنبض مع بيروت وختم باللغة العربية مستعيراً كلمات أغنية فيروز “بحبك يا لبنان”.

ورداً على كلام رئيس الحكومة اللبنانية عن عدم معرفة وزير الخارجية الفرنسي بإصلاحات الحكومة قال ماكرون “تبيّن لي أن المواطنين الذين التقيتهم في الشارع هم أيضاً لا يعلمون بشأن هذه الإصلاحات”.

وعن لقائه وفد حزب الله مع القوى السياسية أجاب “لست أنا من انتخب القوى السياسية بل الشعب اللبناني والقرار بيدهم دائماً”.

كما أكد ماكرون أن لبنان لن يكون وحيداً في مواجهة الصعاب، معرباً عن استعداد فرنسا للوقوف دوما الى جانبه في ظروفه الصعبة، ومشيراً الى أن فرنسا ستقوم بحركة ناشطة لدفع المجتمع الدولي إلى التحرك بفاعلية وسرعة للوقوف الى جانب لبنان ومساعدته، لاسيما وأن لبنان يحيي هذه السنة الذكرى المئوية الأولى لإعلان “دولة لبنان الكبير”.

نشاز العميلين حنبلاط وجعجع

وتزامناً مع الزيارة الفرنسية، رفع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط نبرته السياسية ضد من سمّاها “حكومة الذئاب”، وأكد ” بقاء اللقاء الديموقراطي في المجلس النيابي كي لا نفسح في المجال للمحور العوني- حزب الله للسيطرة على المجلس”، وطالب مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بلجنة تقصّي حقائق دولية في انفجار مرفأ بيروت.

كما أكد جعجع “على الرغم من أن الضربة كانت موجعة جداً لن نستسلم ولن نتعب وإنما سنستمر في المواجهة الى حين قيام دولة فعلية في لبنان”. وسأل “هل من يصدّق أن وجود 2750 طناً من المواد القابلة للتفجير موجودة في مرفأ بيروت منذ 6 سنوات بسبب الإهمال؟”.

بين عون وماكرون.. كورونا؟

في وقت حاولت السلطة اللبنانية تصوير زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أنها فك للحصار عن الدولة، لوحظ أن هذا الماكرون قد تجنّب في مطار بيروت وعلى مدخل قصر بعبدا مصافحة الرئيس اللبناني ميشال عون بحجة الخوف من “كورونا”، فيما غمر فتاة لبنانية للحظات في شارع الجميزة كانت ” تكنّس الزجاج”، وأمسك بحرارة يدي فتاة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى