بقاؤنا الجماعي
بقام : د. مازن قمصية

كتبت كتابين عن النضال الفلسطيني (واثنان آخران جاهزان للنشر قريبًا)، وأبرزت من خلالهما محورية القضية الفلسطينية بالنسبة للسلام العالمي، وقد نشطت في الكفاح من أجل حقوق الإنسان والبيئة منذ ما يقرب من أربعة عقود. لم أكن أكثر قلقًا من الآن بشأن المستقبل. أنا هنا لا أتحدث فقط عن مستقبل 13 مليون فلسطيني (7.5 مليون لاجئ أو نازح) ولكن عن مستقبل البشرية ككل. واسمحوا لي بسرد تسعة أشياء فقط قد تثير التسائل:
1) سيفوز ترامب بأغلبية ساحقة تمامًا مثل بوريس جونسون وأحزاب اليمين ستكتسب قوة في جميع الدول “الغربية” (لن أخوض في تفاصيل لماذا هذا هو الحال لكن المذكور أدناه يمكن أن يسرع هذا التوجه لأن الدعاية الاعلامية يمكن أن تستخدم في أوقات معينة لدعم أولئك الذين يَعدون الشعوب بتوفير “الأمن”).
2) اعتادت وزارة الخارجية الأمريكية أن تقضي ما بين 40 إلى 50٪ من وقتها في الترويج لإسرائيل، وتم توجيههم لمضاعفة جهودهم من أجل إسرائيل (معلومات داخلية من زميل في وزارة الخارجية). هذا يعني أن 80٪ من وقت سفراء الولايات المتحدة والمبعوثين وغيرها من الجهات الفاعلة في 204 دولة ومنطقة حول العالم ستعمل على تنفيذ اجندات صهيونية. وبالتالي لَيْ الذراع والتطبيع من قبل أوغندا والسودان وغيرهما. الخلاصة: المصلحة القومية الأمريكية تخسر، الاستعمار الإسرائيلي يفوز.
3) يسيطر الصهاينة على ثروات وموارد كبيرة بما في ذلك معظم كبار الشركات العالمية الغربية ووسائل الإعلام الرئيسية في العالم مثل سي إن إن إمبراطورية فوكس (Fox)،والتلفزيون الألماني الخاص وغير ذلك الكثير.
4) إن الجسد السياسي الفلسطيني وقيادتنا لم تكن أبدًا أضعف أو غير مؤهلة أكثر من الآن. جميع الخبراء الرئيسيين مهمشين، فقط أولئك الذين يتعهدون بالولاء لمحمود عباس والذي يحيطه السحيجة “يأخذون دورهم”. يبذل أفراد جهودًا بطولية لكن بالنظر إلى النقطة الثالثة، يصعب الوصول إلى جماهير واسعة باستثناء وسائل التواصل الاجتماعي والتي يراقبها الصهاينة عن كثب وينصبون الكثير من المصايد من خلالها. إضافة إلى ذلك فإن استخدام جماعات الضغط اللوبي لحمل الحكومات والمؤسسات على حظر انتقاد إسرائيل أو الصهيونية باعتبارهما “معاداة للسامية” في ازدياد. يأتي هذا في ظل العمل الخبيث لاسكات صوت العاملين من أجل حقوق الانسان.
5) التفكير الصهيوني ينصب على المدى القصير بكيفية سرقة المزيد من الأراضي والموارد الطبيعية من الفلسطينيين الأصليين. سيطر الصهاينة بالفعل على معظم أراضي الفلسطينيين (الآن يقبع الفلسطينيون في 8٪ من أراضيهم التاريخية وهذه هي المناطق الحضرية القليلة التي تحتوي أقل من 1٪ من الموارد الطبيعية). لكن هذا ليس مستدامًا من الناحية الأخلاقية والقانونية والبيئية واللوجستية من عدة أوجه (انظر كتابي عن “مشاركة أرض كنعان”). الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان حتى تذهب البشرية جمعاء .
6) سيتسارع إفقار الفلسطينيين (كان الشعب الفلسطيني من أغنى شعوب العالم العربي قبل الصهيونية) . ستصبح كانتونات الضفة الغربية مثل كانتون غزة / غيتو / بانتوستان. لكن هذه فائدة قصيرة المدى لإسرائيل حيث يزيد الفقر من معدل الانجاب، وحيث أن قلة قليلة من الفلسطينيين يمكن أن يغادروا، في الوقت الذي يغادر فيه مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الخارج (300,000 الآن في ألمانيا) ، فإن الغالبية الفلسطينية في ظل الحكم الإسرائيلي سترتفع من 52 ٪ الآن إلى 65 ٪ بحلول عام 2048. المزيد من الإسرائيليين سيتحولون الى معاديين للصهيونية. علاوة على ذلك ، فإن البيئة في تدهور مستمر أساسا. احصائيات الصحة تشير الى زيادة في أمراض السكري والسرطان والعيوب الخلقية الخ.
7) تغير المناخ يتسارع وله تأثير في جميع أنحاء العالم. لا حاجة لتوضيح المزيد هنا حيث شاهد وسمع الجميع عن الحرائق والدمار في منطقة الأمازون وإفريقيا وأستراليا.
8) تمت تغطية القليل من الأحداث حول سباق التسلح العالمي الذي تسارع خلال العشرين عامًا الماضية. ترسانة إسرائيل من الأسلحة النووية على الغواصات والصوامع في النقب، ترقية الولايات المتحدة لترسانتها النووية بأسلحة نووية أكثر قابلية للاستخدام. نحن الآن أقرب إلى تبادل نووي مدمر أكثر بكثير من أزمة الصواريخ الكوبية 1962 أو 1973 عندما تدخلت أمريكا لحماية اسرائيل . الأسلحة الكيميائية والبيولوجية يتم تطويرها واستخدامها أيضًا. لقد اعتقدت دول مثل إسرائيل والولايات المتحدة التي تنفق نسبة كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي على الأسلحة أنها يمكن أن تشق طريقها من خلال ذلك. لكن الفيزياء تخبرنا بأنه لكل فعل هناك رد فعل وأن دولًا مثل إيران والصين وروسيا وحتى اليمن والعراق وسوريا لن تتهاون أبدًا مع هيمنة الولايات المتحدة (التي تحتلها الآن إسرائيل أيضًا) على الشؤون العالمية. نحن نعيش في عالم خطير للغاية.
9) يتم طرح تقنية G5 دون فهم المخاطر الهائلة المرتبطة بها، وهذا أيضا سيشكل قضية أخرى للصراع بين الدول. سواء كان الفيروس التاجي الجديد عبارة عن اختراع بشري متعمد أم لا، فقد جاء في الوقت المناسب لإحباط مسيرة الصين أو على الأقل تأخير مسيرتها لتصبح أقوى اقتصاد على وجه الأرض. ولكن مع وجود 7.5 مليار شخص على وجه الأرض، فإن الأمر مجرد مسألة وقت قبل إطلاق فيروس لا يمكن إيقافه، والصين وروسيا وايران ليست السعودية ويوغاندا.
يمكنني توسيع هذه القائمة بشكل كبير لكنكم ترون ما الذي يقلقني ويقلق ملايين الناس بشأن مستقبلنا الجماعي. عندما سألت في محاضرتين في سويسرا عن فرصنا في تجنب الكارثة، قلت ربما 20 ٪. لكنه يشير في نفس الوقت إلى الحاجة الملحة للعمل. لهذا السبب اتفقنا مع حركة تمرد انقراض (Extinction Rebellion) وبدأنا مجموعة “فلسطين من أجل الكوكب”. اجتماعنا القادم هو السبت 22 فبراير.
وأخيرا اقتباس من هوارد زين (Howard Zinn)
“أن أكون متفائلا في الأوقات السيئة ليس رومانسية وحماقة. إنه يقوم على حقيقة أن تاريخ البشرية هو تاريخ ليس فقط من القسوة ، ولكن أيضًا من التعاطف والتضحية والشجاعة والعمل الجماعي. ما نختار التأكيد عليه في هذا التاريخ المعقد سيحدد حياتنا. إذا رأينا الأسوأ فقط، فهذا يدمر قدرتنا على القيام بشيء ما. إذا تذكرنا تلك الأوقات والأماكن – وهناك الكثير منها – حيث تصرف الناس بشكل رائع، فهذا يعطينا الطاقة للعمل، وعلى الأقل القدرة على إرسال هذه العالم في اتجاه مختلف بدل الدمار. وإذا قمنا بالعمل فلن ننتظر المستقبل المثالي حتى يحدث. المستقبل هو سلسلة لا حصر لها من الهدايا والإنجازات. العيش الآن كما نعتقد أن البشر يجب أن يعيشوا في تحد لكل ما هو سيء من حولنا، هو في حد ذاته انتصار رائع.”