العدوان التركي على شمال سورية و استهدافاته

مع الإعلان المفاجىء للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين الماضي انسحاب قواته من شمال شرقي سورية- وهو بالمناسبة قرار متخذ منذ 18ديسمبر2018وقد ماطلت به إدارة ترامب قرابة العام إرضاء لبعض حلفائها في المنطقة ومنهم الكيان الصهيوني والنظام السعودي ــ حتى بدأ النظام التركي بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان بغزو عسكري في منطقة شرقي الفرات، بغية محاربة مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، وسواهم من المقاتلين المنضوين تحت مسمّى قوات سورية الديمقراطية “قسد”،وهي ميليشيات انفصالية تخلت عنها الإمبريالية الأمريكية مؤخرًا.
فشل المشروع الأمريكي وراء قرار الانسحاب
ويأتي قرار الانسحاب الأمريكي من سورية بعد أن أدركت الإمبريالية الأمريكية أنَّ مشروعها بإسقاط الدولة الوطنية السورية هُزِمَ. فقد مرّ قرار الإنسحاب الأمريكي بثلاث مراحل. في الأولى كان بالرهان على النجاح في إدارة الحرب على “داعش” بما يضمن تدحرجها في الجغرافيتين السورية والعراقية، وقد أفشله محور المقاومة بانتصاره في معارك الموصل ودير الزور والبادية وتدمر. والثانية بالرهان على مقايضة الوجود الأمريكي بالوجود الإيراني والمقاوم في سورية ضماناً لأمن الكيان الصهيوني كشرط من شروط التسوية التي تقبل بها واشنطن في سورية، وقد سقط رهان المقايضة نهائياً، واقتنع الروس بأن لا إمكانية لبحث وجود إيران وقوى المقاومة ما دام الجولان السوري محتلاً، ويعلن كيان الاحتلال ضمه وتؤيده واشنطن في ذلك. أما المرحلة الثالثة فكانت الرهان على عقدة إدلب بوجه تقدّم مشروع الدولة السورية لفتح استحقاق الخروج الأمريكي، على قاعدة أن إدلب كآخر معقل للمسلحين والوافدين من الإرهابيين وللأتراك ستشكل تغييراً في وجهة الحرب التي كتبتها معارك حلب وما بعدها وصولاً إلى درعا، حتى قالت معركة خان شيخون العكس، فصار قرار الانسحاب على الطاولة راهناً.
ويأتي الانسحاب الأمريكي بعد أْنْ أدركت الولايات المتحدة أنَّ روسيا الحليفة القوية لسورية قد حققت بالذات نجاحًا كبيرًا في جعل نفسها على قمة الديناميكيات الرئيسية في الشرق الأوسط، والحرب في سورية هي واحدة من أمثلة كثيرة، حيث تقوم موسكو بالحل والعقد.كما يأتي الانسحاب الأمريكي من شمال سورية بعد أن دمرت الإمبريالية الأمريكية منطقة الشرق الأوسط بالحروب والنزاعات والفوضى “الخلاقة” التي جاءت بها مقولة الحرب على الإرهاب من خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان في أكتوبر 2001، واحتلال العراق في مارس 2003، واستكملته بما يسمى أحداث “الربيع العربي” التي نشرتها في العديد من البلدان العربية ، وهو سيناريو الفوضى الهدامة، التي تعهدت الجماعات الإرهابية التكفيرية المدعومة أميركياً وإقليميا وصهيونيًا بتنفيذه، من أجل إسقاط الدول الوطنية في الوطن العربي ، وإعادة تقسيمه إلى دويلات طائفية وعرقية.
ومع إدراك إدارة الرئيس ترامب أنّ سياسة الولايات المتحدة المشوشة والمتناقضة لسورية أثبتت عدم فعاليتها، قامت باتخاذ مقاربة نشيطة وفاعلة للصراع في سورية،تقوم على الانسحاب من سورية بعد فشل استراتيجيتها العسكرية حين استخدمت قوات ومقاربة تقليدية في الحرب على الإرهاب ،وإهمال عيوب قوات سورية الديمقراطية”قسد”، وذلك بعد دعم كامل لهذه الميليشيات ،وتشجيعها على خلق حالة إضافية من الفوضى في الميدان السوري حيث ارتكبت هذه الميليشيات الفظائع بحجة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي،‏‏ والسماح للخلافات مع تركيا أن تحدث تمزقا في تحالف الناتو،وخلق أجواء من التوترات المتزايدة بين أمريكا وإيران في الخليج.
فقد اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تغريدة له يوم الإربعاء الماضي ، بمقتل الملايين بالشرق الأوسط وبغزو العراق وفقا لمعلومات خاطئة.وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنَّ بلاده لم يكن يفترض أن تتواجد في الشرق الأوسط، واصفًا حروب المنطقة بأنَّها “غبية لا نهاية لها”.واعتبر ترامب ،أنَّ الحروب الجارية بين مختلف المجموعات بالمنطقة “مستمرة منذ مئات السنين”.وأضاف أنَّ الولايات المتحدة “لم يكن عليها التواجد بالشرق الأوسط”.وتابع: “لقد سحبت جنودنا الخمسين. ويتوجب على تركيا أن تتحمل مسؤولية مقاتلي تنظيم الدولة المحتجزين، الذين ترفض أوروبا عودتهم إليها”.وشدَّدَ على أنَّ “الحروب الغبية التي لا نهاية لها قد انتهت بالنسبة لنا”.
وفي سلسلة تغريدات في الإطار ذاته، قال ترامب إنَّ َالولايات المتحدة أنفقت 8000ملياردولار في حروب المنطقة، كما قتل وأصيب الآلاف من جنودها.وتابع أن الملايين قتلوا أيضا “على الجانب الآخر”، في إشارة إلى شعوب المنطقة، مؤكدا أن “الذهاب إلى الشرق الأوسط هو أسوأ قرار تم اتخاذه على الإطلاق”.واعترف ترامب أن بلاده اتخذت قرار الحرب بناء على معلومات خاطئة بشأن “أسلحة الدمار الشامل”، في إشارة إلى غزو العراق عام 2003، مشددا على ضرورة سحب القوات الأمريكية بحذر والتركيز على جعل الولايات المتحدة “أعظم من أي وقت مضى”.
أمريكا تتخلى عن ميليشيات “قسد”الانفصالية

لقد ارتكب الأكراد في كل من العراق وسورية أخطاء تاريخية أكانوا مدركين أو مندفعين فقط وراء أهدافهم من دون أنْ يَعَوْا أنَّ اللعبة الأمريكية يمكن أن تنقلب عليهم.ففي شمال سورية، قررت تركيا تصفية وجود البنية القتالية الكردية في جيب عفرين عبر عملية “غصن الزيتون”، إذ استوجب أيضاً إنهاء الوضع الذي أسسه الـ “بي كي كي” (حزب العمال الكردستاني) وفرعه السوري. فالدول رسمت خرائطها وباشرت تنقيحها بعدما حدّدت أهدافها وخياراتها، ولم يكن متوقّعاً أن تحبط روسيا والولايات المتحدة مطالب تركيا إلى ما لا نهاية أو أن تواجها أنقرة وتُخضعا مصالحهما للطموح الكردي بالتمدّد إلى البحر المتوسّط.

لقد أفسح الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سورية في المجال لما خطط له أردوغان منذ فترة طويلة لمحاولات شنّ عدوان تركي على الميدان السوري بحجة القضاء على ميليشيات “قسد”الكردية التي باتت وحيدة بعدما بدا أنَّ واشنطن -داعمها الأساسي- تخلّت عنها، والقيام ب”تطهير عرقي” في الجزيرة ممن تصفهم أنقرة بالإرهابيين، فأردوغان يحاول أن يستفيد من هذا الوضع سياسياً، ويعيد القليل من الحياة لشعبيته في الداخل التي باتت في الحضيض.‏‏
وكانت الإمبريالية الأمريكية دعمت ميليشيات”قسد” الانفصالية منذ بداية العام 2015، بالمال، أكثر من (500مليوندولار سنويًا) و الأسلحة الثقيلة بهدف محاربة تنظيم”داعش” الإرهابي، رغم المعارضة الشديدة من قبل النظام التركي.
وآخر ما كانت تتوقعه ميليشيا “قسد “الذين طالما فاخّرت واشنطن باستماتتهم في مقاتلة تنظيم داعش الإرهابي إلى جانبها، أن يتخلّى عنها البنتاغون وكان مبرر ترامب جاهزاً حيث قال “لم يكن ذلك بالمجان، فقد دفعت أميركا لهؤلاء كميات طائلة من الأموال وأمددتهم بالمعدّات اللازمة للمهمة”.
يرى المحللون لشؤون إقليم الشرق الأوسط،أنَّ قرار ترامب الصادم والمباغت للأكراد، يأتي مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية عام 2020، ومع تسارع وتيرة الخطوات المتخذة في التحقيق الذي يجريه الديمقراطيون بهدف عزل ترامب في نهاية المطاف.وكان الرئيس ترامب وعد قاعدته الشعبية بالانسحاب و مغادرة منطقة الشرق الأوسط ،فعين ترامب الاستراتيجية اختلفت عمّا سبق في المنطقة ومفهوم التحالفات يفرض إعادة الضبط والمراجعة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لترامب.‏‏
من الواضح أنّ الإمبريالية الأمريكية استخدمت الأكراد كورقة و أداة في مرحلة تاريخية معينة، ولتحقيق أهداف محددة، ولم تكن تنظر إليهم على أنهم أصحاب”قضية”(أي إنشاء كيان إنفصالي في شمال سورية، أو تأسيس فيدرالية كردية ).وهاهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتنصل من كل تعهدات إدارته تجاه الأكراد، و”منح” أنقرة ضوءا أخضر لتنفيذ مشروعها بإنشاء “منطقة آمنة”، ترى تركيا أن تكون بعمق ثلاثين كيلومترا وطول يقارب الخمسمائة كيلومتر على امتداد الحدود.
فالرئيس ترامب يتعامل بعقلية التاجر و المقاول ،أي بعقلية الربح و الخسارة، أي أنَّ الحليف المكلف ماديًا لا يريده.ولهذا السبب، لا عجب أن يتخلى عن ميليشيات “قسد”،ما دام قد تخلى عن شيوخ ماله في السعودية حين نزف نفطهم من أرامكو وقال حينها ترامب : “لايهمنا الموضوع”، فإذا كان الرئيس الأميركي ترك “بقرته الحلوب” كما وصف حال السعودية سابقاً فكيف الحال بالنسبة لميليشيا قسد الذين أخذوا من ترامب ما يكفي، فهم لم يتعلموا من الدروس السابقة وهي ليست المرة الأولى التي تطعن واشنطن “حلفائها الاستراتيجيين” (قسد) ففي العدوان التركي الماضي (غصن الزيتون) تركتهم لأنياب السلطان العثماني وانتهى الأمر بطرد ميليشيا قسد من منطقة عفرين.‏‏ وقبل ذلك كان خذلان الأميركي “للأكراد” في كردستان العراق فمن الواضح أنهم لا يقرؤون التاريخ.‏‏
لقد تخلت الولايات المتحدة الأميركية عن ميلشيات قسد ،وأعطت فرصة لاردوغان لتنفيذ عدوانه الجديدعلى الأراضي السورية ،وتحقيق أوهامه العثمانية والإخوانية،وأظهرت أنَّ ما كان يشاع عن خلاف تركي أميركي هو عبارة عن بروباغندا إعلامية هدفها التغطية على المشروع الاستعماري الذي ينفذ من قبل نظام أردوغان الاخواني وواشنطن وكذلك إعطاء مبرر لتواجد القوات الأميركية الغازية في سورية بحجة مساعدة ميلشيات قسد ليتبين أن هذه الميلشيات ليست سوى أداة بيد واشنطن تنفذ ما يطلب منها وعندما انتهت مهمتها تخلت عنها وهو مصير كل من يستقوي بالأجنبي على أبناء وطنه (من يتغطى بالأميركي يموت من الصقيع ).

“قسد “والعودة للدولة الوطنية السورية
لم يبق للأكراد بعد تخلي الولايات المتحدة عنهم، سوى العودة إلى أحضان الدولة الوطنية السورية ، بوصفها أحد الخيارات القليلة المطروحة أمامهم لأنَّ الأكراد سيجدون صعوبة كبيرة في التصدي للعدوان التركي على منطقة شرق الفرات. وفي إطار محاولاتها لوقف العملية العسكرية، تسعى “قسد” إلى إعادة طرق أبواب الدولة الوطنية السورية للعمل المشترك على مواجهة التهديد التركي. وقال قائدها العام مظلوم عبدي، يوم الثلاثاء الماضي ، إنَّه يدرس إمكانية التحالف مع قوات الجيش العربي السوري لمواجهة التهديدات التركية.
ويرى المراقبون أنَّ الخيارات المطروحةأمام”قسد”محدودة جدًّأ،وأنَّ الإصرار على مواجهة تركيا ستكون عواقبه وخيمة،وأنَّ السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، يتمثل في عودة قوات سورية الديمقراطية”قسد” تحت راية الدولة الوطنية السورية. من دون شروٍطٍ.فبعد أن راهنت “قسد” على الدعم الأمريكي لإنشاء”فيدرالية”في شمال شرق سورية، هاهي أحلامها تسقط في الماء،ومن العقلانية في مثل هذه الحالة،أن تدخل “قسد” في حوار مع الدولة الوطنية السورية، ويصل هذا الحوار،إلى النتيجة الإيجابية، التي يتوخاها الجميع العرب و الأكراد،ألا وهي دخول الجيش العربي السوري في كامل مناطق شمال شرق سورية وصولاً إلى الحدودمع تركيا، وبالتالي قطع الطريق على العدوان التركي واستهدافاته في الداخل السوري .
في هذا السياق تحدث مسؤول في “قسد” بدران جيا كرد عن إمكانية التحالف مع الدولة الوطنية السورية وروسيا “لسد الفراغ (الأميركي) وصد الهجوم التركي”، وهو ما سارعت الدولة السورية إلى محاولة استثماره عبر دعوته الأكراد لـ”العودة إلى الوطن”.
وقال نائب وزير خارجية االسوري الدكتور فيصل المقداد،يوم الخميس10أكتوبر2019 ، بأنَّ “الأكراد أعطوا تركيا ذريعة لغزو شمال سورية”.وقال: “عملاء واشنطن لا مكان لهم على التراب السوري”.وأضاف في تصريحات نقلتها “رويترز” بأنَّ “بلاده غير مستعدة لفتح حوار مع قوات كردية مدعومة من أمريكا”، واصفًا إياها ب”الانفصالية” و”خانت بلادها”.

الأكراد لا يتعلمون من دروس التاريخ
1-عام 1894 وعد السلطان مراد الخامس الكرد بدولة اذا قاتلوا الأرمن حلفاء الامبراطور الروسي نيكولاوس، و بعد أن تفننوا بقتلهم لم يف بوعده و نكّل بهم.
2-وعد الوزير الأول البريطاني ديفيد لويد جورج الأكراد بدولة إذا قاتلوا العثمانيين إلى جانبهم و بعد أن نفذوا الطلب و قُتل منهم الآلاف ، ظهرت معاهدة لوزان عام 1923 لتقسم البلاد دون أن ينال الأكراد حصتهم.
3-وعد شاه ايران الأكراد عام 1974 بدولة على أن يُخَلِّصُوه من صدام حسين و أرسل لهم أسلحة ثقيلة ، و عندما تخلى صدام عن شط العرب لإيران في اتفاقية الجزائر، تخلى الشاه عن الأكراد و انتقم صدام منهم شرَّ انتقام عام 1975و قتل الآلاف منهم.
4-وعد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان الأكراد عام 1988 بدولة إذا خَلَّصُوه ْمن صدام حسين و ساعدتهم مخابراته بتدبير سيارة مفخخة و من جهة أخرى سربوا العملية لصدام . وبناء عليها قام بمجزرة حلبجا و قتل الآلاف منهم .
5-وعد الأمريكان و الأتراك الأكراد بدولة شمال العراق و بناء على ذلك قاتل الأتراك الجيش العراقي و عندما انهار العراق تمت انتخابات لإنشاء دولة كردية وتم ذلك بنجاح ، و فوراً تخلت تركيا عنهم و أعلن بن علي يلدريم بأنَّ الاستفتاء باطل و أجبرت أمريكا مسعود البرزاني على التنازل.
6-وعد الأمريكان و الأتراك الأكراد بدولة شمال سورية عام 2011 إذا ما حاربوا الجيش السوري ، وعندما فشل المخطط انسحب الأمريكان تاركين الكرد لقمة سائغة للترك.
من الناحية التارخية، الأكراد في سورية هم سوريون بالمواطنه لا بالاصالة ولا يحق لهم المطالبة بأي شبر من الاراضي السورية او الانفصال. ففي سنة 1925 كانت نسبة الأكراد لا تتعدى 2% من مجمل سكان سورية، وبعد الإنتفاضة التي قادها الكردي سعيد بيران في تركيا
ضد حكم أتاتورك هرب 300 ألف كردي الى شمال سورية تحديداً الى منطقة الجزيرة:عين العرب وعفرين، فاستقبلهم السوريون بكل ودٍّ ومحبة. فارتفعت نسبة الأكراد الى 10% من إجمالي سكان سورية.
القامشلي التي يدعي الأكراد أنّها مدينتهم لا يتجاوز عمرها 94 سنة، دخلها الكرد سنة 1933 ولم يكن للكرد تواجد فيها نهائيًا من قبل، وهي بالأصل مدينة نصيبين السريانية تحتوي على مقابر كثيرة لهم واسمها الحقيقي بيث زالين أي بيت القصب، وكان يعيش فيها السريان والأشوريين والأرمن بعدما هربوا من مجازر العثمانيين، بعد ذلك لحق بهم الكرد واحتلوها ثم غيروا اسمها الى قاميش.
القامشلي، أو مدينة نصيبين الجديدة بناها السريان سنة 1924
عين العرب، بناها الأرمن سنة 1892 ودخلها الكرد سنة 1921
منبج، أو نابيجو اسم سرياني أي النبع، وهي مدينة سريانية عربية حثية، مسقط رأس الشاعر العربي المشهور البُحتري.
عفرين، اسم سرياني معناه التراب، وهي مدينة حثية قديماً ثم سريانية.
المالكية، مدينة سريانية واسمها الحقيقي ديروني، سكنها الآزخيون الآراميون قديماً.
الحسكة، مدينة آكادية ثم سكنها الأشوريون ثم السريان واسمها بالسرياني نهرين.
وبصراحة، لا أدري عن أي تاريخ يتكلم الكرد لهم في سورية حتى أنه لا يوجد أي أثر قديم لهم قبل القرن العشرين. هم دخلوا الى سورية حديثاً واستوطنوا مدنها الشمالية كضيوف في البداية ثم أصبح لديهم الجنسية السورية، والآن يُطالبون بالانفصال واقتطاع الأراضي التي احتلوها سابقاً، والأهم من ذلك أنَّ تلك الأراضي التي يطالبون فيها بها 90 بالمئة من ثروات سورية النفطية والغازو المعادن الثمينة التي حي حق من حقوق الشعب السوري على كل لألارض السورية ،وهم بالأصل لا يوجد لهم أي أثر تاريخي وحضاري في أي بقعة من سورية.
فمشروع الكرد يتم التخطيط له في تل أبيب، والشعب الكردي شعب طيب ولكن قادته خبثاء منافقين ومتلونين يتذللون للأجنبي ويقبلون أياديهم، ولطالما تصارعوا في ما بينهم لأجل الكرسي حتى لو كان هذا الكرسي صدئاً مهترئاً، وكل هذا على حساب مستقبل وأرواح هذا الشعب الطيب.

الأطماع التركية في شمال سورية
بعد أن أعلن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يتحرر بعد من عقلية إرث السلطنة العثمانية البائدة والمتخلفة ،”استكمال” الاستعدادات لشن عملية عسكرية في شمال سورية،أعلنت وزارة الدفاع التركية، مساء يوم الأربعاء الماضي ، أنَّ الجيش التركي بدأ عملية برّية شرق الفرات بالاشتراك مع “الجيش الوطني السوري” في نطاق عملية “نبع السلام”، التي أطلقتها تركيا اليوم بالشمال السوري في مواجهة الميليشيات الكردية “قسد”،التي تصنفها أنقرة “تنظيمات إرهابية”، وذلك من أجل خلق “منطقة آمنة” بطول 500كيلومتر على الحدود التركية السورية،وبعمق من 30 إلى 40 كيلومتر، تكون مرتعًا وملاذًا للتنظيمات التكفيرية التي تنفذ الأجندة الاستعمارية في المنطقة وهو ما يخالف قرارات الشرعية الدولية التي تطالب بالاحتفاظ على سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية .
وقالت وزارة الدفاع التركية، عبر حسابها في موقع “تويتر”: “بدأت قواتنا المسلحة التركية والجيش الوطني السوري، عملية برية شرق الفرات في إطار عملية نبع السلام”.وقالت شبكات محلية إن الطيران الحربي التركي شن غارتين جويتين في محيط مدينة تل أبيض، وغارة ثالثة استهدفت موقعاً للمليشيات الكردية في قرية العزيزية غرب مدينة رأس العين، وسط محاولات للتوغل وجس النبض باتجاه مدينة تل أبيض.واستهدفت  المدفعية التركية قريتي السويدية والدهماء غرب رأس العين. وطاول القصف المدفعي، أيضاً، مخفر ملا عباس شمال بلدة القحطانية بريف القامشلي شرقي البلاد، فيما سقطت نحو 15 قذيفة على مناطق في حي قناة السويس ومناطق أخرى في القامشلي.
كما تعرضت منطقة شيوخ غرب مدينة عين العرب (كوباني) لقصف صاروخي من قبل القوات التركية، مع تجدد الاشتباك بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، بين حرس الحدود التركي و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) الموجودة في معبر الدرباسية. ودارت اشتباكات متقطعة، كذلك، بين الجيش التركي والمليشيات الكردية قرب حي الهلالية في مدينة القامشلي على الحدود السورية التركية.
ورغم أن العملية العسكرية لم تكن مفاجئة لـ”قسد”، فإنّ قوات “الجيش الوطني” والجيش التركي، حققت تقدما سريعا خلال اليوم الأول من المعارك، حيث وصلت إلى مشارف مدينتي رأس العين، وتل أبيض، قاطعة طريق رأس العين- الدرباسية، ومتوغلة في العمق السوري بمسافة تتجاوز الخمسة كيلو مترات، في حين باتت مدينة تل أبيض شبه محاصرة.
في الأثناء، أكدت وزارة الدفاع التركية، مقتل 228 عنصرا من “قسد”، جراء الضربات التي تشنّها شمال شرقي سوريا.
وأوضحت الوزارة على حسابها الرسمي في “تويتر” أنَّ، من بين القتلى 19 سقطوا في غارة جوية على منطقة رأس العين شمال غربي الحسكة.وأرجع مراقبون تقهقر “قسد” إلى أسباب عدة، منها ما هو متعلق بتركيبتها والحاضنة الشعبية، ومنها ما هو مرتبط بغياب الدعم الجوي الذي اعتادت “قسد” عليه، خلال معاركها مع تنظيم الدولة.
ومن المرجح أن يتجنب الأتراك الدخول إلى مدن سورية يشكل الأكراد نسبة مرتفعة من سكانها، ولها رمزية لديهم، خصوصاً عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي الشرقي، ومدينة القامشلي في ريف الحسكة. ومن الواضح أن اختيار الأتراك لمدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي منطلقاً للعملية يأتي كونها ذات غالبية عربية “تعرّض سكانها للإقصاء على يد الوحدات الكردية منذ سيطرتها عليها منتصف عام 2015 عقب طرد تنظيم داعش منها”، وفق مصدر محلي. كما يضم ريف تل أبيض عدداً من القرى ذات الغالبية التركمانية، والتي تعرضت للتهجير على يد الوحدات الكردية في 2015، ولجأ معظمهم إلى تركيا.
وكشفت وسائل إعلام تركية، يوم الأربعاء الماضي ، عن تحركات فصائل المعارضة السورية التي تقاتل تحت إمرة العلم التركي،وهي: فرقة حمزة التابعة للجيش السوري الحر وصلت إلى منطقة شانلي أورفا قادمة من سوريا.وأعلنت وكالة الأنباء “دوغان”، إلى أنَّ الوحدة التي قوامها 14 ألف جندي، ستتركز مهامها في نطاق منطقة رأس العين خلال العملية المرتقبة في شرقي الفرات.فيما ذكرت صحيفة صباح التركية ،أن وحدات من “أحرار الشرقية” تحركت مساء الثلاثاء الماضي ، من مدينة جرابلس إلى المناطق المحاذية لشرقي الفرات في الأراضي السورية.
لا تختلف جماعات المعارضة السورية التي تقاتل تحت راية المحتل التركي للأراضي السورية ، بعدما كانت تتشدق بشعارات الاستقلال والسيادة، عن جماعة أنطوان لحد في جنوب لبنان، التي رحبت بالإحتلال الصهيوني ، وأصبحت أداته في جنوب لبنان . ويعلم منافقو المعارضة السورية أنَّ تركيا وما تضمره لسورية لا يختلف بنظر السوريين على اختلافهم عما يضمره كيان الاحتلال الصهيوني للبنان وفلسطين وسورية؟ وما هو حال الجماعات الكردية التي تعاملت مع الاحتلال الأميركي كضامن لسلخ جزء من الوطن وتحويله كياناً تفتيتياً لوحدته، وها هي اليوم تَنْدُبُ حَظَّهَا وتَتَحَدَثُ عن الطَعْنِ في الظهر، بعدما جَرَّبَتْ طَعْنَ وطنها السوري ودولتها في الظهر، ورَفَضَتْ تَقْدِيمَ وَطَنِيَّتُهَا على المال والنفط والوعود التي تسقط بفخاخها اليوم؟
أمّا فيما يتعلق بالقوات الكردية “قسد”، فهناك شبه إجماع حولها ،من كون ممارساتها لمختلف أنواع التنكيل و الظلم بأبناء المناطق الشرقية أفقدها الحاضنة الشعبية. إضافة إلى كل ذلك، فمن الناحية العسكرية اعتادت “قسد” القتال بمؤازرة الطائرات الأمريكية ، بينما هي تقاتل الآن دون هذا الغطاء، وهذا ما سيسهل المهمة على قوات الاحتلال التركي على هزيمتها.
لقد كانت “قسد” أساسا عنوانًا عريضًا استغل دعم الإمبريالية الأمريكية لها، للظهور بمظهر الطرف القوي، غير أنى التأثير السلبي الذي أحدثه قرار ترامب بالتخلي عنها بدا واضحًا في صفوف المليشيات الكردية، ما أعادها إلى حجمها الطبيعي، وكشف أنَّها طرف لا يستطيع القتال دون دعم غير محدود من الإمبريالية الأمريكية .فلا زالت “قسد” تعوّل على عودة الدعم الأمريكي لها، وفي حال تيقنت فعلا بأن ذلك لن يتحقق، فمن المرجح أن نشهد انهيارا واسعا في صفوفها، وخصوصا أنها مكونة من مجموعات غير متجانسة.
وفيما تحاول “قسد” ترهيب المجتمع الدولي من خلال الحديث عن احتمال عودة تنظيم”داعش” الإرهابي ، وذلك في رغبة منها باستعطاف ود المجتمع الدولي، والتذكير بأنها كانت طرفا في الحرب على “الإرهاب”،كشف مسؤولان استخباراتيان عراقيان، في تصريح لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، الخميس الماضي ، أنَّ الولايات المتحدة أبعدت نحو 50 عنصرًا من تنظيم الدولة من سورية مُؤخِّرًا وسط عملية عسكرية تشنها تركيا شمالي البلاد، وبصدد تسليمهم للعراق .وذكر المسؤولان أنَّه من المتوقع أن يكتمل نقل السجناء بحلول الجمعة، دون تفاصيل إضافية.
وفي ذات السياق قال مسؤول أمريكي، الأربعاء الماضي ، إنَّ الجيش الأمريكي تولى مسؤولية احتجاز اثنين من أهم قيادات تنظيم الدولة، كانوا لدى المقاتلين الأكراد في سورية ، وتم نقلهما خارج البلاد.وأكَّد المسؤول الأمريكي أنَّ الرجلين ينتميان لمجموعة من المقاتلين البريطانيين المعروفين باسم “ذا بيتلز” والمرتبطين بقتل رهائن غربيين. وقالت صحيفة واشنطن بوست يوم الأربعاء الماضي إنه يجري نقل الرجلين تحت رعاية الجيش الأمريكي.

خاتمة: يستهدف نظام أردوغان الإخواني الحالم بالتوسع العثماني ،وإعادة هندسة الخرائط الجغرافية والديموغرافية في سورية ،احتلال أراضي في الشمال السوري بعمق يصل من 30 إلى40 كلم،وعلى طول 500كلم من الحدود السورية التركية المشتركة،بهدف خلق ما يسميه “منطقة آمنة”،لإسكان أكثر من مليوني نازح سوري غالبيتهم من السوريين العرب السنّة من غير أبناء المنطقة،وسيجري توطينهم فيها،ليشكلوا مع مناطق عمليات “غضن الزيتون” و”درع الفرات” حاجزًا بشريًا، ممسوكًا تمامًا، أمنيًا وإداريًا ولغويًا وثقافيًا (التتريك) من أنقرة، يفصل أكراد تركيا عن أكراد سورية،وعلويي تركيا عن علويي سورية، وتمكين الجماعات الإرهابية التابعة لتركيا وأمريكا من فرض أمرواقع ، ومفاوضة الدولة الوطنية السورية من موقع القوة،إذ يسعى نظام أردوخان الإخواني انتزاع مكاسب سياسية لمصلحةهذه الجماعات الإرهابية في أي تسوية سياسية مستقبلية بشأن سورية.
ليس خافيًا على أحَدٍ،الأطماع التركية-العثمانية الإلحاقية للشمال السوري،فبعد احتلالها لمناطق عفرين وجرابلس والباب، يستمر الإحتلال التركي التوسع في الشمال الشرقي، وهو احتلال يأخذ من مساعدة عودة اللاجئين السوريين لديارهم، أو لمساعدة السوريين لحفظ وحدة بلادهم واستقلالها ، ذريعة للتمدُّدِ في هذه الأقاليم لضمها إلى تركيا، كما حصل مع لواء إسكندرون .
من هنا،يقضي الخيار الوطني السوري والقومي العربي،استمرار نهج المقاومة من قبل الجيش العربي السوري لتحرير كل شبر من أراضي الجمهورية العربية السورية من الاحتلالين التركي و الأمريكي ،وبسط الدولة الوطنية السورية سيادتها كاملة،و انتشار الجيش العربي السوري حتى الحدود الدولية، وعودة تركيا إلى اتفاقية أضنة، وسقوط مشروع الكانتون الكردي، وانضمام الأكراد إلى مسار الحل السياسي كمكوّن من مكونات المجتمع السوري، والرابح سيكون حكماً هو إعادة بناء الدولة الوطنية السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى