“العربية لغتي”.. مبادرة أطلقها لاجئون سوريون للحفاظ على لغتهم في ألمانيا
للحفاظ على اللغة العربية لأطفال اللاجئين والمهاجرين، أسست مجموعة متطوعين سوريين في ماينز الألمانية مشروعا طوعيا يستقطب الأطفال والفتية لتنظيم لقاءات أسبوعية. المجموعة ساهمت أيضا في ربط الأهالي بخبراء تربويين.
ومع حلول إجازة نهاية الأسبوع تحرص المهندسة السورية حلا الجندي على اصطحاب طفليها إلى مدرسة اللغة العربية التابعة جمعية الأكاديميين السوريين. حيث أسست الجمعية منذ أعوام مشروعا طوعيا يهدف إلى تعليم اللغة العربية لأطفال المهاجرين بطرق مبتكرة وعصرية.
ويقوم مشروع العربية لغتي على مبدأ الحفاظ على اللغة الأم للمهاجرين الأطفال القادمين من الدول العربية. المشروع تم طرحه بشكل بسيط ببداية عام 2016، وذلك بعد موجة اللاجئين الضخمة التي قدمت إلى أوروبا ولا سيما ألمانيا. وتطور المشروع بشكل متدرج ليصبح مشروعا كبيرا ومهما بالنسبة لأكثر من 50 طالب وطالبة في مدينة ماينز وضواحيها في ولاية راينلاند بفالس، ممن انضموا إليه من أجل تحسين لغتهم العربية.
وتعرب الجندي لموقع مهاجر نيوز عن سعادتها لوجود هذا المشروع في المدينة، فالعائلة بذلت الكثير من الجهد من أجل تعليم اللغة العربية لطفلتها البالغة من العمر 8 سنوات وطفلها البالغ من العمر 6 سنوات.
مشروع بجهد ذاتي
وتوضح الجندي قائلة: قدمنا إلى ألمانيا منذ ما يقارب الخمس سنوات،وكان مهما لنا بالنسبة للعائلة أن يتعرف الأطفال على اللغة العربية ويتقنوا كتابتها، بيد أن المشكلة تمثلت بعدم وجود مدارس كافية مختصة من أجل هذا الأمر، وبالرغم من محاولات التدريس في المنزل إلا أن الأمر لم يكن هو الحل الأمثل، لذلك سارعت المهندسة السورية إلى تسجيل أبنائها في المشروع حالما عرفت عنه، وتقول: أطفالي أحبوا المدرسة وأحبوا تعلم اللغة، حيث نجح القائمون على المشروع في تقديم اللغة إلى الأطفال عن طريق اللعب. وتتابع: أحيانا يكون هذا جيد بالنسبة إلى الأطفال وهو التحايل على الطفل من أجل أن يدرس ويتعلم وبنفس الوقت يستمتع.
“هذا المشروع هو أحد مشاريع مجموعة الأكاديميين السوريين التطوعية والتي تأسست بداية عام 2016 بجهود ذاتية من أجل تقديم العون للاجئين واللاجئات السوريين وغيرهم من اللاجئين” كما يقول السوري عبد القادر باقي، مؤسس المجموعة.
ويشرح: ” قدمت إلى ألمانيا قبل بداية موجة اللاجئين الكبيرة، وبعد تزايد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، حاولت وعدد من الزملاء تقديم المساعدة والعون للقادمين الجدد لا سيما أن اللغة الألمانية كانت عائقا كبيرا تقف أمام اندماجهم في المجتمع وفهم ما يدور حولهم”.
ويضيف:” شملت المجموعة 7 متطوعين ومتطوعات سوريين وكنا ندرس جميعاً في جامعة ماينز لذلك أطلقنا على اسم المجموعة جمعية الأكاديميين السوريين، بدأنا في تقديم ورشات تعريفية للاجئين الراغبين في إكمال دراستهم في الجامعات، وشرحنا لهم عن الشروط المطلوبة وكيفية التسجيل لدورات اللغة الألمانية والقبول الجامعي. مع مرور الزمن كبرت مجموعتنا الصغيرة وانضم لنا العديد من اللاجئين والطلبة الراغبين في تقديم يد العون ليبلغ عددنا 65 متطوعا ومتطوعة”.
الحفاظ على اللغة الأم للمهاجرين
ومن ضمن الأنشطة التي حرصت عليها الجمعية إتاحة الفرصة للقادمين الجدد من الأطفال بأن يحافظوا على لغتهم الأم وعدم فقدانها داخل المجتمع الألماني. ويقول عبد الباقي نحن نؤكد على ضرورة إتقان اللغة الألمانية لجميع اللاجئين القادمين من أجل الاندماج داخل المجتمع، لكننا نؤكد أيضا على ضرورة عدم فقدان اللاجئ الطفل لغته الأم وضرورة الحفاظ عليها.
وقد أظهرت العديد من الدراسات أن ثنائية اللغة أو التعددية اللغوية بشكل عام، بغض النظر عن ماهية هذه اللغات تعزز من القدرة المعرفية، وتحسن من التركيز وتقوي الذاكرة هذه الأمور جميعها ساعدت جمعية الأكاديميين السوريين في التفاوض مع مؤسسات ألمانية من أجل تلقي بعض المساعدة في هذا المشروع حيث ساهمت جمعيات خيرية مثل الكاريتاس ومالتيزر مثلا في تقديم غرف لاستخدامها كصفوف مدرسية للطلاب وذلك بأسعار رمزية.
رسوم رمزية واقبال شديد
أحمد اليونس وهو أحد المتطوعين في المجموعة قال لمهاجر نيوز أنه وكغيره من اللاجئين السوريين في ماينز حاول أن يشغل وقته في أمور مفيدة، حيث سمع عن هذه المجموعة وانضم لها، وساهم أيضا وبشكل تطوعي في تدريس اللغة العربية للطلاب المسجلين، ويقول هناك مجموعات دراسية مختلفة صباحية وبعد الظهر، بحيث يتلقى الطلاب المسجلين في عطلة نهاية الأسبوع دروس اللغة العربية، ويكون مدة اللقاء 3 ساعات لكل مجموعة. ويدفع الطلاب رسوما رمزية للانضمام وذلك من أجل توفير النقود للكتب الدراسية وأوراق العمل والقرطاسية.
وكانت المجموعة قد عرضت أوراق العمل على مختصين في تدريس اللغة العربية من أجل مساعدتهم في فرز المواد وكيفية تقسيم الطلاب، كما نجحت في استقطاب بعض المعلمين والمعلمات للغة العربية من اللاجئين للانضمام إلى المجموعة، وهو ما ساهم في تجاوب أكبر من قبل الطلاب وأهاليهم.
عبد الباقي أكد أيضا أن المجموعة قامت باستضافة العديد من الخبراء التربويين المتحدثين للغة العربية وذلك في لقاءات خاصة مع الأهالي من أجل زيادة الوعي لدى الآباء والأمهات في كيفية التعامل مع أبنائهم والتغلب على أية مصاعب سلوكية يواجهها الأبناء، كما ساهمت المجموعة في إقامة العديد من المعارض ولا سيما معرض الكتاب العربي في ماينز، وقامت بتنظيم لقاءات متعددة باللغة الألمانية من أجل عرض جوانب من الثقافة السورية للمهتمين من الألمان.
بيد أن أبرز العوائق التي ما زالت تواجه المجموعة، فهي “الموارد المالية” كما يقول عبد الباقي. فبالرغم من الأنشطة العديدة التي تقوم بها الجمعية، تبقى التكاليف المادية أمر مرهق للأعضاء المتطوعين، لا سيما وأن غالبيتهم هم من الشباب والطلبة، لذلك تحاول الجمعية حاليا مخاطبة مؤسسات ألمانية مختلفة من أجل التمكن من رصد دخل مالي يساهم في رفد الأنشطة والمشاريع المتعددة التي تقدمها المجموعة.